أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - انهيار وهم الحماية: درس الدوحة في منظومة الأمن الخليجي والعربي














المزيد.....

انهيار وهم الحماية: درس الدوحة في منظومة الأمن الخليجي والعربي


ياسر قطيشات
باحث وخبير في فلسفة السياسة والعلاقات الدولية والدبلوماسية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 21:43
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


شكّل الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، بذريعة استهداف قيادات من حركة حماس، سابقة خطيرة في مسار الصراع الإقليمي، ليس فقط لخرقه العلني لسيادة دولة خليجية تحتضن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، بل لأنه فتح تساؤلات استراتيجية حول موازين القوى والتحالفات القائمة.
إسرائيل لم تكتفِ بإعلان مسؤوليتها الفورية، بل أكدت حقها في ملاحقة حماس في أي مكان، فيما حاولت الولايات المتحدة احتواء الموقف عبر استنكار محدود وتطمينات لاحقة للدوحة، هذا الفعل يفرض إعادة تقييم عميقة لأهداف إسرائيل الخفية ولانعكاسات الحدث على منظومة الأمن الإقليمي.
يبدو التفسير المباشر للعملية مرتبطًا بعقيدة إسرائيل الأمنية القائمة على "قطع الرأس لإضعاف الجسد"، استهداف قادة حماس في الخارج يسعى إلى تقليص قدرة الحركة على إدارة الصراع، وإظهار اليد الطويلة للاستخبارات الإسرائيلية، غير أن النتائج العملية جاءت محدودة، حيث لم يتحقق الهدف المعلن بالاغتيال الكامل، فارتفعت كلفة العملية سياسياً ودبلوماسياً.
لقد أرادت "تل أبيب" أن تؤكد لحلفائها وخصومها على حد سواء أن "الملاذات الآمنة" لم تعد كذلك، لكن هذه الرسالة ارتدت عكسياً، إذ سلّطت الضوء على هشاشة الترتيبات الأمنية الأمريكية في الخليج وأثارت تساؤلات حول صدقية الالتزامات الدفاعية لواشنطن تجاه شركائها!
لا يقتصر المعنى الاستراتيجي على ضرب قيادات حماس، بل يتعداه إلى ضرب الدور السياسي والإعلامي القطري في القضية الفلسطينية، فمنذ سنوات، لعبت الدوحة دور الوسيط في ملفات التهدئة والمصالحة، كما شكلت قناة اتصال مباشرة وغير مباشرة بين أطراف متصارعة، ومحاولة تقويض هذا الدور يخدم إسرائيل التي تفضّل إدارة الأزمة عبر القوة العسكرية لا عبر الوساطات، وبالتالي، العملية ليست فقط عسكرية بل رسالة لإقصاء لاعب إقليمي مزعج لحرية الحركة الإسرائيلية في المنطقة.
إن أخطر ما كشفته العملية هو اهتزاز الثقة الخليجية في المظلة الأمريكية، فكيف يُسمح لطائرات إسرائيلية بالتحليق أو تنفيذ عملية نوعية في نطاق تحالف عسكري تقوده واشنطن؟ هنا تبرز قراءة واقعية: التحالفات ليست ضمانات مطلقة، بل ترتيبات مرنة تعاد صياغتها عندما تتعارض مع مصالح القوى الكبرى؛ بالنسبة لواشنطن، حماية إسرائيل تظل أولوية تفوق اعتبارات شركائها الخليجيين، وهو ما يضعف منطق "الحليف الموثوق" الذي راهنت عليه دول الخليج لعقود.
كما تُعدّ الضربة الإسرائيلية مؤشراً على خلل جوهري في منظومة الأمن الخليجي التي تأسست منذ الثمانينيات على أساس "المظلة الأمريكية"، فدول الخليج دفعت مئات المليارات في صفقات تسليح واتفاقيات دفاع مشترك واستضافة قواعد عسكرية كبرى، على افتراض أنها توفّر حماية ضد أي اعتداء خارجي، لكن الحدث كشف أن الخطر قد لا يأتي من "الخصم الإقليمي التقليدي" كإيران أو العراق، بل من حليف وثيق لواشنطن، وبموافقة أو تغاضٍ أمريكي ضمني.
هذا التحوّل يُعيد تعريف مفهوم "التهديد" في الذهنية الخليجية: لم يعد الخطر مرتبطًا فقط بالجوار الإقليمي، بل بات مرتبطًا بإمكانية توظيف الحليف نفسه أدواته العسكرية ضد شركائه، والنتيجة أن الدفاع المشترك الخليجي يبدو هشًّا أمام اختراقات من داخل المنظومة الأمنية، الأمر الذي يهدّد بفقدان الثقة بالتحالفات الغربية ويفتح نقاشاً حول جدوى الإنفاق العسكري الضخم الذي لم يمنع اعتداءً مباشراً على عاصمة خليجية!
على المدى البعيد، يشير هذا الخلل إلى أن دول الخليج قد تضطر إلى إعادة النظر في استراتيجيتها الأمنية: إما بتطوير قدرات دفاعية مستقلة أقل اعتماداً على الولايات المتحدة، أو عبر تنويع الشراكات مع قوى دولية أخرى (كالصين وروسيا وباكستان)، كما فعلت الرياض التي نجحت بصمت في توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع دلهي مؤخراً، أو حتى بالبحث عن صيغ أمن إقليمي أكثر شمولية تراعي مصالح جميع الأطراف، وفي كل الأحوال، العملية شكّلت صدمة استراتيجية تُضعف أسس العقيدة الأمنية التي تأسس عليها مجلس التعاون الخليجي.
ما هي الاستفادة الاستراتيجية على الصعيد العربي من درس الدوحة؟
الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة شكّل رسالة واضحة بأن التهديد يمكن أن يمتد إلى أي عاصمة عربية ترى إسرائيل أنها تعرقل مصالحها، هذا الحدث كشف هشاشة الرهان على الحماية الخارجية أو على التطبيع كضمانة للأمن، وأكد أن حتى الدول التي اعتمدت على القوة الناعمة والدور الوسيط ليست بمنأى عن الاستهداف! ومن هنا، يتضح أن الأمن العربي لا يمكن تجزئته أو تركه رهين المبادرات الفردية، بل يتطلب تنسيقاً استراتيجياً يضع خطوطاً حمراء جماعية لأي اعتداء.
كما أبرزت الواقعة ضرورة الجمع بين أدوات القوة الناعمة التي طورتها بعض الدول العربية، وبين بناء قدرات ردعية صلبة –عسكرية وأمنية وسيبرانية– بما يضمن حماية الدور العربي المستقل من الابتزاز، كذلك فإنها أعادت التذكير بأهمية تنويع الشراكات الدولية وعدم الارتهان الكامل للولايات المتحدة، بحيث يمتلك العرب هامش حركة أوسع في مواجهة الهمجية الإسرائيلية.

