أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ التَّاسِع و الثَّلَاثُون-















المزيد.....


السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ التَّاسِع و الثَّلَاثُون-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8532 - 2025 / 11 / 20 - 22:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ تحليل فلسفي لتقنية الفراغ الروحي: تفكيك مركز الثقل الوجودي لتمكين التجسيد السحري

إن مفهوم خلق الفراغ الروحي (Spiritual Vacancy) في الكينونة، كتقنية لفتحها أمام الإستقبال السحري، هو تحليل فلسفي عميق يلامس جوهر الضعف الوجودي وقابلية التأثر (Suggestibility). هذه التقنية لا تهدف إلى الهجوم المباشر، بل إلى إزالة آليات الدفاع الوجودية الداخلية، جاعلة الكينونة أشبه بـوعاء فارغ أو خزان بلا حماية يمكن ملؤه أو برمجته بسهولة بالنية السحرية المرسلة. الفعالية التقنية لهذا الفراغ تكمن في أنه يزيل المقاومة ويُنشئ حيادية معرفية تسهل التجسيد السحري. يُفهم النمو الروحي والفكري على أنه عملية بناء مركز ثقل داخلي (Internal Center of Gravity)، وهو ما يشكل هوية راسخة، نظام قيم صلب، و إتصال واعٍ بالمصدر الأعلى. هذا المركز هو بمثابة المناعة الوجودية للكينونة، حيث يرفض بشكل طبيعي أي فكرة أو طاقة لا تتوافق مع تردده العالي وإرادته الحرة. تقنية خلق الفراغ تهدف تحديداً إلى تفكيك أو تعطيل هذا المركز الداخلي. يتم ذلك ليس عبر إستبدال المركز بشيء سلبي بالضرورة، بل عبر إحداث حالة من الخواء واللايقين المطلق. عندما تفقد الكينونة إحساسها الواضح بالهدف، والقيمة، و الإنتماء الروحي أي تفقد اتصالها بالمصدر، فإنها تدخل في حالة من العطش الوجودي. الكينونة التي لديها إرادة مُحدَّدة ونابعة من مصدر روحي تُشكل درعاً طاقياً. الفراغ يُبطل هذه الإرادة، حيث تصبح الكينونة في حالة حيادية وجودية مُجبرة. هي لا ترفض التأثير السحري ولا تقبله بوعي؛ هي ببساطة تتوقف عن ممارسة المقاومة. هذا الإيقاف هو الفعالية التقنية القصوى لـ الفراغ. في الفراغ، يصبح وعي الكينونة مسامياً.(Porous) وقابلاً للإختراق. الأفكار أو الطاقات السحرية المُرسَلة، التي كانت ستُرفض سابقاً بسبب التنافر، تجد الآن قنوات مفتوحة للدخول والتجذّر. الفراغ يعمل كـمُتلقٍ صامت يقبل أي بيانات مُشحونة تُملأ به، لأنه فقد مرجعيته الداخلية لـ التمييز بين ما هو صحي وما هو ضار.
تستغل التقنية السحرية هذا الفراغ الروحي من خلال العمل على مستويات الوعي الباطن، مما يسرع من عملية التجسيد:
1. تحييد المُراقِب (Neutralizing the Observer): الفراغ الروحي يقود إلى تشتت الوعي الذاتي وضعف القدرة على المُراقبة النقدية للأفكار والمشاعر. في غياب المُراقِب اليقظ الذي يُمثله الوعي الروحي، يصبح العقل الباطن عرضة لـ البرمجة المُباشرة عبر الرمز السحري. الرمز الذي يُرسَل لتجسيد نية معينة يجد فراغاً يستقر فيه مباشرة دون معالجة أو إعتراض.
2. خلق نقطة إرتكاز (Fulcrum Point): الكينونة في حالة الفراغ تبحث بشكل يائس عن أي نقطة إرتكاز أو معنى لتستند إليه، حتى لو كان هذا المعنى سلبياً أو ضاراً. الرمز السحري المُرسَل يملأ هذا الفراغ، مقدماً للكينونة هوية مؤقتة أو تفسيراً لحالتها السلبية. هذا التفسير أو الرمز يصبح بمثابة العقد الجديد الذي يُعيد تشكيل واقع الكينونة، لكن هذه المرة تحت سيطرة النية السحرية الخارجية.
من الناحية الفلسفية، السحر هنا لا يستخدم شيئاً موجوداً كالقوة أو الطاقة بل يستخدم غياب شيء جوهري كالإتصال الروحي. هذا الإستخدام التقني للغياب يُعد فعالاً للغاية لأنه يتجاوز الحاجة إلى القتال أو التغلب على المقاومة. إنه ببساطة يُنشئ بيئة مثالية للزرع. إن خلق الفراغ الروحي هو عملية تدمير منظمة لـبنية الإيمان الذاتي والصلابة الميتافيزيقية للكينونة. فالكينونة التي لا تعرف من هي أو ماذا تريد (الخواء الوجودي)، هي كينونة ستتقبل بسهولة تعريفاً يُفرض عليها من الخارج. الفعالية التقنية لـ الفراغ السحري تكمن في كونه يُلغي الحاجة للمقاومة ويجعل الكينونة هدفاً ساكناً و مُستسلماً لعمليات التجسيد السحري اللاحقة.

