أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عضيد جواد الخميسي - المناشڤة والبلاشڤة















المزيد.....

المناشڤة والبلاشڤة


عضيد جواد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 18:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان المناشڤة (الأقليات) والبلاشڤة (الأغلبية) جناحين متنافسين داخل حزب الشغيلة الاشتراكي الديمقراطي الروسي (RSDLP)، المعروف أيضاً باسم حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي (RSDWP). وقد حدث الانشقاق عام 1903 واستمر حتى عشرينيات القرن الماضي . إذ قاد يوليوس مارتوڤ (عام 1873 ـ 1923) المناشڤة الأكثر وسطية وترددية ، بينما قاد ڤلاديمير لينين (عام 1870 ـ 1924) البلاشڤة الأكثر حماساً وموضوعية . حيث في جوهر الأمر، اختلف الجناحان في خططهما حول كيفية وتوقيت تنظيم ثورة عمالية تُفضي إلى دولة اشتراكية تحل محل الحكم الاستبدادي للقيصر.
ربما كان تفضيل المناشڤة لخطة الثورة على مرحلتين، تبدأ بالبرجوازية وتنتهي بالعمال، لأنها تُعدّ أكثر انسجاماً مع أفكار الفيلسوف الألماني كارل ماركس (عام 1818-1883)، الذي بدا وكأنه يشير في مؤلفاته إلى أن الثورة الاشتراكية لا يمكن أن تنجح إلا في دولة صناعية رأسمالية، وهو أمر لم تكن روسيا كذلك ! . أما البلاشڤة الذين خططوا لثورة عمالية عاجلة ؛ قد أعلنوا أيضاً أنهم متمسكون بأفكار ماركس. وكارل ماركس قد شكك في إمكانية نجاح الثورة عملياً على مرحلتين، وبالتالي فقد اندلعت الثورة العمالية خلال بضعة أشهر من عام 1917؛ رغماً أن الثوار قد استعانوا بشكل كبير بالجيش لعدم ولائه للقيصر نيكولاس الثاني (حكم من عام 1894 حتى عام 1917)، واسقاطه ومن ثم تنازله عن العرش . ومع تزايد الإضرابات خلال عام 1917 وإسقاط الحكومة المؤقتة؛ تمكن لينين من تشكيل حكومة جديدة لدولة جديدة وهي روسيا السوڤيتية. وكان على لينين أيضاً أن ينتصر في الحرب الأهلية الروسية ليضمن سلطته وسلطة البلاشڤة (الذين يُطلق عليهم الآن الشيوعيون). لذا فقد هُمّش من تبقى من المناشڤة ، أو تُركوا للعيش في المنفى .