وبالمحصلة، فإن "درس الدوحة"، استراتيجيا، يعني أن الطريق نحو حماية العواصم والمصالح يمر عبر موقف عربي موحّد يوازن بين الردع الصلب والدبلوماسية النشطة، ويعيد تعريف العلاقة مع إسرائيل على أساس المصلحة العربية المشتركة لا على حسابها.



#ياسر_نايف_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد الإدانة .. وما قبل الانهيار: متى يغادر العرب دائرة ال ...
- قمة -شنغهاي- والاستعراض الجيوسياسي: هل ينكسر احتكار الغرب لل ...
- لبنان و-سلاح- حزب الله: بين معادلات الداخل ووصاية الخارج
- أمريكا -السنية والشيعية-: كيف حوّلت الطائفية إلى استراتيجية ...
- الأردن في مواجهة المشروع الصهيوني وخيارات التحدّي الوجودي
- ما بعد -مؤتمر نيويورك-: هل تتجه فلسطين نحو الدولة أم نحو الع ...
- -عقدة الثمانين- .. بين سرديّة الاعتراف وسرديّة الوجود!
- الصندوق الأسود العربي: محاولة لفهم لحظة السقوط
- -غزة- في مرآة الخذلان العربي
- الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟
- ما بعد الدولة -المُتألّهة-: سرديّة المقدّس في عصر الحداثة!
- في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة ال ...
- الدولة المارقة: -إسرائيل- وإعادة إنتاج النازية بالصهيونية!
- -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!


المزيد.....




- وزير الخارجية المصري يُعلق على تطورات مناقشات رد -حماس- على ...
- الدفاع المدني في غزة.. خط الدفاع الأخير بإمكانيات شبه معدومة ...
- بوتين يحذر من استفزاز روسيا ويتوعد بردٍّ ساحق: مرحلة الإملاء ...
- زهير الركاني يحرج رئاسة جماعة تطوان بمداخلة قوية حول احتجاجا ...
- ميرتس يهدد بوتين باستعمال أصول روسية لمساعدة أوكرانيا
- صلاح يثير جدلا على المنصات بعد -رفضه التوقيع- على قميص منتخب ...
- كيث أوربان يُغيّر كلمات أغنية مستوحاة من نيكول كيدمان
- هل سد النهضة هو السبب في فيضانات السودان؟
- بريطانيا تصنف الاعتداء على كنيس مانشستر بـ -الإرهابي-
- السجن 174 عاما لـ 7 رجال في بريطانيا بعد إدانتهم في قضية -ال ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - انهيار وهم الحماية: درس الدوحة في منظومة الأمن الخليجي والعربي