أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمين بن سعيد - الجبن محرك للتاريخ















المزيد.....

الجبن محرك للتاريخ


أمين بن سعيد
(Amine Ben Said)


الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 18:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الهروب من مواجهة خصم سياسي/ أيديولوجي مواجهةً نزيهة جبن، جبن قد يؤدي إلى تصفية الخصم، وتلك التصفية قد تقلب التاريخ رأسا على عقب... بورقيبة فعل ذلك مع بن يوسف، ولولا ذلك ما كانت تونس المعروفة اليوم. يقول البعض، وعادة مَن اكتشفوا حقيقة هوية التونسيين، أن الشعب التونسي له خصوصيات تميل إلى الانفتاح، ذلك ما سهّل على بورقيبة ما فعل، لكن هذا القول يسقط بالمقارنة مع الأخوة في الهوية والجغرافيا كالجزائريين والليبيين والمراركة.
لماذا أطلقتُ على بورقيبة صفة الجبن؟ لأنه، بعكس ما يتصور الكثيرون، مسلم وعروبي... مستنير أو غير ملتزم بتعاليم الدين أو غير تقي سمّه ما شئت، لكن رجاء لا تقل "ملحد" فتسقط في السفه... ملحد بالمعنى الديني نعم، أي حاد عن طريق الرؤية الرسمية/ الحاكِمة، أما ملحد بمعناها المعروف اليوم أي لا إله فهذا لا يقوله من يعرف الحد الأدنى من تاريخ هذا البلد. بورقيبة كان جبانا أمام بن يوسف، وجبنه شبيه بجبن تلك التي تقول لا خمار في الإسلام أمام من تغطي رأسها أو كل جسدها.
أيام أكذوبة الكوفيد، لم يشهد أي مكان على سطح الأرض مناظرة بين أصحاب الرواية الرسمية (غول سيُفني البشرية والحل الوحيد حُقن هي المسيح الموعود) ومخالفيهم (مرض بسيط يُعالج كأي مرض والحقن سموم وأسلحة بيولوجية)... محاولة 2009 (A H1N1) لم تنجح، لأن المعارضين كان لهم صوت، والشعوب سمعتْ في إعلامها الرسمي الصوت الآخر، ولذلك مثلا في بولونيا كانت نسبة الحقن 0، ورفض وزيرها الأول Donald Tusk شراء الحقن وقال أن من أسباب الرفض أن شركات الأدوية ترفض كل مسؤولية عن الأعراض الجانبية وتريد أن تتحمل حكومات البلدان تلك المسؤولية، وهو ما فُرض على كل حكومات الأرض أيام الكوفيد، أي وأترجم: نصنع مرضا من لا شيء، الأرض لا تقول شيئا والمرض موجود فقط على شاشات القنوات، ثم نصنع له حقنا لم تُجرب حتى على الفئران، في وقت قياسي، ونفرض على كل الأرض أن تلك الحقن هي الحل الوحيد، أما الأعراض الجانبية فتتحمل مسؤوليتها الحكومات... أي وأزيد في توضيح الترجمة: نفرض على الحكومات أن تشتري سموما بمليارات الدولارات، ولا ندفع أي سنت تعويض للمتضررين، من يدفع؟ الدول، أي بمال الشعوب نعوض من تضرر بسمومنا من تلك الشعوب... لمن لم يفهم، هذا اسمه عبودية، وكل مغيب لم يستيقظ إلى الآن، عليه أن يفعل، خصوصا إن كان طبيبا أو له أي صلة بمجال الصحة: خدعوك فقالوا أن ذلك "علم" و "تكنولوجيا"، ذلك كان حربا على كل شعوب الأرض من شرذمة لا تعترف لا بأوطان ولا بأيديولوجيات. العجب هنا، من اليساريين، وخصوصا الماركسيين في منطقتنا، كيف بلعوا الطعم وقبلوا كل الإجراءات الإجرامية في حق الشعوب، وبعد ذلك يظنون أنفسهم يحاربون رأس المال! عذرا، لكن لو كان الجهل والغباء بشرا لأكلتُه نيئا!!
من المثالين السابقين، نرى بوضوح كيف يحرك الجبن التاريخ، وكيف كان الجبناء الأقوى والمنتصرين... ومنهما أيضا، نرى سفه الفضيلة والشرف والمبادئ! التاريخ صنعه الكذبة والمنافقون والجبناء، هذه هي الحقيقة! انظر إلى الدين مثلا، إلى اليوم يستمر وجوده حتى في الغرب، برغم أن بذرة منطق تُفند كل مزاعمه! انظر إلى الأيديولوجيات، كلها ولا استثناء، كلها عفنة الأصول ونتائجها تقطع بأنها لا يمكن أن تحكم البشر وتحقق كرامتهم، لكن الملايين لا يزالون يؤمنون بأنها الحل الوحيد... وهذا مؤسف حقا!
