أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ياسر قطيشات - ما بعد الإدانة .. وما قبل الانهيار: متى يغادر العرب دائرة التنديد؟














المزيد.....

ما بعد الإدانة .. وما قبل الانهيار: متى يغادر العرب دائرة التنديد؟


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 16:19
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


عُقدت في الدوحة قمتان طارئتان، عربية وإسلامية، عقب الاعتداء الإسرائيلي المباشر على الأراضي القطرية مطلع سبتمبر الحالي، توقّعت الشعوب العربية والإسلامية أن تشكّل هذه القمم لحظة حاسمة للانتقال من بيانات التنديد إلى إجراءات عقابية حقيقية معقولة، مثل: خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي، تجميد اتفاقيات التطبيع، أو تفعيل أدوات المقاطعة الاقتصادية، أو إغلاق الأجواء في وجه الطيران الإسرائيلي...الخ، لكنها لم تتخذ أي إجراء مما سبق! رغم أنها أدوات مشروعة في القانون الدولي ولا تحتاج إلى مواجهة عسكرية مباشرة.
بالمقابل جاءت النتيجة مخيبة: بيانات قوية في اللغة وضعيفة في الفعل، ما أثار تساؤلات جوهرية حول حدود الإرادة السياسية العربية والإسلامية، ولماذا تكرّس العجز الجماعي في مواجهة انتهاك صريح وجديد لسيادة دولة عربية خليجية!
بدايةً: تفتقد المنظومة العربية، وكذلك الخليجية، إلى آليات عمل جماعي ملزمة؛ إذ تتعامل كل دولة مع الأزمات وفق مصالحها الضيقة، ما يجعل التوافق على خطوات موحدة شبه مستحيل، هذا الخلل المؤسسي يُنتج استجابات شكلية (بيانات مشتركة) بدلاً من قرارات تنفيذية، وفي حالة الدوحة، ظهر الانقسام واضحاً بين دول ترى في التصعيد مع إسرائيل تهديداً لمشاريعها الاقتصادية أو لعلاقاتها الناشئة مع تل أبيب.
ويرتبط جزءٌ من الدول الخليجية والعربية مع إسرائيل باتفاقيات تطبيع مباشرة أو عبر شراكات اقتصادية، واتخاذ إجراءات عقابية سيؤدي إلى كلف سياسية واستراتيجية على تلك الدول، وهو ما جعلها تفضّل "لغة التضامن الرمزي" على خطوات عملية قد تهدّد مصالحها التجارية والاستثمارية، وهكذا تحوّل الدفاع عن السيادة الجماعية إلى رهينة لحسابات اقتصادية آنية!
ولا يمكن تجاهل حقيقة أن دول الخليج تعتمد على الولايات المتحدة كضامن أمني ضد التهديدات الإقليمية، وأي تصعيد فعلي ضد إسرائيل –الحليف الاستراتيجي لواشنطن– قد يُفسَّر كتصعيد ضد الولايات المتحدة نفسها، هذا الاعتماد جعل سقف الرد محكوماً بمحدودية المناورة، وأنتج لغة بيانات لا تتجاوز حدود "التنديد" اللفظي.

