أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - عن -الأول في فصله-...














المزيد.....

عن -الأول في فصله-...


أمين بن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 18:14
المحور: كتابات ساخرة
    


الأول في قِسمه أو فصله، هو ذلك التلميذ النجيب الذي يحب معلمتَه، يسمع لها بانتباه، ويحفظ كل ما تقول. وعندما تسأل لتختبر، يكون أول من يرفع يده صارخا: "ثَتِي ثَتِي ثَتِي" وعندما يتعلم نطق السين: "سَتِي سَتِي سَتِي"، فيُجيب بكل ما قالت ودرّست آنسته.
الأول في قسمه، لا يُحب المشوّشين، ومن لا يسمعون ولا يهتمون لأنسته، وعادتُه أن يشي بكل من يخل بالنظام في الفصل أو بسير الدرس. ويفعل ذلك أحيانا خلسة، أي يذهب لآنسته مشتكيا المشوّشين فتكافئه بالتربيت على رأسه أو بابتسامة تجعله يرى نفسه الوحيد من يسكن الأرض، وأحيانا أخرى يشتكي أمام كل الفصل كأن تكون آنسته تكتب شيئا على السبورة وأحدهم يلقي عليها شيئا، وفي موقف كهذا آنسته تُشيد به وتدعو رفاقه في الفصل إلى أن يتخذوه أسوة لهم.
الأول في فصله، عندما يقف في ساحة المدرسة مع رفاقه، عادته ألا يراهم، فهو المميّز عند آنسته. عندما يلعب معهم فيخسر، وعندما يضربه أحد التلاميذ، أو عندما يصطف ضده زملاؤه ويتركونه أو لا يلعبون معه، يفكر مباشرة في آنسته، لكنه يخجل من نفسه لأنه لا يستطيع أن يشتكي أصدقاءه والمسألة لعب أو ضحكة أو مجرد سخرية تحدث عند كل أطفال الأرض... لكنه، لو استطاع ولم يخجل لاشتكاهم.
الأول في فصله، يحصل على أحسن النتائج، وعادة ما يكون من الأوائل. لكن تميزه يتوقف عادة على الدراسة، وخارجها لا يستطيع شيئا، فيُقلقه ذلك، لأنه سيحتاج إلى زملائه؛ كأن يُعلمه أحدهم سياقة دراجة أو يُريه مكانا جميلا في المدينة لا يعرفه، أو يُعطيه آخر من لُمجته اللذيذة...
الأول في فصله، "أولٌ في فصله" أيضا في منزله، وسلوكه مع رفاق فصله يكرره مع أخوته، فيخلق له القلاقل، ويأخذ من طاقته الكثير خصوصا إذا كان أخوته متميزين. موقف الأب والأم معه عادة ما يكون نفس الموقف مع كل الأطفال: "لستَ مركز الكون، نحبكَ لكن نحب أخوتكَ أيضا، أنتَ مميّز، لكن أخوتك مميزون أيضا!"، لكن تبقى المشكلة مع "آنسته" لأنها تحبه أكثر من رفاق صفه، وتميّزه عنهم. يصل الأمر أحيانا إلى أن يشتكي "الأول في فصله" أبويه إلى آنسته، فتتصل بهما وتلومهما، وتشرح لهما ما جهلاه من تميّز ابنهما ومشروعية تمييزه... وأحيانا، يقبل الأبوين بقول آنسته، بل ويخجلان كل من نفسه لأن ذلك الأمر العظيم جهلاه، فيشكران آنسته، ويعتذران من "الأول في فصله" الذي وقتَها لن يرَ نفسه الساكن الوحيد للأرض فحسب بل لكل المجرة والكون والأكوان...
