أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - ملاك أولى 2-2















المزيد.....



ملاك أولى 2-2


أمين بن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 8397 - 2025 / 7 / 8 - 18:09
المحور: كتابات ساخرة
    


ثم... وصلتْ رسالة، فنظرتُ إلى الموبايل على الطاولة بجانبي، فرأيتُ أنها من ملاك. نظرتُ إليه وقلتُ: "الدنيا ليستْ سهلة عندي عزيزي! لا تظن ذلك!"، وقرأتُ... "يجب أن نتكلم، اتصل بي."، فذهبتُ إلى المطبخ، واتصلتُ...
- طلب لوزا وفستقا، فخرجتُ لأشتري له، وعندما عدتُ، وجدتُه قد نام... أنتِ بخير؟
- أريد رؤيتكَ
- نتغدى معا غدا... سيكون صاحيا وقتها
- الآن
- ماذا؟
- أنتظركَ
- لا أستطيع الآن!! ما بكِ! هل جُننتِ؟!
- لن يستيقظ! وأريد رؤيتكَ الآن!
- ملاك أرجوكِ، لسنا في حاجة إلى هذا! لا تُعقّدي الأمور أكثر!
- ستخرج الآن أم لا؟!! إن لم تفعل، سأكون عندكَ بعد ربع ساعة!!
- لماذا تفعلين هذا؟! أرجوكِ، كيف أتركه نائما هنا و
- أنا قادمة!
- انتظري انتظري! اللعنة! سأخرج!
- أنتظر.
غادرتُ في سيارتي، ومعي مفاتيح سيارته... لم أفكّر كثيرا في طريقي، وكان فقط شعورُ حرجٍ يُرافقني... ثم ابتسمتُ وقلتُ في نفسي: "كأني كرة بينهما، نام هو وتركني، واستيقظتْ لي هي!"... لم أكن أعلم سبب طلبها المفاجئ، لكني قلتُ أن ذهابي إليها أهون من حضورها إلى منزلي، وما إن فتحتْ ودخلتُ...
- مللتُ! وتعبتُ! تعبتُ ولم أعد أستطيع!!
- ...
- ليستْ هذه الحياة التي أردتُ! لا أستطيع أن أواصل هكذا! هل تفهم؟!!
- أأأ...؟ لا، لم أفهم
- لا أستطيع أن أعيش هكذا! أبتعدُ عن زوجي كل يوم أكثر، ولا أريد ذلك!
- لا تفعلي إذن... ثم ما الذي حصل؟
- وتسأل؟!!
- لماذا تشاجرتما؟
- لا تُجبرني على الصراخ!
- لا أريد ذلك... فقط سألتُ ما الذي حصل.
- الذي حصل؟!! الذي حصل الذي حصل... لا تعرف ما الذي حصل! الذي حصل؟ أنتَ حصلتَ!!
- آه...
- لم أر شيئا! لم أشعر بشيء! مجرد نظرات همسات كلمات! لا شيء غير ذلك!
- ملاك أرجوكِ
- ولماذا ترجوني مستر مبادئ! أَسكرتَ صاحبكَ ثم هرعتَ إلى زوجته وترجوني؟! أليس هذا ما تريد؟
- أريد أن تهدئي
- أنا هادئة!! لن أقبل ولن أسمح بتواصل هذا!!
- تواصل ماذا؟
- أنا... أنتَ... نحن! لا أستطيع!
- ...
- لم نعد نتكلم مثلما كنا، لا تَعلم ولا تُريد أن تعرف ما بي! لم تَسأل ولم تهتم! صار عندكَ من أهمّ!
- غير صحيح... لكن كل شيء أمامكِ وتعرفينه
- لا أعرف شيئا! ليس عندي أي شيء! لا أملكُ أي شيء! لم أرَ أي شيء!
- ...
- لماذا تتحاشى النظر لي؟
- لم أفعل
- بل تفعل!
- ...
- كيف رضيتَ أن تتحاشاني كل هذا الوقت؟ ما الذي صدر مني! ماذا فعلتُ لأحصل على كل هذا؟!
- لماذا تُصرّين وأنتِ تعرفين كل شيء؟
- لا أستطيع التحمّل أكثر! حاولتُ وحاولتُ لكني لم أستطع! ماذا أفعل!!؟
- ...
- أحتاجكَ...
- أحتاجكِ أيضا
- لا أعتقد ذلك! أمامكَ ولا تراني!
- بيننا أأ... ولا أستطيع المرور فوق جثته!
- لا يوجد بيننا أحد!
- ...
- كيف تُحبّ امرأة ولا...!
- وجدتُ الوصفة التي بها استطعتُ مواصلة المسير
- وصفة تصلح لكَ، لا تصلح لغيركَ
- أحيانا تصلح وصفة لكثيرين، والمشكلة لا تكون فيها، لكن فيمن يرفض العلاج من أساسه ولا يرى أنه يحتاجه
- التنظير سهل!
- الواقع لا يُبالي لا يرحم، إلهٌ فعّال لما يُريد
- إذا حضرت الرغبة والإرادة، حُرِّكت الجبال!
- قصص لطيفة يُصدّقها الأطفال والمؤمنون
- لا أريد أن أكبر!
- لا أريد أن أحترق!!
- كيف؟!!
- لا حياة على الأرض دون شمس، لكنها لو اقتربتْ أحرقتْ كل شيء!! أنتِ الشمس! ولا أستطيع السماح بأن نُحرَق جميعنا!!
- لن يحصل!
- القطار قادم، وأنتِ تريدين لنا أن نكون فوق السكة! ولن يحصل لنا شيء!
- لا أستطيع أن أواصل هكذا!
- لا أحد منا أراد هذا! لكن لا يوجد حل آخر... للأسف
- توجد مئات الحلول!!
- أحبّ صاحبي اللعنة! قرابة عشرين سنة الآن! منذ أن كنا أطفالا!!
- وألف لعنة أحب صاحبكَ أيضا!!
- ...
- لماذا لا تهجرني إذن؟!!
- ماذا؟!
- نعم! لماذا لا تهجرني؟! على الأقل أعرف رأسي من ساقيّ!
- وهل نحن معا لأهجركِ!
- نحن ماذا إذن؟!!
- نحن... نحن... نحن الذي تعرفينه!
- قلتَها أخيرا! نحن لا شيء!
- لم أقل ذلك
- نعم! لم تقل! وتستطيع أن تضيف أن عاهراتكَ أهم!
- أرجوكِ! وكأني زير نساء، كل ليلة أُمضيها مع جديدة! أرجوكِ
- أعتذر أعتذر! حاشاهن! لسن عاهرات! على الأقل هن عازبات! العاهرة مَن تنظر خلف ظهر زوجها!
- حاشاكِ! تعالي لنجلس، وأرجوكِ اهدئي قليلا... تعالي
- وضعتَ يدكَ على كتفي!! احذر يا رجل! ما لكَ هل جُننتَ!
- ...
- ماذا!؟ لماذا تنظر لي هكذا؟! أظنكَ أول مرة تلمسني! أردتُ فقط تحذيركَ! لا أريدكَ أن تمضي حياتكَ نادما لأنكَ لمستني!! لن تندم على شيء معهن لكن معي ستندم!! ولذلك من واجبي تحذيركَ!!
- لا تُقارني نفسكِ بأحد أرجوك!
- نعم نعم نسيتُ! صحيح! أنا شمسٌ! أو... الشمسُ! ولا أحد مثلي!! لكن، شمس لا تستطيع أن تلمسها!
- لا أحد!
- ...
- لا أحد سيكون مثلكِ!
- لا أملكُ شيئا!
- ملكتِ كل شيء!
- يُسمعني حين يُراقصني...!
ثم بدأتْ ترقص، وكأنّ أحدا يُراقصها... ويجذبها لتدور حولي على بعد متر ونصف تقريبا... دارتْ ثلاث مرات، ثم توقفتْ أمامي، ونظرتْ لي نظرة طفلة صغيرة ضربها أخوها، فهرعتْ تشتكيه لأبيها، ووقفتْ أمامه ودَمعُ عينيها ينتظر الإذن منه... فلم أفعل، وأنزلتُ نظري إلى ساقيّ! خذلتُها ولم أستطع غير أن أخذلها، لكنها أبتْ، واقتربتْ أكثر حتى التصقتْ بي، ووضعتْ رأسي على كتفها، وأحاطتني بذراعيها... فتحوّلتُ من أب إلى ابن، وتحوّلتْ من صغيرة شاكية إلى أم مُعزّية...
- قدري أن أخذلكِ!
- لا تؤمن بالقدر...
- أحبكِ أكثر من كل شيء! سامحيني...
- لا أستطيع ذلك، ولا أريد
- أعرف...
- أفتقدكَ
- أفتقدكِ أكثر
- احضني
- ...
- تريد أن أترجاكَ؟
- أنتِ تأمرين وأنا لا أملكُ إلا أن أُنفّذ... انتظري... آسف... لحظة... أريد أن أشرب
وابتعدتُ عنها، لكن ما إن استدرتُ، صاحتْ: "توقّفْ!"، ففعلتُ دون أن ألتفتَ إليها...
- إلى هذه الدرجة؟!
- ...
- أول يوم... قلتَ... إذا كانت مقصلة، رأسكَ يجب أن يوضع قبل رأسي... لم تفعل! وتركتَ رأسي!
فاستدرتُ...
- لا أحد يستطيع الاقتراب من الشمس!
- كلهم يستطيعون! لكنكَ تريد أن تكون استثناء!
- أريد؟!! حقا هذا ما أريد؟!
- اهجرني أو كن معي! أمقتُ اللاأدرية!
- أعرفُ إلهين... الموتُ، والواقع؛ وفيه شمسٌ، وأخٌ، وعقلي... ويستحيل عليّ أن أقدر مع ثلاثتهم...
- قدرتَ وانتهيتَ! لكنها الأقنعة والأوهام!
- نعم، معكِ الحق. صفعة أو قلع عين أو قطع ساق، كله عُنف. لكن، فقط من بُرجكِ ذاك...
- خنتَ صاحبكَ، خنتَ نفسكَ، وخُنتَني... هل تعي ذلك؟!
- من بُرجكِ ذاك نعم... لكن الأرض تقول العكس!
- لن يَعلم!
- أنتِ لم تعرفيني إذن!
- ...؟!
- أنا أعلمُ! أنا أحكمُ!
- تُحبُّني
- حقٌّ لا يستطيع أحد حرماني منه!
- لم أر شيئا!
- لا أحد يستطيع الغوص في دمه داخل عروقه...
- أتألّمُ!
- ألقي عليّ كل حمل! كل ألم! كل! كل شيء! إلـ
- إلا سبب ألمي! نعم... شمس! و... كل شيء! الحقيقة أني لا شيء! مجرد مراهقة لا تريد أن تكبر!
- صغيرة إذا سمعتْ "لا نستطيع"، ظنتْها "لا نُحبكِ". نُحبكِ أميرة... أحبكِ!
