أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - -ابتسم أيها الجنرال- .. -ميكافيللي- في دراما صراع السلطة والاستبداد















المزيد.....

-ابتسم أيها الجنرال- .. -ميكافيللي- في دراما صراع السلطة والاستبداد


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 7592 - 2023 / 4 / 25 - 22:25
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


دراما السلطة والاستبداد
يعتبر مسلسل "ابتسم أيها الجنرال" إنجازًا فنياً بامتياز، حيث حقق نجاحاً كبيراً في إظهار التعقيدات السياسية والاجتماعية في سوريا وغيرها من نظم الحكم في الدول العربية، وهو ما دفع بعض النقاد إلى الإشادة به ووصفه بأنه أحد أهم المسلسلات العربية التي تناولت هذا الموضوع، بهذا الشكل من التفاصيل والوضوح.
وقد حظي المسلسل بنسب مشاهدة عالية جداً على المستوى العربي والعالمي، رغم محدودية القنوات التي عرضت المسلسل خلال شهر رمضان، وأثار المسلسل ردود فعل متباينة من قبل المشاهدين والنقاد، فمن جهة، أثار المسلسل اهتمام الجماهير العربية بسبب تناوله لموضوعات سياسية واجتماعية حساسة تهم شعوب المنطقة العربية.
ومن جهة أخرى، اعتبر بعض النقاد أن المسلسل يقدّم صورة مشوهة للحياة السياسية في سوريا وينتقدونه بسبب التشويه الذي تقوم به الحركات الثورية المناهضة للحكومة السورية، كما اعتبره البعض مبالغاً في تصوير العنف والصراعات الداخلية! بدعوى أن الواقع السياسي المخفي أجمل من هذا التوصيف الدرامي !!
لا شك أن الردود المتباينة على المسلسل، تعكس تعقيد المواضيع التي يتناولها، وتظهر التحديات التي تواجهها الدراما العربية في تناول مواضيع سياسية واجتماعية جادة بطريقة موضوعية ومتوازنة.
ولكن، يجب توخي الحذر عند المقارنة بين المسلسل والواقع، والتأكّد من أن المعلومات التي نستخدمها في التقييم والنقاش دقيقة وموثوقة بصورة أو بأخرى، بعيداً عن الحكم العاطفي والأجندات المسبّقة حيال هذا النظام أو ذاك، وعند المقارنة بين المسلسل والواقع في سوريا وبعض الأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية، فان هذا الموضوع الحساس، يتطلّب التعامل معه بحرص شديد، فعلى الرغم من أن المسلسل قد يكون مأخوذاً من واقع الحياة السياسية والصراع على السلطة في سوريا وغيرها من دول المنطقة، إلا أنه يجب ملاحظة أن المسلسل هو دراما تمثيلية قد تعكس بعض الحقيقة أو ما ظهر منها.
وعند تحليل وتقييم أحداث المسلسل، يجب النظر إلى جوانب متباينة مثل السياق التاريخي والثقافي والسياسي للنظم السياسية في الوطن العربي، فضلاً عن تحليل دقيق للأحداث والشخصيات المعروضة في المسلسل، والتركيز على الإيجابيات والسلبيات في التصوير والمعالجة للقضايا الحساسة في المسلسل، ومدى تأثيرها على المشاهدين والاهتمام بإيصال الرسالة المطلوبة للمتلقي بشكل واضح.
استبداد الجنرال وميكافيللي
من ناحية أخرى، فقد ظهر بذكاء فكرة الربط بين فكرة المسلسل وما ورد في كتاب "الأمير" للسياسي والمفكر الإيطالي المشهور "نيقولو ميكافيللي"، الذي يعدّ من روّاد منهج الواقعية السياسية والمنفعة ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة، حيث تناول الكتاب موضوع الحكم الدكتاتوري والسلطة، وكيف يمكن للحاكم أن يحتفظ بالسلطة والتحكّم في الشعب، وهذا ما يظهر في المسلسل من خلال شخصية الجنرال الذي يحاول بشتى الطرق الحفاظ على سلطته وتحكمه في البلد.
