أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!














المزيد.....

-العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 08:07
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


عندما تأسست جامعة الدول العربية عام 1945م، كمنظمة إقليمية تمثل كياناً جغرافياً يسمى "الوطن العربي"، افترض البعض في حينه أن هذه الخطوة الأولى نحو الوحدة العربية، وأن المشروع البريطاني خلال فترة الانتداب على دول المنطقة، ساهم في ولادة هذه الجامعة، بهدف "تأهيل" الكيانات السياسية العربية الناشئة تحت مظلة قوميّة! فيما افترض أخرون أن دعم بريطانيا للجهود العربية في قيام الجامعة العربية، بعد الحرب العالمية الثانية، هدفه ضمان بقاء الكيان الجديد تحت تأثير نفوذ القوى الإمبريالية القديمة والجديدة.
لا شك أن الجامعة العربية، ومنذ عام 1990م، تعكس خيبة أمل شائعة بين الشعوب العربية، وشعور واسع بالإحباط من مؤسسات العمل العربي المشترك، في ظل خمولها وغيابها التام في القضايا الكبرى والأزمات المصيرية، وتعرّضت لنقد شديد من النخب السياسية والفكرية على امتداد الجغرافيا العربية، فلم تنجح في تحقيق الحدّ الأدنى من أهدافها المعلنة، ولا في التعامل الفعّال مع القضايا السيادية: فلسطين، لبنان، العراق، سوريا، السودان، اليمن وغيرها، وفي كثير من القرارات بقيت رمزية أو غير مُلزمة، ما جعل دور الجامعة، وفكرة "القومّية" محل تساؤل وشكٍ دائمين.
وبرأينا أن البُنية الإقليمية "للجامعة العربية" لم تُصمَّم أصلًا لتحقيق وحدة أو تكامل، بل لضبط الإيقاع ضمن حدود لا تهددّ المصالح الغربية ولا تُفككّ المنظومة التي رسمها الاستعمار بخطوطه وحدوده، فالجامعة "بُنيت لتقسيم الجيوسياسي العربي" بما يتماشى مع نظرية إدارة التفككّ لا مقاومته، أي أن المؤسسة توفر غطاءً شكلياً للوحدة، بينما في الواقع تكرّس الانقسام!
والأمثلة الواقعية التي عصفت بالمنظومة العربية خلال العقود القليلة الماضية، تؤكّد صحة هذه الفرضية، فالمواقف متباينة بين الدول لدرجة العداء والقطيعة أحياناً، فضلاً عن استغلال الجامعة، أحياناً، كأداة في صراعات إقليمية بدلاً من كونها محايدة وموحِّدة.
ومع ذلك، هناك من يرى أن ضعف الجامعة لا يعني بالضرورة أن فكرتها كانت خاطئة من الأساس، بل إن المشكلة تكمن في الإرادات السياسية للحكومات الأعضاء، لا في الهيكل ذاته.
فهل البديل يكمن في نموذج جديد للوحدة العربية، أم أن فكرة "الوحدة" بحد ذاتها لم تعد واقعية؟
بعد قرن من تفككّ المشروع القومي، تغيّر إدراك الدول والأنظمة العربية، لمقاربات الوطني والقومي، وفكرة "الوحدة"، التي كانت في لحظة من التاريخ حلماً تحمله النخب والجماهير، أصبحت من الأطلال والتراث، أمام:
• صعود الدول القُطرية وترسيخ مفهوم السيادة بمعناه الضيق.
• التحوّلات الاقتصادية والسياسية التي ربطت بقاء الأنظمة باستقرار خارجي لا داخلي.
• التجزئة الثقافية والإعلامية التي عمّقت الفوارق بدل أن تردمها.
• خلوّ الساحة من مشروع إيديولوجي جامع بعد تراجع القومية واحتواء الإسلام السياسي!
ويكمن جوهر المشكلة في غياب الإيديولوجيا العابرة للحدود القومية التي بإمكانها أن توحّد، أو حتى تقرّب بين الشعوب قبل الأنظمة، فالوحدة في الخطاب السياسي غالباً ما تُذكر إما لأغراض شعبوية أو في سياق عاطفي، لكن لا توجد أدوات فعلية لتحقيقها، ولا حتى رغبة حقيقية من الأنظمة العربية، التي ترى في كل مشروع وحدوي تهديداً لمصالحها أو وجودها.
وجذر المأساة (أو الملهاة إن شئت) السياسية العربية المعاصرة، يعكس واقعاً تُهيمن عليه أنظمة أوليغارشية تتغذى على الاستبداد والفساد والتهميش، وتتصرّف كـ"ثقب أسود" تمتص الطاقات، وتبتلع المبادرات، وتعيد تشكيل كل تهديد محتمل ليصبح جزءاً من بنيتها!
وفكرة التغيير التي تبدأ من الأسفل، أي من الشعوب، كما يرى البعض، تصطدم بجدار سميك، فغياب الحرية يجعل الوعي مشوّهاً، والإرادة الجماعية مكسورة، والبدائل غائبة أو مُصادَرة، والاحتكار الإعلامي والثقافي؛ من قبل الأنظمة، يجعل حتى الحلم بالتغيير يُجرَّم أو يُشوه!
إن فشل الربيع العربي، أو بالأدق "إفشاله"، مثّل ضربة كبرى للثقة الشعبية بإمكان التغيير السلمي أو الجماهيري، فقد مثّل "الربيع العربي" مشروعاً جماهيرياً للتحررّ وإعادة توزيع الثروة وتداول السلطة، وكان فرصة نادرة لإعادة تعريف العلاقة بين المواطن والدولة، لكن أحلام الشعوب قُمعت من الداخل والخارج، وتحوّلت بعض مساراتها إلى كوابيس من الفوضى أو الحروب الأهلية، مما أعاد تثبيت خطاب "الاستقرار مقابل الحرية" الذي تتسلّح به الأنظمة.
وبلا حرية، لا يمكن أن يُبنى مشروع وطني أو قومي، لأن كل مشروع مشترك يتطلب مشاركة، والمشاركة لا تقوم إلا على الإرادة الحرة. وهكذا، قد لا تكون أزمة الجامعة العربية سوى انعكاس لأزمة أعمق: غياب مشروع عربي جامع، لا تصنعه الأنظمة، بل تتبناه الشعوب، حين تُتاح لها الحرية.
فهل كانت الجامعة العربية انعكاساً لعجز الأنظمة أم تعبيراً عن موت الحلم القومي؟
وهل يمكن لمشروع وحدوي أن يولد في غياب الحرية، وتحت قبضة أنظمة ترى في كل تقارب تهديداً لوجودها؟
أم أن المعضلة الحقيقية ليست في فشل المؤسسة، بل في غياب الإرادة الشعبية الجامعة، التي وحدها تستطيع أن تحوّل الشعارات إلى واقع، لو أُتيح لها أن تُعبّر وتختار؟
لعل السؤال الأهم لم يعد: هل يمكن أن نتوحّد؟"، بل.. هل ما زال أحد يريد ذلك حقاً؟