في طريق الرجوع إلى منزلي، عرّجتُ على البحر، ومشيتُ بجانبه قليلا... لم أر ملاك مُذنبة، لكني رأيتُ نفسي مقصّرا شيئا ما... في حقّها؛ كل ما طلبتْه حقٌّ من جهتها، لكنه عندي كان مستحيل التحقق. قالت أنها ليست مِلكيةً لأحد، ومن حقها الحديث عن كل رغباتها، قالت أنها سجّلتْ أحاديث السنتين، وكثيرا ما كانت تعود إليها، فتجد فيها العزاء. وقلتُ أن رغبتها قطرةٌ مِن بحرِ ما أرغب، لكن كل لحظة هنا ثمنها ألم لا يُطاق هناك: "يستحيل أن يمرّ يوم دون أن أرى شفتيكِ، لكني لا أستطيع أن أنسى أن تلك القبلة تعني نهشة من لحم صاحبي! أحبكِ! لكني أحبّ صاحبي أيضا!!"... كذلك قلتُ، ودافعتُ عن حقي في أن أحبها، لا مثلما أريد بل بقدر ما أستطيع. لم يكن ما قلتُ مجاراة لها في كلامها عن الجنس، بل ذلك ما شعرتُ به وقتها، برغم أني لم تكن عندي رغبات نحوها عندما أكون وحدي؛ وجود أمين غَيّبَ عالم الجنس وأبعده عني، وبقتْ ملاك في ذهني كنور، لا تهمني تفاصيله بقدر ما يعنيني أن ألمسه، أن أقترب منه ما استطعتُ، أن أحضنه... لا أن أنكحه! في عالم الجسد والجنس، وبعد حضور أمين، أصبحتْ ملاك تعني أن أراها، أن أسمعها، أن أحضنها وأن تبقى في حضني أبدا... لذلك رفضتُ أن أحضنها، لأنها لم تكن ترى مثلي، وذلك الاختلاف بيننا، كان حتما سيؤدي إلى مزيد من الألم، لأنه لا يوجد عند ملاك أعظم من أن تُرفضَ ممن تُحِب. أما مسألة القُبَل، فتجاوزتُها سريعا، بعد أيام من لقائنا الأول، وبعد أن سمع أمين بقصة السنتين، وبلقائنا، وبسبب كسر ساقي... ما قاله قضى نهائيا على كل امكانية تجاوز المحظور من ناحيتي: "أعرف جيدا أنكَ لن تسمحَ بأن أخسر صاحبي والمرأة التي أحبّ"... تمنيتُ ليلتها، لو حضر أمين ما قلنا، ولم أستغرب من ذلك. ملاك لم تكن مِلكيةَ أحد، بل، كان وكنتُ، كنا عالمها وكل ما تريد. وكانت الملكة في عالمه الذي كان وجودي فيه لا يُمكن أن يُتَجاوَز. أما في عالمي، فلم تكن "الـ" ملكة بل أميرةً لا يُمكن تجاوزها، وكان أخا وزيرا أو أخا قائد جيوش لا يُمكن للمملكة حتى مجرد التفكير في تجاوزه! تمنيتُ أن يحضر ذلك النقاش، وقلتُ أنه كان سيكون مجرد طرف مثل الآخريْن، وكنتُ على ثقة أنه لن يلوم أحدا بل كان سيتفهم وسيفهم؛ لم تكن المسألة ما يظهر لأغلب البشر، أذكاهم كان سيقول كيف للعقل أن يقبل بحضور من تُحبُّه زوجتُه!؟ هذه قوادة ولا رجولة! وهذا القائل، لم ير إلا عقدا ظاهرا، يُسمونه "زواج" ويقولون عنه أشياء ليست منه في شيء، والحقيقة أن تلك الورقة لم يكن لها أي وجود أو قيمة، الحقيقة لم تكن "عقدا" واحدا بل ثلاثة عهود متساوية في قيمتها وتأثيرها على المتعاهدين: أولها الذي بيني وبين أمين، ثانيها الذي بينه وبين ملاك، ثالثها الذي بيني وبين ملاك... لا يوجد عهدٌ أهمّ من آخر، بل يوجد فقط ألا شيء يمكن أن يحدث ويوجد دون التعاطي مع ثلاثتها ومعا والخروج بحل وسط لكل مسألة... لم تُفكّر ملاك قط في قطع علاقتها بأمين لا قبل الزواج ولا بعده، ولم أفكّر في ذلك قط، ولم أكن لأقبل به حتى لو أرادتْه... ولم تُرده، لأن هناك عهدا ما كان سيُحتَرَم لو فعلتْ وفعلتُ. لن يُفكّر أمين في أي شيء شبيه في المستقبل. لا أحد سيفعل، حتى وفاء... ستعلم أن الدخول إلى عالمي والبقاء فيه، لا يمكن أن يحدث ويستمرّ دون قبول واحترام تلك العهود الثلاثة.
انتهتْ خلوتي تلك بالبحر، بالشعور براحة كبيرة، وبرغبة جامحة في أن أرى صاحبي، وغابتْ ملاك، وحضرَ وحضرتْ معه ذكريات قرابة عقدين من الزمن... منذ يوم الشفاه الحمراء إلى لحظة البحر تلك. وغادرتُ إلى منزلي... وفي الطريق، مرتْ ببالي أمينة، أختُه الصغيرة، يوم اشتكته إلى أمها باكية لأنه طردها ورفض أن تلعب معنا، وعندما سألتْه أمه، قال أنه لا يُشاركها صاحباتها ولا يريدها أن تُشاركه صاحبه. تذكرتُ إيمان، صديقتنا التي غادرتنا سنتنا الرابعة وكثيرا مما حدث معها... أحدهم أحبّها، وقدم يعرض عليها أن يتكلّما ساعةَ راحةٍ لم يكن فيها دروس، وكنا معا ثلاثتنا، جالسين وهي وسطنا، فنظرتْ لي ثم لأمين، ثم للطالب، وأجابته: "ماذا سأفعل بكَ؟! عندي اثنان!". تذكرتُ ليالي الفلسفة والعلوم الطبيعية، وعادة ما كنا نغضب ولم يكن لكلينا غير ذلك طريق، فهو "الأحمق الغبي الذي لا يفهم!" عندما تكون ليلة العلوم، وأنا مثله عندما تكون ليلة الفلسفة، ولم نكن كذلك، بل فقط كانتا مادتين لا قيمة لهما ولا اهتمام بهما عند كل منا مقارنة بغيرهما من المواد الرئيسية الخاصة بشعبنا. تذكرتُ مباريات الكرة الطائرة على الشاطئ كل صيف، البلياردو في المقاهي، الذهاب إلى السينما، إلى مباريات كرة القدم يوم الأحد، رقصنا معا في المناسبات والأعراس، تخييمنا في الغابة القريبة، الأسبوع الذي أمضيناه في الصحراء وكيف تصرّفَ عندما لدغني ذلك العقرب اللعين، الرجل الذي صدمتُه بسيارة ماما بعد أيام من حصولي على رخصة السياقة، وكنتُ الظالم، وكيف وفّرنا له المال لكيلا يشتكي وتسمع ماما... كنتُ أنظر أمامي وأبتسم، وأشياء تتحرك في داخلي لم تبتعد كثيرا عن شعور ذلك المراهق الذي ينظر إلى محبوبته قادمة نحوه ... كل تلك الذكريات كانت أصولَ العهد الذي بيننا، عهد بُني على الرغبة والحب والتشارك لا على المصلحة أو الخوف أو غيره من عهود أغلب البشر، عهد لا يُمكن بأي حال أن يُنسى أو يفتر أو لا يُحترم وإن كان الثمنُ ألمَ ملاك!
لم أنم تلك الليلة... أمضيتُها بين الاستلقاء على سريري في غرفة نومي، والصالة والمطبخ... على سريري أنظر السقف وأتذكر كل شيء وقع معه ومعها، في الصالة جالسا أمامه ناظرا إليه، وفي المطبخ لأدخن وأسمع أشياء أرسلتْها لي ملاك في سنتينا، وأخرى كانت تُذكرني بمناسبات مع أمين... كان المطبخ بعيدا عن الصالة، بعكس غرفتي، لذلك اخترتُه لأسمع، بعد غلق الباب، لكيلا أوقظه... أغاني ملاك كانت تحمل ما لم تقله مباشرة، أوّلها كانت بعد شهر من بدء اتصالنا، وما إن كتبتْ عنوانها، قلتُ في نفسي: "آه! بدأ المزاح الثقيل! يا بنت الناس لم نتّفق على هذا!" [https://www.youtube.com/watch?v=fIB7Z4YI8bA&list=RDfIB7Z4YI8bA&start_radio=1]، لم يكن أمين وقتَها، لكنه دخل تلك اللحظة وحضرها معنا بعد لقائنا! جوابي لملاك كان... عدم الجواب! وكتبتُ: "ت‍ُذكرني بڨيتار الشارة في ساسوكي" [https://www.youtube.com/watch?v=s9BeA_WsrxY&list=RDs9BeA_WsrxY&start_radio=1]، و... ساسوكي كان الكرتون المفضل الذي كنا نتابعه معا أنا وأمين سنوات الإعدادية الثلاث. تلك اللحظة مع ملاك، كانت إعلانا منها على نهاية ما اتفقنا عليه بدءا، وبداية عهد جديد، كنا نراه ينمو كل يوم أكثر، لكننا كنا نزعم أننا لم نتفطن ولم نر شيئا.