كما تحدث الكتاب عن أهمية استخدام الخداع والمكر في السياسة، وهو ما ظهر أيضاً في المسلسل من خلال العديد من المؤامرات والخدع التي يستخدمها الجنرال وحكومته للحفاظ على السيطرة والسلطة.
وأيضاً موضوع العنف والحرب وكيفية التعامل معهما في السياسة، تطرق لهما ميكافيللي بوضوح، واعتمد عليه المسلسل من خلال الحروب والمعارك التي يخوضها الجيش والثوريون ضد الحكومة، وكيفية التعامل مع هذه الأحداث العنيفة.
وبالتالي، يمكن القول أن المسلسل يستوحي بعض أفكاره من كتاب "الأمير" لميكافيللي ويتناول بشكل مشابه بعض المواضيع الهامة في السياسة والحكم، ومن خلال الربط بين الكتاب والمسلسل يمكن أن نفهم بعض القضايا السياسية والاجتماعية المعقدة التي يتناولها المسلسل بشكل أكبر وأوسع.
الاستبداد المشروع !
اعتبر البعض أن "الاستبداد" مشروع في ظل تعرّض الدولة -أي دولة- أو نخبها وقياداتها السياسية للمؤامرات الداخلية أو الخارجية، وأن الغاية "المكيافيلية" تبررّ التضحية بحرية الرعايا في سبيل حفظ الوطن والزعيم المفدّى !! ولنا هنا وقفةٌ لا بدّ منها :
يعتبر الدفاع عن "الوطن والنخب والقيادات" من القيم الأخلاقية والوطنية المهمة، وهي قيمة مشروعة ومحترمة في مختلف الثقافات والمجتمعات، وتصبح فرض عين، في حال وجود تهديد حقيقي مباشر للوطن أو قيادته ونخبه، ويمكن تقديم تبريرات أخلاقية ووطنية عديدة للدفاع عنهما، والدفاع عن الحدود والسيادة وحماية الشعب والمواطنين.
بيد أن استخدام هذه التبريرات -العاطفية والشعبوية- بطريقة مبالغة أو غير مبررة، لتبرير القيام بأعمال غير قانونية وغير انسانية، أو لتبرير العنف والتعذيب والاضطهاد ضد الأفراد والمواطنين وإرهاب المجتمع بأسره، يعدّ مخالفاً لكل المبادئ والقيم والأخلاق، ويعتبر انتهاكاً لحقوق الانسان ومعايير الأمم المتحضرة في هذا المجال، فالغاية المشروعة بحاجة لوسائل مشروعة، والدفاع عن الوطن أو من يمثلونه في النظم السياسية، مع ضرورة التمييز بينهما عملياً، يجب أن يستند إلى القانون والمؤسسات الرسمية، ويحترم حقوق الأفراد ويحافظ على المصالح العامة للبلاد.
ولا يمكن تبرير الاستبداد والاضطهاد والفساد بأي حجة، حتى لو كان الأمر يتعلق بالدفاع عن الوطن ونخبه السياسية أو النظام السياسي، فالاستبداد بطبعه ووصفه مخالفٌ لكافة قيم الدين والشرائع السماوية والديمقراطية وحقوق الإنسان وكرامته، وبالتالي لا يمكن تبريره بأي حجة وتحت أي ظرف.
علاوة على ذلك، فإن تبرير الفساد بحجة حماية الوطن من الفوضى، يعكس عدم احترام القانون والمبادئ الأخلاقية، ويشجّع على المزيد من الفساد والفوضى، ويضر بالمصالح العامة والاقتصاد والتنمية.
لذلك، فان كافة القوانين الدولية اليوم تؤكد ضرورة توفير الضمانات اللازمة لحماية حقوق الأفراد والحفاظ على قيم الديمقراطية وحكم القانون، وعدم استخدام تبريرات الدفاع عن النخب والقيادات السياسية وغيرها، كحجة للقمع والاضطهاد والحد من حرية التعبير والتجمع والاجتماع وغيرها من الحقوق الأساسية.
أين من هنا .. ؟
