أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر قطيشات - التوظيف السياسي للدين : لعبة الأمم !! الجزء الأول















المزيد.....

التوظيف السياسي للدين : لعبة الأمم !! الجزء الأول


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 7604 - 2023 / 5 / 7 - 00:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانت الديانات على الدوام –سماوية أو وضعية- أرضاً خصبة للتوظيف السياسي عبر التاريخ، فما من دين إلا واستغله أهله على نحو مغاير لوظيفته القيميّة والأخلاقية ، فأصل الاديان السماوية هو تخليص الانسان من استعباد المخلوق الى عبودية الخالق، فالدين للفرد عقيدة إيمان وعلاقة بين المؤمن وربِّه؛ والدين على مستوى الشعوب تقاليد وطقوس معينة، وبالنسبة للسلطة السياسية –على مر التاريخ- وسيلة لتسهيل مهمة السيطرة على المكونات الاجتماعية عبر جملة التشريعات والنظم التي تحكم شؤون المجتمع باسم الدين!!
ويأتي الدور الأخطر للدين حينما تتدخل الطبقة الحاكمة لتوظيفه سياسيا في خدمة اهدافها ومصالحها، داخليا وخارجيا، من خلال مؤسسة تتولى رعاية العقيدة الدينية ضمن أيديولوجية معينة تزعم امتلاك الحقيقة وتحاول فرضها على الاخرين، حتى يتحول الدين الى عقيدة "للقمع الإيديولوجي" في مختلف مناحي العلاقات الانسانية ، خاصة السياسية، ويصبح ، التدّين، في نهاية المطاف، "لعبة الامم"!!
وان كان الغرب يبدو للوهلة الاولى انه علماني الايدولوجيا ، إلا انه في الواقع يمارس السياسة من زاوية دينية، ويوظف سياسته في علاقاته مع الشرق، خاصة المسلمين والعرب، من خلال ظاهرة التدين في بعدها الثقافي، فالغرب الذي تخلص من سيطرة الكنيسة في العصور الوسطى وتبنى العلمانية كبديل عن السلطة الدينية، استهدف في المقام الاول اطلاق العنان للعقل والتفكير بعيدا عن التأويل الديني لقضايا الدنيا، وصولا الى الحداثة المعاصرة، لكن عودة الغرب اليوم، شعوبا ودولا، الى التدين، هو محاولة لتلافي سلبيات الحداثة التي انعكست سلبا على انسانية البشر وقيمهم الروحية ، فيما تبدو المغالاة في ظاهرة التدين في المجتمعات العربية والإسلامية، هروبا من فشل ادراك الحداثة ذاتها، رغم كل المحاولات العربية للحاق بركب الحضارة الغربية منذ مطلع القرن الماضي، شكلا لا موضوعا!!
وحتى لا نخوض في تفسيرات عقيمة وأخرى جدلية حول البعد السياسي للدين في العالم العربي وعلاقته بـ"لعبة الأمم" من طرف الغرب، والذي أجاد استخدام الدين كسلاح فعّال في تقسيم الامة واللعب على وتر التناقضات الطائفية الدينية والسياسية، ولان المقال لا يتسع لتحليلات مركبة او متشعبة، فانه يمكننا التأكيد على ان المشاهدات الحياتية اليومية في الشارعين العربي والاسلامي، تقدم للقارئ تفسيرات واقعية عن "الظاهرة السياسية" للدين، وهي تفسيرات لا ترتبط بعامل واحد بل بجملة متوالية من العوامل الداخلية والخارجية، بعضها اقتصادي وبعضها الأخر ثقافي، فيما يرى اخرون ان للغرب دورا بارزا في تضخيم تلك المقولة لغايات تسويق "صراع الحضارات" بوصفه "كلمة السر" في لعبة الامم، وتحديدا في منطقة الشرق الأوسط، المزدحمة بالتناقضات الفكرية والثقافية الدينية – الطائفية، وارض خصبة للنزاعات والحروب على مر التاريخ.
والغرب الذي أرجع التشدد الديني في العالم العربي الى البيئات الفقيرة والمضطهدة اقتصاديا، تناسى ان اغلب حركات التشدد الديني خرجت من رحم مجتمعات غنية ومن طبقات حصلت على مستوى تعليمي مناسب. ولا يمكن لنا الجزم بصحة ما يدعيه الغرب بأن التعليم الديني هو السبب في ظاهرة "التدين" الاسلامي والميل نحو "أسلمة" المجتمعات العربية، لان تلك المقولة مبنية على افتراض ان المجتمعات العربية تمتلك هوية قومية "مستقلة" وحضارة ثقافية "منفصلة" عن الثقافة الإسلامية، وهذا اعتقاد لا يجانب الصواب، لأن هوية العرب وثقافتهم مبنية على أسس دينية، اسلامية ومسيحية، وبالتالي فان المجتمعات العربية لم تنادي يوما بفصل الدين عن تنظيم شؤون الحياة او السياسة، كما جرى في الغرب.
بدليل ان الشعوب العربية حينما رفعت شعار "الاسلام هو الحل"، كرد فعل على فشل الانظمة القومية والاشتراكية والبعثية في الدفاع عن المشروع الحضاري العربي في وجه الغرب عامة، وإسرائيل خاصة، لم يكن الاسلام غائبا آنذاك عن الساحة السياسية، وان ضعف – كأيديولوجيا حكم- في زمن الدولة الوطنية العربية منذ سقوط الخلافة الاسلامية العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى، لكن الشعور بالإحباط والاستبداد السياسي، وفقدان بوصلة التطور الحضاري ..الخ، كانت جملة من الدوافع التي فتحت الباب واسعا امام تنظيمات إسلامية للمناداة بضرورة العودة الى الإسلام كحل لازمات الأمة، وتلك الدعوة تزامنت مع غياب الحرية وفقر الحياة الحزبية وهشاشة الدولة الوطنية وضعف الفكر التجديدي المدني، وتهافت التيارات العربية على تقليد المشاريع والرؤى المستوردة، ما استدعى -بالضرورة- توفير بيئة عربية حاضنة "للظاهرة" الإسلامية منذ منتصف سبعينات القرن المنصرم.
والمشكلة المعرفية في فهم "الظاهرة الإسلامية" وأسباب صعود التيارات السياسية الدينية في العالم العربي، تؤرق المفكرين ومراكز الدراسات في الغرب، فحتى أهل الاستشراق لم يكلفوا انفسهم عناء الموضوعية عند دراسة العرب والمسلمين، فصموئيل هينتجتون، مثلا، يعتمد على مقولات مستشرقين لمحاولة فهم "الظاهرة الإسلامية، ويقول ان "بروز هذه الظاهرة سببه الرئيس هو محاولة الشعوب العربية في اوقات التحول الاجتماعي السريع للبحث عن الذات من خلال العودة الى الدين"!! وهو تفسير او تحليل سطحي للغاية ، لان العرب لم ينقطعوا يوما عن الذاكرة الدينية ليعودا اليها في فترات التحول الاجتماعي، فيما يرى باحثون غربيون ان انتشار الاسلام السياسي في النصف الثاني من القرن الماضي سببه عمليات التحديث الاقتصادي والثقافي والسياسي في العالم!! وهو تفسير متناقض مع نفس الطروحات الغربية، لأن الاصل أن التحديث يساهم في انكماش التأثير الديني على الشعوب ويزيد من شعبية التيارات العلمانية والمدنية، وليس العكس !!
كما لا يمكننا تعميم ظاهرة "استعادة الذاكرة الدينية" لشعوب مسلمة استقلت عن روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، او بتزايد عمران المساجد بشكل ملفت في جمهوريات أسيا الوسطى، على الشعوب العربية والإسلامية عامة، بوصفه دالة على "الظاهرة الإسلامية"، ففي تلك النماذج المعنى الحقيقي لشعوب انقطعت عن الثقافة الاسلامية واستعادتها بعد عقود من القمع السياسي والديني ابان الحكم الشيوعي السوفيتي، أما في الشرق العربي، فالقضية لها أبعاد اكثر مما تبدو للعيان، والتفسيرات أعلاه بعيده عن الواقع العربي، لأنه لم يحدث ابدا في هذه المنطقة ابتعاد أو انقطاع عن الهوية الدينية، حتى يقال ان الشعوب استعادتها بعد سنوات او عقود!!



