أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - الحاكم في وطننا العربي مواطن أم شبه إله؟















المزيد.....

الحاكم في وطننا العربي مواطن أم شبه إله؟


عزالدين مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 02:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في وطننا العربي، الحاكم لا يأتي حسب إرادة الشعب وكنتيجة لانتخابات نزيهة وشفافة ويذهب في حال سبيله طوعا عندما تنتهي ولايته ويصبح بعد ذلك مواطنا عاديا مثله مثل خلق الله بل يحل ركبه غصبا ورغم أنف الجميع فيجعل من الشعب رعية وخدما ويمنح العطايا والامتيازات لمن يشاء وليس لسلطته الحدود والضوابط القانونية التي تجري على جميع أفراد الوطن.
فهو إما ملك بالوراثة بيده الحكم والثروة وكل السلطات لا يحتكم للقانون، فهو شبه إله لا يحاسب ولا يتعرض للمساءلة والنقد الخفيف أو الثقيل ولا يعترف بالدساتير وحتى بالأعراف التي سنها عن طيب خاطر ولا يغادر موقعه إلا بإذن من الخالق وهو مطمئن البال لأن ما ترك خلفه لن يذهب لغريب أو دخيل.
وهو كذلك رئيس بالقوة القاهرة يحكم بالبندقية أو العائلة أو القبيلة ويستند في إدامة عهده على أتباع ومريدين يغدق عليهم ما شاء من المال العام فيزكون قراراته وهم غائبون أو حتى نائمون فتغدو المؤسسات حيطانا بلا روح والدساتير مجرد حبر على ورق مصقول ويصبح المواطنون مسلوبي الإرادة كقطيع من الشياه والويل لمن يتبرم ويلوي عصا الطاعة فمآله الأحكام المفبركة والسجون والمطاردة وقطع الأرزاق.
وبما أن الخوف من الذي سيأتي لا محالة ليرمي بالنزيل المتشبث بالكرسي في مزبلة التاريخ هو الهاجس الوحيد لصاحب الديار فلا نخاله إلا مهتما بأمنه وصحته وديمومة حكمه حتى الرمق الأخير فتتحقق بذلك الدولة البوليسية بامتياز.
وهذه الوضعية الغريبة في دول تدعى بنص الدستور جمهوريات والشعب فيها هو مصدر السلطات زورا وبهتانا وذر الرماد في العيون ليس إلا ليصبح الوطن مرتعا للنزوات ولكل من دب وهب وإقطاعية وثروة مهملة عرضة للنهب والهدر.
والأشد غرابة من كل ذلك أن الكثيرين من بني جلدتنا استمتعوا بتعذيب الذات وامتهان التأييد الطوعي والغريزي حتى بدون مقابل وغنيمة وأصبحوا دمى في يد الحاكم يحركها كيفما شاء ويستعملها للتغطية على تجاوزاته والفتك بمعارضيه وتشويه سمعتهم.
والأشد مرارة أن غالبية هؤلاء من المثقفين وأهل النخبة العارفين والمطلعين على خفايا الأمور ومن أوكد واجباتهم المدنية والوطنية والأخلاقية التمسك بالثوابت والابتعاد عن شبهة خيانة الشعب والتلاعب بالمستقبل.
وهذه الصيرورة بفعل طول مدة الترويض البافلوفي جعلت المواطن يخاف من التغيير حتى وإن جاءت عن طريق الثورة الشعبية المنقذة لرقبته ومنحته الحرية والكرامة في ظل انفلات سياسي طغت عليه الانتهازية وحب الظهور والغوغائية.
فأصبح الجميع بعد الغياب المؤقت للسلطة الديكتاتورية القاهرة يفقهون في السياسة وحقوق الإنسان وثوريون لا يشق لهم غبار وقد كانوا منذ عهد ليس بالبعيد من أذناب النظام وحاشيته وقد نالوا ما نالوا من حظوة وجاه ومال ومناصب. والغالبية منهم تركوا زعيمهم الأوحد بورقيبة تنهشه الذئاب الجائعة وما عارضوا ذلك جهرا أو سرا بل ركبوا حافلة بن علي المثقوبة العجلات بحثا عن غنيمة أو فتات من وليمة أو إتقاء شر ما هو قادم وهم لا يصدقون أن الثورة حلت على حين غرة وها هم يتطهرون من أدران الماضي القريب والبعيد في ظل غياب كلي للمحاسبة والمكاشفة ويمتطون رويدا رويدا القطار المنطلق حتى يبعدوه عن سكته أو يعطبوه ولا يصل إلى محطته سالما معافى.
