أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسر قطيشات - -عقدة الثمانين- .. بين سرديّة الاعتراف وسرديّة الوجود!














المزيد.....

-عقدة الثمانين- .. بين سرديّة الاعتراف وسرديّة الوجود!


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 17:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


في الشهر القادم، أيلول/سبتمبر، تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها "الثمانين"، وسط مشهد دولي متغيّر وصراعات، تُشعلها "إسرائيل"، تتخذ أبعاداً رمزية ومعنوية لا تقل أهمية عن وقائع الجغرافيا والسياسة، لكن ما يلفت النظر هذا العام ليس مجرد الزخم المتصاعد للاعتراف بالدولة الفلسطينية، بل التزامن الذي يبدو عابراً للصدف، حين يتقاطع هذا الاعتراف المحتمل مع الرقم (80)، الرقم ذاته الذي طالما أرّق المخيال الصهيوني، وارتبط في رواياته الدينية والتاريخية بسقوط الممالك اليهودية قبل أن تُكمل عامها الثمانين!
لم تكن الرواية الصهيونية، منذ احتلال فلسطين وقيام الكيان عام 1948، بعيدة عن المخاوف الوجودية، بل يمكن القول إن "عقدة الوجود" شكّلت أحد المرتكزات النفسية والسياسية العميقة للدولة العبرية، رغم ما تحظى به من دعم غربي غير مسبوق.
وتستند بعض التيارات اليهودية، خاصة في أوساط المستوطنين والمتدينين القوميين، إلى نصوص توراتية وتلمودية تشير إلى أن الكيانات اليهودية التي أُقيمت على "أرض الميعاد" لم تدم أكثر من ثمانين عاماً، سواء في زمن داوود وسليمان، أو في عهد المكابيين.
وفق هذه السردية، فإن العام الثمانين من عمر دولة "إسرائيل" ليس مجرد رقم، بل هو تاريخ له دلالة نبوئية، يُعاد استحضاره في الأوساط الصهيونية، كلما تعاظمت أزمات الداخل، وتعمّقت الهوة بين المكوّنات المجتمعية والسياسية واشتدت العزلة الدولية.
من هنا، لا تبدو الدورة الثمانين للجمعية العامة حدثاً عابراً في شكله الرقمي، فحين يتجه العالم نحو توسيع الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية على حدود 1967، في الدورة ذات الرقم (80)، فإن الرمز يصبح أبلغ من السياسة، فالتقاء هذا الرقم مع لحظة التحوّل في الموقف الدولي من القضية الفلسطينية يمنح الحدث بُعداً رمزياً ومعنويا يتجاوز التوقيت، ويضرب في عمق السردية الصهيونية نفسها!
فالرقم الذي يُخشى منه في العقل الجمعي الإسرائيلي، والذي يُنذر –وفق زعمهم– بزوال دولتهم، يتحوّل في المقابل إلى رقم بداية جديدة لشعب فلسطين؛ بداية الاعتراف والشرعية والحق التاريخي في الوجود.
قد يُقال إن الأرقام لا تغيّر الوقائع، وإن السياسة لا تُدار بالتقويم الرمزي، لكن مثل هذا الطرح يتجاهل قوة الرمزية في تشكيل الوعي الجمعي للشعوب، فكم من رقم ارتبط بمجزرة، أو نكبة، أو ثورة، وتحول إلى محفّز لسردية تاريخية كاملة؟
ورغم أن رقم الدورة (80) قد يكون مجرد ترتيب إداري لدورات الأمم المتحدة، لكن ليس مجرد صدفة سياسية تاريخية أن يتزامن مع جلسة خاصة باعتراف العالم بدولة فلسطين، وبالتالي قد يتحول "الرقم" إلى مرآة تاريخية يرى فيها كل طرف صورته: الصهيوني يرى ظلّ نهايته، والفلسطيني يلمح ملامح نهوضه القادم.