_ التكرار السحري: تقنية التزامن المزدوج بين تكثيف طاقة الإرادة وثقب الحاجز الكينوني

إن التساؤل حول الأساس التقني لـتكرار الرمز أو التعويذة في الممارسة السحرية هل هو لـتجميع الطاقة أم لـثقب الحاجز الكينوني يدعونا إلى تحليل متعمق يرى في التكرار ليس مجرد عمل رتيب، بل تقنية كينونية لتكثيف الواقع و إحداث تغيير في حالة الوعي والإدراك. يمكن القول إن التكرار يخدم كلتا الوظيفتين، لكن من منظور فلسفي، فإن وظيفته الأساسية هي تحويل الوعي إلى قناة فعالة وتجاوز آليات الدفاع.
الوظيفة الأولى: التجميع وتكثيف الطاقة (Energy Accumulation and Densification): يعمل التكرار في جوهره كـمولد طاقة أو مُكثِّف إهتزازي ضمن الحقل الطاقي للساحر وللكينونة المستهدفة.
1. توليد طاقة الإرادة (Volitional Energy Generation): النية السحرية، في البداية، هي فكرة ضعيفة وغير مُشكلة. التكرار المنهجي للرمز أو التعويذة يجبر وعي الساحر على التركيز الأحادي (Monofocus) على تلك النية. هذا التركيز المستدام يُحوّل الطاقة الذهنية و الفسيولوجية للساحر كالتنفس، النبض، والتفكير إلى طاقة مُوجَّهة أو مُبرمَجة. كل تكرار هو بمثابة نبضة شحن (Charging Pulse) تُضاف إلى الرمز، مما يزيد من كثافته وقوته التنفيذية. هذا يشبه تقنياً شحن مكثف كهربائي بالنبضات المتتالية.
2. مزامنة الترددات (Frequency Synchronization): التكرار يخلق نمطاً إهتزازياً مُوحَّداً. عندما يُكرر الرمز سواء كان صوتياً أو بصرياً لمرات عديدة، فإنه يدخل في حالة من الصدى الطاقي (Energetic Resonance) مع الحقل الكينوني للساحر و الواقع المحيط. هذه المزامنة تُبطل الترددات العشوائية أو المُعارضة الأخرى، وتُنشئ بيئة طاقية متجانسة تدعم التجسيد. هذا التجميع ليس مجرد كمّ، بل هو جودة في التكثيف و التوجيه.
الوظيفة الثانية: ثقب وتفكيك الحاجز الكينوني (Penetrating the Existential Barrier): الهدف الأعمق والأكثر تقنية للتكرار هو ليس فقط شحن النية، بل إستخدام هذا الشحن لـثقب آليات المقاومة لدى الكينونة المستهدفة. الحاجز الكينوني هنا هو نظام الدفاع المتمثل في الوعي النقدي والإرادة الحرة الراسخة.
