أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمين بن سعيد - الإلحاد والملحد والعدمية... (هل الدعوة إلى القطيعة مع العالم العبراني -معاداة للسامية-؟)















المزيد.....

الإلحاد والملحد والعدمية... (هل الدعوة إلى القطيعة مع العالم العبراني -معاداة للسامية-؟)


أمين بن سعيد
(Amine Ben Said)


الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 21:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من أكبر التفاهات التي لا تزال تُلصق بالإلحاد والملحدين، قصة العدمية، فالملحد حسب ما يُزعم لا أمل ولا رجاء عنده، ولذلك كثيرٌ من الملحدين يُنهون حيواتهم بالانتحار أو بالانعزال... أعيد هذه الأقوال إلى الخطأ في مفهوم الإلحاد الذي تكلمتُ عنه في منشورات عديدة سابقة، وكل من يزعم المزاعم التي مرت مجرد متدين أو لم يتخلص من موروثاته الدينية: الدين منظومة كاملة تتحكم في كل خطوة في حياة المؤمن، تعطيه رجاء فاسدا وموهوما في حياة أخرى لا دليل على وجودها، وبما أن الإلحاد نقيض للدين وفق ما يُزعم ويُتخيل، يكون الإلحاد لا يعطي أي رجاء للملحد، ولذلك، الأخير يكون أقرب إلى العدمية من المؤمن... سخافة وتفاهة هكذا اعتقاد، تساوي قول المؤمن أن الملحد بلا أخلاق ولا مانع يمنعه من محارمه: كل قائل بالذي مرّ، كائنا من كان، إما مجرد متدين، أو لم يتخلص من رسوبات دينه السابق، إن زعم أنه تخطاه أو قال أنه صار "ملحدا".
العدمية نتيجة لا يمكن أن يصل إليها إلا مؤمن أو صاحب خلفية إيمانية، لأن القول بحقيقة يراها الجميع وينكرها الكثيرون، أي عبثية الوجود، لا يعني إطلاقا أن تكون نتيجة تلك الحقيقة أن ندمر الأرض أو أن يلقي كل منا نفسه أمام قطار. العبثية حقيقة مادية لا يُنكرها إلا مغيب، حقيقة مرة لا يستطيع مواجهتها إلا صاحب وعي ومعرفة وشجاعة، فطوبى لمن فعل وعاش بتفسير منطقي علمي يسنده الدليل لا الأوهام الموروثة والمستحدثة...
مرارة حقيقة العبثية، تضع الإنسان في موضعه الحقيقي: أنت لست لا إلها ولا فاعلا في هذا الوجود، أنت مجرد شيء كأي شيء غيرك وإن تميزتَ بشيء من الوعي. لا حياة خارج الأرض، والأرض مجرد قطرة ماء في محيط: الأرض بكل من وما عليها والإنسان مجرد "من" عليها! تخيل نفسك ملكا تحكم كل الأرض، وفي حفرة صغيرة يوجد نمل أو جرذان أو عقارب أو ثعابين: نحن البشر أتفه من مملكة النمل تلك، نحن مجرد جرذان وعقارب وثعابين قبال ذلك الملك! وحتى هذا التشبيه لا يصح، فمجموعتنا الشمسية، مجرتنا، مجرد حبة رمل في صحراء مقارنة بعدد المجرات!
منذ بدائيته، والإنسان يحاول فهم الطبيعة المحيطة به، وهذه الطبيعة، القطرة من محيط، هي فقط الأرض وبعض الكواكب التي تظهر، أي على أقصى تقدير مجموعتنا الشمسية حبة الرمل في صحراء... إلى اليوم، الإنسان لم يصل إلى فهم كل شيء، ولم يستطع السيطرة على الطبيعة المباشرة أمامه أي الأرض، الأرض التي لا تهتم لوجوده أصلا، وهذا قول مشكل جدا للإنسان! لن تتوقف الأرض عن دورانها لو انقرض كل البشر، بل ستتواصل الحياة والحركة ولن يختلف البشر في شيء عن أي شيء انقرض: مجرد ديناصورات لن يذرف أحد دمعة على مصيرها البائس!
تطورَ الإنسان كثيرا نعم، واستطاع فهم الكثير، وقهرَ الكثير من الطبيعة، لكن الأكثر لا يزال، فالهندسة المناخية (نظرية مؤامرة!) التي يتقنها اليوم لا تعني إطلاقا أنه وصل، بل لا يزال أمامه الكثير، والذي يمكن الجزم بأنه مستحيل التحقق، أي أن يعرف الإنسان كل شيء عن الطبيعة ويسيطر عليها بالكلية... ومثلما يعرف أصحاب العقول، الطبيعة غير واعية ولا غاية من كل ما يُشاهده الإنسان فيها، المحصلة أننا أمام إنسان ميزته الوحيدة وعيه، ولا يزال عاجزا أمام غير الواعي، وهذا معضل ويُلقي بكبرياء الإنسان في الوحل...
