أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسر قطيشات - -غزة- في مرآة الخذلان العربي














المزيد.....

-غزة- في مرآة الخذلان العربي


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 18:28
المحور: القضية الفلسطينية
    


ما يجري في قطاع غزة منذ أكثر من عشرين شهراً، لم يعد يُعدّ فقط عدواناً إسرائيلياً همجياً، بل تجاوز ذلك ليغدو فضيحة أخلاقية عالمية بكل المقاييس، إنها حرب إبادة ممنهجة وحصار شامل، وتجويع متعمد، وخنق إنساني شامل لشعب أعزل، تُرتكب بحقه أبشع الجرائم تحت سمع وبصر العالم، بل وأحياناً بدعمه أو صمته أو تواطئه المباشر!
في المشهد الغزّي اليوم، لا تنعدم فقط الموارد الأساسية؛ كالدواء والغذاء والماء، بل تنعدم الحد الأدنى من القيم الأخلاقية التي طالما تباهى بها النظام العالمي المعاصر، والمفارقة المؤلمة أن هذا العالم الذي يتشدّق بحقوق الإنسان وحرية الشعوب وكرامة الإنسان، يقف عاجزاً أمام موت الأطفال جوعاً، ودفن الجرحى تحت الركام، واختفاء العائلات بأكملها بفعل آلة القتل الإسرائيلية.
لكن الأخطر من هذا الصمت الدولي هو الصمت العربي والإسلامي المُخجل، الذي تجاوز كونه موقفاً باهتاً إلى أن أصبح مشاركة سلبية وربما – من البعض- تواطؤاً صامتاً! فأغلب الدول العربية، خاصة الكبرى منها، لم تقم حتى بالحد الأدنى من مسؤولياتها الإنسانية والسياسية، بل غلّبت حسابات المصالح والتحالفات على اعتبارات التاريخ والجغرافيا والأخلاق وصلة الدم وأخوة التراب!
إن صمت بعض العواصم العربية لم يعد مجرد غياب للدور، بل تحول إلى سياسة مقصودة تستند إلى عدد من المحددات: أولها، التحالفات الجيوسياسية الجديدة التي تشكلت خلال السنوات الماضية، والتي حوّلت الكيان الإسرائيلي من "عدو تقليدي" إلى "شريك استراتيجي" في بعض الأجندات.
ثانيها، الخوف من الداخل، إذ تخشى أنظمة "الثقب الأسود" من أي تحرك تضامني قد يُفهم على أنه دعم لثورات الحرية والمقاومة، ما يعكس مأزقها البنيوي في علاقتها مع شعوبها، وثالثها، الارتهان للموقف الأميركي، حيث تفضّل كثير من الدول العربية والإسلامية أن لا تُغضب واشنطن، حتى وإن كان الثمن هو السكوت عن مجازر تُرتكب يومياً بحق شعب شقيق أعزل!
والنتيجة أن غزة تُحاصر مرتين: مرة من الاحتلال، ومرة من جدار الصمت العربي الرسمي. وفي ظل ذلك، فإن الشعوب العربية، التي تقف بقوةٍ مع غزة، تتعرّض بدورها إلى أشكال متعددة من القمع والتضييق، لمنع أي مظاهر دعم حقيقي أو تعبير عن تضامن فعلي.


وما يجعل من العدوان الهمجي وحرب الإبادة على غزة أكثر فظاعة، أنه لا يُقابل بأي إرادة حقيقية لوقفه، بل يُستثمر سياسياً من قبل بعض القوى الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي تتعامل مع الحصار والتجويع وكأنهما ورقة تفاوضية للضغط على المقاومة من أجل تحقيق أهداف سياسية، بينما تمنَح إسرائيل غطاءً سياسياً وعسكرياً غير محدود لمواصلة حرب الإبادة والتجويع تحت ذريعة "حق الكيان في الدفاع عن نفسه" أو تحرير الأسرى!
لذلك، لم تعد غزة مجرد قضية سياسية أو صراع وجودي، بل تحولت إلى رمز أخلاقي وإنساني عالمي، وأصبحت مرآة تكشف نفاق النظام الدولي وازدواجية معاييره وانهيار منظومة الشرعية الأممية. كما أنها فضحت حجم الفجوة بين إرادة الشعوب العربية وإرادة أنظمتها، وأكّدت أن المعركة لم تعد فقط ضد الاحتلال، بل ضد حالة التواطؤ الإقليمي والدولي.
أما على صعيد الفعل، فالمطلوب اليوم ليس فقط بيانات تنديد أو دعوات جوفاء، بل تحرك سياسي واقتصادي وإعلامي ودبلوماسي، ووقف التعاون مع كيان الاحتلال، وتدويل الجرائم عبر المحاكم الدولية، ودعم جهود محاسبة مجرمي الحرب، إضافة إلى كسر الحصار الإنساني بكافة الوسائل الممكنة.
يمكن القول إن الصمت العربي والإسلامي تجاه غزة ليس فقط تعبيراً عن ضعف أو عجز، بل يحمل في طياته مسؤولية أخلاقية وتاريخية عميقة، فالتخاذل في هذه اللحظة التاريخية لا يقل خطراً عن العدوان نفسه، ومن هنا فإن الموقف من غزة لم يعد محصوراً في حدود التضامن، بل أصبح معياراً جوهرياً لقياس إنسانية الأنظمة، وشرعية القوانين ومصداقية الشعارات الأممية.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟
- ما بعد الدولة -المُتألّهة-: سرديّة المقدّس في عصر الحداثة!
- في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة ال ...
- الدولة المارقة: -إسرائيل- وإعادة إنتاج النازية بالصهيونية!
- -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!
- -التديّن الإمبريالي-: حين تُصبح الحروب مقدّسة!
- حين تحدث الفلاسفة بالعربية: أثر الإسلام في الفلسفة الغربية
- الصين والولايات المتحدة: إدارة النفوذ بين الاحتواءِ والصراعِ
- بين -عبقرية المكان وانتقام الجغرافيا- نظرة -كابلان وحمدان- ل ...
- الأردن وهواجس -ترامبسفير- غزة الخيارات الوطنية لمواجهة المخط ...
- الأردن وريادة دعم حقوق ذوي الإعاقة إنجازات مشرّفة.. ونماذج إ ...
- مآلات ومستقبل الدولة السورية ما بعد الاتفاق: شروط وتحديّات
- الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ومستقبل البحث العلمي الرقمي: ا ...
- طهران وتل أبيب.. من حروب الظل إلى رسائل النار


المزيد.....




- هوس أكياس الكافيين: موضة بين المراهقين تثير قلق بعض الخبراء ...
- ألمانيا تعتبر -التقدم الأولي المحدود- في إيصال المساعدات إلى ...
- أكثر من ألف موظف أوروبي يدعون لتعليق العلاقات مع إسرائيل
- بعد قرار ترامب في وجه روسيا.. تعرف على أسطول غواصات أميركا
- لغز يحيّر المحققين.. رضيعة تنجو من مجزرة عائلية مروعة والقات ...
- حماس ترد على تصريح ويتكوف حول استعدادها لنزع سلاحها
- أكسيوس تجذب الجمهور بأسلوب تحريري فريد
- تقرير بريطاني: إسرائيل تفعل في غزة ما لم تفعله ألمانيا بالحر ...
- بسبب -صوت مصر-.. شيرين عبد الوهاب تلجأ إلى القضاء ردا على تص ...
- إعلام إسرائيلي: العالم يتكتل ضدنا بعد أن اتحد لدعمنا في 7 أك ...


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسر قطيشات - -غزة- في مرآة الخذلان العربي