سنتان كانتا وقتا طويلا جدا! فيه لا تعرف فقط الجسد والمسكن، بل نواة كل خلية، وتلك النقطة الصغيرة الزرقاء في حائط الحمام بجانب الحوض من الجهة اليمنى فوق بخمسة سنتمترات ونصف! وكان العمل، أن يُبدأ على موقعِ شات، ثم المرور إلى برنامج MSN أو SKYPE أين يوجد فقط المُقرَّبون... كنتُ أفضّل الثاني، وكانت ملاك تُفضّل الأول وتستعمله أكثر، وكانت عادتي ما إن نمر إلى سكايب أن أطلب رؤية الفتاة، إذا كانت جميلة واصلتُ معها، وإذا لم تُعجبني أقوم بطردها من حسابي. مع ملاك، لم أطلب رؤيتها، كان يوم سبت، وكانت العاشرة ليلا، وكان اتصال بالكاميرا مع أمين، وبين الحين والآخر كنتُ أكتب لها، فغضبتْ لأني كنتُ أتأخّر في ردودي، وكتبتْ أنها ستُغادر لتتركني مع من تشغلني، فأجبتُها ألا أحد في حسابي غيرها، فكذّبتني. أنهيتُ الاتصال مع أمين، لأستطيع التركيز معها، فقلتُ أن حسابي مكانٌ لواحدة فقط، كثيرات يدخلنه لكني أطردهن عادة، وأرجو أن تكون هي من ستبقى فيه، فردّت أنها مخطوبة وتريد أصدقاء فقط، ففكرتُ في طردها مباشرة، لكن قلتُ في نفسي، بما أني أنهيتُ الاتصال مع أمين، وأنا وحدي الآن، فلا بأس بها، لن أخسر شيئا وإن لم أكن ممن يهتمون لقصص الصداقة على النات. كان أول ما لاحظتُ اتقانها للغة وسرعتها في الكتابة، وفي ذلك العالم سرعة الرد تعني عدم التفكير والصدق والصراحة، التأخر في الرد يعني إما الانشغال مع آخرين أو التفكير الذي يعني أشياء كثيرة منها الحرج و... الكذب. ملاحظتي الثانية، كانت سلاسة حوارنا، ولم أتفطن حتى سألتْني هل لاحظتُ كم الساعة أم لا وقتها، وكانت قد تجاوزتْ الرابعة صباحا. الثالثة سؤالها الأخير: "ماذا نفعل الآن؟ نواصل؟ أم لا؟ أنا أريد أن نواصل"، سؤالها لم يكن استثناء في شيء، لكن جوابها عما تريد لم يكن معتادا، خصوصا أن جوابي كان يمكن أن يكون "أمضينا وقتا طيبا نعم، لكن لا أريد إضاعة وقتي مع -صديقة-"، ومن المفروض أن جوابي كان يجب أن يكون كذلك، لأنها لم تكن حتى ممن يمكن معها الكلام مع غيرها وذلك أمر من المفروض يحدث مع صاحبة لا مع صديقة، وأيضا كل التركيز الذي يجب أن يكون معها أقلهن لأكون في المستوى وفرق بين الكلام مع فتاة بسيطة وبين من تعرف الكثير... لكني لم أشأ، وأجبتُ أني أريد المواصلة برغم أني لا أدخل النات لأبحث عن صديقات وواقعي لم يكن يشكو من نقصهن... الأحد، كنتُ كلما فتحتُ سكايب وجدتُ أنها تركتْ فقرة فيها شيء جديد عنها قالته دون أن أكون سألتُ عنه، سؤالا عن شيء من كلامنا البارحة، وعنّي، فأجيبُ وأغادر، واستمرّ ذلك طيلة اليوم حتى التقينا ليلا مع العاشرة، واتفقنا أن ندع اليوم للرسائل والليل للشات... ذلك الذي حدث، لم يكن يقع إلا مع مشروع صاحبة، وأبدا مع صديقة؛ الصديقة، لا تدخل إلى النات لتبحث عنها، ولا تفتح سكايب لتكتب لها وهي غير موجودة، ولا تجد أنها تركتْ لك رسائل عندما دخلتْ ولم تجدكَ. الذي شجّعني على المواصلة كان تجاربي مع الصاحبات، لأني عندما قارنتُ بينهن وجدتُ أن صاحبات النات كن أهم وأرقى بكثير من صاحبات الواقع. الواقع كان يجذبني أولا وأخيرا جمالهن الجسدي، ثم أكتشف ما يوجد بداخلهن، بعد. النات كان الطريق المعاكس، وحتى إن لم تكن الفتاة بذلك الجمال، جمالها الداخلي كان يشفع، وكان الخام الذي عليه كنتُ أبني ما عشتُ في تجاربي مع الصاحبات. لكن، كل ذلك، كان يخص فقط الصاحبات، لا المشروع الذي شرعتُ فيه مع ملاك! بعد أسابيع قليلة، بدأت ملاك تكتب أشياء غريبة مثل "افتقدتكَ اليوم في العمل" و "إياكَ أن يمرّ يوم ولا تُفكر فيّ! سأغضب!" وذلك عندما لا أكتب إليها في الصباح وفي باقي اليوم... ثم في ليلة، كنتُ أنتظرها على سكايب، فوصلتني دعوة من حساب "إنه أنا" فلم أقبلها وواصلتُ انتظاري، وعندما حضرتْ بحسابها الذي أعرف، قالت أنها هي، معرف جديد لا يعرفه أحد حتى أصدقاؤها، وكتبتْ: "عندما ترى ذلك الحساب، ذلك يعني أني هنا فقط لأكلمكَ أنتَ فلا تنسَ ذلك!"، وذلك عنى منعا مطلقا بأن أنشغل بغيرها! مرّ أمين ببالي وقتها، وقلتُ إذا صادف أن كان بيننا اتصال فأكيد ستغضب مني، وقررتُ إنشاء حساب آخر لا يوجد فيه غيرها... لم يكن أحد في حسابي الأول غير أمين، واستمر وجودها معه، حتى تلك الليلة، حيث أحدثتُ حسابا جديدا وأرسلتُ لها الدعوة، ومنذ تلك الليلة كنتُ لا أدخل النات إلا من أجل الكتابة والقراءة معها، أما أمين فعودتُه على أن تكون اتصالاتنا قبل العاشرة، وكانت أحيانا كل يوم، وأخرى ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع، كان يُطلعني على جديده في الدراسة بالأخص، أما "خطيبته" فأحيانا قليلة، كان يذكرها ولم تكن من موضوعات كلامنا. الغريب أن ما وقع معي، حدث معها، ويوم كتبتْ لي أنها تتصل بخطيبها قبل العاشرة دائما، قلتُ في نفسي: "عادي"، لكن عندما ذكرتْ أن ذلك يشمل حتى نهاية الأسبوع وخصوصا السبت ليلا، قلتُ: "أي "صداقة" هذه يا بنت الناس!"، قلتُ ذلك في نفسي، لها، لكن لنفسي بعد أن عرفتُ أول صاحبة منذ بداية القصة مع ملاك، وكان ذلك يوم فضلتُ النات وملاك على أن أمضي السبت مع الصاحبة...
بعد مدة، كلمتُها عن صاحبة جديدة، فتابعتْ قليلا، ثم غيّرتْ موضوع الكلام، فلم يُعجبني ذلك، وعبّرتُ لها عن امتعاضي من سلوكها، فقالت أنها سعيدة من أجلي لكنها لا تريد أن نسترسل في الكلام عن الصاحبة مذكرة بأنها لا تُجبرني ساعات على سماع أخبار خطيبها، ثم استرسلنا في كلام آخر لم يدم طويلا لأنها غادرتْ بسبب التعب... كانت تلك أقصر ليلة تكلمنا فيها، ولم نتجاوز نصف الساعة، فاستغربتُ في البدء، لكني قلتُ ربما تكون متعبة ولا مشكلة فيما حدث... والذي حدث لم يكن كذلك، لأني بعد أن غادرتْ وبقيتُ وحدي، لم أفكر في الاتصال بالصاحبة، بل أمضيتُ بقية ليلتي حتى نمتُ أفكر في "الصديقة"، ومن حين لآخر كنتُ أعود بجانب الطاولة التي عليها الكمبيوتر وأنظر إليها متحسرا... على الطاولة، كانت القهوة، والماء، وبعض حلويات، وعصير برتقال، وفواكه جافة... كل شيء كان يجب أن يكون بجانبي لكيلا أتأخر في الردّ، وحتى الذهاب إلى الحمام كان لا يجب أن يتجاوز الدقيقتين أو الثلاث... تلك الليلة، كانت سبتا، وغدها كان الأحد الذي عادة ما كنتُ أستيقظ فيه عند منتصف النهار، أستيقظ تعبا منهوكا وأصابعي ومفاصلها تؤلمني من كثرة الكتابة... تلك الليلة، كانت من القطرات التي أفاضت كأس "الصداقة"، وكان واضحا أن ملاك لا تريد أن تسمع بعلاقاتي وكان ذلك يُزعجها! يوم الأحد عندما استيقظتُ، هرعتُ مباشرة إلى الكمبيوتر، لم أنظر لموبايلي ولم أهتم به، لكن بالكمبيوتر... في الموبايل كانت اتصالات ورسائل من الصاحبة، وفي الكمبيوتر لم تكن رسائل من "الصديقة"، وتواصل ذلك طيلة اليوم حتى ليله، الحادية عشرة، كنتُ غاضبا فتركتُ لملاك كلمة: "تحيرتُ! هل أنتِ بخير؟" وللصاحبة: "أعتذر عزيزتي، مع بابا في المستشفى طيلة اليوم، تجاوز مرحلة الخطر الآن، سأتصل بكِ بعد أو غدا..." فأجابت الصاحبة ولم تفعل "الصديقة"... فعلتْ ملاك في الغد، وبعد مدة عرفتُ أنها كذبتْ في عذر النات المقطوع، مثلما عرفتْ الصاحبة بعد مدة أيضا أني كذبتُ في عذر الأب المريض... بعدها بأيام قليلة سمعتْ بملاك، وكان سهوا كبيرا مني تسبب في قلاقل كثيرة انتهتْ بأن هجرتني، في أثناء تلك القلاقل، وضعتْ ملاك قوانين جديدة، كان على رأس القائمة منع الكلام عن الصاحبة والصاحب مطلقا، وكانت كلما بدأتُ التلميح للصاحبة تقاطعني ولا تذكر أبدا خطيبها، لكنها لم تكن تفعل عندما كنتُ أكتب: "رسميا أنا عازب، فلانة هجرتْني اليوم" أو "بدأتُ أملّ مِن... أعتذر أعرف أنكِ لا تريدين سماع قصص الـ... غير مهم، أظن أني سأقطع علاقتي بها" أو "أشعر بأن حملا كان على ظهري! ما أجمل حياة الحرية! لا لماذا لم تتصل يوما كاملا! ولا ماذا فعلتَ البارحة! ولا غيره!". قرابة السنة من بداية اتصالنا، كان زفاف أحد أقاربي، وكان يقطن الريف ولا تغطية فيه، فلم أتصل بملاك ولم أستطع حتى ترك كلمة أذكر فيها سبب غيابي... يوم الإثنين، عندما دخلتُ مكتبي، نظرتُ مباشرة إلى الكمبيوتر وكنتُ مرعوبا مما سأجد، كنتُ على أحر من الجمر لأفتحه وأرى، لكني كنتُ خائفا من ردة فعلها... لكني عندما قرأتُ ما تركتْ لي، غاب شعور الخوف، وحضر آخر غريب، غرابتُه جعلتني أقول لنفسي: "قف! توقف هنا ولا تزد خطوة أخرى!" بدأ كلامها يوم الجمعة، تساؤل عن غيابي ورجاء أن يكون المانع خيرا. ثم تغيرتْ النبرة يوم السبت، إلى اللوم فمهما كان السبب أنا أعرف أنها ستنتظرني ولن تفعل شيئا غير ذلك، وكان عليّ أن أجد الحل للمانع! وأخيرا يوم الأحد، حيث الغضب وتحميلي المسؤولية في أني كنتُ السبب في ألا تفرح بإنجاز كبير في عملها أرادتْ أن تحتفل به منذ يوم الجمعة، وهو أن نماذجها وتصاميمها قُبلتْ في الشركة واختيرتْ على مشاريع زملائها! مع رسالة غير مباشرة السبت ليلا قالت فيها أنها لم تنم ليلة كاملة وذلك من الأوقات التي كانت تُرسل فيها... لم أستطع الرد مباشرة، لأن السكرتيرة باغتتني بإدخال أول حريف، لكني مع منتصف النهار والنصف أجبتُ... اعتذرتُ شديد الاعتذار، وذكرتُ لأول مرة منذ بدء اتصالنا الموبايل... "كنتُ على الأقل اتصلتُ بكِ ولم يحدث كل هذا!"، وكان ردها بعد ساعتين: "أنتَ لا تستحق أن تسمعني!" ولم تُجب بعد ذلك ستة أيام، كنت كل يوم وليلة وفي أوقات كثيرة أكتب إليها، لكنها لم تُجب... لم أسخر من نفسي تلك الأيام الستة، ولم أستغرب، لكني قلتُ أن الأمور تجاوزتني ولا أعلم كيف سيكون الحل مع كل الذي وقع! كان عليّ أن أسخر، لأن مجرد نيكنايم أخذ جل وقتي واهتمامي بل وتجاوز للتأثير على عالمي الواقعي؛ عملي وعلاقاتي! وكان عليّ أن أستغرب لأني لم أهتم قط لأنثى منذ كبرتُ مثلما اهتممتُ لملاك! وملاك كانت مثلما هو العمل وقتها "صديقة"! لم أستغرب حتى من كوني أمضي الساعات أفكر في... شيء، بشر، فتاة لم أرها حتى! وفي تفكيري ذاك، كانت تمرّ بي كل أنواع المشاعر والمواقف التي لا تحدث عادة إلا مع امرأة واقعية حقيقية! أراها، أمسها، أشعر بها، وليس مع خيال وصور وأشكال لا توجد إلا في عقلي! لم أقل شيئا من ذلك لأمين، ولو فعلتُ لكنتُ تحولتُ إلى مسخرة ما كانت لتغيب عن كل اتصالاتنا!
