أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 17:15
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
هذه رسالة مباشرة إلى هيئة تحرير الحوار المتمدن،: قرأتُ بعض تعليقات تقول أن بعض ما يقع في الموقع يحدث دون علم واطلاع "البوص" الذي لا يُلام، لاستحالة إمكانية أن يطلع الجميع على كل شيء، والموضوع كان بعض التجاوزات التي تخص منع نشر بعض التعليقات بدون وجه حق: أنطلق من الذي قيل، أي أن هيئة التحرير مع حرية الرأي والنشر دون شك في ذلك، وأتكلم عن نقطة يعرفها جيدا ولا مجال للقول أنه لم يطلع عليها، وهي خاصية منع التعليقات التي تُعطى للكتاب دون أي وجه حق، والتي أقترح وأُطالب بسحبها ومنعها، أي أن يكون للكاتب إمكانية واحدة وهي النشر، ولا إمكانية لا لمنع التعليقات بالجملة منذ نشره لمقاله، ولا بعد ذلك.
1- الذي يكتب وينشر، يريد أن يُشارك الآخر ما عنده، أن يُقنعه به، ويتعدى ذلك إلى مطالبته بطريقة غير مباشرة إلى نشر تلك الفكرة واطلاع غيره عليها، والهدف الأسمى أن يقتنع أكبر عدد بها، وأن تهيمن تلك الفكرة على غيرها من الأفكار، إلى درجة أن تُغيّر مجتمعا ومجتمعات، وأن تحكم! الذي ينشر مقالا، يمكن اعتباره كرجل سياسة، هدفه -بعد شعاراته الرنانة- السلطة والحكم: المعادلة رياضية هنا، منع التعليقات= هذا دكتاتور دموي! دكتاتور لرفضه سماع رأي الآخر، ودموي لأن منع نشر الفكرة في الموقع= قتل صاحبها، وكل كاتب أو معلق هنا هو مجرد فكر ولا أحد يهمه في شيء أموره الشخصية.
2- كل من يكتب وينشر، يقول بفعله ذاك أن عنده شيء/ فكر/ فلسفة/ بضاعة تستحق، وفي سوق الأفكار لا يُمكن بأي حال منع السؤال عن تلك البضاعة ونقدها وتبيين فسادها إن وُجد، من يمنع كل سؤال عن بضاعته؟ على رأس القائمة يأتي الله، ثم أنبياؤه، ثم الحكام بالحديد والنار في كل المجالات كالسياسة والحكم وأيضا فيما يخص العلوم كفرض "حقيقة" علمية مزيفة مثلما وقع أيام الكوفيد، أو تاريخية مثل الهولوكوست، والفلسفة مثلما ما وقع على الشيوعيين أيام المكارثية... سؤالي هنا: هل من يمنع التعليق الله؟ نبي؟ حاكم؟ والجواب قطعا لا فلا هو إله ولا رسول ولا حاكم، من الحاكم هنا؟ الجواب: الأخ عقراوي! فلماذا تسمح بأن يظن هؤلاء الكتاب أنهم فوق كل نقد وكأنهم آلهة وأنبياء وحكام دول متخلفة؟ ألا ترى معي أنكَ دون قصد تصف الموقع بالتخلف والرجعية؟
3- (الكاتب-ة لا يسمح بالتعليق على هذا الموضوع)= تخيّل القادم وهو تجسيد وترجمة حرفية! شخص يقف في ساحة عامة مدعيا أنه "لا قبله ولا بعده"، وأمامه الآلاف مقيّدين ومكمّمين! ساحة عامة: زيارة الموقع مجانية وللجميع، لسنا في موقع لا يستطيع دخوله إلا مشتركون فيه. هل هذا اسمه حرية وعلمانية أم عبودية؟ وجود هذه الخاصية التي تُعطى للكتاب تجعل منك عزيزي عقراوي من أحفاد فولتير... الذي تُنسب إليه زورا تلك المقولة التي لم يقلها أبدا، والذي كان تاجر عبيد!
4- موقفي الشخصي من كل كاتب يستعمل هذه الخاصية: يستحيل أن أقرأ له! وكائنا من كان، لا يستحق! مرات قليلة جدا، أخطأتُ وقرأتُ قبل أن أرى هل يمنع التعليق أم لا، وندمتُ ولا أزال نادما! لماذا لا يستحق؟ قد يكون مقاله فيه أشياء مهمة ونافعة صحيح، لكن كل ذلك يسقط بكونه دكتاتور دموي: وكيف تكون أفكاره جيدة وهو يرفض الاعتراض عليها؟ الجيد والنافع تعرفه بالمقارنة وبالعراك الفكري وليس بتقديمه وكأنه كتاب قادم من عند إله وممنوع مناقشته! ثم حتى لو كان ما يقوله جيدا، فبمنعه للتعليق يكون يقينا غير مستحق لتمثيل ذلك الفكر ونشره: هذه دعوة مباشرة وصريحة لكل زوار الموقع: لا تقرؤوا لهم! إنهم لا يستحقون!
