أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - طهران وتل أبيب.. من حروب الظل إلى رسائل النار















المزيد.....

طهران وتل أبيب.. من حروب الظل إلى رسائل النار


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 7950 - 2024 / 4 / 17 - 01:58
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


بين التهويل والمبالغة والسخرية والاستهانة، انقسم الشارع العربي؛ بشكل عبثي؛ تجاه رسائل الثأر والنار والوعد والوعيد بين تل أبيب وطهران، إثر الضربات العسكرية الإيرانية (الصاروخية والمسيّرات) غير المسبوقة والمنسّقة والمحدودة على "إسرائيل" ليلة الرابع عشر من إبريل/نيسان الجاري.
ولا شكّ أن تفسير هذه الظاهرة، "التهويل والمبالغة والسخرية"، يرتبط من زاوية بالتفكير السطحي "المؤدلج" بين العاطفة والطائفية، ومن زاوية أخرى يتعلق بغياب المشروع القومي الذي يمثّل شعوب هذه المنطقة من الخليج إلى المحيط، المشروع الذي يعكس القدرة العربية على مواجهة قوى التهديد الوجودي، خاصة الإمبريالية الأمريكية ومشاريع الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة، فضلاً عن مشاريع إيران في بلاد الطوق العربي من الشامِ إلى عدنِ.
لذلك، انقسمت النخب والتيارات العربية بين المشاريع الإقليمية التي يمكن أن تنتصر لقضايا العرب المصيرية: المشروع التركي العثماني (السني)، والمشروع الإيراني الملالي (الشيعي)، ومشاريع كيان الاحتلال (اليهودي) الاستيطانية، والمشروع الغربي الأمريكي (العَلماني) بديمومة سلطات تنفيذية عربية (أوليغارشية) منقوصة السيادة والإرادة، وبناء شرق أوسط جديد يسوده الأمن والسلام وفق رؤية التلمود والهيكل المزعوم!
ولا غرابة أن يُحللّ، سواد الناس ونخبهم على السواء، الحدث بصفته مسرحيّة هزليّة مُتفق عليها، أو مؤامرة "صهيونية-فارسية" ضد فلسطين والدول العربية! أو على العكس: يفسّرها البعض في سياق حرب الوجود اليهودي وكسر العظم الإيراني! أو أن طهران انتفضت أخيراً للدفاع عن ثرى فلسطين ومهاجمة المشروع الصهيوني والأمريكي في المنطقة برمتها!
لذا علينا أن نفهم ما جرى ضمن سياقه الإقليمي ومساحات المناورة المفتوحة للأطراف كافة، فحتى الولايات المتحدة، كقوّة عظمى، قد تضطر لأن تتحرّك ضمن خيارات محسوبة ومحسومة سلفاً مع دول المنطقة، باستثناء "إسرائيل" التي تتصرّف بصلافة وعدائية لا نظير لها، وخارج كافة السياقات المقبولة أو المتفق عليها، أولاً؛ لأنها -ترى نفسها- فوق القانون الدولي، ولا تتقاسم قيم تعايش وإنسانية مع المجتمعات المتحضرة، وثانياً؛ ما تملكه من مظلة حماية لامحدودة من الولايات المتحدة والغرب، فمن أمِنَ العقاب أساء الأدب!
وبدايةً، لا بد من الاعتراف بحقيقة أن رد طهران العسكري جاء بشكل منفصل عن العدوان الصهيوني على غزة، وهو تطوّر نوعي وخطير وملفت، ويجري لأول مرة في تاريخ البلدين، أو منذ الثورة الخمينية عام 1978م، فهذا أول هجوم عسكري مباشر من الأراضي الإيرانية باتجاه إسرائيل يكسر حواجز الردع المتبادل، ولأول مرة ترّد طهران عسكرياً، وبحجم كبير، على عدوان إسرائيلي يستهدفها، رغم سنوات طويلة من حروب الوكلاء والظل وعمليات التجسس والتخريب والتجريب.
لقد جاء الفعل الإيراني كرد فعل طبيعي على العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع إبريل الحالي، وبعد أسبوعين من نفاذ الصبر الاستراتيجي الإيراني من سياسة كيان الاحتلال، بعد أن تركت طهران الباب موارباً لإمكانية التسوية والاعتذار من جانب واشنطن وتل أبيب، لكن ما جرى العكس، عطّلت الولايات المتحدة بيان إدانة مجلس الأمن للعدوان الإسرائيلي على القنصلية، كما بررّت الأخيرة العدوان، بكل "عنجهية"، بذريعة أن القنصلية تُستخدم لعمليات عسكرية ضدها!
وحرب الظل والردع بين إسرائيل وإيران، أخذت تتطوّر وتتصاعد منذ السابع من أكتوبر 2023م، باستهداف مباشر لمراكز ومعسكرات طهران في دمشق، وقد قتلت إسرائيل العديد من القيادات العسكرية الإيرانية في سوريا خلال الشهور الماضية في إطار الحرب المستمرة ضد إيران وحلفائها، لكنّ قصف القنصلية الإيرانية، كان التصعيد الأخطر الذي تجاوز كافة الخطوط الحمراء ومستويات الردع وحدود الاشتباك المقبولة، وخرج بالحرب بينهما من الظل إلى النور، ومن حرب الرسائل عبر صناديق الوكلاء إلى رسائل النار المباشرة، ولم يكن أمام طهران من خيارات سوى الردّ، فقد تعرّضت سيادتها وعقيدتها وقيادتها الإقليمية لإحراج شديد، وجرحت إسرائيل كرامتها على مسمع ومرأى العالم!