إن التحولات الدولية الراهنة -من اهتزاز الهيمنة الأمريكية، إلى الصعود الصيني، إلى تبدّل مواقف دول الجنوب العالمي، وتصدّع قيم العالم الحرّ في الغرب- تشير إلى أن هناك مناخاً جديداً يجعل من الدورة (80) لحظة فارقة، لا لأن الأمم المتحدة ستمنح فلسطين العضوية الكاملة بالضرورة، بل لأن رمزية اللحظة تُظهر هشاشة المشروع الصهيوني في مواجهة صمود الرواية الفلسطينية التاريخية.
لقد بُني المشروع الصهيوني على الوعد والأسطورة والدعم الخارجي، لكنه اليوم يواجه تفككاً داخلياً ونزاعاً مجتمعياً وتراجعاً في صورته الأخلاقية عالمياً، وفي المقابل، يبدو أن الرواية الفلسطينية، رغم العقود الطويلة من الاحتلال والنكبات، أخذت تشقُ طريقها إلى الاعتراف الأممي، لا فقط عبر التصويت، بل عبر تغيير المزاج الدولي العام.
إن الاعتراف المتصاعد بالدولة الفلسطينية في الدورة الأممية الثمانين، ليس انتصاراً رمزياً فحسب، بل هو جزء من نزع الشرعية التاريخية عن المشروع الصهيوني، وفي الوقت الذي يتهيأ فيه الكيان الإسرائيلي لدخول عامه الثمانين، يبدو أن التاريخ يبتسم بسخرية هادئة، ويلمح لنا بلغة الأرقام أن لكل مشروع: "لحظة ولادة... ولحظة أفول".
فهل يكون عام الثمانين هو بداية النهاية لمشروع استيطاني إحلالي استثنائي؟ وهل يكون الرقم ذاته هو الشاهد على نهاية سردية وبداية أخرى؟ التاريخ، على ما يبدو، لا يُهمل إشاراته... فقط ينتظر من يُحسن قراءتها.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصندوق الأسود العربي: محاولة لفهم لحظة السقوط
- -غزة- في مرآة الخذلان العربي
- الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟
- ما بعد الدولة -المُتألّهة-: سرديّة المقدّس في عصر الحداثة!
- في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة ال ...
- الدولة المارقة: -إسرائيل- وإعادة إنتاج النازية بالصهيونية!
- -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!
- -التديّن الإمبريالي-: حين تُصبح الحروب مقدّسة!
- حين تحدث الفلاسفة بالعربية: أثر الإسلام في الفلسفة الغربية
- الصين والولايات المتحدة: إدارة النفوذ بين الاحتواءِ والصراعِ
- بين -عبقرية المكان وانتقام الجغرافيا- نظرة -كابلان وحمدان- ل ...
- الأردن وهواجس -ترامبسفير- غزة الخيارات الوطنية لمواجهة المخط ...
- الأردن وريادة دعم حقوق ذوي الإعاقة إنجازات مشرّفة.. ونماذج إ ...
- مآلات ومستقبل الدولة السورية ما بعد الاتفاق: شروط وتحديّات


المزيد.....




- -الشامي- من الأردن.. -غادرتك لاجئ رجعتلك نجم-
- لبنان.. بدء تسليم أسلحة مخيمات فلسطينية وسط خلاف حول سلاح حز ...
- وسام رفيع ومكافأة مالية ضخمة.. توجيه ملكي بشأن السعودي ماهر ...
- إعادة إسرائيلي يدعى صالح أبو حسين بعد احتجازه لمدة عام في لب ...
- ضربات إسرائيلية مكثفة على مخيم في دير البلح في غزة يوقع عشرا ...
- بدء المرحلة الأولى من تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنا ...
- مواجهات ضارية في أطراف مدينة غزة وأحزمة نارية بجباليا
- ما القاسم المشترك بين -طوفان الأقصى- وهجوم القسام بخان يونس؟ ...
- رئيس لجنة مبادرة حل أزمة السويداء للجزيرة نت: ندعو للحوار وع ...
- -بنو ميزاب- في الجزائر.. نموذج اجتماعي صامد منذ قرون


المزيد.....

- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسر قطيشات - -عقدة الثمانين- .. بين سرديّة الاعتراف وسرديّة الوجود!