لم أكن وحدي من فكّر وتساءل، بل قال ردها الأول أنها كانت مثلي: "لازلتُ غاضبة منكَ! لكني حزينة وأفتقدكَ!"، لكن الثاني قال ما لم يخطر ببالي: "إذا كان عرس قريبكَ أهم مني، فأنتَ لا تستحقني! لن أقبل أن تُقدم أي شيء عليّ!"، وهو كلام حتى الزوجة وليس الصاحبة! عليها التفكير جيدا قبل أن تنطق به... عاد إلي شيء من عقل بعد قراءة ذلك، وقلتُ لو كانت مراهقة 15 سنة لقُبل الكلام لكنها ليست كذلك! ولو كانت صاحبة أعطيتُها كل الصلاحيات لكان في كلامها شيء من منطق لكنها لم تكن كذلك! وأين خطيبها من كل هذا؟! هذا كان من ناحيتها هي، أما من جهتي فالعقل سأل، وكان جوابي عن غضبها أني يستحيل أن أعيد الذي وقع، سأل: لماذا؟ لماذا تُعطيها صلاحيات وحقوق لم تعطها لأنثى قط؟! لماذا تُلزم نفسكَ بكل هذا مع مجرد نيكنايم لم تسمع حتى صوتها؟ هل يُعقل أنك تحضن كمبيوتر منذ سنة تقريبا غير مبال بعالمكَ الحقيقي ولا تزال مواصلا؟! أما آن الوقت لتستيقظ من غفلتكَ؟! قابلها على الأقل يا رجل!! وحتى هذه معضلة! فمنذ متى تقترب من المرتبطات؟!
تذكري لتلك التفاصيل، وأمين نائم على بعد أمتار مني، كان دون أن أشعر، دفاعا عن نفسي، عند وقوعها، ولا ذرة لوم عليّ وقتها! لكن الأهم، كان مشروعية ما كنتُ أشعر به حتى تلك اللحظة! وكأني قلتُ له: لم أحب زوجتكَ صاحبي، بل أحببتُ نيكنايم، كنتُ على يقين أنها لن تمشِ خطوة أخرى مع خطيبها ذاك ما إن نلتقي! لكني لم أفعل وتراجعتُ، فقط لأن الخطيب كان أنتَ! ولا أزال لا أفعل ولن أفعل لأن الزوجَ أنتَ! فإياك أن تفكر في لوم ما أشعر به، لأنه بُني على حق لا أحد سيستطيع إنكاره، لُم الفعل لا الدواخل! والفعل لن يحدث صاحبي!
السابعة صباحا، جلستُ أمام أمين، وكان لا يزال في نوم عميق... وضعتُ البصل أمام وجهه، ومسستُ بلطف أرنبة أنفه مرات حتى استيقظ...
- ماذا!
- صباح البصل
- نعم... نعيم! من مثلي يستيقظ على باقة بصل!
- ينتظركَ مِن البارحة
- نمتُ، لم أشعر... يوجد ما يلزم في الحمام؟ أريد أن أستحم
- نعم... أحضّر الفطور؟
- سأفطر مع ملاك
- قهوة على الأقل، و... بصلة؟
- القهوة نعم... البصلة مرة أخرى... اتصلتْ بكَ البارحة؟
- حسب رأيكَ؟
- لا علينا... حضّر القهوة... سأحملها معي...
- اتصل بها، ربما غادرتْ باكرا...
- لا داعي
- سأفعل أنا إذن، سأعلمها أنكَ قادم...
- مثلما تريد.
ثم كان أسبوع الإيرانية... السويسرية، وكان المتوقّع أن الصغيرة سترتاح أكثر مع ملاك، لكن كان أمين! وبرغم كل الجهود، كان الفشل ذريعا، فكان الزي الإيراني وكان البوركيني! عالم غريب حقا! سويسرية وتؤمن بما قاله بدوي عاش في القرن السابع... عالم غريب.
اليوم الأخير من ذلك الأسبوع، وصلنا إلى إنجاز غير هين، وهو أن قبلتْ الإيرانية، الذهاب إلى البحر، قالت أنها مع المسابح الخاصة بالنساء في بلدها، وأن الذهاب إلى البحر من المفروض حرام، لكنها وإن قبلتْ فليس لأن ذلك فعل محمود بل لأن إيمانها لا يزال ضعيفا وستسعى إلى تقويته في المستقبل، فهمستْ ملاك: "أرجو ألا تكون معنا وقتها لأنها أكيد ستُفجّر نفسها وسطنا!"... وبعد وقت من وصولنا، طلبتْ الإيرانية أن تتمشى مع كنزة، ودعتْ "عمّها" أمين أن يُرافقهما ففعل، وسط همساتنا وسخريتنا أنا وملاك "لا تفرح كثيرا، ستكون أول من سيُفجَّر عندما يحين الوقت!"... وبقينا، جالسين ننظر إلى البحر...
- ليستْ بالفظاعة التي توقعتُها... البحر... وصارتْ وأمين صديقين... لا أطلبُ أكثر...
- انجاز كبير
- نلتحق بهم؟
- نعم... أحسن من أن تبقى وحدكَ معي! من يدري!
- أرجوكِ...
- نعم! هو كذلك! حتى الكلام ممنوع! سأذهب لأسبح خير منـ
- لا... ابقي أرجوكِ... معي
- لم أسمع؟ ماذا قلتَ؟
- ملاك، لماذا تفعلين هذا؟
- ...
- كل شيء على ما يرام! بل مثالي! لا يوجد أكثر من هذا ولا يُمكن أن يوجد!
- مثالي؟!
- ...!
- بالنسبة لكَ
- سنعيد نفس الكلام الذي قلناه مرارا، ولن يتغيّر منه شيء، فلماذا نكرره؟
- لأنكَ مؤمن
- وستُصححين مساري... نعم! مؤسف أن يُمضي الإنسان حياته مؤمنا بوهم!
- هل لا زلتَ تُحبني؟
- ...
- سؤالي مضحك؟!
- حضرت في عقلي ترجمة له... شخص يتساءل إذا ألقى بنفسه من سطح عمارة هل سيسقط أم سيطير، فقيل له أنه سيتحطم كبيضة، فلم يقبل وقال لن أصدق إلا بعد أن أُجرّب!
- يعني؟
- لن أتغيّر ولو بعد ألف سنة
- يعني؟
- سأفعل ما بقيتُ في هذه الحياة!
- يعني؟
- ...
- قلها!
- وهل عندكِ شك؟!
- قلها!!
- أحبكِ وسأفعل حتى آخر لحظة في حياتي.
- سيتغير كل شيء يوم تقول أنكَ ستتـ
- أتزوج؟
- نعم
- تظنين ذلك؟
- أريد أن أشعر! أن أحس! ليس لي أي شيء! ولا أملك أي شيء!
- لن تتغيري أبدا
- ولماذا سأفعل؟! لن أُغيّر شيئا مما أشعر به!
- بصدق لا أعرف هل سأتـ... يعني... تلك الكلمة... لا أعلم هل سيحدث ذلك أم لا! ليحدث، يلزم امرأة، ولا أعلم أي امرأة ستوجد وأنتِ... هنا!
- أريدكَ أن تكون سعيدا
- أضحكتِني! مثل سعادتكِ أنتِ!! تعرفين، على الأقل أمين سعيد، وهذا يكفيني ويكفيكِ.
- لأنه لا يعلم!
- لا يعلم كل شيء
- لا يعلم الأهم، وبذلك يكون لا يعلم! وليس لا يعلم كل شيء! لا داعي لأن نكذب على أنفسنا!
- قولي صحيح، ولستُ أكذب على أحد، اختاري بين أن يكون مثلنا وبين أن يكون مثلما هو الآن؟
- وهل تظن حقا أنه لا يعلم؟ أحيانا أشك في ذلك
- ماذا تقصدين؟ هل لاحظتِ شيئا؟ حدث شيء؟
- لا شيء ملموس... لكني أشعر أنه يعلم
- حدس؟
- لم يقل شيئا، لم يصدر منه شيء، لكن... لا أعلم... أشعر أنه يشعر بشيء
- إذا شعر، فأكيد من ناحيتكِ وليس من ناحيتي
- آسفة، لكني لا أستطيع السيطرة دائما
- لا أحد يستطيع ذلك، فلا تلومي نفسكِ
- أحبه
- أعلم، أحبه أيضا
- نعم، وتزوجتَه قبلي بقرون... وقفتُ على معنى ذلك السنوات الماضية
- يسعدني ذلك
- النساء مازوشيات أكثر من الرجال
- لستُ امرأة...
- لا أظن أني لو كنتُ مكانكَ، كنتُ فعلتُ مثلكَ
- وماذا كنتِ ستفعلين؟
- ليس عندي صديقة أحبها مثلما تفعل، ما كنتُ أخذتُ بالاعتبار ما ستشعر به
- وكنتِ عشتِ مع زوجها؟
- ما كنتُ سمحتُ بزواجه منها أصلا!
- وهل تتصورين أني كنتُ سأترككِ تواصلين معه لحظة واحدة بعد لقائنا؟ كسرتُ ساقي يومها لأنكِ خطيبة صاحبي ولو كنتِ خطيبة أحدهم ما كنتِ غادرتِ من عندي أبدا!
- و...؟
- ولا داعي لمواصلة أوهام "لو"!
- بالنسبة لكَ...
- ليس هروبا أو جبنا، لكن... لا أريدكِ أن تتألمي، هل تفهمين ذلك على الأقل؟
- لا تهتم لألمي... تعودتُ
- حوار غريب... كأغلب حواراتنا... من لا يعرف، يقول أن ذلك لا يقع إلا في الأفلام والمسلسلات، وحتى فيها، يلزم كاتبها وجود خيال واسع...
- نحن فيلم
- كل البشر أفلام
- ليس بهذه الصفة
- الأفلام أنواع، اختصاصات... دراما، حرب، خيال علمي، عنف... إلخ
- ونحن؟
- حقيقي وواقعي كفيلم بورن، وخيالي يتجاوز كل خيال
- أفتقد تلك الحوارات
- تزورينها أحيانا...
- نعم... كصغيرة تزور قبر أبيها أو كوحيدة تزور قبر حبيبها... لا أحد يجيب، لكنها تجد عزاء، فهل تلومها؟
- بالطبع لا... شريطة ألا تعيش في المقبرة وتتركَ حياتها تنساب بين يديها وهي تنظر باكية ما لن يوجد أبدا
- أفتقد صديقي
- الذي كنتِ تظنين أنه صديق... أدق
- ...
- لم نكن يوما صديقين! ربما أسبوع أو أسبوعان في البدء، لكن بعد ذلك... وذلك يؤلم!
- سيؤلمني ذلك اليوم
- لن يكون بحجم الألم الذي تعودتِ عليه لسنين
- عدني أن تساعدني
- لن أتأخر عن أي شيء يخصكِ... لكن كيف؟ هذا لو حصل أصلا ووُجدت تلك المرأة!
- إذا وُجدت ستكون قوية، وستُحبها
- أحبها؟
- وكيف ستقبل بأن تدخل عالمنا ما لم تكن كذلك؟
- قلتُ لكِ أني أشك في حدوث ذلك
- إذا حدث، يجب أن تساعدني!
