|
هلاوس في عنبر العقلاء (٢)
علا مجد الدين عبد النور
كاتبة
(Ola Magdeldeen)
الحوار المتمدن-العدد: 7143 - 2022 / 1 / 23 - 12:47
المحور:
الادب والفن
ايقظها صوت ليس من الفطري أن تبغضه ... تمتمت مع صوت صغيرها ( ماما اصحي أنا جعاااااان) نفسها الخدعة السخيفة التي يستخدمها كل صباح في إيقاظها. كالمخدرة إتجهت إلى المطبخ تعد فطوراً ، لن يتناول منه شيئاً . أشعلت سيجارة تعرف أنها تدمر الصحة وتؤدي إلى وفاة تتمناها سريعاً ، بينما رسم الدخان ملامح قصتها التالية ، قدر كبير يحوي شوربة العدس !!!!
النوبة الثالثة . حبلى في شهرها الثامن ، شاحبه الوجه كمومياء خرجت تتنزه في اروقة المتحف المصري ليلاً ، لم تفلح طبقات الملابس المكدسه أن تخفي نحول جسدها ، تقطع بعض الخضر بجوار صحن كبير من شوربة العدس أعدته لزوجها . تمدد إسماعيل على سريرهما الضيق ، يقابل وجهه للحائط ، لم يعد يقدر على مطالعتها تذبل أمام عينيه ، وهو العاجز عن إطعامها هي وصغيره الذي تحمله . فكر ... لو كان الفقر رجلاً لقتلته، بعدها سافقأ عينيه وآكل لحمه . لا يمتلكون من الطعام سوى جوالا من العدس الأصفر ، اهداه له المصنع قبل تسريحه هو و٥٠ من زملائه . و٣٠٠٠ آلاف جنيه وراتب شهر ، يالها من مكافأة مهينه . إستشعرت ما يدور في خلده ، رفعت صوت التلفاز ونادته : تعالى كل ولتشاهد هذا الفيلم إنه حقاً مضحك . استجاب لها وجلس يحتسي العدس ، ويشاهد فيلم "ابن القنصل" يحبه كثيرا ولكنه عاجز حتى على أن يصبح مزوراً . (في مشهد يحاول فيه خالد صالح تعليم أحمد السقا أصول العمل بقاعده بسيطة ، يقول : إختار دايماً الاسهل ، صعوبتها في سهولتها يا ابن القنصل). هي : الدنيا برد اوي ، والله احسن حاجة في البرد ده شوربة العدس هو: الحمد لله ، كان نفسي تبقى شوربه لحمه هي: الجو تلج ، إنت عارف اللي شغالين في الشارع طول النهار والليل ، لو طالوا يشربوا شوربه عدس بدال الشاي والقهوة هيشربوها. لمعت عينيه ناظراً لجوال العدس ، قبل رأسها ويدها قائلا ً: هيشربوا عدس يا حبيبتي . كان يقف على جانب الطريق ، يبيع شوربة العدس للمارة ، على عربة خشبية متواضعة كتب عليها (ابن القنصل) ، أخرج من جيبه ٣٥٠ جنيه حصيلة بيع اليوم رددها لنفسه "صعوبتها في سهولتها" .
النوبة الرابعة ....
غضب يعتريها وذهول ، تتابع مشهد جنازتها ، تطير حوله ولا تصدق ، لقد إنتهى كل شيء بعد شهر من معاناه عجز الأطباء عن معرفه سببها ، هي الآن حره ، خفيفة و لا تشعر بأي ألم ، سوى الغضب . لا تجد تفسيراً لسرعة تغسيلها وتكفينها والركض لإلقاء جسدها في هذه الحفرة . لقد كان الجميع يبكيها وهي مريضة ، الآن لم تلمح نحيباً ولا حتى دمعة واحده !! ربما كان إحترام المقابر ما يلزمهم الصمت ، على الأقل صلى عليها المئات ، لقد خرجت كل القرية في وداعها ، سيجلسون ساعة يدعون لها بالرحمه و في هذه اللحظة تحديداً سيبكون . أهالوا عليها التراب ، وأغلقوا بوابة القبر بالإسمنت ، قبل أن يتبرع حارس القبر بكتابة تاريخ الوفاة بخط أعرج . اغمضت عينيها إستعدادا لأمطار الدعوات و الرحمات التي ستنهال عليها ، خطوات أقدام ، ومحركات سيارات تدور مبتعده ، لقد رحلوا جميعاً . اشتاطت غضباً ، حاولت الخروج ، ولكنها لم تستطع فقدت القدرة على الطيران منذ أن أغلقوا القبر . خطوات أقدام تعود ، فكرت من ياترى ، من يحبني ، بالتأكيد ماهر ولدي ، لقد كنت ادلله وأفضله عن أخوته ، لا لا أظن قد يكون ولدي أحمد فهو أكثرهم طيبة رغم غباؤه وفشله . هل يمكن أن يكون حمدي ، طليقي الأول ، لقد كان حب حياتي والأول في كل شيء ، معه كانت أول نظره وأول ابتسامه وأول حب بالتأكيد هو حمدي.
جاء الصوت غريباً عنها ، إنه شخص لا تعرفه ومعه آخر . قرأ الفاتحة على عجل ثم قال خد يا شيخنا اقرأ سورة الملك وارحل . اقترب من القبر وهمس لها ، (كنت ادفن امي بجوارك ورأيتهم يرحلون ، يبدو يا حاجة إن "محدش كان بيضيقك" ، ربنا رحمهم ويرحمك إن شاء) . بعصبيه : حاجة في عينك !! إنصرف الرجل وبدأ الشيخ يقرأ حتى ابتعد الأخير ، بتر قراءته في منتصف السورة وانطلق يصيح: "ولا يا حسين جبرنا، يالا نروح" !!!!
يتبع ،،،،،
#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)
Ola_Magdeldeen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هلاوس في عنبر العقلاء
-
حصاد العام ٢٠٢١
-
بين التسول والتنمية ، إلى أين تسير منظمات المجتمع المدني.
-
أوميكرون ..الفيروس المخلق في معامل الجشع.!!
-
إحتفالا بذكرى ميلاد إمبراطور القلوب أحمد زكي
-
الخطيئة الأم
-
رسائل من الله
-
دورة الألعاب القلبية
-
شيزوفرينيا
-
الخروج من اللعبة (٤)
-
الخروج من اللعبة (3)
-
الخروج من اللعبة ٢
-
الخروج من اللعبة
-
هل كنت لتستمر؟
-
( هل أفقد ترتيل كلمات الله تأثيرها ؟ )
-
لم تخبرني , ماهو إسمك؟!
-
بعيداً عن تحليل الخبراء ..أحمد مراد يبدع من جديد في (لوكانده
...
-
إليك قلمي أكتب
-
قبل أن تقول أحبك !!
-
إبريل غلاسبي.. سفيرة الجحيم
المزيد.....
-
تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2
...
-
حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال
...
-
بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
-
الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
-
نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها
...
-
“مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445
...
-
قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202
...
-
تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش
...
-
فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|