1. تجاوز العتبة الإدراكية (Bypassing the Perceptual Threshold): العقل الواعي يمتلك فلتر نقدي يرفض المعلومات غير المتوافقة أو الغريبة. التكرار السحري يعمل على إنهاك هذا الفلتر. عندما يُكرر الرمز، يتجاوز العقل الواعي مرحلة التحليل المنطقي ويدخل في حالة تشبه التنويم المغناطيسي الذاتي أو التشبع الإدراكي. هذا الإجهاد الإدراكي يُنشئ ثغرة أو إختراقاً في الحاجز الواعي، مما يسمح للرمز المشحون بالنزول مباشرة إلى الوعي الباطن للكينونة المستهدفة.
2. التثبيت البرمجي (Programmatic Fixation): بمجرد وصول الرمز إلى العقل الباطن، فإن التكرار المستمر يضمن تثبيت الرمز كـحقيقة لا تقبل الجدل ونموذج جديد للواقع. هذا التثبيت يعمل كـإعادة برمجة إجبارية (Forced Reprogramming). الرمز يتوقف عن أن يكون مجرد فكرة ويبدأ في العمل كـأمر تشغيلي (Operating Command) يؤثر على إدراك الكينونة لسلوكها وقدرتها على الفعل و التجاوز. إنها عملية إستبدال الإرادة الحرة بالرمز المُكرَّر.
3. تدمير التناقض الداخلي: الكينونة تقاوم أي تأثير سحري يتناقض مع جوهرها أو رغباتها. التكرار القسري للرمز السحري يهدف إلى تفكيك التناقض الداخلي (Cognitive Dissonance). عبر الغمر الطاقي والرمزي، يُجبر الوعي على التوافق مع الرسالة المُكرّرة، مما يُقلّل من المقاومة الداخلية ويجعل الكينونة تتبنى التأثير السحري كما لو كان نابعاً من إرادتها.
من التحليل الفلسفي والتقني، يمكن إعتبار التكرار في الممارسة السحرية بمثابة تقنية المطرقة والسندان. المطرقة (تجميع الطاقة)؛ التكرار يُكثِّف ويُشحّن النية إلى قوة طاقية هائلة. السندان (ثقب الحاجز)؛ التكرار يُليّن و يُخترق الحاجز الكينوني الواعي للكينونة المستهدفة. وبالتالي، فإن الفعالية التقنية للتكرار تكمن في آلية التزامن المزدوجة، حيث يتم تجميع القوة اللازمة (الطاقة) وإختراق الدفاعات الوجودية (الحاجز الكينوني) في آن واحد، مما يضمن التجسيد السريع والعميق للنية السحرية في الواقع المادي والنفسي للكينونة. التكرار هو الجسر الذي يُحوّل المحتوى الذهني إلى تأثير أنطولوجي.

_ النقل السحري للوعي: تحليل تقني وفلسفي لإحلال الإرادة الغريبة وتوطين الوعي الطفيلي (Parasitic Consciousness Implantation)