- لن يتغيّر شيء بيننا
- سيؤلمني وجودها
- نعم... أفلام الخيال التي تكلمتُ عنها...! غريب جدا الذي تفكرين فيه وتقولينه الآن... الأغرب والأعجب منه! أني سأقول أني أفهم ما تقولين! وأعطيه كل الحق فيه! ولا تُعيدي عليّ قصة النساء مازوشيات أكثر من الرجال! أعدكِ أميرة!
- ملكة! لستُ أميرة! كبرتُ!
- حاضر... أعدكِ ملكتي!
- أريد أن أسبح
- البحر أمامكِ و
- لم يقلها! ككل أكاذيب العربان!
- البحر أمامكِ وأنا معكِ... أنا قلتُ... الآن
- أقبل... لندخل...
- أراهم قادمين
- لا تنظر إليهم، ولندخل بسرعة... لن أتنازل عن ذلك!
- حق مشروع، وأمرٌ قابل للتطبيق...
داخل البحر، بعيدا... عميقا...
- وإذا كانت معنا امرأة الآن، ولم تقبل؟
- وكيف ستكون، وهي لا تقبل؟
- ستُعلمها؟
- ما رأيكِ؟
- أمين لا يعلم
- ضعي نفسكِ مكانها، واختاري: يُعلمكِ أم لا؟
- لن أقبل بأن يحب أخرى!
- يحب أخرى ولن تستطيعي اخراجها من عقله، ماذا تختارين؟
- أنسحب
- تحبينه، لن تستطيعي ذلك
- أستطيع
- وجودكِ معي الآن يقول العكس
- قصتنا مختلفة
- نفس الشيء، أحبكِ، لكنكِ تحبين غيري
- أحبكَ ايضا!
- نعم، إذا وُجدت وأحببتها ستكون المعادلة نفسها... أحبها لكني أحب غيرها، ومثلما رضيتُ عليها أن ترضى وإلا كيف لها أن تدخل عالمي الذي بُني على ذلك؟
- ثقافة الثأر؟ تريد أن تتعذب مثلكَ
- لا أريد لها شيئا، سأصف لها الموجود، إن قبلتْ أهلا وسهلا، إن رفضتْ لن يبكها أحد! لكن إن قبلتْ، عليها احترام القوانين التي تُسير العالم الذي ستدخله
- إن قبلتْ؟
- واستحقتْ قبل ذلك... وتلك الأصعب عزيزتي
- لستُ مع أن تُعلمها
- لن أكذب! لماذا أخفي حقيقة تحكم عالمي؟ ولماذا أعطيها الفرصة لتُحاسبني وتُدينني؟
- فعلتَ مع أمين!
- فعلنا...
- نعم فعلنا!
- الذي حصل معنا، حدث دون علم منا، يوم اكتشفنا من نكون، كان كل شيء قد وقع، لم نُخطئ في شيء، ولم يكن أي مجال للتراجع، وقتها كان عالمنا لم يُؤسس بعد... مع هذه المرأة، إن وُجدت، العالم مُؤَسس وقائم، ولا دخل لها فيه وفي قوانينه وفي كيف وُجد... لن يتغير العالم من أجلها، إذا كان لأحد أن يتغيّر، أن يقبل، أن يتنازل، فسيكون هي لا عالمي...
- كيف لا تريدني أن أحبكَ أكثر وأنت تقول كلاما كهذا؟
- وصفتُ الواقع الذي عندنا، ولم أكن في حاجة لقول ما قلتُ، فمن المفروض أنها بديهيات تعرفينها، أم أنكِ كنتِ تظنين شيئا آخر؟!
- ...
- ما بكِ؟ سأستعجب إن كنتِ تظنين
- لم نتكلم منذ مدة طويلة، ولا شيء عندي! الضباب قد يحجب عني الأفق، هل تلومني؟!
- لن ألومكِ، لكن سأقول أنكِ صرتِ...
- ماذا؟
- غبية! لا أحد سيستطيع تغيير نظرتي إليكِ! أمين لم يستطع فهل ستستطيع هذه المرأة المفترضة! إن وُجدت أصلا؟! ثم... لا يُوجد أي شيء سيُضعفني في المستقبل ويجعلني أتنازل، حتى الأطفال لا أريد! أعطني شيئا واحدا قد يجعلني أتنازل؟
- أن تُحبها!
- تعتقدين أن ذلك يمكن أن يحدث؟
- ما المانع؟ أنتَ هكذا، تركيبتكَ هكذا، ومثلما قبلتَ أن تُحبَّ من تُحبُّ رجلا آخر، تستطيع أن تُحبَّ أخرى؟
- لا أعلم هل أصبحتِ غبية حقيقة، أم تحاولين العبث معي؟
- لستُ غبية
- قلتِ قبلتُ! لم أقبل! لم يكن عندي الخيار! اجبرتُ لأن في القصة أمين! ولو لم يكن، ما كنتُ سمحتُ بكل هذا أن يقع! لم أستطع ولن أستطيع غيرَ ما فعلتُ! وكل ذلك حدث دون أن أعلم! يوم علمتُ الحقيقة، يومها اجبرتُ على الخيار ولم أستطع! لستُ مثلكِ، لا أستطيع أن أحب امرأتين، عندي مكان لامرأة واحدة، والمكان أخذتْه منذ زمن مَن تعرفين! أما غيرها، إن وُجدتْ فستأخذ المكان الذي تستحق، لكنها لن تكون الملكة...
- ستكرهني إذن
- لن تستطيع، لأن مفتاح الدخول سيكون... أنتِ!
- غصبا عنها ستُحبني؟
- لا أحد سيغصبها... الطريق سيوصف إليها، وعند باب الدخول ستُعطى المفتاح. إذا أرادت الدخول، عليها بالمفتاح. إذا لم يُعجبها المفتاح، لن تستطيع الدخول...
- وأمين في كل هذا؟
- أمين سيكون مفتاح الخروج، إذا سمع منها شيئا، سيكون ذلك نهاية وجودها في عالمي! ليس مفتاحا، لنقل ساقا أحسن... ساق ستركلها لتُطرد من شباك!
- ومن ستقبل بهذه الشروط؟
- قلتُ أني أشك في أن توجد... وأرجو ألا تنسي أبدا ما قلنا اليوم... أنتِ وأمين عالمي الذي لن يتغيّر، لا يوجد إلا مكان واحد شاغر: امرأة، ولتأخذه عليها أن تلتزم بالقوانين التي تُسيِّره
- و... إذا كانت تريد أطفالا؟
- تبحث عن تيس في مكان آخر
- أمين يريد
- أموركما الخاصة، حلاها معا ولا تُدخلاني فيها
- تستطيع التأثير عليه
- أحب صاحبي وهو يريد!
- تحبني أيضا وأنا لا أريد!!
- عدم انحياز... أقف في الوسط!
- لا تريد الانجاب أنتَ، رأيكَ رأيي!
- ليست مسألة هامة الآن، لو كانت كذلك لكان ذكرها مرات ومرات، لكنه لم يفعل... لندع الأيام تمر ونرى
- لن أتغير
- لم أطلب ذلك
- بالمناسبة... هل لاحظتَ شيئا الآن؟
- ألاحظ ماذا؟
- أمين
- ما به؟ لم افهم
- لم يلتحق بنا
- ثم؟
- قلتُ لكَ أني أشعر أحيانا كأنه يعرف
- لا أعلم... ثم كان مع كنزة والايرانية وأكيد يتكلم معهما بما أننا هنا
- لا أعلم، ربما أكون مخطئة... لكن، ماذا لو كان ما أشعر به صحيحا؟
- لن يتغير شيء
- كذبنا!
- لم تخوني زوجكِ، لم أخن صاحبي!
- تحب زوجته! وزوجته تُحبكَ!
- ثم؟ حقا أصبحاِ غبية من الطراز الأول!
- ...
- متى حدث كل هذا؟!! عندما لم نكن نعلم! ماذا حدث بعد أن علمنا!؟ لا شيء!!
- والآن؟! ما الذي يحدث؟!! أنا وأنتَ هنا!
- رجل وامرأة يسبحان ويتكلمان بعيدا عن الهمج! فقط!
- فقط؟
- نعم! فقط! اتبعيني... لنخرج... اشتقتُ للإيرانية، وأنتِ؟
- أنا أيضا... كنزة لا تُطيقها
- نعم... عقدتُ معها صفقة لتقبل
- صفقة؟
- نعم عزيزتي، العالم كله يسير هكذا
- أي صفقة؟ قل
- وأنتِ من ستشترينها!
- أشتري ماذا؟
- ماكياج وعطر
- الآن فهمتُ!
- والدفع يكون نهاية الأسبوع القادم...
- ستُعاود المجيء؟
- لا، أنا عليّ ذلك، التسليم في منزل أخي، بعد مغادرة الإيرانية وسط الأسبوع
- ستعود إلى سويسرا؟
- هكذا قيل لي... لكن احتمال سوريا والعراق أو حتى نيجيريا يبقى واردا!
ثم حضرت وفاء... وكان حضورا غريبا، كأنها أُرسلت على مقاس عالمنا. لم أكن أنتظر أحدا وقتها، ولم أكن أبحث، لم أكن مهتما وربما كان ذلك لقناعتي باستحالة أن أعثر على من ستُعجبني أولا، ومن ستقبل بما عندي ثانيا خصوصا أنه لم يكن معروضا للتفاوض، والمكتوب على الباب وبالبند العرض كان: اقبلي أو ارحلي... لم يكن هناك خيار ثالث.
كنا في كارفور... طاولة وأربعة كراسي، ملاك بجانبي وأمين أمامنا، والكرسي الرابع بجانب أمين شاغر... كنا ننتظر ما طلبنا، وطال انتظارنا، وعندما وصلنا الدور، قمتُ مع أمين لإحضار أكلنا. وعند ذهابنا، حصلتْ بلبلة في الدور وفيما طلبنا، فضاع وقتٌ أمضيناه واقفين دون العودة نحو ملاك وانتظار الأرقام الجديدة التي أعطيت لنا ومتى ستظهر... أثناء ذلك، وما إن غادرنا الطاولة، جلستْ وفاء على الكرسي الذي كان شاغرا...
- صاحبكِ وسيم
- نعم؟
- قلتُ صاحبكِ وسيم، هل الآخر صديق؟
- ...؟!!
- كنتُ أنظر لكم... أراقب من هناك...
- ...!
- تعرفين رقم شرطة النجدة؟
- من أنتِ؟ وماذا تريدين؟
- قلتُ من أنا وماذا أريد! اسمي وفاء وأنتِ؟
- ...
- لم أقترف جريمة! لماذا تنظرين لي هكذا؟ ثم ماذا أفعل؟! أعجبني صديقكِ!
- ليس صديقي بل زوجي
- والآخر؟
- أعتذر، لكن ليس عندي مزاج لكل هذا... غادري أرجوكِ
- لا يوجد كراسي، وعندكم كرسي شاغر
- خذيه وغادري... رجاء
- وماذا سأفعل به دون طاولة؟!
- تريدين الطاولة أيضا! هناك أماكن شاغرة كثيرة...
- أريد هذا الكرسي وهاته الطاولة وأحدهما... الذي أعجبني قلتِ أنه زوجكِ، لا بأس أقبل بالآخر
- الآخر زوج أختي!
- تبا! حظي سيء! هل تعرفين وليا يفتح عقدة الحظ؟
- ماذا؟
- وليّ! وليّ صالح!
- ...
- لا تؤمنين بالأولياء؟! ستذهبين إلى جهنم! استغفري وتصدقي ربما يصفحون عنكِ!
- ...
