أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ياسر قطيشات - العدالة الانتقالية ... تجربة عربية لم تكتمل !














المزيد.....

العدالة الانتقالية ... تجربة عربية لم تكتمل !


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 7174 - 2022 / 2 / 26 - 09:19
المحور: حقوق الانسان
    


تعتبر العدالة قيمة إنسانية واجتماعية مثلت محور المعتقدات الدينية والأخلاقية، فالعدالة هي الحل التشريعي والنفسي الذي تقترحه كل الأديان لمعضلة البشر الأزلية: صراع الخير مع الشر. وبالتالي، فإن جوهر أي دين يمكن اختزاله بموضوع العدالة.
والعدالة نوع من القيم الاجتماعية الحتمية، فهي توفر الحماية للمجتمع من الانحلال والتفسخ والفساد، وتجعل كافة الأفراد متساوين في الحقوق والواجبات، بل ويجب على كل أفراد المجتمع، حكاماً ومحكومين، الاتفاق عليها وحمايتها، وهذه الحماية تكون بفرض القانون وتنفيذه والاحتكام إليه من طرف الجميع.
ومنذ بداية البشرية، كانت العدالة تختزل بقاعدة فقهية بسيطة مفادها "السن بالسن والعين بالعين"، ثم نظمتها الاديان عبر الكتب السماوية، وأصبحت تحتكم إلى قوانين وإجراءات قضائية وعقابية مختلفة، لكن تطور مفهوم العدالة في أغلب المجتمعات العالمية لم يحقق مفهوم العدل ببعديه الانساني والفلسفي، نظرا لان التطبيق يفتقر إلى عنصري الحياد والاستقلالية في أغلب المجتمعات.
وخلال القرن العشرين، بدأت تظهر مسميات عديدة للعدالة طبقا للدلالة الإنسانية المراد وصفها، فقد برزت العدالة الاجتماعية والعدالة الجنائية والعدالة الاشتراكية، والعدالة التنظيمية، والعدالة الراديكالية، وأخيرا العدالة الانتقالية، وهي محور الدراسة.
والعدالة الانتقالية مفهوم جديد في العلوم الاجتماعية عموما، وعلم القانون والعلاقات الدولية خصوصا، ويرتبط الى حد كبير بالمجتمعات التي تحملت ارثا كبيرا من انتهاك حقوق الانسان والظلم وافتقدت معاني الحرية والديمقراطية في ظل نظام دكتاتوري قمعي وأحكام عرفية، لذلك اخذ المفهوم ينتشر تدريجيا في العالم منذ منتصف القرن الماضي، وتعلق بسلسلة تدابير قضائية وغير قضائية تقوم بتطبيقها الدول من اجل معاجلة ما ورثته من انتهاكات جسيمة بحق مواطنيها.
ويثير مفهوم "العدالة الانتقالية" نوعا من الغموض والالتباس بسبب الجزء الثاني من المصطلح "الانتقالية"، حيث يعتقد البعض ان العدالة مفهوم دائم ببعديه الانساني والاجتماعي، ولا يجوز ان يرتبط بمرحلة انتقالية، كما يطرحون اشكالية الفرق بين العدالة الانتقالية، والعدالة التقليدية المرتبطة بأحكام القضاء واللجوء إلى المحاكم بأنواعها، لكن اهل الاختصاص من رجال القانون يرون ان العدالة الانتقالية ليست نوعاً خاصاً من العدالة، إنّما مقاربة لتحقيق العدالة في فترات الانتقال من النزاع والحرب الأهلية والظلم الى مرحلة الاستقرار والأمن وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة في اطار نظام سياسي وقانوني جديد.
وذلك بهدف محاولة تحقيق المحاسبة وتعويض الضحايا، والاعتراف بحقوق الضحايا وتشجيع الثقة المدنية، وتقوّية سيادة القانون والديمقراطية.
من هنا، تكمن اهمية العدالة الانتقالية في تحقيق العدل بدلالاته الشمولية للأفراد وإعادة الحقوق الانسانية للضحايا والحصول على تعويضات عادلة، ومعرفة الحقيقة الكاملة، ومعاقبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة والجرائم.
ويشمل مفهوم العدالة الانتقالية العديد من المصطلحات التي تدخل ضمنه مثل: إعادة البناء الاجتماعي، المصالحة الوطنية، تأسيس لجان الحقيقة، التعويض للضحايا، وإصلاح مؤسسات الدولة العامة التي غالبًا ما ترتبط ﺑﻬا الشبهات اثناء النزاعات الأهلية الداخلية المسلحة مثل الشرطة وقوى الأمن والجيش.