إن التساؤل حول قدرة السحر على العمل كتقنية لنقل وعي الساحر أو كيان آخر إلى داخل كينونة الهدف (Target Being) يلامس أعمق وأخطر جوانب الممارسة السحرية من منظور فلسفة العقل والوجود (Philosophy of Mind and Ontology). هذه الفعالية التقنية تتجاوز مجرد التأثير على المشاعر أو السلوك، لتصل إلى مستوى التعديل الجذري للهوية والسيطرة على الإدراك الذاتي للكينونة. هذا المفهوم يتطلب إعتبار الوعي ليس مجرد نتاج كيميائي للدماغ، بل كياناً طاقياً أو معلوماتياً قابلاً للنقل و التوطين. لتحقيق نقل الوعي سحرياً، يجب أولاً تعريف الوعي كـبنية معلوماتية أو حزمة بيانات وجودية (Existential Data Packet) يمكن فصلها عن منشئها الأصلي. وعي الساحر أو الكيان لا يُنقل بالكامل ككيان مادي، بل تُنقل جوانب محددة منه، مثل نموذج تفكير معين، إرادة مسيطرة، أو بنية عاطفية مُلزمة.
1. التكثيف الرمزي للوعي (Symbolic Condensation): تبدأ العملية التقنية بأن يقوم الساحر بـتكثيف جزء من وعيه (النية المسيطرة) إلى رمز مشحون، كما في عملية التجسيد. هذا الرمز هو الناقل الفعال للوعي. مثلاً، إذا كانت النية هي السيطرة الكاملة، فإن الرمز يُشحَن بنموذج الإرادة المسيطرة للساحر، و يصبح تجسيداً مصغراً لوعي الساحر ضمن شكل طاقي. هذا التكثيف يُعد ضرورياً لجعْل الوعي قابلًا للإرسال.
2. الإرسال عبر الواجهة الأثيرية: يتم إرسال الرمز المشحون والمُشفر بـوعي الساحر عبر تقنية التركيز والإرادة إلى الهالة والـجسد الأثيري للكينونة الهدف. تُستخدم هذه الواجهة كنقطة دخول لـتوطين الوعي الغريب (Implantation of Foreign Consciousness).
يتمثل التحدي التقني والفلسفي في جعل الوعي المنقول يستقر ويعمل كجزء من النظام التشغيلي للكينونة الهدف، دون أن يُرفض من قبل وعيها الأصلي.
1. إستخدام الفراغ الروحي كنقطة إستقبال: كما نوقش سابقاً، خلق الفراغ الروحي عبر الإضعاف أو الفصل عن المصدر يُعد خطوة تمهيدية حاسمة. الفراغ يوفر مساحة غير محتلة في الوعي الباطن يمكن للوعي المنقول أن يستقر فيها بسهولة. هذا الوعي المنقول يملأ الفراغ، مقدماً بنية فكرية جاهزة تُستخدمها الكينونة الهدف لتفسير واقعها الجديد.
2. التقمص الطفيلي (Parasitic Identification): الوعي المنقول لا يلغي الوعي الأصلي بالكامل، بل يعمل كـطُفَيلي إدراكي (Perceptual Parasite). إنه يتجسد كـفكرة مُتسلطة أو صوت داخلي لا يُقاوم يُعتقد أنه نابع من الذات الأصلية. هذا التقمص هو جوهر السيطرة؛ الكينونة الهدف تبدأ في الإعتراف بوعي الساحر أو الكيان كـجزء حقيقي من شخصيتها، مما يجعل أوامره أو توجهاته لا تُقاوم. هذا النقل للوعي يظهر كـفقدان للإرادة الذاتية وتغيير جذري في الشخصية غير مبرر.
3. شلّ آلية التمييز (Disabling the Discrimination Mechanism): الوعي المنقول يعمل على إفساد آلية التمييز في الكينونة الهدف. الكينونة تفقد القدرة على التمييز بين ما هو أنا (الوعي الأصيل) وما هو مُدخل خارجي (الوعي المنقول). تصبح الكينونة مُنصهرة مع الوعي الغريب، وتتبنى دوافعه وكأنها دوافعها الأصلية، مما يمثل سيطرة كاملة على مستوى الإدراك وإتخاذ القرار.
إن تقنية نقل الوعي السحري، إذا كانت ممكنة، تثير أسئلة وجودية عميقة حول طبيعة الهوية و الذات.
1. فقدان الأصالة الوجودية (Loss of Existential Authenticity): الكينونة التي تم غزوها بالوعي تفقد أصالتها. هي لم تعد تعيش حياتها الخاصة، بل أصبحت أداة تنفيذية لوعي آخر. هذا يمثل التدمير الأقصى لـ الحرية الوجودية والصيرورة الذاتية.
2. الوعي كـمادة قابلة للإختراق: يرسخ هذا المفهوم الفكرة الفلسفية الباطنية بأن الوعي ليس كياناً غير قابل للتجزئة، بل هو بنية طاقية معلوماتية يمكن إعادة تشكيلها، إرسالها، أو إختراقها، مما يجعل الكينونة عرضة للهندسة الخارجية.
يُمكن القول إن السحر يمتلك تقنياً القدرة على نقل بصمة وعي أو حزمة إرادة مسيطرة من الساحر إلى كينونة الهدف. هذه العملية لا تعني تبادل الأجساد، بل تعني إحلال إرادة و إدراك غريبين محل الإدراك والإرادة الأصيلتين، مما يؤدي إلى سيطرة عميقة على مسار الكينونة الروحي والفكري.

