أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - لبنان و-سلاح- حزب الله: بين معادلات الداخل ووصاية الخارج














المزيد.....

لبنان و-سلاح- حزب الله: بين معادلات الداخل ووصاية الخارج


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 19:51
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يُشكّل ملف "سلاح حزب الله" أحد أكثر القضايا حساسية وإرباكاً في لبنان، إذ يتقاطع في آن واحد مع التوازنات الداخلية الهشة ومع معادلات الصراع الإقليمي والدولي، مؤخراً دعا رئيس مجلس النواب "نبيه بري" إلى "حوار وطني هادئ" حول هذه القضية، ورفض مطلقاً الضغط الأميركي لنزعٍ فوري، فيما تستعدّ الحكومة للموافقة على تنفيذ خطة قدّمها الجيش اللبناني بدعمٍ وطرحٍ أميركي، والحزب يربط أي نقاش بوقف الضربات وانسحابٍ إسرائيلي كامل من نقاط وقرى الجنوب المحتّل.
تطرح هذه الأزمة اليوم، أخطر سؤال يحاول لبنان الرسمي الإجابة عليه: ما مدى إمكانية فرض نزع سلاح حزب الله أو دمجه ضمن المؤسسة العسكرية ودياً، وما هي الضمانات الواقعية التي يمكن أن تحمي أي تسوية من الانهيار أو الانسياق إلى نفق حرب داخلية، في ظل تدخلات خارجية مكثفة من الولايات المتحدة وإيران، واستعداد إسرائيل لاستغلال أي فراغ لمزيد من التوسع جنوباً؟
منذ حرب 2006 وما تلاها، ظل سلاح الحزب خارج سيطرة الدولة المباشرة تحت عنوان "المقاومة" ضد الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنّ التطورات منذ أكتوبر 2023، ثم الحرب الدامية في 2024، أعادت الملف إلى الواجهة بقوة، بعدما تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان رغم توقيع وقف إطلاق النار في نوفمبر من ذلك العام.
ويقدّم الحزب هذه الوقائع كدليل على أن سلاح الردع ما زال ضرورة وجودية، فيما ترى الولايات المتحدة أنّ اللحظة مؤاتيه للضغط على لبنان من أجل إدماج السلاح أو نزعه تدريجياً، وهو ما يترجم بطرح خطط ومقترحات داخل أروقة الدولة اللبنانية.
خارجياً، تتحرك واشنطن بدافع مزدوج؛ حماية أمن إسرائيل من جهة، وإعادة تشكيل الدولة اللبنانية بما يجعلها أكثر قابلية للاستقرار والشراكة الاقتصادية من جهة أخرى، وهي لا تتردّد في استخدام ورقة المساعدات العسكرية والاقتصادية للضغط على بيروت.
في المقابل، تعتبر طهران أن أي إضعاف لحزب الله هو انتقاص مباشر من نفوذها الإقليمي، لا سيما بعد الضربات المتتالية التي تعرّضت لها مصالحها في سوريا والعراق، أما إسرائيل فهي المستفيد الأول من نزع السلاح، إذ يسهل عليها خلق "مناطق عازلة" في الجنوب وربما توسيع رقعة الاحتلال بذريعة الأمن الاستباقي، وهو منطق اعتمدته مراراً منذ اجتياح 1982م.
ومع اقتراب إنهاء مهمة قوات "اليونيفيل" بشكل تدريجي حتى نهاية 2026، تتزايد المخاطر الأمنية على الحدود، ما يفرض على لبنان أن يجد بدائل محلية أو إقليمية تمنع الانزلاق نحو فراغ كامل، فالداخل اللبناني منقسم بدوره؛ بعض القوى السياسية ترى في نزع السلاح فرصة لتقليص نفوذ الحزب وإعادة التوازن إلى القرار الوطني، فيما تخشى الطائفة الشيعية ومعها شرائح واسعة من اللبنانيين أن يشكل ذلك إضعافاً لخط الدفاع الوحيد في وجه إسرائيل.
أما الجيش اللبناني، فيجد نفسه بين مطرقة العجز وسندان التكليف، إذ يخشى من تكليف فوق طاقته، قد يهددّ الأمن والسلم الأهلي، فيما تنظر الطبقة الوسطى والشارع المُتعب إلى كل هذه السجالات بوصفها تهديداً إضافياً لاستقرارهم المعيشي وحياتهم اليومية، وتبحث عن أي صيغة تحفظ الحد الأدنى من الأمن والاستقرار.
السيناريوهات المطروحة أمام لبنان متباينة؛ منها التسوية المرحلية التي تقوم على انسحاب إسرائيلي من نقاط حدودية متنازع عليها مقابل إعادة انتشار قوات الحزب بعيداً عن الشريط الحدودي وتعزيز دور الجيش، وهو خيار قد يوفّر معادلة ردع تحت إشراف الدولة.