- تستطيعين التصدق عليّ مثلا... أعرف أني كذبتِ عليّ! تصدّقي بأحدهما! لم لا؟ صدقة برجل! نجدد في الصدقات! وتكونين مواكبة للعصر... ما رأيكِ؟ أراهما قادمان... قولي الحقيقة، من منهما زوجكِ؟
- ...
عند وصولنا جلسنا في أماكننا، وعند جلوس أمين بجانب وفاء سأل ملاك عمن تكون، فأجابته وفاء...
- درسنا مع بعض في المدرسة، كانت صديقتي المفضلة... لم أصدق عندما رأيتها، كنتُ جالسة هناك... والغريب أنها نستني ولم تتذكّرني و... طردتني!
- نعم، يحصل معها ذلك أحيانا، خصوصا عندما تنسى تناول أدويتها
- مريضة؟
- نعم، أعصاب وبداية ألزهايمر
- ألزهايمر؟
- نعم، هناك نوع يمس الصغار
- أنا آسفة...
- نعم، أنا أيضا. إذن؟
- إذن ماذا؟
- من أنتِ؟
- قلتُ...
- نعم، سمعتكِ...
- هل أستطيع أن آكل من ذاك
- لا!! أنا جائع! ولا أريد أن أعطي من أكلي لأحد! هو أكرم مني، اسأليه هو، وإياكِ أن تسأليها فهي... مثلما قلتُ... تعالي، لنغير الكراسي... اجلسي بجانبه، وأنا سأجلس بجانبها... أحرسها... فربما... تعرفين... تقوم بـ...
ثم شرع يأكل بنهم ولم يرفع عينيه، ملاك بقتْ تنظر، أنا لم أنطق، ووفاء تكلمتْ...
- قالت أنكَ زوج أختها
- أحيانا تنسى... زوج أمها وليس أختها
- غنية؟
- ولماذا سأتزوجها إذن؟
- نعم منطقي... لكنك صغير!
- ليست بيدوفايل! تجاوزتُ العشرين! كلي
- نعم سأفعل، شكرا لك... ستطردني أنتَ أيضا؟
- أفكر في الأمر... إذا أكلتِ كل شيء سأفعل، أما إذا تركتِ لي حصة، ربما لا
- أنتَ لطيف، لستَ مثلها! شريرة!
- ليست كذلك، لأنها نستْ دواءها اليوم، وإلا عادتُها أن تكون ملاكا
- حظي سيء دائما! لكن لا يهم...
- محطة القطارات قريبة
- لا، ليس الآن! مازلتُ صغيرة! على الأقل أعيش خمسين سنة أخرى، وبعدها سأرى
- خمسين؟
- كثير؟
- قليل ظهر لي...
- تفضل... شكرا لك
- أكلتِ كل قطع اللحم!!
- وتركتُ لكَ كل الباقي! عوض أن تشكرني، تستغرب؟
- لا، عندكِ حق! شكرا
- وفاء، اسمي وفاء
- شكرا يا وفاء...
- هل تُدخن؟
- نعم، وتريدين سيجارة أيضا؟
- لا، حظي دائما سيء! حسب التقريب متى ستموت؟
- تقصدين الـ... السرطان؟
- نعم!
- لا أعلم بالضبط، لكن لنقل بعد أربعين سنة
- لا أستطيع القبول بأقل! خمسون أحسن، لكن أقبل بأربعين
- لم أفهم
- إذا طلقتَ أمها... أستطيع القبول بكَ
- ستموت قريبا، لا حاجة إلى ذلك
- لستُ مستعدة للانتظار!
- ولستُ مستعدا أن أخسر كل شيء! تموت، أرث، وبعد ذلك أرى!
- إذا كان الميراث يستحق، ربما أقبل، كم؟
- كثير
- أقبل إذن! وإذا أردتَ، خير البر عاجله
- لا! لا استطيع فعل ذلك، ثم ابنتها تسمع، وستتهمني إذا حدث لأمها شيء
- آه، الشريرة! عندكَ حق!
- جيد اتفقتا بسرعة...
- نعم... رأيتَ كيف تنظر لي صديقة ‍طفولتي؟ لا تزال تريد طردي... سأذهب، لا أريدها أن تغضب مني أكثر
- نعم... أظن أنها فكرة جيدة
- ستتصل بي؟
- بالتأكيد
- متى؟
- بعد، ليلا
- لا تعرف رقمي!
- نعم، صحيح
- أتركُه لكَ؟
- لم لا
- تفضل...
- هلـ...؟
- بابا
- قرأتُ له أشياء
- وما رأيكَ؟
- ابنته أكلتْ غدائي، وهو
- قل
- يأكل عقول المُغفَّلين
- رأيي أيضا... أشكركَ، والشريرة أيضا، وأنتَ؟
- اسمه أمين، و... الملكة اسمها ملاك.
- ملكة؟
- لم يُدرسوكم كيف تعرفون الملكات؟
- لم أفحصها لأعرف، والمكان لا يليق...
- عندكِ حق... غيرتِ رأيكِ؟
- في؟
- قلتِ ستغادرين
- نعم، نعم، وقلتَ ستتصل في الليل؟
- نعم، قلتُ... إذا صدقتُ...
- جيد، أريد أن أحمل معي... تلك
- ستغضب منكِ!
- أريد كولا
- لا يوجد على الطاولة غيرها... معضلة!
- الليلة إذن تدعوني لأشرب غيرها في مكان آخر
- مع غريب لا تعرفين عنه شيئا؟
- لستُ خائفة
- مثير...
في الليل، بعد أن اتصلتُ واتفقتا على أين ومتى... التقينا
- وصلتِ قبلي؟
- لا، أصل بعد نصف ساعة...
- ظريفة
- اجلس وقل لي أكبر سرّ تخجل منه ولا تريد أن يعرفه أحد؟
- عندي خصية واحدة!
- والأخرى؟
- شوتها لي جدتي عندما كنتُ صغيرا، وأنتِ؟
- أنا ماذا؟ لم يكن عندي خصي لتشوي لي منها جدتي!
- صحيح، عندكِ حق! كانت تستطيع أن تقطع وتشوي
- لو كنا في بلد آخر، بلدنا يُقطع فيه فقط للرجال! لذلك يُقال عنه أنه بلد النساء، تعرف ذلك؟
- نعم، وكيف يكون بلد رجال والقطع سار فيهم تحت، وأبوكِ يقطع فوق؟
- ماذا يقطع فوق؟
- أدمغتهم
- لطف منكَ... إذن مهتم بالفكر؟
- أقرأ
- موقفكَ حاد، ليس موقف مجرد قارئ
- "متطرف" أحسن... مثلما يقولون، وأنتِ؟ عمل، أموال، ملابس، سفرات، و
- المظاهر خداعة
- ربما، سألتُ فقط
- إذا كان سيريحكَ قليلا، طريق بابا ليس طريقي
- لا يهم حتى لو كان نفس الطريق
- يهم إذا كنتَ ستراني كل يوم حتى نهاية أيامكَ
- ربما... السر الذي لا تريدين أن يعرفه أحد؟
- ماذا؟
- نفس سؤالكِ
- لا يوجد ما أخجل منه
- ابحثي ربما يوجد شيء
- لا شيء عندي... ربما شيء في جسدي أرجو أن يراه رجل واحد
- خصية؟
- أسنان!
- اللعنة! أنتِ تقطعين معهم!
- نعم... لذلك يخافني الذكور!
- عندهم الحق! وكيف يكونون رجالا وهم بلا...؟
- قلتُ "‍‍ذكور" لم أقل "رجال"...
- نعم، لم أركز جيدا... رجل وذكور قلتِ
- عليكَ التركيز عزيزي، ربما يفوتكَ الكثير إن لم تفعل
- سأفعل... عادتي أن أكتشف الدرر بسرعة
- مثل ملاك؟
- لا أحد مثل ملاك
- صديقة قديمة؟‍
- أكثر
- هي وصديقكَ...؟
- نعم
- وأنتَ؟
- أنا ماذا؟
- عندما رأيتكم قبل أن تغادرا الطاولة، ظننتكَ وهي المرتبطان
- كنا نجلس معا، وأمين على الكرسي المقابل لنا
- ولذلك ظننتكما معا
- من قال منذ قليل أن المظاهر خداعة؟
- معكَ حق، لكن رأيتُ... لا يهم، قل لي
- ماذا رأيتِ؟
- أكيد كنتُ على خطأ
- ماذا رأيتِ؟
- امرأة مع زوجها وصديق، يُعرف الزوج ويُعرف الصديق بسهولة حتى من بعيد، لم أر ذلك... أكيد أبالغ وعلى خطأ
- لستِ على خطأ
- أي؟
- نحن أكثر من أصدقاء
- لم أفهم
- صداقة حميمة، تكامل، انصهار، ذوبان
- الذوبان يُقال مع حبيبة لا مع صديقة؟
- عندنا يُقال مع الصديقة
- والغيرة؟
- عندنا أيضا
- وما الفرق بين الزوج والصديق إذن؟!
- الجنس
- فقط؟
- فقط
- لماذا قلتَ كل هذا؟
- أعجبتِني، ولا أريد لا إضاعة وقتي ولا وقتكِ
- أعجبتَني ايضا، لكن ما قلتَه
- هو القانون الذي يحكم عالمي والذي لا يُمكن تغييره
- "اقبل أو ارفض"؟
- جميلة وذكية
- ...
- هل أغادر؟
- لا! لماذا تقول هذا؟
- خذي نصف ساعة أو ساعة... سأكون عند البحر... الكورنيش من جهة الجامع
- أذهب معكَ
- متأكدة؟
- لا
- في العجلة الندامة
- ربما أموتُ قبل انتهاء الساعة أو نصفها
- هل قلتُ أنكِ أعجبتِني؟
- نعم، وقلتَ ‍ذكية وجميلة
- لم أقل ذلك!
- قلتَ!
- قلتُ جميلة وذكية! لم أقل ذكية وجميلة!
- غفور رحيم ورحيم غفور؟
- نعم! ينزل عليّ من فوق!
- ولا يجب تغيير حرف فيه! فهمتُ
عند باب المقهى، اتصلتْ ملاك، فتكلمنا سريعا...
- ملاك؟
- نعم
- هل قلتُ أن حظي دائما سيء؟
- نعم، في كارفور، وظننتكِ تمزحين
- لا، لم أكن أمزح!
- الكورنيش؟ أم غيّرتِ رأيكِ؟
- الكورنيش...
- اتبعيني إذن... سأقود بسرعة
- في التأني السلامة
- لم أسمع، ماذا قلتِ؟
- قلتُ... أذهب إلى سيارتي، أشغل المحرك و... أتبعكَ
- جيد... ربما أحكي لكِ قصة عندما نصل... ربما
- أحب سماع القصص!
- لحسن حظي...
- وسوء حظي!
عند الكورنيش تكلمنا قرابة الساعة، ثم نزلنا نحو البحر. مشينا قليلا، ثم توقفتْ تنظر إلى البحر، فوقفتُ بجانبها...
- لماذا قلتَ لي كل هذا؟
- حاسة سادسة، ذكاء، غباء، سذاجة، مقامرة... خليط... كنتُ دائما واضحا، منذ البدء، لكيلا أندم، ولكيلا أخطئ فأُحاسب... أرى ذلك عدلا أُلزم به نفسي. لكن، لم يحدث ذلك في أول لقاء... ثم... أنتِ أول بشر يسمع مني كل ما سمعتِه عن ملاك
- لماذا؟
- ليس لأنكِ أعجبتِني... حصل ذلك مرات، لكن أول مرة أرى امرأة يمكن أن تدوم
- يعني؟
- ليست شهرا أو أشهرا... الحساب رأيتُه بالسنوات
- لم تقل حرفا واحدا عن أسرتكَ، أمك أبوك أخوتك إن كان عندكَ أخوة، بل فقط عن ملاك وأمين! ألهذه الدرجة؟!