الانشقاق الكبير
تأسس حزب الشغيلة الاشتراكي الديمقراطي الروسي (RSDLP) عام 1898، لكنه لم يكن حزباً سياسياً بالمعنى الحديث، بل مجموعة نضالية سرّية؛ حيث لم تكن روسيا القيصرية تسمح بوجود أحزاب سياسية. وقد سعى الحزب وغيره من الأحزاب السرّية المماثلة إلى إسقاط النظام القيصري . وكان هناك تنافس وخلاف كبيران بين قيادة هذه الأحزاب وقواعدها حول ماهية نظام الحكم الجديد، وكيفية وتوقيت إحداث هذا التغيير.
في المؤتمر الثاني لحزب الشغيلة الاشتراكي الديمقراطي الروسي في أغسطس/ آب 1903 (الذي عُقد في بروكسل ولندن نظراً لأن معظم المندوبين كانوا في المنفى من روسيا)؛ لم يحظَ اقتراح لينين بثورة ينضّم إليها مجموعة محترفين من ذوي التدريب والخبرة العالية من عناصر الأمن الإمبراطوري بتأييد واسع ؛ وبالتالي شكّل لينين مجموعته المنشقة، ولأنهم كانوا الأغلبية في تصويتات المؤتمر؛ أطلقوا على أنفسهم اسم البلاشڤة (المشتقة من كلمة "Bolshinstv" الروسية التي تعني "الأغلبية" ) . كما وصف لينين خصومه الرئيسيين بالمناشڤة، أي الأقلية (بالروسية Mensheviks ). وكلا المصطلحين مُضلّلان إذا فُهما حرفياً، لأن عدد أتباع كل جناح كان يتذبذب على مر السنين، وكانت هناك عدة فصائل أخرى متحالفة مع كليهما. فعلى سبيل المثال؛ في عام 1910، قُدِّر عدد البلاشڤة داخل حزب الشغيلة الاشتراكي الديمقراطي الروسي بنسبة 10% فقط ، حسب ما أفاد به البلشڤي البارز ليون تروتسكي (عام 1879 ـ 1940) . علاوة على ذلك، كانت هناك العديد من الجماعات والأحزاب الوطنية الأخرى إلى جانب حزب الشغيلة الاشتراكي الديمقراطي الروسي، وأبرزها حزب الثوريين الاشتراكيين، الذي كان له فصائله المسلحة الخاصة بما في ذلك مجموعة كبيرة من اعضائه الذين اعتبروا أي نوع من الأحزاب السياسية مضيعة للوقت في مواجهة قسوة سلطة القيصر.
أعاق التنافس المنشڤي- البلشڤي وطبيعة اليسار الثوري المتصدعة، طموحات إسقاط النظام في روسيا على مدى العقدين التاليين . أمّا على المدى القصير، فقد أدى غياب الوحدة في الأوساط الاشتراكية إلى عدم استعدادها وعجزها عن استغلال الثورة الروسية الشعبية عام 1905استغلالاً كاملاً ، وهي الانتفاضة الوطنية التي قمعها القيصر في النهاية.

الاختلافات الأساسية
استمرّ جناحا البلاشڤة والمناشڤة في العمل من أجل القضية الوطنية نفسها ؛ وهي إقامة مجتمع اشتراكي أكثر عدلاً، حيث لا يُستغلّ العمال والفلاحون من قِبل الرأسماليين والإقطاعيين ؛ إلا أن العلاقة بينهما كانت متقلّبة. إذ أراد البلاشڤة نواة داخلية نخبوية مغلقة ، ومركزية وسرية عالية لقيادة الحزب (لحمايتها من الشرطة السرية للقيصر)، بينما أراد المناشڤة قيادة سياسية أكثر انفتاحاً ، وحزباً بشمولية أوسع بكثير. وكان الانشقاق البلشڤي- المناشڤي في المنظمات الاشتراكية شمل جميع أنحاء الإمبراطورية امتداداً من جورجيا وحتى منشوريا.

لقد كان هناك فرق جوهري آخر بين الجناحين؛ وهو كيفية تحقيق تغيير دائم في المجتمع الروسي . فعلى عكس بعض التنظيمات الأخرى، لم يعتقد المناشڤة أن ثورة شاملة وإقامة دولة ماركسية أمران واقعيان، بالنظر إلى الظروف الروسية. بل حتى أنهم اعتبروا أنفسهم ماركسيين متشددين أو منظبطين (لأنهم عملوا ضمن القواعد السارية)، ومن الضروري أولاً القيام بثورة "برجوازية" تُسقط القيصر وحلفائه الرأسماليين . وفي مرحلة ثانية، يمكن أن تكون هناك ثورة عمالية أو "بروليتارية". وبين هاتين الثورتين، يدعو المناشڤة العمال بالامتناع عن الاستيلاء على السلطة بأنفسهم، وتفضيل معارضة دائمة من خلال هيئات مثل مجالس العمال (السوڤييتيات)، والنقابات العمالية ، والتعاونيات، ومجالس الحكم المحلي . ومن شأن هذه "المعارضة الوطنية" أن تُلزم مؤسسات الدولة البرجوازية فعلياً بتبني برنامج اشتراكي على الأقل في حدوده الدنيا . بالإضافة إلى ذلك، فقد اعتقد المناشڤة أن هذه الاستراتيجية ذات الخطوتين ستسمح لروسيا في غضون ذلك تطوير صناعتها وتعزيز حريتها السياسية إلى حالة تُمكّن العمال من تولي زمام الأمور وتحقيق الاشتراكية الكاملة. ورأى المناشڤة أن القفز مباشرةً إلى "ثورتهم الثانية" ينطوي على مجازفة كبيرة، وسيُعرّض للخطر عملية بناء المجتمع الجديد .

