أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسر قطيشات - سياقات الموقف الأردني من العدوان على غزة: الخيارات الصعبة بين (الاحتواء والاستقواء)















المزيد.....

سياقات الموقف الأردني من العدوان على غزة: الخيارات الصعبة بين (الاحتواء والاستقواء)


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 7772 - 2023 / 10 / 22 - 18:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


منذ اليوم لاندلاع الحرب، كان الموقف الأردني من أكثر المواقف العربية تحركاً على الساحتين العربية والدولية، فقد ظهرت صور التناغم بين الموقف الرسمي الأردني ودبلوماسية الملك المكوكية في المنطقة والعالم، وبين الموقف الشعبي العام الذي عبّر عن رأيه من خلال سلسلة مظاهرات واعتصامات شهدتها المملكة منذ أسبوع، حيث نظّم عشرات الآلف من الأردنيين مظاهرات حاشدة في وسط العاصمة عمان ووقفة قرب السفارة الإسرائيلية، ومظاهرات عمّت كافة محافظات ومدن وقرن المملكة، للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتنديدا بالعدوان الإسرائيلي الهمجي على السكان وقتل الأطفال والمدنيين الأبرياء.
كما حمل العاهل الأردني على عاتقه مسؤولية الدفاع عن أهل غزة وحقوق الشعب الفلسطيني، حيث حذر الملك، مراراً وتكراراً، من خطورة فشل مشاريع التسوية وحل القضة الفلسطينية بشكل عادل، وتعنّت حكومات الاحتلال تجاه حقوق الشعب الفلسطيني.
ومنذ إعلان الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الحالي، حذر العاهل الأردني، في مختلف المواقف واللقاءات، من أن العدوان الإسرائيلي على غزة دخل مرحلة خطيرة ستجرّ المنطقة إلى كارثة لا تحمل عقباها"، وأجرى الملك سلسلة اتصالات عربية دولية بهدف وقف العدوان، وقام بجولة أوروبية لحشد موقف دولي يؤيد خفض التصعيد وإنهاء العدوان وتخفيف الأزمة الإنسانية على الشعب الفلسطيني في غزة.
كما حذّر الأردن بشدة من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من غزة، أو التسببّ في نزوحهم، وأكد وزير الخارجية "أيمن الصفدي" على ضرورة عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار، و"مفاقمة قضية اللاجئين".
وفي أعقاب مجزرة مستشفى المعمداني في غزة، أدان الأردن بأشد العبارات "المجزرة البشعة التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين والمرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في المستشفى.."، واعتبرها جريمة حرب نكراء تتنافي وقيم الإنسانية وقواعد القانون الإنساني الدولي، ودعا الأردن المجتمع الدولي لوضع حد لسفك الدماء الذي يشكل استمراره وصمة عار على الإنسانية.
كما كان من المقررّ أن يعقد الأردن في عمّان قمة رباعية يوم الأربعاء الموافق (18 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي) بمشاركة الرئيس الأميركي "جو بايدن" والرئيسين المصري "عبد الفتاح السيسي" والفلسطيني "محمود عباس"، إضافة إلى الملك عبد الله الثاني، وذلك لمناقشة سبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وفك الحصار عن الشعب الأعزل وإنهاء معاناته، قبل فوات الأوان.
لكن الاحتلال كان له رأي آخر، فقد رفضت حكومة الحرب الإجرامية فتح قنوات اتصال دبلوماسي بين الأردن والإدارة الأمريكية، وعمدت إلى ارتكاب مجزرة دموية وهولوكوست مستشفى المعمداني، لتحقيق مآربها المكشوفة في إفشال عقد هذه القمة، وقطع الطريق على الجهود الأردنية والمصرية لوقف شلال الدم ومشاريع الإبادة والتهجير التي تمارسها اليهودية الصهيونية منذ (75) عاماً !
لذلك، وعلى إثر هذه المجزرة، قررّ الأردن إلغاء القمة الرباعية، وذكر وزير الخارجية الأردني "أيمن الصفدي" أن المملكة قررت إلغاء القمة، بعد مجزرة المستشفى، وكذلك إلغاء زيارة الرئيس الأمريكي للأردن، "لأننا نريد منها إذا عُقدت أن تنتج مخرجاً واحداً لا ثاني له وهو وقف الحرب واحترام إنسانية الفلسطينيين وإيصال ما يستحقون من مساعدات..".
