أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علا مجد الدين عبد النور -  -النسيمي- الذي رأى نور الله فقتله عشاق الظلام















المزيد.....

 -النسيمي- الذي رأى نور الله فقتله عشاق الظلام


علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 7478 - 2022 / 12 / 31 - 08:51
المحور: الادب والفن
    


 "النسيمي" الذي رأى نور الله فقتله عشاق الظلام


أنا أسع كلّ العالمين؛ لكن كلّ هذا العالم لا يسعني
أنا جوهر اللّامكان؛ لأنّه لا الكون ولا المكان يسعني
أنا السهمُ، والقوس أنا
أنا الشيخ، والشابّ أنا
أنا الذرّة، والشمس أنا
أنا العناصر الأربعة، وأنا الحواس الخمسة، والأبعاد الستّة أنا
اعرفني عبرَ صورتك هذه، ولكنّها لن تسعني
وإنّي أسع كلّ العالمين؛ ولكن كلّ هذا العالم لا يسعني
أنا الأشجار التي تشعل النّار
أنا الأحجارُ التي تقدحُ النّار
كلّ شيءٍ موجودٌ في الكاف والنّون
كلّ الموجودات بجملتها فيها
أنت بهذه العلامة تعرّف عليّ
ولكن اعلم بأنّ كلّ العلامات لا تسعني
كل الموجودات أنا، وكل المرايا لا تحتويني
قد أكون اليوم نسيميًا، وقد أكون هاشميًّا، وقد أكون قُرشيًّا
أنا الذي تتجلّى آياتي فيَّ، وكل آياتي لا تسعني
الكون والمكان هي آيتي
وذاتُكَ هي بدايتي
وأنت بهذه العلامة اعرفني، ولكن اعلم أنّ كلّ العلامات لا تسعني
أنا سرّ الكنوز، أنا المحيط، وكلّ الموجود أنا
وإنّ كلّ الكون الأعظم هو ذاتي واسمي
وكلّ هذا الكون لا يسعني
أنا الصّدف وأنا اللّؤلؤ
وأنا المحشر والميزان
أنا الرّحيقُ وأنا السّكّرُ
أنا الشّمسُ وأنا القمرُ
أنا الذي أهبُ النّفسَ والرّوح
وكلّ الأرواح لا تتمكّن من احتوائي
وإنّي أسع كلّ العالمين؛ ولكن كلّ هذا العالم لا يسعني
أنا جوهر اللّامكان لأنّه لا الكون ولا المكان يسعني

عندما استمعت إلى هذه الأنشوده من المغني "سامي يوسف" ، استوقفتني الكلمات ، فهي تحمل تلخيصاً لعلم الطاقة والوعي الذي ينتشر في السنوات القليلة الماضية .
أسرعت للقراءة عن صاحب هذه الكلمات ، فكان ( النسيمي) ، رجل مات منذ أكثر من 600 سنة .
فما قصته؟

النسيمي واحد من الشعراء العالميين الذين يرقون إلى منزلة الشاعر الكوني، له عالمه الخاص الذي يحملنا إليه بسحر البيان، وعالمه هو الإنسان، التزم بقضيته، وناضل من أجل حريته، وأعلى منزلته، ومن أجل ما دعا إليه قدم حياته ثمناً، يقول:

«وجه الإنسان أصبح الآن هو الحقيقة/ ما نحن لهذا الإنسان الجدير بالمعرفة»، وبهذا يصبح الإنسان هو السلطة نفسها، وهو الطريق والغاية، وهو العاشق والمعشوق، يقول: «عمل الله عجينة من الماء والتراب/ وصاغ منها الإنسان مرآة الكون». وسماه: سلطاناً، جمالاً، وزيراً، حبّاً عاشقاً، معشوقاً، واندمج الحبّ في الوحدة».


ولد الشاعر الصوفي عماد الدين نسيمي، في أذربيجان عام 1370، لكنه قضى معظم حياته بالعراق، وتوفى في مدينة حلب بعد صدور فتوى من مفتي الحنفية والحنابلة بإعدامه بسلخ جلده.

