أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟














المزيد.....

الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 18:44
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يسود الإحباط في أوساط المثقفين والعامة في العالم العربي على حد سواء، إحباط متعدد الأوجه، ممتد في الزمان والمكان، تغذّيه عوامل اقتصادية خانقة، وأوضاع اجتماعية مترهلة، وسياسات ثقافية وإعلامية عاجزة أو موجهة.
غير أن الجرح الأعمق يتمثل في الجرح السياسي؛ حيث تتهددُّ كرامة الأمة، وتُخنق الحريات، وتغيب الديمقراطية، ويتآكل الدور العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
لكن الأخطر، بل الأشد فتكاً، هو ما يسكن تحت السطح: الطاقة السلبية المنتشرة في أوساط الشعوب والنخب، وغياب الأمل في التغيير، والخوف من المستقبل، والانكماش النفسي أمام الواقع المأزوم!
إنها حالة من الانكفاء والتسليم بالعجز، تقتل كل بادرة للنهوض، وتعيق كل مشروع للتحول، وتشلّ حركة التاريخ في لحظة هي في أمسّ الحاجة للفعل والإبداع.
فكيف وصلنا إلى هذا المنعطف؟ وكيف يمكننا أن نُعيد توجيه البوصلة نحو مستقبل يحمل أملاً وكرامة؟ بل كيف نبني خطاباً توعوياً جديداً يحررّ الوعي، ويوقظ الإرادة، ويزرع الأمل من جديد في التربة العربية؟
علينا الاعتراف بأن الأزمة الحالية ليست طارئة أو عابرة، بل هي نتاج تراكم طويل من التهميش والاستبداد وتدمير المبادرة الفردية والجماعية، فغياب المشروع العربي الحضاري المشترك، وتفكك الدولة الوطنية، وتضاؤل الثقة بالمؤسسات، كلها عوامل أدت إلى تآكل الثقة بالنفس والجماعة والمستقبل.
كما أن غياب القدوة الملهمة، في السياسة والثقافة والفكر، ساهم في تعزيز شعور الفرد العربي بأنه معزول، ضعيف، غير قادر على التأثير، ما أدى إلى تفشي مشاعر السلبية واللامبالاة والانسحاب من الشأن العام!
نحن لا نحتاج إلى خطاب عاطفي جديد بقدر ما نحتاج إلى خطاب عقلاني يحمل في طياته الأمل الواقعي والمتزن، غير المزيف، هذا الخطاب لا يتجاهل حجم التحديات، لكنه أيضاً لا يستسلم لها.
خطابٌ يقوم على إعادة بناء مفهوم الانتماء بعيداً عن الشعارات المفرغة، ويوقظ الشعور الحقيقي بالمسؤولية تجاه الجماعة والأمة والأرض والمستقبل، ويربط الانتماء بالعمل والمشاركة والبذل والعطاء.
والأمم لا تنهض دون حلم كبير، ونحن بحاجة إلى مشروع حضاري واضح، ولو كان بعيد المدى، فالرؤية الكبرى تعيد المعنى للحياة اليومية، وتخلق رابطاً بين الأجيال، ولا بد من تجديد النقاش حول سؤال قديم يُطرح باستمرارٍ: إلى أين نريد أن نذهب كأمة؟
الناس بحاجة إلى نماذج حقيقية ملهمة، تنتمي إليهم وتتحدث لغتهم، وقصص صمود ومثابرة وعمل تفتح آفاق الإبداع في مختلف الميادين، فالأمل يتكاثر حين يرى الناس أن التغيير ممكن، وأن هناك من نجح رغم الصعوبات.
المدارس والجامعات ليست فقط لنقل المعرفة، بل لبناء الوعي النقدي، وتعليم الصبر والإرادة، وغرس القيم الجماعية والروح الإيجابية، ومن الأهمية بمكان ربط مناهج التربية بمبادئ التحليل، الإبداع، المساءلة، والأمل.
وبدل إقصاء الأجيال الجديدة، يجب فتح المجال أمامها لتقود المبادرات وتشارك في القرار، وتخوض التجارب، شباب اليوم هم كتلة الطاقة القادرة على تفجير الإمكانات الكامنة إذا ما مُنحوا الثقة والمساحة.
ما هي الحلول الواقعية لإعادة الأمل والثقة؟