- هما أسرتي الحقيقية، أسرتي أرى وأتكلم مع أفرادها في المناسبات، أحيانا نهايات الأسابيع... أمين وملاك يوميا على اتصال
- سأطلب طلبا ربما يكون الأخير...
- قولي
- ضع ملاك مكاني الآن، تريد نصيحتكَ؟ ماذا تفعل؟
- عليها أن تفهم جيدا ما يربط هذا الرجل بتلك المرأة وأن تسأل نفسها هل تستطيع قبول ذلك أم لا، إذا كانت لا تستطيع، سأنصحها بأن تبتعد عنه مباشرة
- وإذا قالت أنه يُعجبها؟
- غدا يُعجبها غيره، لن أرض لها أن تتألم إذا كانت غير قادرة على قبول تلك العلاقة التي... ستتواصل طول العمر
- شكرا لكَ
- على الرحب والسعة
- بماذا تشعر تجاهي الآن؟ في هذه اللحظة؟
- إعجاب، انجذاب كبير
- بعد كل الذي قلتَ؟
- إذا انسحبتِ سأحترم عقلكِ، وإذا واصلتِ سأحترم حدسكِ... في الحالتين سأكون رابحا
- ماذا ستربح إذا انسحبتُ؟
- نفسي لأني لم أخطئ لم أُخفِ شيئا، وقتي لأني سأكون ذكيا وستنسحبين في أقل من يوم وليس بعد أشهر أو سنوات، وقتكِ الذي لم أكن سببا في إضاعته، الليلة الجميلة التي أمضيتُها معكِ، الذكرى الطيبة لأني لا أتذكر شيئا تقريبا عن كل من عرفتُ...
- تمنيتُ لو لم تقل كل هذا! ليس الآن على الأقل!
- لو فعلتُ لكنتُ كمن يُغرقكِ في الديون لكيلا يترك لكِ أي خيار غير ما يريد، لستُ يهوديا.
- لا أريد أن أتوقف! لكن... ملاك! لم تُحبّ أي امرأة غيرها! الشرط الذي تضعه! الخط الأحمر الذي لا يجب أن يُتجاوز! أي امرأة ستقبل بكل هذا؟!
- تُحبين أباك أو أمك أو أخا أو أختا، أو صديقا أو صديقة، ما الفرق؟
- ما قلتَه ليس رحما ولا صداقة... المرأة الوحيدة التي أحببتَ ولا يكف ذلك! بل وستُحب طول عمرك! ملاك هذه، ضرة وليست أما أو أختا أو صديقة! بل أعظم! ربما يكون رجل ما متزوجا لكنه لا يحب زوجته أو يجب الثانية أكثر من الأولى!
- لا يوجد جنس
- وذلك يزيد الأمر سوءا! هل، هل تظن أنكَ يمكن أن تُحب أخرى أكثر منها؟ هل يوجد ذلك الاحتمال؟ الآن؟ في المستقبل؟ وإذا يوجد، كم نسبته؟
- لا أتصور أن ذلك سيحدث، لكن لا أستطيع الجزم
- غريب أمركَ! هذه ليستْ صراحة، هذا...!
- غباء... أعلم
- ضع نفسكَ مكاني وقرر!! أحب رجلا آخر، وسيكون الوحيد الذي سأحب، لكن!! اطمئن! لا يوجد جنس معه!
- لا أستطيع أن أضع نفسي مكانكِ، أستطيع ألا أخفي عنكِ شيئا وقد فعلتُ، أستطيع الالتزام بكل ما سنتفق عليه إذا كان شيء في المستقبل، لكن لا أستطيع أن أكون مكانكِ
- ...
- ...
- لا أستطيع! غريب أني الآن أتألم ولم أعرفكَ إلا منذ ساعات! بماذا سأشعر لو كانت سنوات!؟
- جحيم لا يُطاق إذا لم تفهمي، لكن لا شيء إذا فعلتِ
- الغريق يتشبث حتى بقشة! كل ما قلتَ غرقٌ، لكن لا أر أي قشة حتى لأخدع بها نفسي! ربما لو كنتَ الرجل الوحيد المتبقي على الأرض!
- تريدين واحدا فقط وليس الآلاف، عندما تجدينه تحبينه تريدينه، لن تنظري إلى كل رجال الأرض، سيكون عندكِ الرجلَ الوحيدَ الذي لم ينقرض... ما أدراكِ أن ذلك الرجل يقف بجانبكِ الآن؟
- تحب أخرى!
- ليست زوجة ولا عشيقة، امرأة عندها مكانة ما، كل شيء سيكون لكِ
- غريب كيف ترى كلامكَ منطقيا! "كل شيء"، لكن باستثناء العرش! حتى وأنتَ تمزح في كارفور قلتَ أنها "الملكة"، ليست أميرة ولا ملكة بل "الـ" ملكة!
- سأفتقدكِ... لن أندم على أي شيء، لكن، وهذا غريب عليّ وجديد عندي، لا شك أني سأفتقدكِ.
- لماذا تقول هذا؟
- قلتِ كل شيء. ستنسحبين...
- لم أقل ذلك!!
- ماذا قلتِ إذن؟
- قلتُ ليس هكذا! ليس في دقيقة! لا أملكُ المؤهلات لأقرّر في دقيقة!!
- تأخر الوقتُ كثيرا، هل تُريدين أنـ
- لا أريد! وجعتُ! لم أذق شيئا منذ قطع اللحم
- التي لم تتركي منها شيئا لي!
- أحسن أني أكلتها كلها! لستُ نادمة! فأنتَ بخيل، هل يوجد موعد لا تشرب فيه المرأة حتى الماء؟!
- عندكِ كل الحق، لكني أستطيع التدارك!
- كيف وكل شيء مغلق الآن؟
- أنا طباخ ماهر! وذلك يعني السرعة والجودة!
- هل أفهم أنها دعوة؟
- إذا أردتِ
- أريد! وعليكَ أن تُسرع قبل أن أسقط من الجوع!
أمضت وفاء تلك الليلة عندي، وعلمتُ أنها في الغد تعمل وعندها مواعيد تبدأ الثامنة ولا تستطيع حتى تأجيلها، بعد الرابعة صباحا... لم تقل، لم تقترح، ولم يمر ببالها أصلا فكرة أن تُغادر. وحتى عندما اقترحتُ أن تنام قليلا، وألا أفعل أنا فأستطيع إيقاظها قبل الثامنة، رفضتْ، وقالت أني مثلها عندي مواعيد...
السابعة غادرتْ، قالت أنها ستستحم ثم تُغيّر ملابسها، قبل الذهاب إلى عيادتها، وعند وصولها أمام الباب، توقفتْ وكنتُ وراءها بنية أن أفتح لها...
- سأكون حمقاء إذا تركتُ كل هذا يمرّ، لكني لا أريد أن أتألم...
- سأحترم قراركِ مهما كان... أشكركِ لأنكِ سمحتِ بكل الذي حدث منذ الأمس
- لازلتَ لم تعرف قراري بعد؟!
- عرفتُ، لكني أريدكِ أن تُفكري في الأمر، البارحة نظرتِ بميكروسكوب، الأيام القادمة أريدك أن تتمعني جيدا في البانوراما التي أمامكِ
- لن تتصل بي؟
- سأنتظر اتصالكِ بعد أخذ كل الوقت اللازم
- أول خيبة أمل تصدر منكَ
- لا أريدكِ أن تغادري أصلا الآن! أريد أن! لا تعرفين ماذا أريد أن أفعل بهذا الجسد الذي يقف أمامي الآن! لكن الأمر ليس ما أريد! أنا حقل الألغام ولستِ أنتِ، كل المشاكل فيّ وليست فيكِ، أنتِ من ستتنازلين ولستُ أنا! لذلك يلزمكِ وقت! لا أريد ذلك الوقت، لكن خذيه أرجوكِ، لن تقف الدنيا لأيام معدودة... البارحة، تكلمتُ عن سنوات، عن عمر... حتى إن رفضتِ، افعلي ذلك من أجلي، وإلى ذلك الحين، سأنتظركِ وسأفتقدكِ...
- طيب مثلما قلتَ... سأخذ الوقت اللازم وسأتصل... اعتن بالموبايل جيدا لأني أكره أن أتصل ولا أجد إجابة... يوما طيبا، سأغادر...
- يوما طيبا.
لم أبرح مكاني بعد أن أغلقتْ الباب، كان شعورا غلب عليه الغبطة والتعب. لم أشكّ ذرة في أنها ستكون المرأة التي أريد، لكني فكّرتُ في كل ما سيحدث مع ملاك والألم القادم لهما، ثم نظرتُ إلى أسفل وأغمضتُ عينيّ، وما إن فعلتُ حتى كدتُ أنام، لكن صوت الموبايل أيقظني...
- وفاء؟
- أخذتُ الوقتَ اللازم
- هل غادرتِ؟
- لا، لم أشغل المحرك بعد
- أسعدني اتصالكِ... أسرع مما توقعتُ بكثير، لكنه أسعدني
- هناك شيء لم يُسعدني أنا
- ما هو؟
- لم تُقبّلني
- لم يكن ذلك ليحدث قبل اتصالكِ، أما الآن وقد اتصلتِ، فأنصحكِ بالحذر الشديد في المستقبل... عالم غريب والمهووسون في كل مكان... يعني خوذة ونظارات وحماية للأسنان وهكذا
- حلبة ملاكمة؟!
- من المفروض لا، لكن مثلما أشرتُ... عالم غريب!
- جيد إذن أنكَ حذّرتني
- وجيد أنكِ ستحتاطين... لم يبق وقت، عليكِ الذهاب الآن...
- سأغادر... أنتظر اتصالكَ عندما تفرغ
- سأفعل... اعتن بنفسكِ
- أنتَ أيضا.
بعد شهر من يومنا الأول ذاك، كانت الثامنة والنصف ليلا تقريبا، فطُرق الباب، ففتحتُ، فإذا هو أمين... بقي أمام الباب واقفا ينظر لي...
- ادخل، ما بك تنظر لي هكذا؟
- وحدك؟
- ادخل
- دخلتُ... هل أنتَ بخير؟
- نعم
- أكثر من شهر الآن، لم تأت إلى المنزل، لا تتصل، ماذا يعني هذا؟
- لا شيء، انشغلتُ الأيام الماضية... عمل، تعب، ثم هناك وفاء
- هناك وفاء... نعم
- قل ما عندكَ
- ما عندي شيء، فقط جئتُ أسأل عن أحوالكَ
- و...
- تذكرتَها الآن... جيد أنكَ تذكرتَ... هي بخير... نعم بخير... أحيانا تغضب، وأحيانا لا تُكلمني، وأخرى يصبح المنزل مأتما.. نصوم عن الكلام أحيانا، وبالطبع الأكل ما دمنا صمنا حتى عن الكلام... يعني... بخير والحمدُ... تعرف لمن!
- لي؟
- لا، عندنا آلهة نحمدها مثلما تعرف!
- أنتَ غاضب...
- لا تنسَ الخوذة عندما تراكَ... ستُلقي عليكَ كل شيء تجده أمامها!
- انتظر! أين تذهب؟!
- وهل مازلتَ تهتم؟
- لا تكن سخيفا! من يسمعكَ يقول أني غائب منذ عشر سنوات!