بالتأكيد أن موضوع "الحكم الدكتاتوري والقمع وحقوق الإنسان" موضوع حسّاس ومعقد للغاية، منه الظاهر والمعترف به دولياً، وما خفي منه أعظم، ويمكن استخدام المسلسل أعلاه، كأداة لفهم ودراسة هذه المسائل المعقدة، مع الانتباه إلى أن المسلسل لا يمثل الواقع بشكل كامل، فرغم أن المسلسل سلّط الضوء على بعض القضايا الهامة في الواقع السياسي والاجتماعي في سوريا والمنطقة العربية، فقد احتوى على تحريف في البعض المشاهد أو تبسيط للأحداث والتفاصيل -في غيرها- لأغراض الترفيه والدراما.
لذلك يتعين التعامل مع هذا الموضوع بحرص وتحليل دقيق عند التقييم والتحليل على صعيد العمل الدرامي، كما يتوجب – في الأعمال الفنية- النظر إلى العديد من الجوانب المختلفة والتي قد تشمل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وبكل تأكيد، فإن المسلسل يمثل نقطة انطلاق للمناقشة حول هذه المسائل ولفت الانتباه إلى بعض الأسئلة الأخلاقية والسياسية المتعلقة بالحكم الدكتاتوري وصراع السلطة والقمع والحرية وحقوق الإنسان.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السودان وحافة الهاوية: نزاع الجنرالات على السلطة والثروة
- أوباما والأرض الموعودة .. ملخص كتابه الجديد
- كيف يمكن ضمان نجاح تجربة الحكومات البرلمانية في الأردن؟
- فرص الأردن الاقتصادية البديلة: ندرة الموارد وصعوبة الاختيار
- سياسة ممنهجة وسجلٌ أسود باستهداف الصحافة.. بأي ذنب قُتلت شير ...
- نحو بناء اقتصاد متنوّع .. أزمة الاقتصاد الأردني اليوم !
- صراع -الجهالةِ- !!
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (6) -الجزء ...
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (5)
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (4)
- الأردن والولايات المتحدة .. الدور السياسي وأولويات الأمن وال ...
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (3)
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (2)
- العدالة الانتقالية ... تجربة عربية لم تكتمل !
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (1)
- أزمة انتاج الفكر والمعرفة !!
- أزمة الدولة العربية بين المدنية والمواطنة
- المرأة الأردنية والمناصب السيادية : صوة خارج البرواز !!
- أزمة المياه في الأردن .. شريان الحياة في خطر !!
- المرأة العربية والبرلمان .. ليس مجرد حضور !!


المزيد.....




- أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير ...
- مقتل أربعة عمال يمنيين في هجوم بطائرة مسيرة على حقل غاز في ك ...
- ما الأسلحة التي تُقدّم لأوكرانيا ولماذا هناك نقص بها؟
- شاهد: لحظة وقوع هجوم بطائرة مسيرة استهدف حقل خور مور للغاز ف ...
- ترامب يصف كينيدي جونيور بأنه -فخ- ديمقراطي
- عباس يصل الرياض.. الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محاد ...
- -حزب الله- يستهدف مقر قيادة تابعا للواء غولاني وموقعا عسكريا ...
- كييف والمساعدات.. آخر الحزم الأمريكية
- القاهرة.. تكثيف الجهود لوقف النار بغزة
- احتجاجات الطلاب ضد حرب غزة تتمدد لأوروبا


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - -ابتسم أيها الجنرال- .. -ميكافيللي- في دراما صراع السلطة والاستبداد