أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - جائزة نوبل للسلام: وسيلة لتجميل وجه الإمبريالية؟














المزيد.....

جائزة نوبل للسلام: وسيلة لتجميل وجه الإمبريالية؟


عاطف زيد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعطيت جائزة نوبل للسلام ( 2025 ) إلى عميلة المخابرات الأميركية ماريا كورينا ماتشادو من فنزويلا.
هي لم تفز بالجائزة، لسبب بسيط، وهو أن هناك الملايين من البشر على سطح كرتنا الأرضية من هو أحقّ منها بالجائزة، لذلك أرى أنه من الأصحّ أن نقول أن الجائزة أعطيت لها مكافأة عن دورها المشبوع والمعلن بالعداء للنظام السياسي الفنزويلي والإرتماء في حضن المخابرات المركزية الأميركية واستعدادها الدائم للتآمر على وطنها وشعبها.
منذ تأسيس جائزة نوبل للسلام عام 1901، وهي تُقدَّم على أنها تتويجٌ لنضالات الأبطال والمصلحين في سبيل السلام والعدل والكرامة الإنسانية. غير أن التاريخ الفعلي للجائزة يروي قصةً أكثر تعقيداً وإثارة للجدل؛ قصة تُظهر كيف أصبحت هذه الجائزة، في أغلب الأحيان، أداةً ناعمة في يد الولايات المتحدة، تُستخدم لتبييض السياسات الإمبريالية، ومكافأة من يسير في فلك الغرب، لا سيما الولايات المتحدة وحلفائها.
== المعايير المزدوجة: من يُكافَأ ومن يُقصى؟
ربما يكون أوضح مثال على ازدواجية المعايير في منح جائزة نوبل للسلام هو الإقصاء المستمر للأصوات المقاومة للاستعمار والهيمنة الغربية.
من المؤسف أن الجائزة لم تُمنح يوماً لرموز بارزة في النضال ضد الاحتلال، مثل ياسر عرفات، إلا حينما روّضه الغرب سياسياً، بينما يتم تغييب من ناضلوا بصدق واستقلالية.
وكمثال آخر، لم يُمنح جيفارا أو هو تشي منه – رغم كونهما قادة تحرر وطني – أي تقدير، لأن نضالهم لم يكن يصب في المصلحة الأمريكية.
في المقابل، تُمنح الجائزة لأشخاص قد تكون إنجازاتهم في "السلام" محل تساؤل.
فقد مُنحت عام 2009 إلى باراك أوباما، بعد أشهر قليلة فقط من دخوله البيت الأبيض، في سابقة أدهشت حتى حلفاءه.
لم يكن الرجل قد فعل شيئاً بعد سوى إطلاق خطابات تصالحية، ومع ذلك كُرِّم بـ"أرفع" الجوائز.
ولسخرية القدر، كانت إدارة أوباما لاحقاً مسؤولة عن توسيع رقعة الحروب بالطائرات المسيّرة في باكستان واليمن، والإبقاء على قواعد عسكرية في أنحاء العالم، بل وتفجير "الربيع العربي" في بعض البلدان ضمن ترتيبات مشبوهة.
== نوبل والسلام مع الكيان الصهيوني
من أكثر ما يثير الغضب في سجل نوبل هو موقفها من القضية الفلسطينية.
فقد مُنحت الجائزة عام 1994 بشكل مشترك لكل من ياسر عرفات وإسحاق رابين وشمعون بيريز ، وهما اثنان من أركان المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وأحد رموز المقاومة الفلسطينية.
بينما كان عرفات يقدَّم بوصفه "الشريك العربي القابل للترويض"، كان رابين وبيريز في نظر مؤسسي الجائزة "صُنّاع سلام"، رغم سجلهما الدموي في مذابح ضد الفلسطينيين، ومن أبرزها مجزرة قانا التي حدثت بعد هذا التكريم بعامين فقط، وراح ضحيتها أكثر من 100 شهيد مدني لبناني.
لم تكن هذه المرة الوحيدة التي يُكافأ فيها مجرمو حرب بجائزة نوبل.
تكفي مراجعة بسيطة لتاريخ الجائزة لنكتشف مدى "التساهل" الذي تبديه المؤسسة تجاه من يرضى عنه الغرب، بغض النظر عن سلوكه السياسي أو الأخلاقي.
== هل نوبل أداة "قوة ناعمة"؟
من وجهة نظر نقدية، تبدو مؤسسة نوبل وكأنها جزء من منظومة "القوة الناعمة" التي تستخدمها الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لتشكيل الرأي العام العالمي.
فمن خلال منح الجائزة لأشخاص أو منظمات تخدم الأجندات الغربية، يتم إضفاء شرعية أخلاقية على سياسات مجرّبة في التدمير والاستغلال.
في عام 2015، منحت نوبل "الرباعي الراعي للحوار الوطني في تونس" الجائزة.
في الظاهر، كان ذلك تكريماً لمسار سلمي، لكن المتابعين للشأن التونسي رأوا في الخطوة محاولة لدعم قوى "الاعتدال" التي قبلت التعايش مع نظام ما بعد الثورة بما يخدم التوازنات الإقليمية، وليس بالضرورة مصالح الشعب التونسي.
ومن المفارقات أيضاً، أن لا أحد من مناضلي أمريكا اللاتينية – رغم تاريخهم الطويل في مقاومة الديكتاتوريات المدعومة من واشنطن – قد نال هذه الجائزة.
لم تُمنح، مثلاً، لأي من ضحايا الانقلابات في تشيلي أو الأرجنتين، ولا لمفكري التحرر مثل إدواردو غاليانو أو باولو فريري، رغم تأثيرهم العميق في نشر الوعي والعدالة.
== أين الأصوات الحقيقية للسلام؟
إنّ الجائزة التي لم تمنح لمناضلين كبار من جنوب الكرة الأرضية، لا يمكن أن تُعتبَر ممثّلة حقيقية لقيم السلام.
بل تكشف قراراتها المتكررة عن ميل واضح لتلميع رموز "السلام المُروّض"، ذلك الذي لا يهدد مصالح الشركات الكبرى، ولا يفضح السياسات الاستعمارية، ولا يدافع بجرأة عن قضايا المستضعفين.
إن تغييب مناضلين مثل مالكوم إكس، أو نيلسون مانديلا (حتى قبل خروجه من السجن وبعد عقود من النضال، إذ تأخرت نوبل كثيراً في الاعتراف به)، أو تجاهل مقاومي الاحتلال في العراق وفلسطين ولبنان، يكشف أن السلام الذي تكافئه نوبل ليس بالضرورة سلاماً عادلاً، بل هو "سلام الإمبراطورية"، الذي يُفرض من فوق، ويكافئ الخضوع، لا المقاومة.
== لا تقديس لمؤسسات مسيّسة
جائزة نوبل للسلام، في صورتها الحالية، لم تعد سوى مرآة للنفوذ السياسي الغربي.
لقد تم تجريدها من المعنى الثوري الذي كان يمكن أن تحمله لو أنها دعمت فعلاً من يناضلون من أجل السلام العادل والكرامة الإنسانية في وجه الاحتلال والاستغلال.
إن من واجبنا، كأحرار في هذا العالم، أن نعيد مساءلة "الرموز العالمية" التي تُقدَّم إلينا باعتبارها محايدة، بينما هي في الواقع محمولة على ميزان القوى. إن التقديس الأعمى لمثل هذه المؤسسات لا يخدم سوى استمرار النظام العالمي القائم على الظلم والهيمنة.
ربما آن الأوان لأن نعيد تعريف السلام... لا كحالةٍ من الخضوع للنظام العالمي، بل كحالة نضال دائم من أجل الحرية والعدالة والسيادة الحقيقية للشعوب.