الوعي محدود ومقيد بواقعه المادي، ولا وعي خارج دماغ الإنسان: حقيقة بديهية وأزلية أبدية، ترسل المؤمنين إلى القول بإله وراء هذا الوجود، وغيرهم إلى حقائق مرة لا يمكن بأي حال أن تؤدي إلى العدمية إلا عند من لم يتخلص من رواسبه الدينية...
فكرة الإله عند المؤمن مخدر فعال، يقدم حلولا سهلة وجاهزة، لكنها تشل العقل والبحث، وتحط من الوعي أهم ميزة عند الإنسان؛ عدم قبول حقيقة محدودية وعي الإنسان، دفعته إلى الاعتقاد بقوة خارقة خارجة عن الطبيعة وقوانينها الصارمة، ووراء تلك القوة المتوهمة اختبأ الإنسان وهرب من مواجهة جهله ونقصانه وعبثية وجوده: ما أتفه فكرة تقول أن إلها خلق هذا الكون اللامتناهي، ولم يسمح للحياة إلا على سطح حبة رمل، وفي حبة الرمل تلك، ومن بين ملايين الكائنات، اهتم بمصير كائن منها وجعله المفضل عنده! ما أتفه عقلا يدّعي الوعي ويصدق تفاهة كهذه! تفاهة من المفروض طفل صغير يضحك منها، لا أن تشغل فكر العلماء والفلاسفة أو من يدعون أو من ينظر لهم أنهم كذلك! وهنا المؤمن بالأديان شأنه حقا عظيم! لأن في حبة الرمل وقطرة الماء تلك ومن كل ملايين الكائنات، ومن كل البشر، عمل ذلك الإله المزعوم حاجبا وقوادا عند بدوي عبراني وعربي!! ويغضب المتدين عندما نقول أن الأديان ترهات وخزعبلات وأفكار بدائية وطفولية لا نستطيع إلا السخرية منها!
لستُ داعيا إلى الإلحاد، بل قائلا لحقائق يجب أن تُسمع. نعيش في عالم عبراني، محكومين بترهات بدو عبرانيين وعرب إلى اليوم، والأمر لا يخص شعوبنا بل أغلب نخبنا! حتى تلك التي تُوصف بالإلحاد -زورا- كالماركسيين الذين أزعم أن أغلبهم مؤمنون بالخرافات الدينية ومشتقاتها ومنتجاتها! يجب أن يسمع القارئ أن كل هذا العالم الذي يعيش فيه مبني على أكاذيب تُضحك الحجر قبل البشر! أكاذيب ستتواصل، ليس لقوة حججها، بل لغباء البشر، ولفاعلية ذلك الاغتصاب الشنيع الذي مورس عليهم في صغرهم والذي يتواصل طيلة العمر، وكل وحظه من الأكاذيب! فإذا كانت العروبة ومشتقاتها لا تزال السم الأهم الذي يُحقن به كل من في المنطقة المقدسة، فاليهودية ومشتقاتها أهم السموم التي يُحقن بها الغربيون: حذ السياسة الأمريكية مثلا، هل يمكنكَ ألا ترى العامل اليهودي فيها إلا إذا كنت مغيبا أو شريكا؟
من هؤلاء الذين يربطون العدمية بالإلحاد؟ الجواب تجده في الصين اليوم، خلفية إلحادية مادية غالبة على الصينيين، هل رأيت الصين "تنتحر"؟ هل أكبر نسبة انتحار موجودة في الصين؟ ابحث جيدا وحاول أن تكون موضوعيا، ستجد أن هذه الخزعبلة صنيعة العالم العبراني أي الغرب ونحن! من لا نزال نقدس ونحترم ونعبد ونتذلل لأولئك البدو العرب والعبرانيين، ونؤمن بكل ترهاتهم من أيديولوجيات وفلسفات وأديان!
الذي قيل، دعوة إلى القطيعة مع العالم العبراني، يوتوبيا تصل حد السفه ربما وصفتَها، لكنك لو ملكت المفاتيح، ستعلم أن هذا العالم مكانه المزبلة، ولا شيء يُؤخذ منه غير ما ثبت بالدليل من العلوم: نعم، لا أدب ولا فلسفة ولا تاريخ ولا علمانية ولا ديمقراطية ولا ماركسية ولا رأسمالية ولا قومية ولا غيره! وإن قلت أن هذا كلام مقاهي، أعطيتك مثال الصين، ولستُ من المدافعين عن إرثها الشيوعي ولا عن القمع الذي فيها، بل فقط هي مثال يقول أنه يوجد حلول خارج العالم العبراني... الهند أيضا!
إذا تمعنت جيدا ما يقال هنا، ستجد أنه -وفق قوانين العالم العبراني- قمة "معاداة السامية"، وهل توجد "معاداة سامية" أعظم من الدعوة إلى القطيعة مع كل ما هو عبراني؟ (=عربي إسلامي/ مسيحي/ يهودي).



