أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عماد حسب الرسول الطيب - 12. البيئة والمناخ: الإمبريالية الخضراء والعدالة المناخية














المزيد.....

12. البيئة والمناخ: الإمبريالية الخضراء والعدالة المناخية


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 18:11
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ليست الأزمة المناخية مجرد خلل في البيئة، بل هي انعكاس مباشر للتناقض الهيكلي في الرأسمالية التي تجعل من الطبيعة سلعة قابلة للبيع والشراء. وكما أوضح فوستر، فإن النظام الرأسمالي يخلق "صدعًا أيضيًا" يقطع الصلة بين العمليات الاجتماعية ودورات الطبيعة [1]، مؤكدًا أن الأزمة ليست بيئية فحسب، بل تجسيد لأزمة اقتصادية واجتماعية تترسخ فيها ممارسات النهب المزدوج للطبيعة والعمل.

تتحول الكارثة البيئية في عصر الرأسمالية المعولمة إلى فرصة جديدة للتراكم، حيث تظهر "الإمبريالية الخضراء" كوجه حديث للهيمنة. فكما يحذر سمير أمين، تُستخدم الأزمة البيئية لإعادة إنتاج التبعية عبر آليات السوق الخضراء [2]. فبورصات الكربون وتمويل المناخ وشروط الطاقة النظيفة تتحول إلى أدوات لتعميق السيطرة على دول الجنوب، بينما تستمر الشركات العابرة للقارات في نهب الموارد تحت غطاء "الاستدامة".

تتفاعل الأزمة البيئية في السودان مع البنية الطبقية التابعة، حيث يتحول التصحر والجفاف إلى أدوات للسيطرة. فمشاريع "التنمية الخضراء" تكرس التبعية للإمبريالية عبر شروط التمويل الدولي، بينما تُستخدم أزمات الموارد لتبرير نزع ملكية الأراضي وتهجير المجتمعات. وكما يوضح هارفي، يصبح تراكم الأراضي عبر الخصخصة شكلاً حديثاً من أشكال التراكم الرأسمالي [3].

تدفع الطبقات الكادحة في السودان ثمن أزمة لم تتسبب فيها، فالمزارعون والرعاة والمجتمعات المحلية يواجهون تدهوراً بيئياً يهدد سبل عيشهم. النساء تحديداً يتحملن العبء الأكبر، حيث يضطررن للسير لمسافات أطول للحصول على الماء والحطب. هذا التداخل بين القمع البيئي والجندري، كما تشرح فاندانا شيفا، يجعل من النضال البيئي جزءاً من النضال الطبقي [4].

تواجه الحركات الاجتماعية هذه التحديات عبر مقاومة مشاريع السدود المدمرة والاستيلاء على الأراضي، مقدمين بديلاً قائماً على العدالة البيئية. هذه المقاومة، كما يرى أولانيان، تمثل نواة لاشتراكية بيئية حقيقية [5]. فالنضال من أجل الحقوق البيئية ليس منفصلاً عن النضال من أجل التحرر الاجتماعي.

إن بناء مشروع تحرري بيئي في السودان يتطلب قطعاً مع حلول السوق الزائفة، فكما يؤكد مالم، لا يمكن للرأسمالية الخضراء أن تحل الأزمة التي تسبب فيها النظام الرأسمالي نفسه [6]. البديل الاشتراكي يعني إعادة بناء العلاقة مع الطبيعة على أساس الديمقراطية البيئية والتخطيط العلمي، حيث تُدار الموارد الطبيعية بشكل جماعي وتُوجه الاستثمارات البيئية لخدمة احتياجات الجماهير وليس أرباح الشركات.

لا يمكننا الفصل بين التحرر الوطني والتحرر البيئي، فالنضال من أجل العدالة المناخية هو جزء عضوي من النضال الطبقي. وكما قال ماركس، فإن المجتمع الشيوعي وحده القادر على إعادة التوازن بين الإنسان والطبيعة [7]. فتحرر الإنسان من الاستغلال الطبقي وتحرر الطبيعة من النهب الرأسمالي وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن تحقيق أحدهما دون الآخر.