ومنها النزع القسري الذي قد يُفرض بضغط خارجي ويؤدي إلى مواجهات داخلية أو حتى حرب أهلية، وهناك أيضاً احتمال استمرار الوضع القائم، حيث يبقى السلاح خارج سيطرة الدولة مع حوار مفتوح بلا نتائج واضحة، وهو ما يعني عملياً استمرار الخروقات الإسرائيلية، أما أسوأ السيناريوهات فهو انهيار أي تفاهم واندفاع إسرائيل نحو عملية عسكرية واسعة تفرض من خلالها منطقة عازلة جديدة، بما يكرر سيناريو الاحتلال في الثمانينات.
الحلول الممكنة تتراوح بين صياغة استراتيجية دفاعية وطنية تدمج قدرات الحزب ضمن عقيدة عسكرية مكتوبة تحت إمرة الدولة، وبين ترتيبات حدودية بضمانات دولية تفرض انسحاباً إسرائيلياً متزامناً مع التزامات لبنانية واضحة، مع أهمية الحوار الوطني الملزم بجدول زمني، والذي قد يشكل مدخلاً للتفاهم، لكنه يحتاج إلى مظلة رئاسية وغطاء سياسي واسع.
ونعتقد أن الحل الأفضل اليوم هو فكرة "الاستفتاء الشعبي"، فرغم غياب النص الدستوري الذي يتيحها، فإنها قد تكون خياراً رمزياً يوفّر شرعية شعبية لأي قرار مستقبلي، ويُخرج الملف من دائرة التجاذبات الطائفية والوصاية الخارجية، غير أن الاستفتاء بحد ذاته قد يصبح ساحة لانقسام حاد إذا لم يُدار بحكمة ويُمهّد له بمصالحة سياسية حقيقية.
لبنان اليوم أمام مفترق طرق صعب؛ إما الدخول في تسوية تحفظ سيادته وتوازناته الداخلية ولو بحدها الأدنى، أو الانزلاق نحو مواجهات داخلية وخارجية مدمرة، وفي ظل غياب بديل مؤسساتي حقيقي، يبقى سلاح حزب الله ملفاً وجودياً أكثر منه سياسياً، بينما الاستفتاء، إذا ما جرى، قد يشكل وسيلة لإضفاء شرعية شعبية على القرار، لكنه يحتاج إلى بيئة حوارية تسبقُه وتؤطّره، لتجنيب البلاد حرباً جديدة، أما تجاهل القضية أو فرض حلول من الخارج، فسيعني بالضرورة إعادة إنتاج أزمات لبنان التاريخية بدل حلّها.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا -السنية والشيعية-: كيف حوّلت الطائفية إلى استراتيجية ...
- الأردن في مواجهة المشروع الصهيوني وخيارات التحدّي الوجودي
- ما بعد -مؤتمر نيويورك-: هل تتجه فلسطين نحو الدولة أم نحو الع ...
- -عقدة الثمانين- .. بين سرديّة الاعتراف وسرديّة الوجود!
- الصندوق الأسود العربي: محاولة لفهم لحظة السقوط
- -غزة- في مرآة الخذلان العربي
- الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟
- ما بعد الدولة -المُتألّهة-: سرديّة المقدّس في عصر الحداثة!
- في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة ال ...
- الدولة المارقة: -إسرائيل- وإعادة إنتاج النازية بالصهيونية!
- -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!
- -التديّن الإمبريالي-: حين تُصبح الحروب مقدّسة!
- حين تحدث الفلاسفة بالعربية: أثر الإسلام في الفلسفة الغربية
- الصين والولايات المتحدة: إدارة النفوذ بين الاحتواءِ والصراعِ


المزيد.....




- رأي.. إردام أوزان يكتب: عندما تقصف إسرائيل حليفًا للولايات ا ...
- رئيس وزراء قطر لـCNN: هجوم إسرائيل -إرهاب دولة-.. وتعرضنا لل ...
- ما مصير كبير مفاوضي حماس بعد هجوم الدوحة؟ رئيس وزراء قطر يوض ...
- هل يشكّل الصراع داخل المعارضة التركية نقطة تحوّل في ديمقراطي ...
- هل يلقي الهجوم الإسرائيلي على قطر بظلاله على التحالف الأمريك ...
- ثالث رئيس وزراء فرنسي في عام واحد.. سِباستيان ليكورنو يعد بـ ...
- إسرائيل - قطر: لماذا خيار القوة؟
- فرنسا: أية -قطيعة- يعد بها رئيس الوزراء الجديد؟
- نيبال: الجيش يعلن السيطرة على العاصمة بعد احتجاجات دامية دفع ...
- مطعم بواشنطن يستقبل ترامب بهتافات -الحرية لفلسطين- والمنصات ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - لبنان و-سلاح- حزب الله: بين معادلات الداخل ووصاية الخارج