أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمين بن سعيد - قليل من العدمية لا يضر...















المزيد.....

قليل من العدمية لا يضر...


أمين بن سعيد
(Amine Ben Said)


الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 15:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


غريب أمركَ حقا، والأغرب منه أمري؛ أنتَ تقرأ لي الآن، بين آلاف المواقع وبشتى لغات الأرض، اخترتَ العربية وهذا الموقع: ثق أنكَ لو قرأتَ في مكان آخر، وبلغة أخرى لكان قراركَ أصوب! لكن حالكَ أحسن من حالي، فأنت تقرأ، أما أنا فكتبتُ، وإن كنتَ مخطئا في وجودكَ هنا، فأنا أكثر منكَ خطأ وربما سفها!
قلتُ عن الكتابة والقراءة، ولو تكلمتُ عن السماع والمشاهدة، لكان خطؤكَ أعظم، ولكان خطئي أعظم منكَ...
ربما قلتَ أنه يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، وكلامك صحيح، لكن ما أدراكَ أنكَ في ذلك النهر ولستَ في بركة عفنة آسنة؟ وقبل ذلك، هل عندكَ المقومات والأرضية اللازمة لتتعرف على ذلك الذي لا يوجد في البحر؟
يُحمد لكَ أنكَ تقرأ، وإن كان بالعربية، فأنتَ تنتمي إلى شعوب لا تقرأ مثلما يُقال عنها، لكن وجب تصحيح تلك القولة، فشعبك اليوم يقرأ على السوشيال ميديا، وفي فعله يُشبه ذلك البدوي الذي مرّ مباشرة من الحمار والجمل إلى أفخم السيارات: عشر كلمات ويتثقّف، وبكبسة زرّ يُصدر حكمه: هذا صالح وهذا لا. إذا تجاوز عشر كلمات فالموضوع لن يكون شيئا غير فنانته المفضلة وقصص غرفة نومها وحمامها، أو فريقه المفضل ومن اشترى ومن باع، أو غيرها من الاهتمامات العظيمة والجليلة.
يُقال عنكَ أنكَ من "المثقفين"، والعوام لا يزورون مواقعَ قراءةٍ، وإذا قبلتَ باللقب وأعجبكَ، فأنتَ ضمنا تقرأ لـ "مثقفين"، وربما قلتَ أنكَ وهم "النخبة" أو "من النخبة"، وهذا يصدق عليكَ وعليهم بنسبة مُعيّنة... أسألكَ هنا: ماذا لو كانت كل المنظومة التي تقرأ فيها خطأ؟ هل ستكون مثلما تظن أم أنكَ وهم ستكونون شيئا آخر؟
لنأخذ مثالا ملموسا حتى لا يكون "كلاما في الهواء"... لنقل مثلا مصر: الإسلام/ العروبة/ فلسطين/العسكر/ الأرثدوكسية/ هل ستستطيع أن تفهم وأنتَ لا تعرف أن الخمسة قيود داخلية يجب أن تُكسر؟ وإذا أمضيتَ حياتكَ تقرأ لمن يتكلم من داخل تلك السجون، فهل أنتَ "مثقف"؟ الثقافة أصلها الزراعة، والزراعة تعني الثمرة الطيبة المفيدة، فأي ثمرة ستُنتج أنتَ ومن تقرأ لهم؟
مثال ثاني: يقول لنا الرفيق الحاج ضمن عدائه المرضي للغرب، أن داعش صناعة غربية "صهيونية" ويسكت، ولا يُلمّح حتى لأن داعش لم تنشأ إلا في أرض العروبة-إسلام، أي هناك أصول استغلها الغرب، وهذه الأصول بما أنه "حاج" يتجاهلها وربما يجهلها وربما وهنا المصيبة يُؤمن بها: نصيحة لليسار العروبي: من أكثر الأماكن التي أُسلمت وعُرّبت فيها الماركسية، العراق: مثال سيء جدا مرّ من قومجية صدام إلى الترهات الشيعية بعد "التحرر والحرية والديمقراطية" على ظهور الدبابات: التشيع كهنوتي بامتياز بعكس التسنن، ولذلك الماركسي ذو الخلفية الشيعية سيكون أقرب إلى الأوهام الإسلامية العروبية من رفيقه ذي الخلفية السنية.
تقرأ لي ولغيري، وربما قلتَ أنكَ عرفتَ الطريق الذي جهله غيركَ، ولبنة لبنة تتغيّر المجتمعات وتتقدّم: هل حقا تُصدّق ذلك؟ هل ذلك المجتمع المتخلف الذي تراه، سيتقدّم وسيتحضّر يوما؟! ولو تنزّلنا وأجبنا بالإيجاب، أين ستكون الشعوب التي تقدّمته بقرون؟!
لا أحد يستطيع التبرؤ والتخلص من إرثه ومما جناه عليه مجتمعه، حتى لو كان أذكى أذكياء الأرض، فمصيره الضعف والهوان، لأن مركبه مليء بالجهلاء والرعاع، وسيمضي كل أيامه محاولا مراقبة أولئك الهمج لكيلا يُغرقوا المركب، فيغرق معهم... غيره، يُهديه أبواه مركبا وغواصة وطائرة ويدفعانه إلى المغامرة والاكتشاف: كأن الاثنين في مسابقة سباحة، والأول في كل ساق أغلال وحمولة أطنان، فكيف سيتسابق؟ وأي أمل له في أن يربح الرهان؟! تلك حال كل مُدّعٍ للثقافة في المنطقة المقدسة، وبئس حال!
الدين يُقدّم عزاء للرعاع للضعفاء وللمحكومين، عزاء فاسد يُعيقهم عن أي أمل في التغيير والتحرر. الأيديولوجيا تُقدّم نفس العزاء، وتأتي الماركسية على رأس الأيديولوجيات في المنطقة المقدسة... ويتصور مؤمنوها أنهم سيُطيحون بالرأسمالية وليبراليتها. وفي تصورهم ذاك، لا يختلفون عن مؤمن سيقتص ممن استعبده في الحياة الأخرى التي أوهمه دينه بوجودها، وحياة الماركسي الأخرى أرضية مادية حسية يهودية إسلامية وليست أخروية روحانية مسيحية، ويُسميها اشتراكية وشيوعية. الغريب أن كل ما يستعمله اليوم من أبسط الأشياء إلى أعقدها، كلها منتجات الرأسمالية! ولا يتساءل إطلاقا أي شيء أنتجته ماركسيته، ويستعمله في كل خطوة في حياته فيسهلها عليه؟! الأعجب أنه يسخر من المسلم الذي يقول أن إلهه سخّر له الكفار ليُنتجوا له وأنه أرقى منهم! الماركسي يُسمي من أنتج له الموبايل والسيارة والنات ووو... يُسميه "رجعيا"!! عندما زعم فوكوياما أن التاريخ انتهى بالرأسمالية، لم يكن الرجل يهذي! فمن سيطيح بها ويُقدّم أحسن؟ الإسلام؟ اليسار العروبي؟! وكلامي ليس دفاعا عن الرأسمالية وعن سلبياتها، بل وصف لواقع قال ولا يزال يقول أن الليبرالية قدّمت ولا تزال تُقدّم بعكس كل الأيديولوجيات غيرها، مساوئها كثيرة، لكن منجزاتها أكثر، وهذا ما لا يمكن أن يراه المؤمنون بالأوهام والعنتريات: الماركسي لا يملك إلا الشعارات، فلا تاريخ يُسند مزاعمه، ولا مستقبل يمكن أن يكون لأحلامه، تُشبه حاله تلك الذي لا يصلح إلا للمعارضة، دون أن يملك المؤهلات ليحكم ويُنتج ويُغيّر، وفي قولي "معارضة" نوع من مجانبة الصواب، فإيمان الماركسي بأغلب أكاذيب الرأسماليين وأسيادهم الماليين، يجعله كشيعي مقابل سني وكبروتستانتي مقابل كاثوليكي، وهذا يعرفه جيدا من ألقى بصوفتوير الثنائيات في المزبلة.
الذي قيل عن الماركسية، ينطبق أكثر على الغربيين، أما عندنا فإضافة "عروبي" لليسار و "عروبية" للماركسية، لا يجب أن تُنسى. وفي تلك الإضافة، نجد أنفسنا، مع شيء هجين، عجيب غريب، يُمثّل الوجه الثاني لنفس العملة مع الإسلاميين والقومجيين! والعملة اسمها عروبة-إسلام، وقضاياها المصيرية من "أمة عربية" و "وطن عربي" و "فلسطين قضية الأمة" وغيرها من الترهات التي لا يتشكك فيها أصلا المؤمنون بها.
في منطقة كهذه، يحكمها اللصوص الغازون، ويُمثّل أهم تياراتها الفكرية العروبيون تجار الدين (الإسلاميون) واليساريون والقومجيون، المثقف الحقيقي قد يقول "نفسي نفسي"، ويترك المركب يغرق، ويُنقذ حياته، غير آبه بكل ما سيقوله ويدّعيه من يظنون أنفسهم الحل وهم ليسوا جزءا من المشكل بل المشكل نفسه!