كتب نسيمي أولى قصائده باسم «حسيني» تكريماً للمتصوف الشهير حسين منصور الحلاج، ثم استفاد من تعاليم مؤسس الحروفية «فضل الله نعيمي الاسترآبادي». و يتلخّص المذهب الحروفي في أن هناك علماً خفياً لا يحيط به إلا كل ذي حظ عظيم في التجربة الروحية، وبه يفسّر كل موجود في الأرض والسماء ويشرح من خلاله الروابط التي تجمع بين الموجودات، وأصل هذا العلم في القرآن الكريم، غير أن مفاتيح خزائنه في يد الصوفية، ثم في يد خلفائهم ومريديهم، ممن أنضجتهم التجربة وورثوا العلم ومنحهم الله ذوقاً وعلماً من لدنه. وقد خلق الله الإنسان على صورته وهو معبود الملائكة، إلا إبليس الذي أبى أن يسجد له، وللقرآن معانٍ سامية، وكذلك لأركان الإسلام، إلا أنه لا ينبغي الوقوف عند هذه المعاني الحرفية، وللحروفية تشبيهات وتمثيلات ورموز حظيت باهتمام أهل الخط والرسم، إلا أن لها أصولاً اعتقادية، فالحروفية يرون أن رأس الإنسان بمثابة سورة الفاتحة، وأعضاء الإنسان مقدسة عندهم.

والإنسان عند نسيمي هو المرآة التي يتجلّى فيها الجمال الإلهي، وفي عقيدته أن من لا يعبد المحبوب فهو شيطان، لأن إبليس أبى السجود لآدم، ويتخذ نسيمي حجّته على ذلك من قوله تعالى: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ"، فالآية بالنسبة له دليل على أن الإنسان يستحق العبادة. كما يستشهد على فكرته بقوله تعالى: "وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"، إذ يرى في هذه الآية دليلاً على سرمدية الوجه الإنساني

أراد عماد الدين النسيمي أن يذيع عبر أشعاره وكلماته لكل العالم سرّ حبه، لكن من حوله كانوا لا يرغبون في مثل تلك الأفكار التي ينبسط فيها الإنسان دون حدّ أو قيد وينطق بما يلقى في قلبه. رام النسيمي مثل غيره من الصوفية، وعلى رأسهم أستاذه الروحي منصور الحلاج، القرب من الله والاتصال به أكثر، وقد لبّى الله مرادهما فحصلا على الثراء السرمدي، فكلاهما لا يصبو إلى الدنيا .
آمن النسيمي أن الله يعلن عن ذاته من خلال الإنسان، لذا كان ينصح مريديه أن ينحنوا للإنسان حتى لا يضلوا الطريق، الأرض والسماء عنده هما جوهر الحق، أنا الحق، ينطق بها الدف والناي! وإذا كان التصوف بحسب قول أبي سعيد ابن أبي الخير: أن تدع ما في فكرك، وأن تعطي ما في يدك، وأن تندفع بما يأتي عليك


شعر بين الحلول والاتّحاد
وهنا لا بدّ من تحرير هذه المفاهيم الصّوفية، وهي باختصار وإيجاز
الحلول: أنّ يحلّ الخالق في المخلوق، وفيه إثباتٌ لوجودَين؛ فوجود الخالق غير وجود المخلوق، لكنّه يحلّ فيه حلولًا عامًّا ويكون ذلك باعتقاد أنّ الله تعالى حلّ في كلّ شيءٍ من مخلوقاته، أو حلولًا خاصًا باعتقاد أنّ الله تعالى قد حلّ في بعض مخلوقاته، أو حلولًا سرَيانِيًّا بحيثُ تكون الإشارةُ إلى أحدهما إشارةً إلى الآخر، أو حلولًا جرَيانيًّا بحيثُ يكون أحدهما ـ الخالق والمخلوق ـ ظرفًا للآخر
أمّا الاتّحاد، ويلحق به وحدة الوجود: فهو اتحاد الله عز وجل بمخلوقاته، أو ببعض مخلوقاته، وبعبارة أخرى: اعتقاد أن وجود الكائنات أو بعضها هو عين وجود الله تعالى.


نظم نسيمي أشعاره باللغتين التركية والفارسية،  كما عكف على دراسة آثار الفلاسفة والأدباء البارزين في عصره، فيما وقف بشكل متعمق على الفلسفة اليونانية القديمة وفلسفات الشرق الكلاسيكية، كما تبنى تمامًا أسس الإسلام والمسيحية.

وأصبح نسيمي واحداً من أشهر الشخصيات الحروفية، ليس على مستوى أذربيجان فحسب، ولكن أيضًا في مصر والعراق وإيران والأناضول، وبدأت قصائده تدور على الألسن.