الجنس اللطيف من معضلات الأول في فصله العظمى! وعادة ما يكون أو يرتبط بـ "أولى في فصلها" أيضا، لكن ما لم يكن محظوظا وحدث معه ذلك، تبقى المسألة معضلة كبيرة عنده؛ فهو يرى نفسه المميَّز والمختار ويجب على كل الفتيات أن يتهافتن عليه، لكن ذلك لا يحصل، وغيره من "المشوشين" يحظى بهن كلهن! يثير فيه ذلك شعورا بالسخط والغضب على كل من يحيط به، ويصل به الأمر أحيانا إلى الانعزال في دراسته أو عمله، مدّعيا أنه لا يحتاجهن وأنهن لسن أهلا لاهتمامه، وقد يصل به موقفه ذاك إلى قرار الانتظار: "نعم! لن أتنازل! لن أكلمهن! من تستحقني حقا ستعرف وستأتي بمفردها! لن ترَ كل رجال الأرض بل ستراني وحدي! وإن لم تفعل فلتذهب إلى الجحيم! لستُ في حاجة إليها! الوحدة أرقى وأفضل من رفقة سيئة!" و... عذرا... يقول ذلك حتى عندما يُفرغ خصيتيه وحده في حمامه... مسألة الجنس هذه ليست سهلة بالمرة، وقد يصل الأمر أن يدّعي الأول في فصله أنه "يصون نفسه" إلى من تستحق، أيْ ذكر ويفتخر بأنه... هل يوجد مرادف لـ "عذراء" عند الذكور في كل لغات الأرض؟
أشياء كثيرة تصنع عالَم الأول في فصله، وتُؤثّر فيه، لكن الأصل الأول يبقى "آنسته"، ليس أمه وأبيه، ليس أخوته وأصدقاءه، ليس كل التجارب التي عاشها، بل الأهم يبقى حتى نهاية حياته... "آنسته"! وإلى أن يرحل عن هذا العالم سيبقى رافعا يده صارخا لكليلا يُسمع إلا صوتُه: "ثَتِي ثَتِي ثَتِي"!
الذي مرّ، سخرية تصل العظم، من كل الأوائل في فصولهم الذين تراهم في كل مكان... من المدرس البسيط في مدرسة أو ثانوية إلى من حصل على نوبل، مرورا بكل الشهادات الكبيرة التي ربما لا تزال تقيم لها وزنا، وتظنها حجة ومرجعية وأصولا تدعم وتُسند ما يقول ويكتب أصحابها من أوهام وترهات وخزعبلات. هؤلاء الأوائل سيدعون أنهم -العلم- و -الفلسفة- و -التاريخ- و -الفن- و -الاقتصاد- ووو! بل قد تشعر أحيانا أن الله قد تجسّد في أحدهم! لا تنخدع فليسوا شيئا غير ببغاوات يرددون ما لقّنتهم "آنستهم"!
جادت القريحة بهذه العجالة، بعد أن قرأتُ وعلّقتُ على مقال لأحد "الأوائل في فصولهم"، الذي يُردد بالحرف ما تعلّم من "آنسته"، يذم "المشوشين" ويلومهم على عدم احترام آنسته وفصلها ودرسها...
أخيرا! سؤال مشروع!! هل أنا "أوّل في فصلي"؟!! وأقول: Guilty!! مع ملاحظة بقتْ في البال كتبها في بطاقة النتائج أستاذ الرياضيات ورفض تغييرها: "تلميذ ممتاز لكنه قليل التربية"... وكانت شعبتي... رياضيات.



#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران وإسرائيل: أما آن لحكم البدو أن ينتهي؟!
- هناء 5
- هناء 4
- إيمان
- ما معنى أن (الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع)؟!
- هناء 2-2 (+)
- هناء 2-2 (-)
- هناء 1-2
- أميرة
- أُمَّةُ القضيب... شذرات عن الوطنية في المنطقة المقدسة العروب ...
- قاتم (9) هوس
- قاتم (8) أحلام
- مرارة الحقيقة...
- الإلحاد والملحد والوطنية (1)
- قاتم (7) ...
- عجائب من موقع الحوار
- هرطقات في هيكل العروبة (3): عن الثقافة والمُثَقَّف
- الإلحاد والملحد: رفض المقارنة مع الدين والمؤمن!
- الإلحاد والملحد: -التكبر على خلق الله-؟ سامي ال‍ذيب -حاكم تف ...
- هرطقات في هيكل العروبة (2): وهم تحرير المرأة -العربية-


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - عن -الأول في فصله-...