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!
- -التديّن الإمبريالي-: حين تُصبح الحروب مقدّسة!
- حين تحدث الفلاسفة بالعربية: أثر الإسلام في الفلسفة الغربية
- الصين والولايات المتحدة: إدارة النفوذ بين الاحتواءِ والصراعِ
- بين -عبقرية المكان وانتقام الجغرافيا- نظرة -كابلان وحمدان- ل ...
- الأردن وهواجس -ترامبسفير- غزة الخيارات الوطنية لمواجهة المخط ...
- الأردن وريادة دعم حقوق ذوي الإعاقة إنجازات مشرّفة.. ونماذج إ ...
- مآلات ومستقبل الدولة السورية ما بعد الاتفاق: شروط وتحديّات
- الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ومستقبل البحث العلمي الرقمي: ا ...
- طهران وتل أبيب.. من حروب الظل إلى رسائل النار
- -المجمع الصناعي العسكري- الأمريكي وتجارة الحروب
- ما بعد -الطوفان- .. مصير الكيان والمنطقة!
- انحياز النظام الغربي ضد الإنسانية !
- -هولوكوست- غزة وجريمة الصمت العربي والدولي !
- -طوفان الأقصى- والعدوان على غزّة: سياقات الصراع وسيناريوهات ...
- سياقات الموقف الأردني من العدوان على غزة: الخيارات الصعبة بي ...
- الانسحاب الأخير وغياب البديل !!
- الأردن ودول الخليج: معادلة الأمن والسياسة ومُعضلة والاقتصاد
- الدولة والمواطن .. كيف يكون المجتمع المدنيُّ رديفاً للدولةِ؟
- فلسفة الانتحار .. لحظةٌ فاصلةٌ بين المواجهة وتجربة الموت!


المزيد.....




- تسريحات شعر ومكياج النجمات في مهرجان كان..بين الجرأة والكلاس ...
- منعش وحامض..تعرف إلى تاريخ -ملك- المشروبات الصيفية في تركيا ...
- مشهد مرعب يرصد اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة فوق حي سكني في ...
- على علو 10 آلاف متر.. صيحة جديدة تثير الانقسامات لركاب يضعون ...
- لقاء الأناقة والتألق والبذخ على السجادة الحمراء في مهرجان كا ...
- بروفيسور روسي في قائمة أفضل العلماء في العالم
- لافروف: ترك الناطقين بالروسية تحت رحمة نظام كييف جريمة
- هل يصل برج ترامب حقاً إلى دمشق؟
- خامس جولة من المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران في روما وسط ...
- ترامب يحوّل الجيش إلى خشبة مسرح: استعراض دبابات في عيد ميلاد ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!