أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - لبنان والمعادلة المستحيلة: دولة بلا مقاومة أم مقاومة بلا دولة؟














المزيد.....

لبنان والمعادلة المستحيلة: دولة بلا مقاومة أم مقاومة بلا دولة؟


ياسر قطيشات
باحث وخبير في فلسفة السياسة والعلاقات الدولية والدبلوماسية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 19:00
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يجد لبنان نفسه اليوم أمام معضلة كبرى تختصرها معادلة مستحيلة: دولة بلا مقاومة، أو مقاومة بلا دولة! منذ الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982 وما تلاه من حروب متكررة، بقي الجيش اللبناني عاجزاً عن خوض مواجهة مباشرة مع الاحتلال، بسبب: ضعف التسليح، انقسام القرار السياسي، الارتهان للمساعدات الخارجية، والعجز المالي، الأمر الذي جعل المؤسسة العسكرية اللبنانية بعيدة عن لعب دورها الطبيعي في حماية الحدود والسيادة.
هذا الفراغ الأمني سمح لـ"حزب الله" اللبناني بأن يتقدّم ويتحوّل إلى قوة عسكرية موازية تحت شعار "المقاومة"، مقدّماً نفسه كخط الدفاع الأول في وجه إسرائيل، لكن هذه المعادلة التي بدت في البداية تصحيحية سرعان ما تحولت إلى معضلة بنيوية!
فحزب الله، الذي راكم خبرة قتالية وقدرات تسليحية هائلة، صار في نظر شريحة لبنانية واسعة عقبة أمام استعادة الدولة لوظيفتها الدفاعية، بينما يراه أنصاره الضمانة الوحيدة لردع إسرائيل، وبين الموقفين المتناقضين، يظل لبنان أسير حلقة مفرغة: الدولة ضعيفة لأنها بلا سلاح فعّال، والحزب متمسك بسلاحه لأنه لا يثق بقدرة الدولة الدفاع عن سيادة وأراضي البلاد.
هذا الانقسام الداخلي يتغذى -بالأصل- من صراعات الخارج، فالولايات المتحدة ترى في ضعف الحزب بعد حرب 2024م فرصة ذهبية للضغط من أجل نزعه أو دمجه في الجيش، وتستخدم ورقة المساعدات العسكرية والاقتصادية كسلاح سياسي.
إسرائيل بدورها تستغل أي نقاش حول السلاح لتبرير خروقاتها المستمرة والتلويح بإنشاء مناطق عازلة داخل الجنوب، وهي الذريعة ذاتها التي تستخدمها منذ الثمانينات، في المقابل، تعتبر إيران أن أي تراجع في قدرات الحزب انتقاص مباشر من نفوذها الإقليمي، ما يجعل من الملف اللبناني ساحة مواجهة بالوكالة بين واشنطن وطهران.
في هذا السياق، تبدو السيناريوهات مفتوحة: التسوية المرحلية تظل الخيار الأكثر واقعية، وتقوم على انسحاب إسرائيلي من النقاط الحدودية المتنازع عليها مقابل إعادة انتشار مدروس لعناصر الحزب بعيداً عن الشريط الحدودي، مع تعزيز وجود الجيش، هذا السيناريو يحفظ وظيفة الردع ويوفر للدولة غطاءً رسمياً.
أما سيناريو النزع القسري تحت الضغط الدولي، فسيؤدي على الأرجح إلى صدام داخلي وربما حرب أهلية جديدة، كما أن استمرار الوضع القائم يعني بقاء لبنان تحت رحمة الخروقات الإسرائيلية والتوتر الدائم. أما الأسوأ فهو انهيار أي تفاهم واندفاع إسرائيل إلى عملية عسكرية واسعة تفرض من خلالها منطقة عازلة جديدة وتعيد عقارب الساعة إلى الوراء!
لكن لبنان ليس بلا خيارات: الحل الواقعي يبدأ من صياغة استراتيجية دفاعية وطنية تضع سلاح الحزب ضمن عقيدة عسكرية رسمية تحت إمرة الدولة، وتحدد بوضوح أن وظيفته تقتصر على الردع ضد الاحتلال. بذلك، تُحفظ قوة الردع من جهة، وتُستعاد هيبة الدولة من جهة أخرى.
وبالتوازي، ينبغي ربط أي تسوية بترتيبات حدودية واضحة تضمن انسحاباً إسرائيلياً موثقاً، مع وجود ضمانات دولية تحول دون استغلال تل أبيب لأي فراغ أمني لفرض وقائع جديدة على الأرض.
كما أن الحوار الوطني يجب أن يكون ملزماً بجدول زمني واضح، يُدار برعاية رئاسة الجمهورية وبمشاركة كل الأطراف السياسية، بعيداً عن المساومات المفتوحة التي تحوّل القضايا المصيرية إلى ملفات معلّقة.
وفي إطار هذا الحوار، يجب التفكير في خيارات وطنية لبنانية خالصة، توفّر الشرعيّة لأي قرار مستقبلي، والاهتمام في لغة الخطاب اللبناني الجامع الذي قد يشكّل صمّام أمان داخلي يبعد لبنان وأزماته، خاصة ملف حزب الله، عن التجاذبات السياسية الطائفية، ويعطي الدولة تفويضاً واضحاً للتحرك ورسم خارطة طريق قابلة للتطبيق، تخلو من الوصاية الإقليمية والدولية.
في نهاية المطاف، يقف لبنان أمام مفترق طرق حاسم: الاستمرار في هذه المعادلة المستحيلة يعني الدوران في حلقة أزمات متتالية، أما البحث عن صيغة ثالثة تحفظ المقاومة داخل الدولة وتعيد السيادة إلى الدولة نفسها، فهو السبيل الوحيد لإبعاد البلاد عن شبح الفتن والحروب الأهلية.
إنها معركة وجود وسيادة لا تقل خطورة عن أي حرب عسكرية، والنجاح فيها يتطلب شجاعة سياسية بقدر ما يتطلب واقعية في قراءة موازين القوى الداخلية والخارجية.