لنسخر الآن قليلا من أصحاب المبادئ، وأزعم أني منهم، ولنسأل: هل المثال الأول يعني أني أساند تاجر الدين بن يوسف ضد بورقيبة؟ والجواب قطعا لا، بل سأقول أني معترف بالجميل، فلولا بورقيبة لكانت تونس لا تختلف في شيء عن الجزائر أو المروك اليوم، وأقصد الجانب الديني والعروبي، ولا شك أن تونس اليوم "أهون" بكثير خصوصا فيما يخص الدين. قولي هذا يعني أني أبارك جبن بورقيبة، بل أستطيع أن أجد له كل التبريرات، فأنت لا تستطيع منازلة من يستعمل سلاح الدين أمام شعب مُغيَّب، ستخسر لا محالة، ليس لضعف حججك بل لغباء ولسفه من يسمع! ولذلك يجب عليك أن تبحث عن أسلحة خارج حلبة الدين، فالدين يشبه أرنبا يتحول إلى ديناصور بغباء من يؤمن به، أنت تراه أرنبا وتستطيع سحقه في لحظة، لكن شعبك يراه ضخما وقويا سيفترسك لا محالة... عندما تنافق الدين، أنت تجبن أمام أرنب، فلا تظنن أنك أمام ديناصور وإن رآه كذلك شعبك! واقع مزيف يراه ذلك الشعب، فلا تجعل من عماه شماعة تختفي وراءها: أنت جبان! والجبن لا يمكن أن يكون فضيلة! لكنه مع الفكر والأيديولوجيات يصبح براغماتية وعلوما سياسية!
كل البشر تقريبا يحبون الجبن، وقلة منهم من لا يفعلون... الجبن يدخل في الأنظمة الغذائية لكل البشر تقريبا، وقلة منهم تقتني أبهظ الأجبان، ومثلما هو معلوم، هناك أنواع وماركات كثيرة... لكن الجميع تقريبا يأكلون الجبن، ويحبون طعمه، واستعمالاته كثيرة مثلما هو معلوم، لكنه ومهما كان استعماله أو ثمنه أو من يأكله، يبقى جبنا... ولا فرق بينه وبين الجبن المُتكلَّم عنه في هذا الحديث: المحاضر الجامعي الذي يدرس الأكاذيب، برغم علمه بها، يلقي درسا على ابنه بخصوص الشجاعة: إياك أن تجبن! أريدك أن تكون "رجلا"... مثل أبيك!! ويوم يخاف ذلك الطفل من زميل في المدرسة اعتدى عليه أو على أخته، يُعنّفه الأب ويصفه بالجبن! لكن اللطيف أن الأب والابن، فطرا ذلك اليوم شيئا مصنوعا من الجبن، وفي الليل أكل الأب جبنا مع الخمر، أما الولد فلم يعجبه عشاء أمه، فسمح له الأب أن يشتري بيتزا... الجبن ليس فقط كلاما ومواعظ أبوية، ولا غذاء يغذي الأجساد، بل هو هواء يتنفسه الجميع! الجبن هو تلك العاهرة التي يقصدها الجميع لكن يقال عنها أنها "عاهرة" "تبيع جسدها" "بلا شرف"! الجبن هو تلك الـ "ليلى" "الحقيقية" التي يدعي كلٌّ وصلا بها! الجبن طبيعة بشرية تُورث بالدم والجينات وبالسلوك وبالمبادئ الكاذبة التي لا يكلّ من ترديدها الأهل والمعلمون والفلاسفة والمفكرون!
الجبن من أهم الصفات البشرية التي يجب التأمل فيها جيدا، فهو يعطينا حقيقتنا مثلما هي، دون تنميق أو روتوش، والفرق بينا يبقى في نسبة ذلك الجبن وفي استعماله... أن تكون "مثقفا" جبانا، فأنت دمار شامل لمجتمعك، بل وللإنسانية برمتها. وشتان بين جبنك، وجبن من تستّرتْ عن كذبة أو تستّر عن خيانة: هو، هي، خانها، خانته، في فراش، أما أنت فخنت كل أهلك، كل مجتمعك، بل كل البشر، وقبل كل ذلك خنت نفسك، فـ "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟". ومجرى الحديث الآن، يدفع إلى الفضيلة والمبادئ، وإلى أن تكون كبش فداء، وهو فعل لا يفعله إلا المؤمنون، أي المغيبون، أي المضحوك عليهم من جلاوزة الأديان والأيديولوجيات، وهنا أيضا أقول: "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟" !!
اللعنة، وتبا لنا من كائنات منفصمة متناقضة!