تعرض مذهب الحروفية إلى اضطهاد مستمر في الدولة العثمانية، فانتقل نسيمي من العراق إلى أذربيجان ومنطقة الأناضول لنشر المذهب الحروفي، حيث ترك الحروفيون في القرن الخامس عشر اللغة الفارسية وبدأوا باستعمال اللغة التركية.

استمر نسيمي في قصائده دعوة الإنسان إلى معرفة ذاته، على اعتبار أن أسرار الكون وأسرار الخليقة تتجلى فيه، وهو ما أثار حنق الفقهاء، وفي أكثر من مرة تمت الوشاية به، حتى قدم إلى حلب.

وهناك وعند مبيته في الخان، تم وضع صفحات ممزقة من القرآن الكريم في حقائبه، وبعدها تم القبض عليه من قبل الذين دسوا الصفحات مع أغراضه، وحينها صدرت الفتوى من قبل السلطة الدينية بأن يسلخ جلده وهو حي، وان تقطع أعضائه بعد موته في عام 820 هجرية 1417م.

ويرجع السبب الحقيقي لقتله أنه كان يترنم شعرا مغايرا لاصول الشريعه حسب زعم المتعصبين في تلك الفترة ويقال ان شابا كان يترنم بشعره حكم عليه بالاعدام فلما سمع الشاعر ذلك سارع الى ساحة الاعدام صائحا أن الشعر له وليس للشاب وانه بريء؛ فأجمع العلماء وأعلنوا كفره وأفتى المفتى بسلخ جلده وهو حي من أعلى الرأس الى أخمص القدم ويقال انه بعد السلخ وضع جلده بين يديه وطيف به في شوارع حلب. ويعتقد ان هذه الرواية مختلقة غير صحيحة وضعت من قبل مريديه لاثارة العواطف بين الناس. ولموته قصة طريفة ذكرها كل من كتب عنه وهي تستحق الذكر. وهي أن مفتي حلب نظر الى الشاعر وهم يسلخون جلده صاح غاضبا (أن دم هذا الملعون، وأشار الى الشاعر. نجس لو أصابت قطرة منه عضوا من جوارحي لقطعته. ومن عجيب الصدف ان رشاشا من الدم من النسيمي طفر وأصابت نقطة منه اصبع المفتى، فقيل له يجب ان يقطع اصبعك حسب فتواك فاشار المفتي المنافق (انما قلت حينما كنت امثل فليس في التمثيل من حرج فقليل من الماء يطهره لان الماء من المطهرات فانشد الشاعر من تحت سكين الجلاد وهو غضبان (لو قطعت اصبعا من اصابع الزاهد لولى عن الحق وجهه هربا. فانظر الى هذا العاشق المسكين الذي يمزق جسمه من قمة الرأس الى أخمص القدم وهو لايئن) .

رحم الله الشهيد عماد الدين نسيمي الذي دفع حياته ثمناً لبصيرته بيد من أرادوا ولازالوا يريدون أن يبقوا على الجنس البشري في حالة من الانفصال عن ربهم ، منهكين في أشكال عبادات ظاهرية ، جاهلين بما قد حباهم الله من ملكات ترجع إلى الخالق نفسه ،
ملكات استحق بها الإنسان أن تسجد له الملائكة كخليفة لله وسيد للعالمين .



#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)       Ola_Magdeldeen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -إنهم يقتلون النساء- في 2022
- سياسة تلوح خلف شباك المرمى
- شعلة العقدة
- هاجر
- ( ويجز ونظرية الزاوية الجديدة)
- هلاوس في عنبر العقلاء (٥)
- هلاوس في عنبر العقلاء (٤)
- هلاوس في عنبر العقلاء ... الجزء الثالث
- هلاوس في عنبر العقلاء (٢)
- هلاوس في عنبر العقلاء
- حصاد العام ٢٠٢١
- بين التسول والتنمية ، إلى أين تسير منظمات المجتمع المدني.
- أوميكرون ..الفيروس المخلق في معامل الجشع.!!
- إحتفالا بذكرى ميلاد إمبراطور القلوب أحمد زكي
- الخطيئة الأم
- رسائل من الله
- دورة الألعاب القلبية
- شيزوفرينيا
- الخروج من اللعبة (٤)
- الخروج من اللعبة (3)


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علا مجد الدين عبد النور -  -النسيمي- الذي رأى نور الله فقتله عشاق الظلام