كان المناشڤة هنا يتبعون أفكار كارل ماركس، أو هكذا ظنّوا، ورأى بعض النقاد بأنهم يُبسّطون أفكاره بصورة غير صحيحة. حيث يرى ماركس أن مستوى معيناً من التطور الاقتصادي و نطاقاً محدداً من الحرية السياسية ضروريان لتحويل الدولة بنجاح إلى مجتمع اشتراكي . ويرجع ذلك إلى أن المجتمع الرأسمالي المعاصر هو وحده الذي يملك زخماً عمالياً مؤهلاً من الناضجين سياسياً لتأجيج الثورة. كما كان المناشڤة يتبعون الأفكار التي طرحها جورجي بليخانوڤ (1856-1918)، وهي أن "الثورة البرجوازية" ضرورية، لأنها تبدأ في تلك المرحلة بناء التطور الاقتصادي والسياسي لروسيا الجديدة (كانت روسيا لا تزال شبه إقطاعية في كثير من النواحي). لذلك ؛فإن الثورة العمالية الشاملة أو ما يُسمى بالنهج "الأقصى"، ستكون سابقة لأوانها ولن تؤدي إلا إلى نمط آخر من الاستبداد الذي لا يختلف كثيراً عن النظام القيصري .
كانت هناك خلافات داخلية بين المناشڤة أنفسهم ، وبرزت تلك الخلافات بشكل خاص خلال الحرب العالمية الأولى (عام 1914-1918)؛ حيث أراد بعض المناشڤة حرباً "دفاعية" فحسب لهزيمة الجيوش الألمانية النمساوية؛ بينما أيّد آخرون نهجاً أكثر حيادية تجاه الصراع (بمعنى عدم دعم أيٍّ من الجانبين). كما أراد بعض المناشڤة مواصلة ما اعتُبر حرباً وطنية ؛ وهو موقف يُعرف بـ"الدفاع الوطني" لأن النصر سوف يحمي منجزات الثورة. من ناحية أخرى، رغب لينين وأنصاره في إنهاء مشاركة روسيا في الحرب فوراً وبكل الوسائل الممكنة. وفي الأخير كان هناك أيضاً بعض المناشڤة قد تحولوا إلى بلاشڤة (ثم عادوا مرة أخرى)، وكان بليخانوڤ واحداً منهم .

