أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 00:48
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لمعرفة أنكَ أمام مؤمن، عليكَ مباشرة بالسؤال عن كمال منظومته ورموزها. فإذا لم يذكر أي نقيصة في تلك المنظومة ولرموزها فاعلم أنه مؤمن، متدين ومعتقد بامتلاك حقيقة مطلقة: مهما كانت المنظومة، لا تتردد في اعتباره كذلك. مع الأديان المعروفة، الأمر بيّن، لكن الإشكال يقع مع الفلسفات والأيديولوجيات، والتي لا يجب أن يُستثنى أتباعها من الوصف بالإيمان، والإيمان تغييب كلي للعقل وترديد ببغائي لما يُلقّن ويُحقَن المؤمن.
المُغيّب الآن... من هو؟ هو المؤمن الذي يريد أن يعيش منظومته ولا يرى غيرها صالحة لـ "كل" البشر، وفي تجسيد رؤيته تلك طريقتان: فرضها بالإرهاب والعنف، والدعوة إليها بلطف بموعظة حسنة أو بادعاء العقل والحجة والإقناع. تعريفي هذا، ينطبق بالدرجة الأولى على الأديان المعروفة/ "الكلاسيكية" وعلى رأسها في المنطقة المقدسة الإسلام، لكن ما يعنيني أكثر هو التعريف والتأكيد على الأديان غير الإسلام، والتي ينطبق على أتباعها نفس الوصف أي "المؤمن" و "المُغيّب".
1- العروبة: اقتباس من مقال منشور في الحوار: (هذا ما تحدث عنه رزگار عقراوي، اليساري العربي الكوردي، مدير منصة الحوار المتمدن، في كتابه "اليسار الإلكتروني في مواجهة الرأسمالية الرقمية”...): محل الشاهد (العربي الكوردي)، ومنه تعرف أن كاتبه مُغيَّب من المؤمنين بدين العروبة الذي جعله لا يرى أي بأس في وصف شخص كوردي بأنه "عربي"، وإياك أن تفكر في اللغة العربية أي أن عقراوي يستعمل اللغة ويكتب بها: اليسار هوية فكرية/ فلسفية/ اقتصادية/ سياسية، الكردية هوية عرقية/ جنسُ بشرٍ معينين، ومنهما يمكن القول يساري كردي. يمكن القول أيضا يساري "عربي" ويزعم من يقولون ذلك أن المقصود اليسار الذي يوجد في المنطقة المقدسة أي التي تستعمل اللغة العربية: تكلمتُ سابقا عن أن اليسار لا يمكن بأي حال أن يكون "عربيا" وإذا عُرّبت خُرّبت، لكن سأتنزل وسأقبل بالتسمية أي "يسار عربي". لكن كيف تركب يساري "عربي" كوردي؟ "عربي" أمازيغي؟ "عربي" سرياني؟ الجواب: لا تركب حتى عند المؤمن بدين العروبة الذي سيكتفي بـ "يساري عربي" مباشرة ولن يذكر كوردي، وحده "المُغيّب" من سيزيدها كوردي أو أمازيغي أو أو...
قبل أن أواصل... هل أنا أؤصل للسب والشتم واحتقار الآخر؟ جوابي بسيط وواضح في المثال القادم... أقول: "كل الأديان بشرية الصنع، والإله ماركة دينية مسجلة". المؤمن بدين عندما يرى الثقة والقناعة التي لا تساورها ذرة شك في قولي، سيقول أني مُغيَّب أعماه الشيطان عن طريق الحق، بل ربما أنا الشيطان نفسه أو ابنه: هل قول ذلك المؤمن شتم لي أم وصف واقعي وصادق؟ قد يكون قوله ذاك نصيحة ذكية لأقرانه يُجازى عليها: لا تُضيعوا وقتكم في هداية هذا المُغيَّب! اذهبوا إلى غيره من الملحدين والكفار فمعهم بعض الأمل، أما هذا فلا أمل فيه! طيب... الآن، هل سيزعجني قول المؤمن أني مُغيّب؟ قطعا لا، بل هو وسام شرف! فأنا مُغيّب وراء الشيطان -حسب اعتقاده-، ومغيّب عن جمال وروعة دينه وإلهه، فهل قوله حقيقتي التي أراها الحق الذي ألتزمه وأتبعه وأصرّح به أم هو ادّعى عليّ باطلا ونقيصة ومثلبة؟ طبعا، هو يقصد القدح والسخرية مني، لكن ذلك اعتقاده وتلك مشكلته التي لا تعنيني في شيء، الذي يعنيني أنا المُتكلَّم عنه أن ما قاله صحيح ولم يدّعي عليّ: تفسيره وتأويله وفهمه، كل ذلك يعود إليه ولا يعنيني في شيء. مثال ثاني: الهولوهوكس/ الهولوكولو! قيل لي مرة، والقائل فلسطيني ملحد: "لا يا عزيزي! ليس هكذا! حتى قتلة حماس فيهم من لا يقول هذا الكلام! كوننا مُستعمَرين وأرضنا سُرقت منا لا يعني أن ننكر حقائق التاريخ! ثم ماذا ربح أحمدي نجاد؟! علميا، تاريخيا: كلامكَ خطأ. سياسيا، براجماتيا: لن نجن منه شيئا، حتى الدعم القليل الذي لازال عندنا سنخسره! لو لم أكن أعرفكَ، لقلتُ أنكَ تريد تدمير القضية الفلسطينية! ولا أفهم لماذا تردد أقوال النازيين الجدد في أوروبا وأنتَ تعرف تعصبهم وكراهيتهم لكل البشر وليس فقط لليهود! فما الفرق بينكَ وبين كل المتعصبين والمُغيَّبين في كل الأديان؟": محل الشاهد: عند الصديق أنا مؤمن بتلك الفكرة نعم، لكني مُغيَّب أي لا أريدها لنفسي فقط أو لدائرتي الضيقة بل أريدها أن تصل إلى كل البشرية وأقول أن ذلك بالعلم والتاريخ... بالدليل والبرهان: راجع تعريفي للمُغيّب، ستجد أنه ينطبق عليّ، من وجهة نظر صديقي... الصديق من النوعية التي ترفض حتى السماع، وكلما مرَ الموضوع أعيد عليه نفس السؤال: هل درستَ الموضوع؟ لا يجيب دائما، وكلي أمل أن يسمع على الأقل ما يقوله من فنّدوا هذه الأكذوبة التي لا تزال تُكبّل عقول البشر في كل مكان على سطح الأرض!
2- الماركسية العروبية: الماركسية في أصلها لها ما لها وعليها ما عليها كأي فكر/ فلسفة/ أيديولوجيا، لكن الماركسية العروبية شيء آخر: عند أتباعها لا أمل ولا خلاص دونها، وعندي مكانها المزبلة لأن حتى ذلك الصالح الذي في الماركسية بعد أن عرّبوه وأسلموه صار شيئا هجينا لا يصلح إلا للخراب. إذا لم يُعجبك كلامي، الرفيق الماركسي، بسيطة يا سيدي: كلهم يزحفون ويطبلون للدين، والدين قوة ثورية! + كلهم عروبيون، النتيجة: كلهم صدام وعبد الناصر! هكذا ببساطة؟ نعم هكذا ببساطة! بعد ركن "الشعارات والخطب الرنانة والتفلسف" على جنب بالطبع.
ماركسي مؤمن! وهو ملحد؟ يؤمن بماركسيته ولا يرى حلا غيرها نعم، لكن صفة "ملحد" عليكَ التحقق منها، فكثيرون من كوادرهم يؤمنون بالأديان حقيقة! تشخيص إيمانه: كأي آخر غيره، اسأله مباشرة عن عيوب الماركسية، ثم تدرّج في الرموز: ماركس، إنجلز، لينين، ستالين وتروتسكي. إذا لم يذكر أي عيب أو نقيصة فهو مؤمن، وإذا زعم أنها الحل الوحيد فهو مُغيَّب. ولا تنسَ أبدا أننا منذ عقود وقرون نبحث عن الدين الصحيح فلا نجد! وعندما نسأل المتدينين من يمثل دينكم يا قوم؟ لا نجد أحدا! لا أحد يمثل الإسلام الصحيح والمسيحية الصحيحة واليهودية الحقة: لا أحد! مع الماركسيين، أضيف صفة المُغيّب "جملة وتفصيلا"، وهي صفة تُطلق على من المفروض يعرف وصعب أن يسقط سقطات غيره من المُغيبين والكلام عن الأديان الكلاسيكية، لكنه للأسف وأيضا للعجب يسلك نفس سلوكهم ولا يتساءل أصلا ما الفرق بينه وبينهم! عمليا، هكذا تسير الأمور: من يمثل/ مثّل الماركسية يا قوم؟ الجواب لا أحد! كلهم لم يفهموا! السوفيات وبقية الدول؟ لم يفهموا، هراطقة حادوا عن صحيح الماركسية! الصين؟ لم يفهموا، بل كفار لا يحملون من الدين إلا الاسم! لينين؟ مقبول، يُحترم لكن ما قاله وفعله ليس "كل" الماركسية! طيب، وستالين؟ هنا ستجد سنة وشيعة، كاثوليك وبروتستانت، شيعة ستالين وشيعة تروتسكي وكل يدعي أنه الطريق الحق، لكن هل طريق ستالين أو طريق تروتسكي هو صحيح الماركسية؟ الجواب لا، بعد ألا تنبهر بأقوال من قبيل الماركسية ليست دين بل فكر متجدد وديالكتيكي وأنتَ "غبي" و "جاهل" فأساس الفلسفة الماركسية ألا ثبات وكل شيء يتغير وغيره وغيره: تتذكر أكاذيب ودفاعيات رجال الدين؟ هي نفسها ستجدها، لكن قائليها يظنون أنفسهم العلم والفلسفة والعقل، والحقيقة أنهم مجرد مؤمنين وأغلبهم مغيبين بل وفيهم المغيبون جملة وتفصيلا! كلما مررت بمغيب جملة وتفصيلا تذكر القرآنيين وقارنه بهم، ستجد ألا فرق، فهو الوحيد الذي فهم الدين الكامل، الذي لم يفهمه أحد، الذي لا يمثله أحد، والذي إلى اليوم لم يُطبَّق، وإذا طُبق ستلعب الذئاب مع الخرفان في كل مكان على سطح الأرض! نصيحتي لكل هؤلاء: أنتَ تابع لفكر، لمجرد فكر كأي فكر، يؤخذ منه ويُردّ، استبدل الميكروسكوب الذي تنظر به، سترى أنه منذ نشأة الماركسية لم تُنتج إلا الأنظمة الديكتاتورية الإجرامية التي ذل فيها البشر واستعبدوا، عندما سقط حائط برلين لا أحد سار شرقا. السوفيات انحرفوا عن صحيح الدين! لماذا الصين لم تقم لها قائمة إلا بعد انفتاحها؟ وغيرها من التساؤلات التي لا يمكن أن يقبلها عاقل اليوم وأن يسمع لترهات المؤمنين والمغيبين والمغيبين جملة وتفصيلا والثلاثة إحقاقا للحق كثيرون جدا في هذا الموقع على ما رأيتُ حتى الآن! لا تركب يا عزيزي أن تتكلم عن العلمانية والحرية والديمقراطية ووو وأنت تقدس قتلة سفاحين مات الملايين على أيديهم! أين وُجدت تلك الأشياء الجميلة منذ نشأة الماركسية وإلى اليوم؟ بل وتزعم أنهم كلهم لم يفهموا الماركسية التي فهمتها أنتَ اليوم! ولو طُبُقت لأكل كل البشر الكافيار: احترامي الشديد للأشخاص، لكن هذا الفكر الديني الأيديولوجي المتخلف ديناصورات يجب أن تنقرض! وآن أوان ذلك ودون ذرة أسف عليه! كلامي موجه للمخدوعين بهؤلاء: كن يساريا، وجيد أن تكون، لكن إياك أن تظن أن تلك الديناصورات تساوي شيئا اليوم وستساوي في المستقبل: الأرض تقول العكس وستقول ذلك أبدا! والقادم سيُبين لك خطأ ما تخيلته حتى الآن، أي أني... تلك الخانة التي تضع فيها أعداءك: "ليبرالي". وقبل أن أمر... نكتة... يقول لك أنه تروتسكي، ومثلا مع قضية فلسطين، تلميذ ثانوية سيسأله: المحافظون الجدد في أمريكا، أليسوا تروتسكيين؟ أليسوا وراء كل حروب أمريكا؟ يعني... كيف تركب أنت تروتسكي وفاهم وربما ترى نفسك الوحيد الذي فهم وتساند فلسطين، وهم جعلوا من أمريكا ومقدراتها أداة لمصالح إسرائيل: من يمثل التروتسكية يا "رفيق"؟ [تروتسكي السفاح اليهودي الذي قتل ملايين الروس دون ذرة رحمة: هولوكوست حقيقي وليس ذاك الخرافي! أكيد لا علاقة لكونه يهودي بذلك، ولكونهم حيوانات لا قيمة لوجودها أصلا، وأكيد كلامي "معاداة للسامية"!]
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