- افعل ما تراه صالحا، لكن... لا يمكن أن تكون منا قرونا، ثم تنسحب هكذا! طيب دعكَ مني ولا تهتم... وملاك؟ هل فكّرتَ فيها؟!
- ...
- سأخرج... راجع نفسكَ، هذا كل ما أستطيع قولَه لكَ!
- ...
وغادر... كانت وفاء في غرفة نومي، وتعمّدتُ الزعم بأني وحدي، لتسمع ما سيقول، وكنتُ على يقين أنه سيذكر ملاك... وما إن غادر، حتى جاءت وفاء وجلستْ بجانبي...
- آسفة
- لماذا؟
- سمعتُ كلامكما، ولم أستطع الخروج لأُسلم عليه
- وما رأيكِ؟
- في ماذا؟
- ما سمعتِ
- لا يهم رأيي
- بالعكس، رأيكِ سيكون الفيصل هنا
- ولن تغضب؟
- لن يحدث
- كنتُ سعيدة، ثم... حضرتْ ملاك!
- عند الباب سألني هل أنا وحدي فأجبتُه نعم... تعمّدتُ ذلك، لتفهمي...
- لكنكَ مرات عديدة اتصلتَ واتصلا بك! كنتُ حاضرة!
- لم يكن ذلك مثلما اعتدنا
- هل أستطيع رؤية الموبايل؟
- تستطيعين كل شيء عزيزتي... تفضلي...
- آخر مرة اتصلتَ بها... منذ خمسة أيام
- نعم... أول مرة يحدث ذلك
- أجبني بصراحة
- وهل تظنين أن عندي غيرها؟
- هل تستطيع تركي الآن والذهاب إليها؟ الفكرة أقصد... هل يُمكن أن تحدث؟
- نعم، في حالات قصوى، لكن ليس الآن
- ما المانع؟
- أحاول وفاء، لكن لا أظن أني سأستطيع أكثر من هذا، ولا أريد! أعتذر، بصدق أنا آسف! لكني لا أستطيع أكثر من هذا!
- لم أُجبركَ على شيء
- نعم، ولا أريد رؤيتكِ تتألمين
- ولا تستطيع أن تراها تتألم...
- هناك صاحبي أيضا، فلا تنسي ذلك أرجوكِ
- ...
- حالي كذلك الشاب الصغير الذي حاول أن يستقل ولو قليلا عن أسرته، لكنه لم يستطع
- أ... أأأ... أظن أني سأذهب إلى منزلي
- لا تتركيني، ليس الآن! ارجوكِ
- لم تقل لي أنها تُحبكَ
- وفاء أرجوكِ! قلتُ ذلك أول ليلة عند الكورنيش قبل أن ننزل إلى البحر! قبل كل شيء قلتُ ذلك!
- لا! لم تقل!! قلتَ أنكَ أنتَ تحبها! فهمتُ أنكَ صديق مُقرب عندها! أكثر من اللازم، لكن ليس أنها هي أيضا تُحبكَ! لماذا لم يبقَ في عقلي إلا أنكَ أنتَ تُحبها لو كنتَ قد قلتَ لي؟!!
- لا أعلم! لكني قلتُ!!
- طيب لا يهم!! أسألكَ وتُجيب!
- كل شيء! اسألي كل ما تريدين!
- تُحبكَ؟
- نعم
- لا ترغب فيها أنتَ، وهي؟
- قلتُ لكِ كل هذا!
- هذه بالذات لم أسمع بها، أجبني؟
- نعم، لكن لم يقع بيننا أي اتصال جسدي حتى مجرد قبلة!
- وأمين يعرف كل هذا؟
- يعرف أني عندما تعرفتُ عليها، قبل أن أعلم أنها خطيبته، نعم. لكن بعد ذلك لا
- وهل يعلم أنها تُحبكَ؟
- لا، قلتُ لكِ أول لقاء بيننا أنكِ البشر الوحيد الذي يعلم، تذكرين ذلك؟
- نعم
- وهل ذلك يعني أن أمين يعلم؟
- لم تتكلم بوضوح!
- أعتذر عن ذلك، لكني أبدا لم أتعمّد إخفاء شيء عنكِ!
- أحبكَ لكن هذا كثير جدا!! تُحبكَ وتريدكَ! كيف تريدني أن أنظر إليها؟ وكيف سأتعامل معها؟!
- ما تشعر به يوجد داخلها!
- تذكرتُ! قلتَ لا يوجد جنس بينكما! هي يوجد عندها!
- رغبة مُحرّمة ممنوعة يستحيل أن تتجسّد، كبيدوفايل يمنع رغباته أو شخص مع محارمه! وجود الرغبة ليس مشكِلا، وما لم تُجسَّد فستظل قضية مَن يشعر بها لا مشكلة غيره، شخص ما يحبكِ ما مشكلتكِ أنتِ؟ وما مشكلتي؟!
- عندما يكون الحب متبادلا، ذلك ليس فقط مشكِلا بل مصيبة!!
بعد أربعة أشهر، كان باربكيو عند ملاك وأمين. كنا في الحديقة، ملاك ووفاء جالستان بجانب بعض، تشربان كل منهما عصيرا، تتكلمان وتضحكان. أنا وأمين، متكفلان بالشواء... أمين ينظر إليهما
- أين كنا وأين صبحنا!
- نعم
- أرجو أن يتواصل الودّ... وألا تُغيّر ملاك رأيها
- لن تفعل
- وما أدراكَ؟
- تهمها سعادتي
- لا أعلم، لماذا رفضتْها في البدء؟! وإلى الآن تقبلها على مضض!
- شخص رابع دخل بيننا... لا تلمها
- بيننا؟
- نعم، كنا ثلاثة، ووفاء رابعة
- نعم... أرى.
بعد ستة... وكان الصيف، يوم حار، وكنا على الشاطئ... قالت وفاء أنها تريد مثلجات، فاقترح أمين أن يُرافقها لشرائها، وعند عودتهما...
- أين ذهبا؟!!
- هناك... انظري يمينا...
- لم أرهما! كوكبة تسبح... لا يظهر منها شيء
- لا، بعيدا عن أولئك... إلى الداخل... هناك شخصان... رأيتهما؟
- انتظر... نعم... لا أستطيع تمييزهما من هنا
- ...
- والمثلجات؟ ستذوب!
- أكيد، ظنا أنكِ تريدين مثلجات لكِ فقط
- معقول ما تقول! أشتري لي ولكَ وهما لا!
- لا أعلم... قلتُ ربما
- طيب... لندخل... نلتحق بهما
- تعالي... اجلسي
- جلستَ... احرس أغراضنا، وأنا سأدخل
- حبذا لو لا
- ماذا؟!!
- نعم... اجلسي... أي نكهة تريدين؟
- ...!؟
- نعم... قلتُ... أي نكهة؟
- أأأ... شوكولاتة!
- تفضلي...
- شكرا لكَ!!
- ...
- لم أفهم!
- أنا أيضا أحيانا.
- ...
- تحبّينه؟
- نعم
- يحبكِ أيضا. أول مرة أراه مهتما هكذا، ربما لا يقول لكِ، لكن كوني متأكدة أنه يُحبكِ... نعرف بعض منذ أكثر من عشرين سنة...
- أعرف، لكنـ
- نكهة الفانيلا لذيذة أيضا... تريدين منها القليل؟
- ... أأأ... لا، شكرا...

__________________________________________________________________________
من يُتابع، سيُلاحظ أن مشاهد كثيرة، وكأنه قرأها أو رآها سابقا... ذلك تعمّد من الكاتب لعلّة في نفسه، وليس نقص "إبداع" أو "إلهام": كل القصص ستقود إلى... ملاك أي: (نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك). أيضا، هناك قصص نُشرتْ بين بعض فصول ملاك وانتهتْ بعكس... ملاك. وهناك قصص نُشرتْ وستُنشر بين فصول هناء، و... الغريب! أنها ثلاث قصص: إيمان وملاك الأولى التي أكملتَ قراءتها الآن، وملاكْ ثانية... أخرى، ستأتي. كل ذلك لعلّة في نفس من كتب.
تخيّل أنك دخلت بالصدفة، مرة، مقهى أو مطعم أو نزل أو... وأين جلستَ، توجد ثلاث لوحات كبيرة -أو تماثيل-، واحدة لعروس بحر، الأخرى لملاك، والأخيرة لشيطانة: لا أحد سيدخل المكان ولا يرى الثلاث! وإذا تكرّر دخوله، أول شيء سيبحث عنه، أن يرى اللوحات. وشيئا فشيئا، سيسجّل مخه "غصبا عنه"، أن ذلك المكان... مكان اللوحات الثلاث، أي: ليس مقهى كذا أو كذا، بل مقهى عروس البحر والملاك والشيطانة... هذا الموقع الفرعي، مقهى أو مطعم، سترى فيه الكثير، لكنكَ إذا تابعتَ، "غصبا عنك" ستتذكّر اللوحات الثلاث مع كل ذكرياتكَ فيه...إذا تابعتَ، ستجدهن في كل مكان وزمان، منذ بدايتي في هذا الموقع، إلى أن أغيب عنه...
أُنسب إلى نساء كثيرات... أم، جدات، أخوات، خالات، عمات، بنات أخوة وبنات أخوات، بنات خالات وعمات... اللعنة! ما أكثرهن! حتى اسم بلدي مؤن! واللعنة مرة أخرى! لم أختر أيا منهن!! كلهن دون استثناء!! ملاك، إيمان، بسمة... اخترتهن.
ربما يكون هذا، توضيحا أخيرا لما أكتب... ومع كل تلك التعليقات والردود مع تلك التي تُحب إيمان، أكون قد أعطيتُ تقريبا أغلب المفاتيح... طبعا لن تحمل لبلدك التكنولوجيا النووية هذه "المفاتيح"، ولا لمجتمعك التحرر من الجهل والظلامية، لكنها ربما قد تحمل إليكَ "شيئا"، قد يفيد ولو قليلا... ربما. لكن، لا تنسَ أني قلتُ مرات أن هذه القصص لي: أي لمتعتي الشخصية أولا، بعكس المقالات، وكرسائل في زجاجات تُلقى في البحر، وهو فعل لا يفعله إلا معتوه! ومن... لا يهتم أصلا لمصير تلك الزجاجة.
أختم كما بدأت في مقدمة الجزء الأول، مهما كان موقفكَ، وإن رأيتَ أن كل هذا، هراء! وأبدا لن تضيع وقتكَ الثمين مع هذا "الكاتب"! عندي حقيقة لن تستطيع حتى التفكير في إنكارها: بشر يتّقد حياة يوجد وراء كل هذا، وليس... خوارزميات!



#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاك أولى 1-2
- البيدوفيليا وحكم الإعدام... تأملات...
- عن -الأول في فصله-...
- إيران وإسرائيل: أما آن لحكم البدو أن ينتهي؟!
- هناء 5
- هناء 4
- إيمان
- ما معنى أن (الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع)؟!
- هناء 2-2 (+)
- هناء 2-2 (-)
- هناء 1-2
- أميرة
- أُمَّةُ القضيب... شذرات عن الوطنية في المنطقة المقدسة العروب ...
- قاتم (9) هوس
- قاتم (8) أحلام
- مرارة الحقيقة...
- الإلحاد والملحد والوطنية (1)
- قاتم (7) ...
- عجائب من موقع الحوار
- هرطقات في هيكل العروبة (3): عن الثقافة والمُثَقَّف


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - ملاك أولى 2-2