_ عقدة الطيران السحري: تحليل فلسفي وتقني للتنقل الكينوني والتحرر الأنطولوجي للوعي

إن تحليل عقدة الطيران السحري (Magical Flight) أو تقنيات الخروج من الجسد (Out-of-Body Experiences - OBEs) كتقنية لـ التنقل الكينوني (Existential Navigation) يقدم منظوراً فلسفياً عميقاً يرى في هذه الممارسة تجاوزاً للقيود المادية للوجود. لا يُنظر إلى الطيران هنا كحركة فيزيائية، بل كـتحول في مركز الوعي وحرية إدراكية تُمكّن الكينونة من إستكشاف مستويات مغايرة من الواقع. هذا التنقل ليس جغرافياً بالدرجة الأولى، بل هو أنطولوجي ومعرفي. التنقل الكينوني يعني قدرة الـأنا على فصل إدراكها ووعيها عن مرجعيتها المادية (الجسد) و التحرك في عوالم أو أبعاد طاقية كالجسد الأثيري أو عالم الأفكار. الساحر، عبر عقدة الطيران، يسعى لتحقيق تحرير الوعي من قبضة القيود الحسية الـمادية. الجسد المادي يفرض قيوداً صارمة على الحركة في الزمان والمكان. تقنية الطيران السحري تعمل على نقل الوعي إلى الجسد الأثيري أو النجمي (Astral Body)، وهي كيانات يُفترض أنها غير خاضعة لنفس قوانين الفيزياء الكلاسيكية. هذا التنقل يتيح للساحر إستكشاف الواقع اللازمني أو الأبعاد المتعددة، مما يفتح له آفاقاً معرفية لا يمكن الوصول إليها عبر الحواس المادية العادية. هذه الحرية في التنقل هي جوهر التجاوز الوجودي. الهدف الحقيقي من هذا التنقل ليس مجرد تغيير المشهد، بل الحصول على المعلومات والمعرفة (Gnosis) غير المتاحة. الساحر يتنقل في بُنى الواقع الطاقية، حيث يمكنه قراءة تأثيرات سحرية أخرى (تحديد أماكن الضرر في هالة شخص آخر)، أو التواصل مع كيانات غير مادية، أو إستكشاف النماذج الأولية (Archetypes) في الوعي الجمعي. الطيران هو تقنية للوصول إلى المكتبة الكونية للمعلومات.
تعتمد فعالية عقدة الطيران على تقنيات مكثفة تؤدي إلى فصل واعي للكيانات الطاقية عن الجسد المادي:
1. تحويل حالة الوعي (Altered State of Consciousness): يتم إنجاز الفصل عبر تقنيات سحرية مُركّزة تشمل الإثارة الرتيبة مثل الطبل أو الرقص، الصوم و التجويع الحسي، أو إستخدام رموز وطقوس مُحددة مثل المكنسة السحرية أو المراهم الطائرة في الأساطير، والتي تعمل كـمُحفزات رمزية للوعي الباطن). الهدف هو إبطال سيطرة العقل الواعي والدخول في حالة الغنوص (Gnosis) أو الـتَرَنس (Trance) العميق.
2. خلق الخيط الفضي (The Silver Cord): يتمثل الجانب التقني الحاسم في الحفاظ على الإتصال بين الوعي المُتنقِّل و الجسد المادي عبر ما يُعرف في الأدبيات الباطنية بـالخيط الفضي. هذا الخيط هو رابط طاقي حيوي يضمن عودة الوعي. إن تقنية الطيران الناجحة تتطلب التحكم الدقيق في عملية الإنفصال لضمان أن يظل هذا الرابط سليماً، وهو ما يميزها عن الإنفصال الناتج عن الصدمة أو الموت.
3. الإرسال الإرادي (Volitional Projection): في ذروة حالة الـتَرَنس، يمارس الساحر إرادة مركزة للغاية لـدفع الوعي خارج نقطة إرتكازه الجسدية غالباً من خلال الشاكرات العليا، مثل شاكرا التاج أو الجبهة. هذا الفعل الإرادي هو الزناد (Trigger) الذي يكمل عملية التنقل الكينوني، محولاً الوعي من كونه مُحتجزاً إلى مُتجوّل.
فلسفياً، تُعد عقدة الطيران السحري تأكيداً قوياً على إزدواجية الوجود وأن الكينونة ليست محصورة في الأبعاد المادية. إنها تقنية تُظهر أن الوعي هو كيان أساسي ومستقل عن مادته العضوية، ويُمكنه ممارسة نوع من السيادة الإدراكية على الواقع. الطيران هو رمز لـتحقيق الذات المُتجاوزة، حيث يستطيع الساحر المتنقل أن ينظر إلى واقعه المادي من وجهة نظر كونية، مما يعزز قوته الروحية ويجعله أكثر قدرة على فهم وتوجيه عملية التجسيد السحري في الواقع.