#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)       Amine_Ben_Said#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤمن، المُغيَّب والمغيَّب جملة وتفصيلا (3)
- فلسطين وإسرائيل: تبا لكما!!!
- المؤمن، المُغيَّب والمغيَّب جملة وتفصيلا (2)
- المؤمن، المُغيَّب والمغيَّب جملة وتفصيلا (1)
- الإلحاد والملحد والوطنية (3) الأمازيغية
- الإلحاد والملحد والوطنية (2) -لا وطنية مع وهم الثنائيات-.
- عن وإلى -شذاذ الآفاق-
- -تأملات- في ثديي أ. فينوس صفوري
- (لم يُنشر التعليق لأنه لم يُعجِب المراقب)
- ملاك أولى 2-2
- ملاك أولى 1-2
- البيدوفيليا وحكم الإعدام... تأملات...
- عن -الأول في فصله-...
- إيران وإسرائيل: أما آن لحكم البدو أن ينتهي؟!
- هناء 5
- هناء 4
- إيمان
- ما معنى أن (الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع)؟!
- هناء 2-2 (+)
- هناء 2-2 (-)


المزيد.....




- صاحب متجر المثلجات الوحيد الحائز على نجمة -ميشلان- يريد صنع ...
- تداول فيديو لـ-طابور سير الصاعقة المصرية في شوارع رفح-.. هذا ...
- -قولوا لنا كيف مات-.. صلاح يُحرج -يويفا- ومنشوره عن -بيليه ف ...
- الشرق الأوسط قد يكون ساحة لحرب نووية - الغارديان
- 100 يوم من حكومة ميرتس.. هل -عادت ألمانيا-؟
- لبنان امام اختبار حصر السلاح بيد الدولة
- العراق: تسرب غاز كلور في كربلاء يصيب أكثر من 600 زائر شيعي ...
- اجتماع عربي لبحث التصدي لقرار إسرائيل احتلال غزة
- مظاهرة في ماليزيا تطالب بوقف الجرائم الإسرائيلية في غزة
- الحياة تعود تدريجيا في بعض أحياء الخرطوم بعد سيطرة الجيش علي ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمين بن سعيد - قليل من العدمية لا يضر...