لم يكن لدى البلاشڤة المنافسين صبراً لثورة ذات مرحلتين، ودعوا إلى ثورة اشتراكية سريعة وشاملة، حيث تسيطر سوڤييتيات العمال على السلطة منذ البداية. وبهذه الفكرة، يمكنهم أيضاً اتباع ما قاله ماركس، حيث أشار الفيلسوف ماركس إلى أنه في الواقع سيكون من الصعب الفصل بين الثورتين اللتين اقترحهما المنشڤيين .
كان تروتسكي نائب لينين ؛ شخصية رئيسية أيدت هذه الفكرة برأيه القائل "عملياً، لا يمكن أن تكون هناك ثورة أولى وتليها ثورة ثانية" . وكانت هناك أيضاً فكرة؛ في أن البرجوازية قد تكون أضعف من أن تفي بدورها في العملية، لأنها أكثر تردداً، وأكثر أنانية من أن تفي بواجباتها أيضاً، وبالتالي لن تكون هناك ثورة عمالية ثانية لأن الثورة الأولى لم تبدأ بعد.
وعلى الرغم من الاختلافات الأيديولوجية، فقد كانت هناك اختلافات أخرى تضيف سبباً آخر في تضارب الولاءات، حيث ان بعض البلاشڤة قد رأوا من الأفضل العمل مع المناشڤة بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر. بينما رغب بلاشڤة آخرون في المضي قدماً في كل ما يلزم لإنجاز المهمة، مع أو بدون حلفاء .
كانت سياسات لينين العملية مختلفة تماماً عن سياسات المناشڤة؛ حيث استخدم لينين مجموعة واسعة من الأساليب للتحريض على الثورة، بعضها لم يوافق عليه المناشڤة (وحتى بعض البلاشڤة). فعلى سبيل المثال؛ لم يُرِد لينين أن يُصوّت العمال في انتخابات الدولة؛ بل دعا إلى استخدام تكتيكات شبه عسكرية. كما حرص لينين على أن يكون البلاشڤة أكثر عصرنة من منافسيهم. مثال على ذلك؛ إلى جانب تحويل لينين لصحيفة براڤدا (الحقيقة) الاشتراكية عام 1918 لتصبح منافسة لصحيفة إيسكرا (الشرارة) التي يهيمن عليها المناشڤة؛ دعم أيضاً صحيفة روّجت لمشاركة المرأة في القضية الوطنية، كما شجّع الأقليات في الانضمام إلى البلاشڤة. وقد أثمرت هذه السياسات عندما بدأ حجم الجناح البلشڤي بالنمو تدريجيا داخل الحركة الاشتراكية الأوسع .

الحقائق السياسية
بفضل وعودهم بتغيير استراتيجي؛ نجح البلاشڤة أكثر بكثير من المناشڤة في كسب تأييد العمال، الذين كانوا يضيق صبرهم أكثر فأكثر إزاء وعود القيصر الغامضة وغير المتحققة في الإصلاح. كما ازداد تطرف عمال المصانع في المدن والبلدات ، ويعود ذلك جزئياً إلى سياسات النظام القيصري القاسية، مثل السيطرة على النقابات العمالية ورفض الاستجابة لدعوات تقليص ساعات العمل وتعزيز السلامة المهنية في ظروف العمل. لذا فقد شكّل العمال لجانهم الخاصة في المصانع، التي تسلل إليها البلاشڤة المتحمسون بشكل متزايد. ونتيجة لذلك، "مكّنت هذه المنظمات البلشڤية من تقديم بديل للنقابات العمالية والتغلب على منافسيهم المناشڤة" (فريز،ص 284 ) .
كان الفلاحون في الأرياف متلهفين لرؤية تغيير في النظام السياسي ، تماماً كما كان عمال المعادن والنسيج في المدن . وقد أضرّت سياسة المناشڤة في محاولة كبح عنف الفلاحين بموقفهم، وفشلوا فشلاً ذريعاً في إدراك أن تطرف المجتمع الروسي يعني استحالة وجود تنسيق يُذكر بين العمال والبرجوازيين، وهما فئتان بدا أنهما تتباعدان أكثر فأكثر. والأخطر من ذلك كله، أن موقف المناشڤة القائل بعدم مركزية السلطة في حزب الشغيلة الاشتراكي الديمقراطي الروسي؛ حدّ من مشاركتهم في صنع القرار داخل الحزب، مما قلل من إمكانية احتواء البلاشڤة. وباختصار، فقد أصبح المناشڤة جناحاً غير متماسك في الحزب،وأصبحوا "تيار واسع أكثر من كونهم حزباً سياسياً " (شوكمان، ص67).
حظي المناشڤة بدعم قوي من نقابات المطابع، وعمال الاتصالات، وعمال الصناعات الكيميائية في موسكو. كما لعب المناشڤة دوراً قيادياً في سوڤييتيات المدن الكبرى، وخاصة العاصمة سانت بطرسبورگ. رغم ذلك، كان البلاشڤة أكثر هيمنة داخل حزب الشغيلة الاشتراكي الديمقراطي الروسي نفسه. وكما أشار المؤرخ هارولد شوكمان؛ "لم ينجح المناشڤة قط في السيطرة على مؤسسات الحزب" (ص80). ونتيجة ذلك، تمكن البلاشڤة من إعلان أنهم الممثلون الحقيقيون لحزب الشغيلة الاشتراكي الديمقراطي الروسي في يناير/ كانون الثاني من عام 1912. وقد دأب لينين على تصوير البلاشڤة على أنهم "صلبون، ملتزمون بالأيديولوجية الحقيقية والتجانس التنظيمي، بينما وُصف المناشڤة على أنهم "ليّنون"، ومتذبذبون، وعرضة للتأثر بالعواطف والانفعالات، مما قد يُعكّر صفو أحكامهم" (شوكمان،ص 66). كما كان للبلاشڤة اليد العليا في الخطابات الجماهيرية. إذ تعمد لينين توجيه الخطباء في التجمعات الجماهيرية بعدم إضاعة الوقت في طروحات معقدة لا يستطع الجمهور المتلقي استيعابها، بل الالتزام بشعارات بسيطة مثل "الأرض للعمال!" و"تأميم المصانع!" (بيڤور،ص 93). وبالتالي ، سيطر البلاشڤة على مختلف المنظمات والنقابات العمالية.