#ياسر_نايف_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انهيار وهم الحماية: درس الدوحة في منظومة الأمن الخليجي والعر ...
- ما بعد الإدانة .. وما قبل الانهيار: متى يغادر العرب دائرة ال ...
- قمة -شنغهاي- والاستعراض الجيوسياسي: هل ينكسر احتكار الغرب لل ...
- لبنان و-سلاح- حزب الله: بين معادلات الداخل ووصاية الخارج
- أمريكا -السنية والشيعية-: كيف حوّلت الطائفية إلى استراتيجية ...
- الأردن في مواجهة المشروع الصهيوني وخيارات التحدّي الوجودي
- ما بعد -مؤتمر نيويورك-: هل تتجه فلسطين نحو الدولة أم نحو الع ...
- -عقدة الثمانين- .. بين سرديّة الاعتراف وسرديّة الوجود!
- الصندوق الأسود العربي: محاولة لفهم لحظة السقوط
- -غزة- في مرآة الخذلان العربي
- الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟
- ما بعد الدولة -المُتألّهة-: سرديّة المقدّس في عصر الحداثة!
- في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة ال ...
- الدولة المارقة: -إسرائيل- وإعادة إنتاج النازية بالصهيونية!
- -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!


المزيد.....




- ترامب يهدد بـ-القضاء- على حماس إذا انتهكت اتفاق وقف إطلاق ال ...
- فيديو متداول لـ-جولة عمر البشير في شوارع مروي- بالسودان.. ما ...
- زياد زهر الدين.. قنصل سوري سابق يعلن توقفه عن العمل بالحكومة ...
- بعد الجدل حول تصريحاته عن الهجرة.. ميرتس يتعهد بإبقاء ألماني ...
- ملايين مستحقة لأندية ألمانية.. الديون تثقل كاهل فريق برشلونة ...
- الخط الأصفر.. ذريعة إسرائيل لانتهاك وقف إطلاق النار في غزة
- موريشيوس تجمّد أصول رجل أعمال مرتبط برئيس مدغشقر السابق
- الأوروبيون يناقشون العقوبات على إسرائيل بعد وقف إطلاق النار ...
- قبل سرقة المجوهرات الإمبراطورية.. محطات في تاريخ السرقات الت ...
- -ما خفي أعظم- يكشف أسماء وصور قتلة الطفلة الفلسطينية هند رجب ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - لبنان والمعادلة المستحيلة: دولة بلا مقاومة أم مقاومة بلا دولة؟