كما أن التحرّك عبر مجلس الأمن أو المحاكم الدولية يحتاج وقتاً وغطاءً دولياً غير متوافر، خاصة مع دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، هذا ما يفسّر لجوء القمم إلى خطاب سياسي مفتوح بدل خطوات قانونية أو عملية قد تُواجه بالفيتو أو بالتجاهل، والنتيجة كانت مخرجات باردة لا ترقى إلى حجم الحدث!
هنا يظهر سؤال الإرادة: هل الخوف من رد فعل واشنطن هو ما يقيّد القرار العربي، أم أن الأمر يتعلق بشراكة وظيفية بين بعض القوى العربية – الأنظمة- والولايات المتحدة وإسرائيل تجعلها ترى في التصعيد تهديداً لها ولمصالحها المشتركة؟
من منظور نظريات العمل الجماعي، تمثل الحالة نموذجاً لما يُعرف بـ"المعضلة الجماعية": كل طرف يفضّل أن يتحمل الآخر كلفة الرد، بينما يكتفي هو بالمكاسب الرمزية، النتيجة أن أحداً لا يتحرك بجدية، وتبقى القرارات في دائرة الرمزية، هذه المعضلة تعكس غياب قيادة إقليمية قادرة على تحمّل المخاطر وتوجيه الموقف نحو خيارات عملية.
وما جرى في الدوحة ليس معزولاً؛ من الناحية النظرية، ويمكن أن يتكرر في أي عاصمة عربية أخرى، طالما أن إسرائيل تعتبر نفسها فوق قواعد السيادة الوطنية والقانون الدولي. واستمرار رد الفعل العربي عند مستوى البيانات، يجعل من تكرار الاعتداءات أمراً شبه مرجّح.
بكلمات أخرى: لم يكن فشل القمة في تبنّي إجراءات عقابية حقيقية مجرد ضعف تكتيكي، بل انعكاساً لبنية سياسية وأمنية تجعل من الصعب على الدول العربية تجاوز بيانات الإدانة، لقد اختارت الأنظمة الرسمية "الرشد العملي" القائم على تجنب التصعيد مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفضّلت "الواقعية السياسية"، حتى في الخطاب الرسمي، على لغة التهديد! حتى لو كان على حساب مصداقيتها أمام الشعوب وسيادتها القومية.
ويبقى السؤال الكبير مفتوحاً: في أي حالة سيغادر العرب دائرة التنديد إلى التهديد والتنفيذ؟ فإذا كان انتهاك سيادة دولة خليجية لم يكسر دائرة "الإدانة دون فعل"، فما الذي يمكن أن يكسرها؟ هل هو تصعيد إسرائيلي أكبر يهدّد أمن العواصم العربية والخليجية مباشرة، أم استهداف البنى التحتية الحيوية في الخليج (موانئ، منشآت طاقة، مراكز مالية)، أم تغيّرٌ في موازين القوى الدولية يتيح للعرب بدائل أمنية غير أمريكية، أم نهضة وعي "شعبي جارف" تضطر الأنظمة إلى التحرك تحت ضغط الشارع؟
ما جرى في الدوحة قد يكون إنذاراً مبكراً لعواصم أخرى، والرد العربي الضعيف قد يُفسَّر في تل أبيب كدعوة للاستمرار، وهنا تكمن خطورة الموقف: أن يتحول العجز إلى ضوء أخضر مفتوح لاعتداءات مقبلة!



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة -شنغهاي- والاستعراض الجيوسياسي: هل ينكسر احتكار الغرب لل ...
- لبنان و-سلاح- حزب الله: بين معادلات الداخل ووصاية الخارج
- أمريكا -السنية والشيعية-: كيف حوّلت الطائفية إلى استراتيجية ...
- الأردن في مواجهة المشروع الصهيوني وخيارات التحدّي الوجودي
- ما بعد -مؤتمر نيويورك-: هل تتجه فلسطين نحو الدولة أم نحو الع ...
- -عقدة الثمانين- .. بين سرديّة الاعتراف وسرديّة الوجود!
- الصندوق الأسود العربي: محاولة لفهم لحظة السقوط
- -غزة- في مرآة الخذلان العربي
- الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟
- ما بعد الدولة -المُتألّهة-: سرديّة المقدّس في عصر الحداثة!
- في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة ال ...
- الدولة المارقة: -إسرائيل- وإعادة إنتاج النازية بالصهيونية!
- -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!
- -التديّن الإمبريالي-: حين تُصبح الحروب مقدّسة!


المزيد.....




- -إن شاء الله ما تتحسد أبدًا-.. أنغام من حفلها في لندن -مصر و ...
- إيران تعيد بناء قواتها الجوية وتتسلم دفعة من مقاتلات -ميغ-29 ...
- بعد اعترافها بدولة فلسطين.. كندا تعلن تقديم 400 مليون دولار ...
- بعد غضب ترامب وتوعد البيت الأبيض..حل لغز تعطل السلم المتحرك ...
- وزير الخارجية الألماني: لا حاجة للمزيد من الإجراءات ضد إسرائ ...
- هل بات توقيع اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل وشيكا؟
- الأرض تضيق بالغزيين.. عشرات القتلى ومجاعة وتهجير أمام أعين ا ...
- ما واقع التقارب الأمريكي السوري؟ من أين وإلى أين؟
- النووي الإيراني: دول أوروبية تحث إيران على -إجراءات ملموسة- ...
- -جيل الشاشات-.. كيف خطفت الهواتف تركيز الطلاب؟ وهل يمكن استع ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ياسر قطيشات - ما بعد الإدانة .. وما قبل الانهيار: متى يغادر العرب دائرة التنديد؟