الحرية: حرية الرأي والتعبير والمشاركة، تهميش الاستبداد بكافة أشكاله، بناء منصات فكرية وثقافية مستقلة، وخلق مبادرات فكرية وإعلامية جديدة، يديرها المثقفون الشباب، تعمل على نقد الواقع، واقتراح البدائل، وممارسة الحوار، دون وصاية أو تابوهات.
دعم المبادرات المجتمعية المحلية، وتمويل وتشجيع مشاريع اقتصادية وثقافية واجتماعية يقودها أفراد أو مجموعات صغيرة في المدن والقرى، مما يعيد للناس الشعور بالجدوى والقدرة على التغيير.
تطوير خطاب ديني مستنير ليكون حليفاً في معركة الدفاع عن الحرية والكرامة والعقلانية، لا أداة تبرير أو تكريس للخضوع، وخلق شبكات تضامن عربية لربط المثقفين والنشطاء العرب عبر منصات مشتركة تتبادل الخبرات وتنسق الجهود وتخلق شعوراً بوحدة الهم والمصير.
ليس الأمل رفاهية نفسية، بل ضرورة حضارية، هو الشرارة الأولى في كل حركة تغيير، نعم، الواقع العربي اليوم مثقل بالهموم، لكن التاريخ يعلمنا أن الأمم لا تنهض إلا عندما تلامس القاع، فتقررّ أن ترتقي.
إن إحياء الأمل في الأمة العربية لا يبدأ من السياسات الكبرى، بل من الإنسان العادي، من الطفل في المدرسة، والشاب في الحي، والمفكر في زاويته، والمثقف في مقاله، والمواطن في موقفهِ، إنها عملية شاملة، تبدأ من الوعي وتنتهي بالفعل.
فلنعمل على بناء خطاب جديد، عميق وواقعي، متفائل دون سذاجة، وناقد دون يأس، يزرع في النفوس إيماناً بأننا أمة لم تمت، بل تنتظر لحظة اليقظة للنهوض من جديد.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد الدولة -المُتألّهة-: سرديّة المقدّس في عصر الحداثة!
- في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة ال ...
- الدولة المارقة: -إسرائيل- وإعادة إنتاج النازية بالصهيونية!
- -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!
- -التديّن الإمبريالي-: حين تُصبح الحروب مقدّسة!
- حين تحدث الفلاسفة بالعربية: أثر الإسلام في الفلسفة الغربية
- الصين والولايات المتحدة: إدارة النفوذ بين الاحتواءِ والصراعِ
- بين -عبقرية المكان وانتقام الجغرافيا- نظرة -كابلان وحمدان- ل ...
- الأردن وهواجس -ترامبسفير- غزة الخيارات الوطنية لمواجهة المخط ...
- الأردن وريادة دعم حقوق ذوي الإعاقة إنجازات مشرّفة.. ونماذج إ ...
- مآلات ومستقبل الدولة السورية ما بعد الاتفاق: شروط وتحديّات
- الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ومستقبل البحث العلمي الرقمي: ا ...
- طهران وتل أبيب.. من حروب الظل إلى رسائل النار
- -المجمع الصناعي العسكري- الأمريكي وتجارة الحروب


المزيد.....




- ترامب يتوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي ويخفف الرسوم ال ...
- ستارمر يسعى لمناقشة ملفي غزة والتجارة مع ترامب خلال اجتماع ا ...
- شاهد.. هروب الركاب من طائرة أميركية مشتعلة
- بريطانيا.. تظاهرة ضد الهجرة وسط إجراءات أمنية مشددة
- تصريحات أممية لا تزال تحذر من عواقب الجوع في غزة بعد تخفيف إ ...
- ألمانيا: مصرع ثلاثة على الأقل إثر خروج قطار عن مساره جنوب غر ...
- جماعة الحوثي اليمنية تتوعد بضرب السفن التي تتعامل مع موانئ إ ...
- حرائق ضخمة تجتاح شمال تركيا وسط حرارة قياسية وإجلاء آلاف الس ...
- صحيفة عن مسؤولين بإدارة ترامب: الوقت مناسب لصفقة شاملة تنهي ...
- عاجل | مستشفيات جنوب قطاع غزة: أكثر من 10 شهداء و40 مصابا بق ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