كما أشار الملك عبد الله الثاني في كلمته في قمة القاهرة للسلام (السبت 21 أكتوبر 2023) إلى أن “التهجير القسري أو الداخلي للفلسطينيين يعتبر جريمة حرب"، ودعا الى وقف الحرب بشكل فوري وإدخال مساعدات للمدنيين.
كما شددّ الملك على ضرورة أن يتعامل المجتمع الدولي في الحرب على قطاع غزة وفق معايير دولية محددة وواضحة تطبّق على الجميع بعيداً عن الانتقائية والتمييز، وأكّد أن حياة الفلسطينيين لا تقل قيمة عن حياة غيرهم.
ويبدو أن السياسة الأردنية التي تعاملت مع خيارات محدودة في سياقها الخارجي، منذ عقدين، فقدت هوامش للمناورة في ضوء شح البدائل الحقيقية أو عدم استغلالها بشكل مناسب، فالاعتماد على رسم علاقات في اتجاه واحد مع الغرب، وتجاهل خيارات بدائل السياسة الخارجية مع القوى المؤثرة في العالم، ساهمت في تقييد مستويات الخفض والتصعيد في السياسة الخارجية الأردنية في ظروف وأوقات الأزمات والنزاعات، وهو ما انعكس اليوم بوضوح في ضبابية مشهد إدارة الأزمة الإقليمية الراهنة.
لذلك، فإن خيارات الأردن وهامش المناورة السياسية اليوم محدودة ضمن خيارات احتواء الداخل واستقواء الخارج، بين غضب الشارع الأردني العام الذي يطالب بقرارات حاسمة لا تمثّل مصلحة عليا في الظرف الرهن للأردن، بل وتشكّل خطراً على أمنه الوطني، وبين ممارسات وسياسات حكومة الاحتلال العنصرية التي تستقوي بالدعم اللامحدود من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، وهي الدول التي أغلقت في وجه الأردن والعرب عموماً، أبواب أنصاف الحلول ودبلوماسية احتواء الموقف وضبط النفس وخفض التصعيد ..الخ.
لقد أعلن الغرب، بقيادة إدارة البيت الأبيض، موقفه الصارم من العدوان على غزة، بدعم الاحتلال بشتى السبل وتهديد كل من يؤيد أو يدعم المقاومة الفلسطينية في غزة، أو حتى من يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، هي تحولات نوعية خطيرة في السياسة الأمريكية والغربية، تؤشّر بلا شك لمرحلة تصعيد غير مسبوقة، قد تهددّ كل دول المنطقة، وقد تفتح الباب على مصراعيه لحرب إقليمية وكارثية، لا قدر الله.
وعليه، فإن سياقات الموقف الأردني من تطورات الحرب في غزة منذ عملية طوفان الأقصى وحتى العدوان الهمجي على غزة، خلال الأسبوعين الماضيين، مّرت في عدة مراحل: الأولى بالزيارات الملكية المكوكية لدول الغرب والاتصالات مع إدارة البيت الأبيض لوقف العدوان وتهدئة التصعيد، ثم في مرحلة المشاركة في المؤتمرات ومحاولة عقد قمة رباعية في عمّان، فشلت بسبب السياسة الصهيونية مجزرة المستشفى، ثم مرحلة تحوّل الخطاب الرسمي من دبلوماسية المهادنة إلى دبلوماسية المكاشفة والتنديد الصريح بسياسات الغرب الانتقائية والتحيّز الواضح ضد المصالح والحقوق الفلسطينية.
خاصة وأن الملك والأردن الرسمي، قررّا بشكل مباشر ودون مواربة وضع المجتمع الدولي أمام حقائق القضية الفلسطينية وحصار غزة، ومدى خطورة هذه القضية على واقع ومستقبل الأردن، شعباً وقيادة.
فقد لاحظ المراقبون مدى التحوّل الجلي في لغة الخطاب الرسمي الأردني تجاه إسرائيل والغرب، بعد أن أبدى الملك غضبه وانزعاجه مما يحدث في غزة من جرائم تندى لها الجبين، وكأن حال لسان يقوله للغرب المتحيز "باسم شعبه" : (كفى صمتاً وآن الأوان لوقف هذا الاعتداء السافر على حقوق الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير وقادمة دولته، أسوة بكل شعوب العالم الحر) !!
لذلك، فإن خيارات الموقف الأردني وجهود الملك تجاه العدوان وآليات وقف العدوان، تسير اليوم ضمن هامش مناورة محدود يتحرّك فيه الأردن بالتعاون مع عدد محدود من الدول العربية المؤثّرة في القضية، خاصة مصر وقطر، وهو موقفٌ لا يحسد عليه بين معادلة صعبة جداً قوامها (الاحتواء والاستقواء)، احتواء الداخل واستقواء الخارج!