ورغم ذلك، وبعد أسبوعين من الصبر الاستراتيجي، قررّت طهران تكييف ردها العسكري بشكل متوازن ومحدود، من جهة تبعث رسائل النار إلى صندوق تل أبيب بشكل مباشر دون وسطاء، كما جرت العادة، ومن جهة أخرى تبتعد عن المبالغة في الرد خوفاً من حرب إقليمية تجرّدها من نفوذها الإقليمي في المنطقة العربية.
فلن تُضحي طهران بنفوذها تحت ذرائع غزة أو دمشق، ولن تسمح لتل أبيب بتهديد وجودها وهيمنتها في سوريا والعراق ولبنان واليمن، والوصول بيسر إلى مياه البحر الأبيض المتوسط، كما أن اقتصاد إيران لا يحتمل مغامرات عسكرية في ظل العقوبات الاقتصادية الأمريكية والغربية والبرنامج النووي.
ولأن الرد جاء بشكل متوازن ومنسّق مسبقاً مع العديد من الأطراف الإقليمية والدولية، فقد ظهر باهتاً للمتابعين ومحدود الأثر والنتائج، كما أن الهجوم، وإن كان نتيجة طبيعية تراكمية لحرب غزة، فانه جاء خارج سياقها العام، والأفضل تبويبه في إطار صراع النفوذ والمصالح والردع المتبادل بين طهران وتل أبيب، فإيران لم ولن تخوض حرباً من أجل فلسطين أو أية قضية عربية أخرى، ولا كذلك من أجل الحلفاء أو الأتباع.
والأهم بنظرنا أن هذا الهجوم، على ما تمظهر به للعيان، كشف العديد من الحقائق التي لا لُبس فيها، أهمها أن إسرائيل عاجزة فعلاً عن الدفاع عن نفسها في حرب ضد إيران أو غيرها من القوى الإقليمية من دون الدعم الغربي والأمريكي، بل ومن دون التواجد العسكري الأمريكي في دول المنطقة، وهذا ما تبين للإدارة الأمريكية منذ معركة طوفان الأقصى، فجسر الدعم العسكري؛ الأمريكي والغربي؛ والمشاركة الميدانية في إدارة الصراع والحرب في غزة والبحر الأحمر، وأخيراً مع إيران، كشفت عن مدى وهن وضعف وقدرة إسرائيل على إدارة "الحروب الحقيقية"، رغم ما تملكه من ترسانة أسلحة وقوة ضاربة، برية وبحرية وجوية!
ومن الحقائق التي برزت للعيان؛ هو تشكيل لوبي عربي–غربي أو "جوقة عربية" تعزف "سيمفونية" الدفاع عن إسرائيل بقيادة أمريكية، بصورة بدت للبعض خارج – أو منعزلة عن- سياق حرب المنابر في مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية التي خاضتها تلك الدول لشهور طويلة ضد كيان الاحتلال بتهم الإبادة الجماعية وتدمير الحياة في غزة!
هذا اللوبي ظهرت بعض أطرافه خلال التحالف الهلامي الذي شكلته الولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر ضد اليمن، ثم أعلن عن نفسه في هيئة لوبي إقليمي تولّت أطرافه اسقاط الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية الأخيرة، بحجّة سيادة الأجواء، وما أن انقشع غبار السماء حتى تبيّن أن اللوبي العربي-الغربي دافع حصراً عن "إسرائيل" وحال دون وصول غالبية المسيّرات والصواريخ لأجواء وأرض فلسطين المحتلة!
لقد ثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكنه أن يدافع عن نفسه دون حماية من الولايات المتحدة والغرب، ودون مشاركة وتغطية من اللوبي العربي، وأن العدوان على غزة ومنذ سبعة شهور، ما كان ليستمر لولا التحالف "النشاز" في المعادلة الإقليمية.
فهل الدفاع عن "إسرائيل" في هذه المعركة الرمزية بمثابة فتح صفحة جديدة بين تل أبيب وعواصم الضاد؟! خاصة وأن ثمَّ قاسمٌ مشترك جديد يجمعهما الآن، وهو مواجهة "الخطر" الإيراني بالمفهوم الجيوسياسي، أمّا فلسطين وغزة، فقضيّة المقاومة وسلطة أوسلو!.
بعد السابع من أكتوبر، تغيّرت المفاهيم والحدود، لذلك سيتواصل العدوان الإسرائيلي ضد إيران في دول الجوار تحديداً، ومن المستبعد أن تستهدف إسرائيل الأراضي الإيرانية بشكل مباشر دون موافقة أمريكية وغطاء من حلفاء الإقليم، ودون جدولة المدى والأثر ورد الفعل المتوقّع.
لذلك من المستبعد أن تندلع حرباً شاملة بين الطرفين، إلا في حالة واحدة، وهي أن تكسر حكومة الحرب اليمينية المتطرفة وبجنون "نتنياهو" قواعد الاشتباك في سياقها الإقليمي، وتقصف مثلا المفاعلات النووية الإيرانية أو مقار مدنية أو عسكرية من قلب إيران، حينها على العالم بأسره أن يدفع ثمن الصمت المخزي على جرائم كيان الاحتلال في فلسطين وخارجها، وحينئذ، لن يجدي نفعاً مسألة اتساع رقعة الحرب من عدمها، لأن المنطقة برمتها ستكون في قبضة "الشيطان".