5- منع التعليق احتقار وتعالي، لأنه لا يهم من يفعل ذلك رأي المخالف أصلا. أيضا إيمان صريح بحقيقة "مطلقة" لا تُناقش، فالذي يكتب شيئا يكون مقتنعا به، لكن بمنعه للتعليق يكون اقتناعه لا ذرة شك فيه، وهذا اسمه أولا حقيقة "مطلقة"، وثانيا جبن علمي وفكري. الأول يُعيدنا إلى منطق الأديان والموقع ليس دينيا، الثاني يؤيد فكرة عدم استحقاق الكاتب أن يُقرأ له: لا مشكلة في أن أكون مقتنعا بفكرتي، لكن كيف أرفض مناقشتها وأنا سأكون رابحا في كل الاحتمالات: إذا لم يستطع أحد نقضها أكون قد أكدتها ووثقتها أكثر، وإذا دُحضت سأفرح!! بل سأجثي على ركبتي تقديرا واعترافا بجميل من أنقذني من وهم أو سجن عظيم كنتُ أظنه حرية وكرامة! هذا اسمه "التفكير/ المنهج العلمي" الذي لا يُمكن بأي حال أن يُنسب للدكتاتور الدموي!
6- الشتائم والهجومات على الكاتب... قد يقول قائل أن الكاتب من حقه أن يتجنب وجع الرأس، أو ليس عنده وقت للرد وغيرها من التبريرات الواهية. وأقول إذا لم يكن عنده وقت، لم يُجبره أحد على الرد: رأيه قاله في المقال ولا وقت عنده ليُتابع التعليقات، أقول من حقه ذلك ولا لوم عليه، لكن ليس من حقه منعها! أما قصة وجع الرأس والكاتب حساس وهناك مغرضون يُريدون احباط معنوياته، فهذه تُضحك الثكلى! أنتَ في الواجهة عزيزي واخترت ذلك بمحض إرادتكَ، أنت تدعي أنك الحل والعقد، فكيف يكون ذلك وأنتَ ترفض أن تُشتم أو يُغلظ عليك؟ هل يُعقل أن تكون شرطيا ومع أول صعلوك يشتمك تُطلق عليه الرصاص؟ هل يُعقل أن تكون طبيبا وترفض معالجة وإنقاذ مريض سبك أو لم يحترمكَ؟! الذي يفعل هذا، سيُطرد من عمله لعدم كفاءته وافتقاره للمهنية، وإن كان طبيبا ربما يقوده فعله إلى السجن كمجرم لم يُنقذ طالب مساعدة حياته في خطر! دليل آخر أن كاتبا كهذا لا يستحق أن يُقرأ له وأن يُمثل الفكر الذي ينشر...
7- ينشر الموقع مقالات فيها أشياء أقل ما يمكن أن توصف به أنها خزعبلات وهلاوس مضحكة، مثال ذلك ما يكتبه بعض المتدينين وكلامهم لا شك أنه حتى أغلب أبناء ملتهم سيرفضونه! السماح بمنع التعليق استفزاز كبير جدا لمن يُريد الرد على تلك الهلاوس، ولا يمكن بأي حال أن يوجد له تبرير!
8- رد لن يتأخّر: أولا هذه حرية تُمنح للكاتب، وثانيا التعليق ممنوع؟ تستطيع كتابة ليس مقال بل ألف مقال! والجواب عن أولا، إضافة إلى كل ما تقدّم، أن مفاهيم من يقول ذلك عن الحرية يجب عليه تصحيحها حتى -ولنمزح- ماركسيا! أين الجدلية هنا؟! ما يُنشر فوق (المقال) لا يوجد تحته شيء (التعليقات)؟! الحرية يجب أن تكون لصاحب الفكرة ولمن يريد نقضها وليس له وحده! وعن ثانيا، صحيح يمكن الرد بمقالات، لكن ماذا عن المعلقين؟ وماذا عمن يرى أن الرد لا يستحق مقالة بل مجرد تعليق يكفي؟ ... كلها حجج واهية، تزيد في غرق هذا الخاصية وكل من يستعملونها!
9- الكاتبات الآن... ينطبق عليهن كل ما قيل، لكن هناك شيء يخصهن وهو أن الأخ عقراوي رجل! ألا ترين في منحكن هذه الإمكانية (منع التعليق) نظرة أبوية باترياركية معيبة لكن؟ كأنه يقول أنكن "ضعيفات/ حساسات/ لن تستطعن مواجهة المشاكسات مثلما يستطيع الرجال... إلخ"... لم أقل أنه "قال"! بل قلتُ... "كأنه"! وبعض الظن إثم مثلما تعرفن...
10- من قناعتي "المطلقة" بأن الحرية أعظم قيمة، وبأنه يستحيل أن يكون تقدم وكرامة دونها... من عدم جهلي أن "مطلقها" و "مثاليتها" وهم، وعلينا جميعا أن نعلي من سقفها ما استطعنا... أقترح وأطالب بحذف إمكانية منع نشر التعليقات أصلا! وما تواصل وجودها، ستظل نقيصة بل ومسبة تنسف نسفا كل الشعارات التي يرفعها الموقع.
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