#عاطف_زيد_الكيلاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطة ترامب لغزة: شرعنة الاحتلال تحت غطاء «حلّ» ... صرخة لاجئ ...
- اعتراض الصهاينة لأسطول الصمود في عرض البحر جريمة جديدةة يرتك ...
- خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة: مؤامرة مكشوفة لتصفية القض ...
- الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو... صوت الإنسانية في وجه التوح ...
- من مانديلا إلى الجولاني: عندما تتحوّل منصة الأمم المتحدة مفخ ...
- ترامب الكذّاب على مسرح هيئة الأمم المتحدة: يكذب كما يتنفس
- سقوط فكر البرجوازية العربية: من أوهام التحرر إلى ضرورة البدي ...
- الاعتراف بالدولة الفلسطينية: مكافأة شكلية أم خدعة استراتيجية ...
- قمة الدوحة ... قمة الجبن والتطبيع: حين يتواطأ الخوف مع الخيا ...
- آن الأوان للبشرية أن تتحرر من السطوة الأميركية
- الكيان الصهيوني: دولة مارقة تهاجم الإنسانية وتحاصر الضمير ال ...
- العدوان الصهيوني على قطر: جريمة صهيونية جديدة ومسمار في نعش ...
- الصمتُ العربيّ حيال العدوان الصهيوني المستمر... جريمةٌ فوق ج ...
- السفير الأميركي الجديد في عمّان: هل هو دبلوماسي محترف أم ضاب ...
- -وزارة الحرب-... التسمية أخيرًا تطابق الفعل: فضح الوجه الحقي ...
- عبد الرحمن الراشد.. وضياع البوصلة الأخلاقية في مهاجمة حماس و ...
- العدوان الأمريكي على فنزويلا: إرهاب دولة تحت غطاء مكافحة الم ...
- إلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني شرط ضروريّ لبناء نظام عالمي ج ...
- توماس براك يفضح وجه أمريكا القبيح: وقاحة رسمية واستعلاء وقح ...
- اللواء أسامة العلي: وجه التطبيع المسموم وصدى نباح العدو الصه ...


المزيد.....




- كوريا الشمالية تستعرض صواريخ بعيدة المدى تزعم أنها قادرة على ...
- مفاوض أمريكي سابق يكشف ما يتطلبه تحقيق الاستقرار في غزة
- نظام ذكي يساعد على العناية بالنباتات وفهم احتياجاتها
- -مذبحة في الفاشر-.. غارة لطائرة مسيرة تابعة لقوات الدعم السر ...
- لقاء قصير في داونينغ ستريت.. وثائق تكشف اجتماعًا بين توني بل ...
- فيديو: معتقلان منذ 32 عاما...عائلة أسيرين فلسطينيين تترقب ال ...
- دوريات جوية لأمريكا وبريطانيا قرب حدود روسيا ضمن مهمة لحلف ا ...
- قائد القيادة الوسطى ومبعوث ترامب في غزة لتنسيق مرحلة ما بعد ...
- فورين بوليسي: وقف إطلاق النار يبعث الأمل برغم الدمار الرهيب ...
- مسيرة نحو إسلام آباد بعد مظاهرات عنيفة منددة بإسرائيل


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - جائزة نوبل للسلام: وسيلة لتجميل وجه الإمبريالية؟