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأردن وإيران .. عقدة السياسة والمصالح -المؤجلة-
- الأمن القومي -الطائفي- وأزمة الدولة العربية المركبة
- -ابتسم أيها الجنرال- .. -ميكافيللي- في دراما صراع السلطة وال ...
- السودان وحافة الهاوية: نزاع الجنرالات على السلطة والثروة
- أوباما والأرض الموعودة .. ملخص كتابه الجديد
- كيف يمكن ضمان نجاح تجربة الحكومات البرلمانية في الأردن؟
- فرص الأردن الاقتصادية البديلة: ندرة الموارد وصعوبة الاختيار
- سياسة ممنهجة وسجلٌ أسود باستهداف الصحافة.. بأي ذنب قُتلت شير ...
- نحو بناء اقتصاد متنوّع .. أزمة الاقتصاد الأردني اليوم !
- صراع -الجهالةِ- !!
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (6) -الجزء ...
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (5)
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (4)
- الأردن والولايات المتحدة .. الدور السياسي وأولويات الأمن وال ...
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (3)
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (2)
- العدالة الانتقالية ... تجربة عربية لم تكتمل !
- الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس والصراع (1)
- أزمة انتاج الفكر والمعرفة !!
- أزمة الدولة العربية بين المدنية والمواطنة


المزيد.....




- بابا الفاتيكان: فلتحظر الحرب وتصمت الأسلحة وليحل الحوار محله ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان: إستهدفنا تجمعا لجيش الاحتلال ال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان: إستهدفنا دبابة ميركافا عند بواب ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات جيش العدو في ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تهاجم الجولان وغور الأردن وإسرائي ...
- نزليها لاطفالك وخليهم يفرحوا.. تحديث شهر نوفمبر لـ تردد قناة ...
- متحدث حرس الثورة الاسلامية العميد نائيني: على الكيان الاسرائ ...
- متحدث حرس الثورة الاسلامية العميد نائيني: لقد قمنا بالرد على ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل عوائل شهداء قوات الدفاع الجوي
- البندورة الحمراء.. ثبت الآن التردد الجديد 2024 لقناة طيور ال ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر قطيشات - التوظيف السياسي للدين : لعبة الأمم !! الجزء الأول