أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - أمريكا -السنية والشيعية-: كيف حوّلت الطائفية إلى استراتيجية هيمنة؟














المزيد.....

أمريكا -السنية والشيعية-: كيف حوّلت الطائفية إلى استراتيجية هيمنة؟


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 17:19
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


من يتتبع مسار السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، يكتشف سريعاً أن واشنطن لم تُحدّد يوماً موقفها من المنطقة على أساس عقائدي أو أيديولوجي صافٍ، بقدر ما اعتمدت على إدارة التناقضات وتوظيف الهويات الدينية والمذهبية والقومية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية الكبرى، فقد استغلت واستثمرت -الولايات المتحدة- الخلل في بُنى القواعد الطائفية والدينية والاجتماعية في المنطقة العربية من خلال التعاون المشروط ومدّ جسور النفوذ، بحجة المصالح المتبادلة، فكانت تارة "جهادية" وأخرى "سُنيّة"، وتارة ثالثة "شيعية"، وأخيراً محسوبة على "الملة والجماعة"، وكله بما يضمن استمرار نفوذها.
بداية اللعبة تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، حين شجّعت الولايات المتحدة –بتنسيق مع دول عربية وإسلامية– على تعبئة "الجهاد الأفغاني" ضد الاتحاد السوفياتي، فتحت الحدود، وسُهّلت حركة "المجاهدين العرب"، ودُعمت تنظيمات دينية مسلّحة بالمال والسلاح والغطاء السياسي.
ومن رحم تلك التجربة خرج تنظيم "القاعدة" لاحقاً، الذي تحوّل إلى ذريعة لتشكيل تحالفات دولية تحت شعار "الحرب على الإرهاب"، رغم أن البذرة وُضعت برعاية _أمريكية، غربية، عربية) مشتركة، وما جرى لاحقاً مع "داعش" في العراق وسوريا لم يكن بعيداً عن هذا السياق: صناعة كيانات مسلّحة ذات طابع "ديني طائفي" ثم توظيفها في لعبة توازنات كبرى!
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، اختارت واشنطن أن تُعيد رسم معادلة السلطة على أسس طائفية، فدعمت القوى الشيعية في الحكم وأقصت المكوّن السني التقليدي، بحجة محاربة "السلفية الجهادية" وتنظيم القاعدة، كان ذلك التحوّل التاريخي بمثابة انقلاب على قرن كامل من التوازنات التي حكمت المشرق العربي، وأدى إلى تصاعد النفوذ الإيراني في بغداد، وهو ما سيعود ليُقلق واشنطن فيما بعد.
لم تتردّد الولايات المتحدة في محاربة التيارات السنية السياسية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م، حيث جرى تصوير الإسلام السياسي السني كتهديد للأمن العالمي، لكن مع اندلاع الثورات العربية منذ عام 2011م، وجدت واشنطن نفسها مضطرة لإعادة الانفتاح على بعض الحركات الإسلامية، بل وحتى غض الطرف عن وصول "الإخوان" إلى الحكم في مصر لفترة قصيرة، قبل أن تتراجع وتدعم إقصاءهم!
مع تفاقم الأزمة السورية وتدخل قوى خارجية فيها منذ 2012م، وجدت الولايات المتحدة نفسها أمام معادلة جديدة: مواجهة تمدّد إيران وحزب الله في سوريا، وهنا فتحت قنوات دعم غير مباشرة لبعض الفصائل "السلفية والجهادية"، بما فيها جبهة النصرة سابقاً، عبر وسطاء إقليميين، كان الهدف تقويض نفوذ طهران في المشرق وإضعاف ذراعها اللبناني، حتى لو كان الثمن التحالف مع جماعات مُدرجة، وفق المنطق الأمريكي والغربي، على قائمة "الإرهاب"!
بعد سقوط نظام "الأسد"، عادت واشنطن إلى دائرة جديدة من التناقض: فهي تُعيد الانفتاح على دمشق بتركيبتها الجديدة "السنيّة الأنصارية" التي قدّمت سوريا، ضمن أحلاف الضرورة، كـ"عدو محتمل" لمواجهة إيران وحزب الله، ثم دعمت حقوق الأقليات السورية (خاصة الدروز والأكراد) بحجة حماية المكونات الاجتماعية والدينية في البلاد، فأصبحت هذه الأقليات اليوم حليفة لكيان الاحتلال ضد وطنها الأم! وكأن الولايات المتحدة تقول لسوريا الجديدة ولجميع العرب: (نحن مع أي طرف يوازن مصالحنا ويحدّ من نفوذ خصومنا، كنّا شيعة عند احتلال العراق وأفغانستان، واليوم "سنّة" بل ومن "الملّة والجماعة" في سبيل القضاء على حزب الله وإيران).