#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)       Amine_Ben_Said#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل إلى إيمان (1) -يَا مَالِكًا قَلْبِي- 2-2
- رسائل إلى إيمان (1) -يَا مَالِكًا قَلْبِي- 1-2
- قاتم (10) حفر
- الإلحاد والملحد والوطنية (5) الآخر و -ثقافة الكلاب ونباحها-
- عن وإلى -شذاذ الآفاق- (3) -شرف الأفخاذ- (2) تأملات في غشاء م ...
- عن وإلى -شذاذ الآفاق- (3) -شرف الأفخاذ-
- إنسان هذا العصر: ضد التحزب!
- الإلحاد والملحد والوطنية (4) الكتابة
- هناء 6
- هرطقات في هيكل البداوة العروبية اليهودية
- عن وإلى -شذاذ الآفاق- (2) حديثُ النضال الحقيقي
- قليل من العدمية لا يضر...
- المؤمن، المُغيَّب والمغيَّب جملة وتفصيلا (3)
- فلسطين وإسرائيل: تبا لكما!!!
- المؤمن، المُغيَّب والمغيَّب جملة وتفصيلا (2)
- المؤمن، المُغيَّب والمغيَّب جملة وتفصيلا (1)
- الإلحاد والملحد والوطنية (3) الأمازيغية
- الإلحاد والملحد والوطنية (2) -لا وطنية مع وهم الثنائيات-.
- عن وإلى -شذاذ الآفاق-
- -تأملات- في ثديي أ. فينوس صفوري


المزيد.....




- -دمى جنسية تشبه الأطفال- تدفع الحكومة الفرنسية لتهديد -شي إن ...
- أكثر من 40 مليون أمريكي مهددين بالجوع.. جيفريز يتهم ترامب بت ...
- زيلينسكي يعلن وصول أنظمة باتريوت جديدة بدعم ألماني مع تواصل ...
- ميرتس: -الحرب في سوريا انتهت وسنرحل من يرفض العودة الطوعية- ...
- غزة: الدور التركي في العالم الإسلامي
- بسبب الإغلاق الحكومي... خفض المساعدات الغذائية عن عشرات المل ...
- خبير عسكري: هذا ما وراء الحشد الأميركي في الكاريبي
- هل تدفع سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر إلى تقسيم السودان ...
- شقيقان نادران من الفهد الأفريقي يصلان إلى حديقة تشيستر للحيو ...
- -المهمة الأصعب في تاريخ الحروب الحديثة-..تقرير لـ-الغارديان- ...


المزيد.....

- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمين بن سعيد - الجبن محرك للتاريخ