محفوظ بجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8497 - 2025 / 10 / 16 - 23:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سأتناول اليوم وغدًا، على حسابي في فيسبوك، موضوعًا جريئًا وحساسًا في آنٍ واحد: العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج، لا من زاوية الوعظ، ولا من بوابة الدين أو الأعراف، بل من منظورٍ اجتماعي–فلسفي يعيد طرح الأسئلة التي خفنا يومًا من مواجهتها.
سأتوقف عند الحجاب، لا كقطعة قماش تُغطّي الرأس، بل كرمزٍ ثقافي استوردناه في بدايات الثمانينيات، ثم تحوّل تدريجيًا إلى أداةٍ لقياس الإيمان وشرطٍ للقبول الاجتماعي.
سأقارن بين الجزائر التي سبقت هذا الاستيراد — حيث كانت المرأة مدرسةً للحياة وواجهةً مضيئةً للمجتمع — وبين واقع اليوم، حيث تُختزل كرامة المرأة في لباسها، ويُختبر إيمانها بستر رأسها لا بنور عقلها.
والمفارقة المؤلمة أن الذين صدّروا إلينا هذه المظاهر — من الخليج إلى إيران — يتجهون اليوم نحو الانفتاح والعقلانية والحرية المسؤولة، بينما نحن نعود القهقرى، نحمل لافتات الدين ونسير بها نحو ظلامٍ صنعناه بأيدينا.
لسنا ضد الإيمان، بل ضد تزييفه. ولسنا ضد الحجاب، بل ضد تحويله إلى قيدٍ على الفكر بدل أن يكون خيارًا حرًّا نابعًا من وعيٍ ونورٍ داخلي.
لكن الإيمان الحقيقي لا يُقاس بثوبٍ أو مظهر، بل بخلقٍ رفيع، وصدقٍ في القول، وأمانةٍ في العمل، ومسؤوليةٍ تجاه الوطن والإنسان.
فما قيمة الحجاب إن غابت الأمانة؟ وما نفع الصلاة إن انعدم الصدق؟
لقد اختزلنا الدين في المظاهر، ونزعنا منه جوهره الإنساني العميق القائم على العدل، والرحمة، والاحترام، والعمل الصالح.
ما أحوجنا اليوم إلى أن نغسل عقولنا قبل وجوهنا، وأن نعيد ترتيب سلم القيم في حياتنا، فنضع الضمير قبل اللسان، والخلق قبل المظهر، والعمل قبل الادّعاء.
فالأوطان لا تبنى باللحى ولا بالأقمشة، بل بالوعي، والنزاهة، والإخلاص، وحب الأرض التي أنبتتنا.
الوعي نور، ومن يطفئه لا يزداد إيمانًا، بل عتمة.
#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