"إن الصراع البيئي هو الوجه الآخر للصراع الطبقي، فلا تحرر للطبيعة من النهب الرأسمالي دون تحرر الإنسان من الاستغلال الطبقي."
جون بيلامي فوستر.

النضال مستمر،،
--------------------------
المراجع:
[1] Foster, J. B. (2000). Marx s Ecology: Materialism and Nature. Monthly Review Press.
[2] Amin, S. (2010). The Law of Worldwide Value. Monthly Review Press.
[3] Harvey, D. (2003). The New Imperialism. Oxford University Press.
[4] Shiva, V. (2005). Earth Democracy: Justice, Sustainability, and Peace. South End Press.
[5] Olaniyan, A. (2018). Environmental Justice and Oil Pollution Laws. Routledge.
[6] Malm, A. (2016). Fossil Capital: The Rise of Steam Power and the Roots of Global Warming. Verso.
[7] Marx, K. (1867). Capital: Volume I. Penguin Classics.



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 11. الثقافة والأدب في السودان: جبهات الصراع الإيديولوجي
- 10. الإعلام والوعي الزائف: آليات الثورة المضادة في السودان
- 9. الهوية والدين: أسلحة الطبقة الحاكمة في السودان
- 8. التبعية والصراع الإمبريالي: الديناميكيات الإقليمية والدول ...
- 7. العنف المضاد للثورة: تشريح جهاز الدولة البورجوازي
- 6. اقتصاد الحرب في السودان: الرأسمالية الطفيلية والهيمنة الع ...
- 5. اليسار السوداني: الأزمة الاصلاحية وتحول البنية الطبقية
- 4. التشكيلة الاجتماعية السودانية: تحليل طبقي للبنية المعقدة
- 3. الماركسية واللاعنف: قراءة في صراع النظرية والتاريخ
- 2. السودان والمأزق النظري: تشريح إخفاق الثورة السلمية
- الماركسية والثورة السودانية – جدل النظرية والممارسة 1. المار ...
- 10. آفاق الثورة السودانية في السياق الأممي: نحو قطيعة مع أوه ...
- رأسمالية التعليم وإخصاء الوعي
- 8. القطيعة الثورية: الاشتراكية كطريق وحيد لتحطيم أوهام الإصل ...
- 7. البرجوازية الطفيلية: الحلقة المفقودة في أزمة الإصلاح السو ...
- ثقافة الدوبامين: بين التشييء الرقمي واستلاب الوعي
- 6. المأزق البنيوي لشعارات -السلام–الحياة–الانتقال-
- 5. البعد الإمبريالي للمشروع الإصلاحي
- 4. أوهام الانتقال المدني الديمقراطي
- 3. مأزق السلام الليبرالي


المزيد.....




- Trump’s Military Escalation Against Venezuela Repeats The Ir ...
- Norman Finkelstein And The Moral Obligation To Shun
- اشتية يترأس وفد -فتح- في مؤتمر الأحزاب الاشتراكية الأوروبية: ...
- 17 أكتوبر؛ ذكري اعدام المتظاهرين الجزائريين في فرنسا
- مسؤول حكومي للجزيرة نت: حرب غزة سحقت الفقراء وخلفت 57 ألف يت ...
- في ذكرى توماس سانكارا، الثوري
- نضالات شغيلة كلوفو GLOVO   للتوصيل: صرخة ضد عبودية المنصات ا ...
- شغيلة الحراسة والنظافة والطبخ في إضراب وطني يوم 20أكتوبر 202 ...
- رسالة الأممية الرابعة إلى اجتماع مبادرة الدولة الديمقراطية ا ...
- ?اگ?ياندن: س?بار?ت ب? خ?ه??و?شاندن?و?ي ??کخراوي (ي?ک?تي ک?م? ...


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عماد حسب الرسول الطيب - 12. البيئة والمناخ: الإمبريالية الخضراء والعدالة المناخية