مقداد مسعود
الحوار المتمدن-العدد: 8520 - 2025 / 11 / 8 - 22:51
المحور:
الادب والفن
حقيبة الخياط موسى هزاع
في هذه الساعة من الليل، كيف تذكرتني؟ وأنت منذ ثلث قرن ويزيد من الراقدين في رملة النجف؟؟ كيف ومض َ اسمك في ذاكرتي؟ ولماذا سطع أمامي صوتك وأنت جالسُ خلف ماكنة الخياطة في محل الخيّاط (طالب لفتة) في ذلك الشارع الفرعي من شارع الوطن المؤدي إلى كورنيش البصرة؟ اصغيتُ لك وأنا تلميذ في متوسطة التحرير، حين دخلت في محل طالب لفتة بين يديّ كتبٌ للتو اشتريتها من مكتبة (دار الكتاب) المجاور لمطعم (وندي همبركر) في ستينات القرن الماضي ترجل شبح ٌ من سيارة وسدد مسدسه نحو شخص وأرداه قتيلاً، توجهت رصاصة سهوا وأصابت أحد المارة بكتفه، مسرح الحادث الرصيف المقابل للمطعم.. في الكويت ،يومها ربما أنت في منطقة (حولي) مع الفلسطينيين، ربما أهداك ناجي العلي تخطيطا لوجهك..؟
الحقيبة كانت أكبر حقائبي ومنفوخة بالدفاتر ، لفتت أنظار الطرفين الكويتي والعراقي في العبدلي وصفوان، فتحتُ الحقيبة مبتسما وسيكارتي بين أصابعي، اندهش الشرطة وأخبروا كبيرهم، سحب دفتراً ومثله فعلت بقية الشرطة، وقبل أن يرفع كبيرهم رأسه، خاطبته: في هذه الدفاتر كل أيامي التي أمضيتها بالكويت. رفع رأسه مبتسما وقال : مهنتك؟ خيّاط : أجبته.. أعاد الدفتر وفعلوا مثل كبيرهم، واستعنت بشرطي، في غلق فم الحقيبة، وكذا تعاملت معي الشرطة العراقية. سأله زميله الخياط : طالب لفته: ماذا فعلت بالدفاتر...؟ بعد أسابيع : تناولتُ دفتراُ تصفحتهُ.. قرأتُ منه صفحات.. وضحكتُ على ما كنت أكتبه بحرارة وشوق. سأله طالب لفتة: لماذا كنت تكتب؟ لأقتل الضجر والفراغ وصعوبة الحصول على بطل عرق عراقي. ولأنني لستُ بينكم كما أنا الآن.. هل احتفظت بالدفاتر؟ اختفت الدفاتر.. في البدء كانت تتناقص، لا أعلم كيف؟ يسأله طالب لفتة: سؤالي الأخير: هل كنت تقرأ روايات..؟ يتطلع في وجوهنا أبو نضال، ثم يخاطب طالب لفتة: هل تعرف خياطا في تلك السنوات لا يحب العرق، والقراءة والسينما واليسار..؟
#مقداد_مسعود (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