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسحاب الأخير وغياب البديل !!
- الأردن ودول الخليج: معادلة الأمن والسياسة ومُعضلة والاقتصاد
- الدولة والمواطن .. كيف يكون المجتمع المدنيُّ رديفاً للدولةِ؟
- فلسفة الانتحار .. لحظةٌ فاصلةٌ بين المواجهة وتجربة الموت!
- التوظيف السياسي للدين : لعبة الأمم ! الجزء الثاني
- التوظيف السياسي للدين : لعبة الأمم !! الجزء الأول
- الأردن وإيران .. عقدة السياسة والمصالح -المؤجلة-
- الأمن القومي -الطائفي- وأزمة الدولة العربية المركبة
- -ابتسم أيها الجنرال- .. -ميكافيللي- في دراما صراع السلطة وال ...
- السودان وحافة الهاوية: نزاع الجنرالات على السلطة والثروة
- أوباما والأرض الموعودة .. ملخص كتابه الجديد
- كيف يمكن ضمان نجاح تجربة الحكومات البرلمانية في الأردن؟
- فرص الأردن الاقتصادية البديلة: ندرة الموارد وصعوبة الاختيار
- سياسة ممنهجة وسجلٌ أسود باستهداف الصحافة.. بأي ذنب قُتلت شير ...
- نحو بناء اقتصاد متنوّع .. أزمة الاقتصاد الأردني اليوم !
- صراع -الجهالةِ- !!
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (6) -الجزء ...
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (5)
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (4)
- الأردن والولايات المتحدة .. الدور السياسي وأولويات الأمن وال ...


المزيد.....




- بالفيديو.. لحظة انبثاق النار المقدسة في كنيسة القيامة
- شاهد: إنقاذ 87 مهاجراً من الغرق قبالة سواحل ليبيا ونقلهم إلى ...
- الفطور أم العشاء؟ .. التوقيت الأمثل لتناول الكالسيوم لدرء خط ...
- صحيفة ألمانية: الحريق في مصنع -ديهل- لأنظمة الدفاع الجوي في ...
- مسؤول إسرائيلي: لن ننهي حرب غزة كجزء من صفقة الرهائن
- قناة ألمانية: الجيش الأوكراني يعاني من نقص حاد في قطع غيار ا ...
- تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل ...
- الطعام ليس المتهم الوحيد.. التوتر يسبب تراكم الدهون في البطن ...
- قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين
- -اللعب الخشن-.. نشاط صحي يضمن تطوير مهارات طفلك


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسر قطيشات - سياقات الموقف الأردني من العدوان على غزة: الخيارات الصعبة بين (الاحتواء والاستقواء)