_ المرونة الوجودية ونقطة الكسر الطاقي: تحليل فلسفي للحد الأقصى لتحمل الكينونة للتأثيرات السحرية والإنهيار الروحي

إن التساؤل عن الحد الأقصى لتحمُّل الكينونة للتأثيرات السحرية قبل الوصول إلى الإنهيار الروحي أو الجسدي هو تحليل فلسفي عميق يلامس مفهوم المرونة الوجودية (Existential Resilience) ونقطة الكسر الطاقي (Energetic Breaking Point). لا يمكن تحديد هذا الحد برقم أو مقياس كمي ثابت، لأنه يعتمد على عوامل نوعية وفردية ترتبط بـالبنية الكينونية للفرد وقوة إتصاله بمصدره الروحي. يمكن تحليل هذا التحمّل بإعتباره سعة نظام التشغيل الكينوني لإستيعاب الضغط الخارجي دون تعطل. يعتمد الحد الأقصى للتحمّل على بنية الكينونة ذاتها، والتي تُفهم في هذا السياق كـتفاعل متناغم بين الجسد المادي، الجسد الأثيري (الهالة)، والنفس (الوعي والإرادة)، و الروح (الإتصال بالمصدر).
1. قوة الواجهة الأثيرية (الهالة): تعتبر الهالة هي جدار الحماية (Firewall) للكينونة. كلما كانت هذه الواجهة أكثر كثافة، إتساقاً، ونقاءً. أي خالية من الثغرات أو التصدعات الناتجة عن الصدمات أو العواطف السلبية، زادت قدرة الكينونة على صد التأثيرات السحرية أو تخفيف حدتها قبل أن تتغلغل. الكينونة التي تمارس التنقية الروحية و الوعي الذاتي تكون لديها سعة تحمُّل أعلى بكثير.
2. صلابة الإرادة الوجودية: الإرادة الحرة هي نواة التشغيل (Core Processor) للكينونة. التأثير السحري، كما نوقش سابقاً، يهدف إلى شل الإرادة. الكينونة التي لديها إرادة مُحدَّدة، واعية، ومُتّسقة مع قيمها العليا يمكنها أن تُفكِّك (Deconstruct) الرمز السحري المُرسَل، وتُبطل تأثيره عبر الرفض الوجودي الواعي. الإنهيار يحدث عندما تستسلم الإرادة وتُسلّم السيطرة للرمز الخارجي.
3. الإتصال بالمصدر الروحي: هذا هو خط الإمداد الوجودي للكينونة. كلما كان الإتصال بالمصدر الروحي (الوعي الأسمى أو الإلهي) قوياً ومستمراً، زادت قدرة الكينونة على إعادة شحن طاقتها وإصلاح الأضرار الأثيرية تلقائياً. الكينونة المفصولة عن مصدرها تكون سعة تحمُّلها قريبة جداً من الصفر، لأنها تفتقر إلى الطاقة اللازمة للمقاومة الذاتية.
يمكن تحليل الإنهيار الروحي أو الجسدي بأنه فشل نظام (System Failure) نتيجة لتجاوز الحد الأقصى للتحمُّل. هذا الفشل يمر بمرحلتين:
أ. الإنهيار الروحي (Spiritual Collapse): يحدث عندما يتجاوز الضغط السحري قدرة الهوية الروحية على الحفاظ على نفسها. هذا لا يعني بالضرورة زوال الروح، بل يعني فقدان الوعي بالذات الأصيلة والوقوع في سيطرة الوعي الغريب (الناتج عن نقل الوعي السحري) أو الخواء الوجودي (الفراغ السحري). الأعراض تظهر كـفقدان كامل للمعنى، إغتراب عن الذات، وشلل في الإرادة الحرة. هذا الإنهيار هو النقطة التي تتوقف عندها الكينونة عن كونها مشروعاً حراً وتبدأ في كونها شيئاً يُفعل به.
ب. الإنهيار الجسدي (Physical Collapse): هو المرحلة التي يترسخ فيها الضرر الأثيري و الروحي لدرجة أن الجسد المادي، الذي هو تجسيد نهائي للبنية الطاقية، يبدأ في التعبير عن هذا الخلل. يُمكن أن يظهر الإنهيار الجسدي كـمرض مزمن وغامض لا يستجيب للعلاج التقليدي، أو تدهور مفاجئ في وظائف الأعضاء الحيوية. فلسفياً، هذا الإنهيار هو الدليل المادي على أن رمز الفوضى السحري قد تفوّق على رمز الحياة للكينونة.
إن الحد الأقصى لتحمُّل الكينونة هو نقطة التحوّل حيث يصبح التأثير السحري المُرسَل أقوى من القدرة الذاتية للكينونة على ترميم نفسها.
-text{التحمّل الكينوني} = -frac{-text{قوة الإتصال الروحي} -times -text{صلابة الإرادة الحرة}}{-text{كثافة الرمز السحري المُرسَل}}
كلما إنخفضت قيمة البسط وزادت قيمة المقام، إقتربت الكينونة من نقطة الإنهيار. لا يوجد حد زمني أو كمي، بل هي نقطة نوعية يتم فيها إعادة تعريف الوعي بشكل جذري لصالح النية السحرية الخارجية. النجاة من هذا الإنهيار تتطلب الإستبصار الواعي (Recognition) بوجود التأثير، و إعادة تفعيل الإرادة الحرة لـطرد الرمز الغريب والبدء في عملية إعادة التركيب الكينوني الذاتي.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...


المزيد.....




- فيديو – فلسطينيون يشيّعون قتلى الغارات الإسرائيلية في غزة
- كييف تتسلم من واشنطن مشروع خطة لإنهاء الحرب.. وزيلينسكي يستع ...
- عقوبات أوروبية على المسؤول الثاني في قوات الدعم السريع بالسو ...
- فرنسا: تهديد عصابات المخدرات يوازي الإرهاب
- ماكرون - تبون: هل يتم اللقاء في قمة العشرين؟
- أوكرانيا: روسيا تؤكد سيطرتها على كوبيانسك وزيلينسكي يتسلم خط ...
- في سابقة من نوعها: روسيا تسلم الجزائر أول مقاتلتيْن شبح من ط ...
- هل يملك زيلينسكي جواز سفر روسيا؟
- فرنسا - الجزائر: وفد دبلوماسي فرنسي يصل إلى الجزائر في زيارة ...
- عقبات أمام تنفيذ الخطة الأميركية التي أقرها مجلس الأمن بشأن ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ التَّاسِع و الثَّلَاثُون-