واخذ مفهوم العدالة الانتقالية يتبلور في العديد من التجارب الدولية، وفي مختلف مناطق العالم، خاصة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، فيما يخص ضحايا النازية الألمانية، وتحديدا بعد تقسيم المانيا من جانب دول الحلفاء. وطبقت العدالة الانتقالية بمفهومها الجديد في دول امريكا اللاتينية، خاصة بعد الانقلاب العسكري الذي قاده بينوشيه في تشيلي عام 1973م.
وشهد العالم منذ مطلع العقد السابع في القرن الماضي، أكثر من ثلاثين تجربة للعدالة الانتقالية، من أهمها تجربة (تشيلي والارجنتين والبيرو والسلفادور ورواندا وسيراليون وجنوب افريقيا وتيمور الشرقية وصربيا واليونان) ويمكن اعتبار البرتغال وإسبانيا والدول الاشتراكية السابقة بأنها شهدت نوعاً من أنواع العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
ومنذ عقدين ونيف، بدأت فكرة العدالة الانتقالية تدخل الوطن العربي، واخذ الأدب القانوني والسياسي الحقوقي يتحدث عن تجارب دولية لتلك العدالة لمقاربة تطبيقها على الصعيد العربي، لاسيما وان تجربة لبنان ما بعد الحرب الاهلية (1975-1989) ومؤتمر الطائف، تعتبر شكلاً من أشكال العدالة الانتقالية.
فبدأت جهات ومؤسسات دولية وعربية تبحث امكانية تحقيق المصالحة الوطنية ومحاولة تطبيق تدابير العدالة الانتقالية في كل من العراق والمغرب والجزائر ومصر وليبيا وتونس، من خلال نشر الثقافة الديمقراطية بشكل عام والثقافة الحقوقية بشكل خاص.
كما أن ولادة العديد من مؤسسات المجتمع المدني، منذ مطلع التسعينات، بعد انتهاء الحرب الباردة وموجة التغيير التي اجتاحت أوروبا الشرقية، قادت إلى تحوّلات ديمقراطية أنهت الأنظمة الشمولية، وفتحت الباب على مصراعيه لإشاعة الحريات وتعزيز دور المجتمع المدني وإعلاء قيمة الفرد سياسيا واقتصاديا، وغيرها من السياسات الانفتاحية التي انتقلت إلى العديد من دول امريكا اللاتينية وبعض بلدان آسيا وأفريقيا، حيث اعتبرت الديمقراطية واحترام حقوق الانسان القيمة العليا، التي يقاس بموجبها تقدم أي مجتمع، وهو الأمر الذي يفترض علاقة جديدة بين الحاكم والمحكوم على أساس اختيار المحكومين للحكام بشكل دوري، وفصل السلطات، وتأكيد استقلال القضاء، وتطبيق مبدأ سيادة القانون والمساواة والمواطنة.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (1)
- أزمة انتاج الفكر والمعرفة !!
- أزمة الدولة العربية بين المدنية والمواطنة
- المرأة الأردنية والمناصب السيادية : صوة خارج البرواز !!
- أزمة المياه في الأردن .. شريان الحياة في خطر !!
- المرأة العربية والبرلمان .. ليس مجرد حضور !!
- أزمة النخب الأردنيّة .. القومُ في السرِّ غير القومِ بالعلن ! ...
- الدولة الصغيرة ... ومتوالية الأمن والسلم الداخلي ..
- النموذج الأردني والهِويّة الجامعة
- الأمن العربي -الطائفي- !!
- نظرية دوركايم والانتحار الاجتماعي ... الأردن نموذجا
- إيران وثورات الربيع العربي!!
- الدولة الفلسطينية استحقاق تاريخي يضع مصداقية المجتمع الدولي ...
- موقف القوى الإعلامية والسياسية من انضمام الأردن إلى مجلس الت ...
- -مشروع- إعادة هيكلة الرواتب والقطاع الحكومي من وجهة نظر الإع ...
- السياسة الخارجية الأردنية ... لا اجتهاد في نص المصلحة الوطني ...
- مجلس التعاون الخليجي ... ثمرة الجهود والتفاعلات السياسية الك ...
- الحصان الأمريكي يجر عربة أوروبا: العلاقات الامريكية – الاورو ...
- واقع الحرية الدينية في العالمين العربي والإسلامي: صورة في قب ...
- الدولة عندما تكون زائدة عن الحاجة- : -إسرائيل نموذجاً-


المزيد.....




- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...
- قرابة 1000 لاجئ سوداني يفرون من مخيم للأمم المتحدة في إثيوبي ...
- جامعة كولومبيا تكشف تفاصيل حول المحتجين المعتقلين بعد اقتحام ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ياسر قطيشات - العدالة الانتقالية ... تجربة عربية لم تكتمل !