#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)       Amine_Ben_Said#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجبن محرك للتاريخ
- رسائل إلى إيمان (1) -يَا مَالِكًا قَلْبِي- 2-2
- رسائل إلى إيمان (1) -يَا مَالِكًا قَلْبِي- 1-2
- قاتم (10) حفر
- الإلحاد والملحد والوطنية (5) الآخر و -ثقافة الكلاب ونباحها-
- عن وإلى -شذاذ الآفاق- (3) -شرف الأفخاذ- (2) تأملات في غشاء م ...
- عن وإلى -شذاذ الآفاق- (3) -شرف الأفخاذ-
- إنسان هذا العصر: ضد التحزب!
- الإلحاد والملحد والوطنية (4) الكتابة
- هناء 6
- هرطقات في هيكل البداوة العروبية اليهودية
- عن وإلى -شذاذ الآفاق- (2) حديثُ النضال الحقيقي
- قليل من العدمية لا يضر...
- المؤمن، المُغيَّب والمغيَّب جملة وتفصيلا (3)
- فلسطين وإسرائيل: تبا لكما!!!
- المؤمن، المُغيَّب والمغيَّب جملة وتفصيلا (2)
- المؤمن، المُغيَّب والمغيَّب جملة وتفصيلا (1)
- الإلحاد والملحد والوطنية (3) الأمازيغية
- الإلحاد والملحد والوطنية (2) -لا وطنية مع وهم الثنائيات-.
- عن وإلى -شذاذ الآفاق-


المزيد.....




- ترامب يعلن عن أول دولة تنضم إلى اتفاقيات إبراهيم في ولايته ا ...
- قطر تستثمر 29.7 مليار دولار في مشروع سياحي عملاق بالساحل الش ...
- ترامب يعلن انضمام كازاخستان إلى -الاتفاقيات الإبراهيمية-
- قيمتها 878 مليار دولار.. الموافقة على حزمة أجور ضخمة لماسك
- مسيّرات تعطّل الرحلات الجوية في مطارين أوربيين
- بعد رفض الجيش للهدنة.. ما مصير الحل التفاوضي في السودان؟
- بعد تصويت مساهمو-تسلا-.. ما الذي يمكن أن يشتريه إيلون ماسك ب ...
- كازاخستان تقرر الانضمام لاتفاقات أبراهام
- اعتداءات المستوطنين شرق الضفة تجبر 6 عائلات فلسطينية على الن ...
- بشبهة العلاقة بحماس.. ضبط أسلحة في النمسا وتوقيفات في لندن و ...


المزيد.....

- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمين بن سعيد - الإلحاد والملحد والعدمية... (هل الدعوة إلى القطيعة مع العالم العبراني -معاداة للسامية-؟)