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -المجمع الصناعي العسكري- الأمريكي وتجارة الحروب
- ما بعد -الطوفان- .. مصير الكيان والمنطقة!
- انحياز النظام الغربي ضد الإنسانية !
- -هولوكوست- غزة وجريمة الصمت العربي والدولي !
- -طوفان الأقصى- والعدوان على غزّة: سياقات الصراع وسيناريوهات ...
- سياقات الموقف الأردني من العدوان على غزة: الخيارات الصعبة بي ...
- الانسحاب الأخير وغياب البديل !!
- الأردن ودول الخليج: معادلة الأمن والسياسة ومُعضلة والاقتصاد
- الدولة والمواطن .. كيف يكون المجتمع المدنيُّ رديفاً للدولةِ؟
- فلسفة الانتحار .. لحظةٌ فاصلةٌ بين المواجهة وتجربة الموت!
- التوظيف السياسي للدين : لعبة الأمم ! الجزء الثاني
- التوظيف السياسي للدين : لعبة الأمم !! الجزء الأول
- الأردن وإيران .. عقدة السياسة والمصالح -المؤجلة-
- الأمن القومي -الطائفي- وأزمة الدولة العربية المركبة
- -ابتسم أيها الجنرال- .. -ميكافيللي- في دراما صراع السلطة وال ...
- السودان وحافة الهاوية: نزاع الجنرالات على السلطة والثروة
- أوباما والأرض الموعودة .. ملخص كتابه الجديد
- كيف يمكن ضمان نجاح تجربة الحكومات البرلمانية في الأردن؟
- فرص الأردن الاقتصادية البديلة: ندرة الموارد وصعوبة الاختيار
- سياسة ممنهجة وسجلٌ أسود باستهداف الصحافة.. بأي ذنب قُتلت شير ...


المزيد.....




- حفل زفاف -أسطوري- لملياردير أمريكي في مصر وعمرو دياب في صدار ...
- بالفيديو.. ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يستقبل وزير الخار ...
- مقتل 3 فلسطينيين على الأقل جراء غارة جوية إسرائيلية على مخيم ...
- لقاءات بالرياض لبحث وقف إطلاق النار بغزة
- الحرس الثوري: هدفنا تأمين مياه الخليج
- ضغوط في الداخل والخارج.. هل يتراجع نتنياهو عن عملية رفح؟
- الحراك الداعم لغزة يتمدد.. قمع في السوربون وطلاب جامعة كولوم ...
- حزب الله يقصف مواقع إسرائيلية والاحتلال يكثف غاراته على جنوب ...
- تعرض سفينة لأضرار قبالة اليمن وإيطاليا تعلن إسقاط مسيرة للحو ...
- فرنسا.. أكفّ مطلية بالدماء تضامنا مع غزة تثير غضب مؤيدين لإس ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - طهران وتل أبيب.. من حروب الظل إلى رسائل النار