وبما أن الغالبية العظمى من هؤلاء لهم نفوذ سابق وقد تمكنوا من الوصول إلى مناصب عليا بحكم القرابة والمحسوبية فغنموا الأموال والتسهيلات وكانت كل الطرق معبدة أمامهم فمن السهل عليهم بعث الأحزاب والمنظمات والجمعيات وحشد الناس وربح الانتخابات والبقاء في السلطة رغم أنف الكادحين والمعدمين والعاطلين عن العمل والذين انتفضوا على العهد البائد وقاموا بالثورة واستشهدوا في سبيل الوطن والحرية والكرامة.
والمحك في التغيير الفعلي الحقيقي بعد أن اهتزت عروش وتزعزعت أخرى وهي في طريقها لزوال محتوم عاجلا أو آجلا هي مسألة التداول على الحكم والخروج على طاعة الحاكم إن طغى وتجبر ولم يحترم الإرادة الشعبية ومبدأ الحاكم المواطن الذي يغادر السلطة طوعا عند نهاية مدته الرئاسية ولا يتعسف على الدستور والقوانين.
فإذا لم يتحقق هذا المبدأ الأساسي والجوهري فلن يتغير شيء على الإطلاق لأن أصل الداء هو التشبث بالحكم مدى الحياة وتوريثه إن لزم الأمر والحكم بمنطق المحسوبية والعائلة والشللية والقبيلة مما يؤدي إلى الديكتاتورية والسلطة القاهرة البوليسية ذات الأبعاد الأمنية.
فحب البقاء في الحكم وتزييف الواقع السياسي ولي عنق القوانين جاء نتيجة الوصول القهري للسلطة عن طريق الانقلابات وليس عن طريق إرادة شعبية مستقلة.
وهذه المعضلة المستعصية في التشبث بالحكم متبوعة بتاريخ قهري لا يمت للديمقراطية بصلة جعلت الشعوب العربية في غالبيتها العظمى تابعة ومسلوبة الإرادة ومرهونة في عيشها ومواردها الحياتية ويكبلها الفقر والجوع والبطالة والتخلف والأمية والقليل منها يفقه معنى الديمقراطية حتى غدت هذه الكلمة السحرية يلوكها العامة والنخبة للتلهية والتلاعب اللفظي الخالي من المضمون فالجائع لا يبحث إلا عن رغيف يسد به رمقه ولا تعنيه الكلمات والمعاني والسياسة.
والتفكير الواعي والجدي لا بد أن يتجه نحو البحث عن طريقة ناجعة لإرغام الحاكم بعد التفويض له بالسلطة ترك منصبه عند نهاية مدته المحددة بالدستور طوعا دون الدخول في صراعات تحطم كل ما بنته الأجيال على مر السنين. فلا يمكن القبول بالتضحية بمصير شعب كامل ووطن من أجل فرد مهما علا شأنه وعظمت قدراته.
ومن المهم أيضا أن تتحمل الفئات المثقفة والنخب الواعية في المرحلة الجديدة مسؤوليتها فلا تجري لهثا وراء الكراسي بدون برامج نافعة للمجتمع ولا تحتكم إلا للضمير ولا تأله الحاكم وتجعل منه رغم أنفه إنسانا خارقا للعادة وتلبسه جبة التقديس تزلفا وكذبا وطمعا في الغنائم المالية والسياسية والمناصب.
ففي العهود الماضية كان لبعض المثقفين والجامعيين والنخب السياسية وأصحاب المال والجاه دور مشبوه في تكريس دولة الديكتاتورية والفساد والظلم وقد كان بإمكانهم لولا شهوة السلطة والغنائم أن يكون لهم دور إيجابي نحو المواطن والوطن وينحازوا للشرفاء والمناضلين ويخرجوا طوعا وقد شبعوا حتى الثمالة من دولة يعرفون أنها منهارة لا محالة وقد عشش فيها الفساد وبلغ الظلم مداه الأقصى قبل أن تحل دولة الثورة وهم العارفون بالحقوق والقانون وعاقبة التجاوزات أو هل كانوا لا يتصورون أبدا زوال طغمة القهر والفساد؟ وهذا يعتبر ضربا من ضروب التنجيم وتحديا للقدرة الإلهية والشعبية على حد السواء.
فدولة الحاكم المواطن والنخبة التي تقود التغيير ولا تتزلف لصاحب السلطة أينما كان موضعه طمعا في نعمة وغنيمة زائفة والشعب الذي لا يلتزم بالطاعة العمياء ولا بالتزكية المغشوشة ولا يمنح تقديسه لغير الله هي دولة الغد بعد الثورة المجيدة ، التي يريدها الشعب.