لم تكتفِ السياسة الأمريكية في المنطقة بإعادة تشكيل التحالفات على أسس مذهبية، بل ساهمت بشكل مباشر في تفكيك مفهوم الأمن القومي العربي الذي كان يقوم – نظرياً– على حماية الأمة من أي تهديد خارجي، وفي مقدّمته الكيان الصهيوني، فمع دخول العامل الطائفي إلى صلب المعادلات السياسية منذ مطلع الثمانينات، (ثورة الخميني، غزو أفغانستان، حرب العراق وايران) تحوّل الأمن القومي إلى أمن مذهبي وطائفي.
فأصبح الأمن الوطني في لبنان أسيراً لمعادلة "شيعة– سنّة- مسيحيين"، بدل أن يكون موجّهاً ضد العدو الإسرائيلي، وتحولّت سوريا من دولة مواجهة إلى ساحة صراع مذهبي وعرقي ودولي مفتوح، واليمن من مشروع دولة إلى حرب استنزاف طائفية، والعراق من مركز حضاري عربي إلى ساحة انقسام بين نفوذ شيعي مدعوم من إيران، وتهميش للمكوّن السني.
وكل دولة باتت ترى في مكوّنها الطائفي تهديداً داخلياً أو سنداً خارجياً، بدل أن ترى في إسرائيل مصدر الخطر المركزي، هكذا انشغلت العواصم العربية في صراعات داخلية مذهبية وعرقية، بينما تمدّد النفوذ الإسرائيلي في قلب المنطقة ودولهاّ، وأصبح كيان الاحتلال وشريكه الأمريكي اللاعبين الأكثر أماناً واستقراراً في المنطقة، فيما تغرق العواصم العربية في صراعاتها الداخلية والطائفية اللامتناهية.
الخط البياني للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط يكشف بوضوح استخدم الهوية الدينية لتكريس النزاع والانقسام العربي، فتتغّيّر التحالفات "الطائفية" متى تبدّلت المصلحة، والنتيجة أن شعوب المنطقة تدفع ثمن هذا "الاستثمار القذر" في الانقسام الطائفي والمذهبي، فيما تبقى واشنطن وإسرائيل الرابح الأكبر من لعبة "هندسة الطوائف والمِلل" التي أنهكت الأمن القومي العربي وحوّلته إلى أمن طائفي هش، يُبقي الباب واسعاً أمام استمرار استراتيجية الهيمنة "الصهيوأمريكية" على مُقدّرات الأمة.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأردن في مواجهة المشروع الصهيوني وخيارات التحدّي الوجودي
- ما بعد -مؤتمر نيويورك-: هل تتجه فلسطين نحو الدولة أم نحو الع ...
- -عقدة الثمانين- .. بين سرديّة الاعتراف وسرديّة الوجود!
- الصندوق الأسود العربي: محاولة لفهم لحظة السقوط
- -غزة- في مرآة الخذلان العربي
- الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟
- ما بعد الدولة -المُتألّهة-: سرديّة المقدّس في عصر الحداثة!
- في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة ال ...
- الدولة المارقة: -إسرائيل- وإعادة إنتاج النازية بالصهيونية!
- -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!
- -التديّن الإمبريالي-: حين تُصبح الحروب مقدّسة!
- حين تحدث الفلاسفة بالعربية: أثر الإسلام في الفلسفة الغربية
- الصين والولايات المتحدة: إدارة النفوذ بين الاحتواءِ والصراعِ
- بين -عبقرية المكان وانتقام الجغرافيا- نظرة -كابلان وحمدان- ل ...


المزيد.....




- هجوم الدوحة -مفاجئ- بعد تعهد أمريكي إسرائيلي مسبق بعدم استهد ...
- إيران: الاتفاق مع الوكالة الذرية لا يضمن وصول المفتشين إلى ا ...
- الصين تحذر أمريكا: أي تدخل في تايوان أو محاولة لإخضاعنا ستُح ...
- لوكورنو يتسلم رسميا مهامه رئيسا للوزراء تزامنا مع يوم تعبئة ...
- رغم استهدافه مرتين بالمسيرات.. أسطول الصمود يستعد للانطلاق م ...
- أين وقع الهجوم؟ ومن استهدف؟... كل ما نعرفه عن الضربات الإسرا ...
- رئيس الإمارات يلتقي أمير قطر ويؤكد تضامن أبو ظبي مع الدوحة
- إثيوبيا تدشن سد النهضة والقاهرة لم تعلن الاستسلام
- غارات إسرائيلية على صنعاء واستهداف وزارة الدفاع
- معرض الضوء بالدوحة.. بيئة تعليمية تحمي الطفل وتعيد تشكيل الم ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - أمريكا -السنية والشيعية-: كيف حوّلت الطائفية إلى استراتيجية هيمنة؟