قيام الثورة
بدأت الثورة الروسية عام 1917 ضد القيصر نيكولاس (ثورتان في الواقع، إحداهما في مارس/ آذار والأخرى، الثورة البلشڤية في نوفمبر/ تشرين الثاني) باحتجاجات الخبز في بتروگراد (الاسم الجديد لسانت بطرسبرگ بعد عام 1914) في مارس/ آذار 1917 ، وتصاعدت حدتها بسرعة عندما انضمت قوات فوج بتروگراد إلى المتظاهرين . وقد أجبر زخم الثورة وكذلك غياب الدعم بين النخب السياسية والجيش للقيصر ؛ جعل تنازله عن العرش أمراً حتمياً. وتلا ذلك صيفٌ من الاضطرابات: حيث شهد عام 1917 لوحده " 1019 إضراباً شارك فيها نحو مليونين ونصف من العمّال والموظفين " (فريز،ص284) .

أيّد المناشڤة الحكومة المؤقتة الجديدة إيماناً منهم بأنها "الثورة البرجوازية" التي طالما تأملوا انطلاقها. وفي هذه الأثناء، سيطر البلاشڤة على زمام المبادرة بعد أن سيطروا على أغلبية سوڤييتيات بتروگراد وموسكو. وقد لاقت دعوات البلاشڤة إلى ثورة آنية ووعود "بالخبز والسلام والأرض" قبولاً أكبر لدى العمال والفلاحين على حد سواء، مقارنة بالوعود المبهمة بثورة في المستقبل (بعد سنوات،حسب مفهوم المناشڤة). ومع تزايد عنف الثورة، احتج المناشڤة على قصف قصر الشتاء القيصري ، وحذروا من أن الحرب الأهلية باتت حتمية. وعندما خرج المناشڤة من اجتماع في سوڤييت بتروگراد احتجاجاً؛ سخر منهم تروتسكي متحدثاً من على المنصة بعبارة أصبحت مشهورة الآن: "أنتم مفلسون بائسون؛ لقد انتهى دوركم. اذهبوا إلى حيث يجب أن تكونوا؛ إلى مزبلة التاريخ" (سوني،ص 135).
في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1917، شكّل لينين حكومة عمال وفلاحين مؤقتة. وفي يناير/ كانون الثاني عام 1918، أُجريت انتخابات لجمعية تأسيسية جديدة؛ وبما أن البلاشڤة لم يحصلوا إلا على ربع الأصوات، فقد حلّها لينين في غضون أيام . بعد ذلك ، استولى لينين على السلطة عملياً، لكنه اضطر إلى خوض الحرب الأهلية الروسية المدمرة بين الثوار الاشتراكيين من جهة، والجماعات الرجعية المختلفة (بما في ذلك القوى الأجنبية) التي رغبت في إعادة تنصيب القيصر من جهة أخرى، وقد كان صراعاً انتصر فيه البلاشڤة في النهاية. ورغم أن المناشڤة انحازوا إلى البلاشڤة في الحرب الأهلية ( ربما كان ذلك خياراً بين أهون الشرّين ) ؛ إلا أنهم لم ينجحوا في إضعاف الحماسة الوطنية للبلاشڤة، ووجدوا أنفسهم مدفوعين واقعاً إلى المنفى بحلول عام 1921. ثم أعاد لينين تسمية حزب الشغيلة الاشتراكي الديمقراطي الروسي ( RSDLP ) إلى الحزب الشيوعي في مارس/ آذار من عام 1918، وتمكن أخيراً من تأسيس روسيا السوڤيتية وفقاً للمبادئ البلشڤية..