#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النخب المهزومة تتلهى بمبادرة ميتة
- وهم الثورة وخداع الذات
- الليبرالية الإقتصادية والطبقات المهمشة
- الحراك الشبابي صورة لمجتمع مهزوم وبائس
- الاقتصاد الموازي في تونس
- أمريكا تدفع أوروبا للتهلكة والفناء
- المهمشون المنسيون في العالم العربي
- دولة الفساد وإنتاج الفقر والتخلف
- ديمقراطية الموت
- تأكد مقولة العرب ظاهرة صوتية
- الديمقراطية ليست سلعة جاهزة يمكن استيرادها من الخارج
- الجمعيات عين الخارج على الداخل : حالة تونس
- خطر فائض القوة لدى النقابات العمالية
- النقابات المنفلتة خطر على الدولة والمجتمع : حالة تونس
- الإتحاد والنهضة والإنقلاب
- متى ستنزع المنظمة الشغيلة في تونس جبة حشاد وعاشور؟
- هل يمكن للنقابات في تونس تغيير خطابها وآليات عملها؟
- ما هدف إتحاد الشغل من المواجهة مع الدولة والشعب؟
- أمة الدعاء والعويل والبؤس الوجودي
- مكانة المرأة الدونية في النصوص الدينية


المزيد.....




- جواز الإمارات الأول عربيا والأمريكي يخرج من قائمة العشرة الأ ...
- 11 شهيدا في استهداف الاحتلال سيارة تُقلّ عائلة شرق مدينة غزة ...
- زيت بذور اليقطين.. حل طبيعي لتساقط الشعر ولكن ليس للجميع
- الجنائية الدولية ترفض طلب إلغاء مذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت ...
- مكتب نتنياهو يصدر بيانا بشأن استلام جثة رهينة.. و-حماس- تعلق ...
- ترامب لزيلينسكي: حان الوقت لإبرام اتفاق ينهي الحرب مع روسيا ...
- -مسار الأحداث- يناقش صراع الإرادات بعد وقف إطلاق النار بغزة ...
- محللون: صراع الإرادات السياسية يهدد المرحلة الثانية من اتفاق ...
- إيران: قيود مجلس الأمن ستلغى غدا وحقوقنا السيادية غير قابلة ...
- كينيا من دون رايلا أودينغا.. من يرث كتلة أصوات لملايين الناخ ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - الحاكم في وطننا العربي مواطن أم شبه إله؟