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنتوني بيڤور ـ روسيا : الثورة والحرب الأهلية 1917 ـ 1921 ـ ڤايكنگ للنشر ـ 2022 .
گريگوري فريز ـ روسيا: التاريخ ـ طباعة جامعة أوكسفورد ـ 2009 .
جيفري هوسكنگ ـ روسيا : الشعب والامبراطورية 1552 ـ 1917 ـ طباعة جامعة هارڤارد ـ 1998 .
هارولد شوكمان ـ موسوعة بلاكويل للثورة الروسية ـ وايلي ـ بلاكويل للنشر ـ 1994 .
رونالد سوني ـ تاريخ روسيا من كامبريدج ـ طباعة جامعة كامبريدج ـ 2015 .



#عضيد_جواد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم الموتى
- الغنوصيون الكاثاريون
- حملة الملك الآشوري سرگون الثاني على مملكة أورارتو
- الطائفة الزورڤانية الفارسية
- الملك البابلي نبوخذنصّر الثاني
- أرض الأمريكيين الأصليين وحكاية التلّ الغامض
- روايات قدماء السود الهاربين إلى كندا
- الأديرة البوذية في اليابان
- أرض كنعان التاريخية
- الإله نينورتا في الأساطير السومرية
- اتحاد كييڤ روس
- الأدب في ممالك مصر القديمة
- حضارة وادي السند الغامضة
- الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية
- عبادة الإله مثرا
- التحنيط عند المصريين القدماء
- مذكرات جندي أمريكي عن درب الدموع
- من هم الأمورّيون ؟
- هذا ما كتبه هيرودوت عن بابل القديمة
- شخصية هرقل في الأساطير اليونانية والرومانية


المزيد.....




- الرئيس اللبناني يشدد على التزام بلاده الصارم بمكافحة تبييض ا ...
- السودان: ناجون من الفاشر يتحدثون عن هجمات عرقية نفذتها قوات ...
- اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين على إنهاء أطول إغلاق حكوم ...
- -الشيوخ الأميركي- يصوت على مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكوم ...
- ترامب معلقاً على استقالة المدير العام والرئيسة التنفيذية للأ ...
- الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية للولايات المتحدة
- استقالة المدير العام لبي بي سي وسط جدل بشأن وثائقي عن ترامب ...
- شويغو يرأس وفدا روسيًا إلى مصر لإجراء محادثات عسكرية
- الانتخابات العراقية.. وعود متكررة وتراجع في نسب المشاركة
- السودان.. بين فبركة الصور وفرص وقف الحرب


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عضيد جواد الخميسي - المناشڤة والبلاشڤة