الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 12:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شركة بالانتير، نموذج الدّعم القوي للإحتلال
اتهمت فرانشيسكا ألبانيزي، المُقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، شركة بالانتير ( Palantir ) المتخصصة في الذكاء الإصطناعي وتحليل البيانات – المدعومة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ تأسيسها سنة 2003 من قِبَل رئيسها بيتر ثيل - بالتربح من الإبادة الجماعية في غزة، من خلال ارتباطها الوثيق بجيش الإحتلال وبالمجمع الصناعي العسكري الصهيوني، وعُرِفت الشركة بعلاقاتها الوثيقة بوكالات الاستخبارات الأمريكية، مثل وكالة الأمن القومي (NSA)، ووكالة المخابرات المركزية، ووزارة الحرب، وهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، والعديد من العقود العسكرية والأمنية ومع هيئة الخدمات الصحية البريطانية والجيش الصهيوني والجيش الأوكراني، فضلا عن شركات صناعة الطّائرات وشركات المحروقات، ولكن الشركة اختصت في ابتكار برامج وحلول لوكالات الاستخبارات والجيوش وهيئات مكافحة الإرهاب وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي والمراقبة ومجالات الأمن وما إلى ذلك وتضخّمت الشركة بسرعة بفضل العقود الحكومية، التي يتم تأمينها في كثير من الأحيان دون عطاءات تنافسية، بفعل علاقاتها الحميمة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي موّلت تأسيسها بواسطة شركة تابعة لها، ووظفت وكالات التجسس الأمريكية أيضًا شركة بلانتير لربط قواعد البيانات عبر الإدارات، بداية من سنة 2013، وسبق أن تمكّنت الشركة من عزل معظم قواعد البيانات التي تستخدمها وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، لكي يعسر الوصول إليها من قِبَل الباحثين، وتُشكل ما لا يقل عن اثنتي عشرة مجموعة داخل حكومة الأمريكية، أهم زبائن شركة بالانتير ( CIA, DHS, NSA, FBI, CDC, Marine Corps, Air Force, Special Operations Command, West Point, the Joint Organization for Defeating Improvised Threats and Allies, the Recovery Accountability and Transparency Board, and the National Center for Missing and Exploited Children…) ... وتم ربط وكالات التجسس الأمريكية مثل وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي لأول مرة ببرنامج الشركة، حيث كانت قواعد بياناتها «معزولة» في السابق، وعمومًا بقيت الشركة متجذّرة في أصولها الإستخباراتية، وترفض الكشف عن القوائم الكاملة لزبائنها أو تفاصيل خوارزمياتها مما يُغذّي المخاوف بشأن الشفافية.
أكدت شركة بالانتير علانية دعمها الصريح للكيان الصهيوني ومؤسساته القمعية، حيث صرح الرئيس التنفيذي "أليكس كارب" سنة 2024: "نحن نقف مع إسرائيل، وسوف يجتمع مجلس الإدارة في تل أبيب لتعزيز العمليات الإقليمية"، وعقدت الشركة اتفاقًا مع وزارة الحرب الصهيونية "لدعم المهام المتعلقة بالحرب"، أي الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، واشتهر أليكس كارب وكذلك بيتر ثيل عبر شركته "ثيل كابيتال"، بدعمهما العلني ومناصرتهما للعدوان الصهيوني وبترويج الدعاية الصهيونية ززفرت شركة بالانتير أنظمة استهداف تعتمد على الذكاء الإصطناعي للجيش ووكالات الإستخبارات الصهيونية لتعزيز دقة استهداف الفلسطينيين، منذ تأسيس الشركة سنة 2003، بدعم مباشر من وكالات الاستخبارات الأمريكية، وافتتحت الشركة فرعًا هامًّا لها في تل أبيب وطورت العديد من المشاريع المشتركة مع شركات التكنولوجيا الصهيونية، وافتتحت بالانتير سنة 2013 مركزًا للبحث والتطوير في فلسطين المحتلة للتركيز على الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والتكنولوجيا العسكرية، كما توظف العديد من المهندسين الصهاينة ممن لديهم تجربة وخبرات في الاستخبارات العسكرية، ونشرت مجلة "ذا نيشن" سنة 2024، مقالاً عن دور شركة بلانتير في توفير أجهزة وبرامج الذكاء الاصطناعي التي مكنت من اغتيال الفلسطينيين وقصف العَرَبَات التي تحمل المساعدات، منذ سنة 2023، ما يثبت التواطؤ المباشر في جرائم الحرب، ويستخدم الجيش الصهيوني وأجهزة الاستخبارات والموساد» وجهاز الأمن العام (الشاباك)، المنصات البرمجية المتطورة لشركة بالانتير، مثل «غوثام» و«فاوندري»، لتحليل ومعالجة المعلومات الاستخباراتية ولتعزيز عمليات مراقبة الحدود، وعمومًا، تُمكّن تقنية بالانتير من المراقبة الجماعية في الأراضي المحتلة، مثل التتبع البيومتري في الضفة الغربية المحتلة، ومحاولة تحديد مكان احتجاز الأسرى الصهاينة في غزة، مما أدّى إلى احتجاج بعض موظّفي الشركة على عقود تدعم البُؤر الإستيطانية التي وصفوها ب"غير القانونية"، منذ سنة 2021...
السعودية شريك بالانتير في إبادة الفلسطينيين
رغم التّاريخ الدّموي لشركة بالانتير، عزّزت السعودية، من خلال صندوق الاستثمارات العامة التابع لها ، علاقاتها مع تل أبيب من خلال الاستثمار في شركات صهيونية تدعم الاحتلال في فلسطين، عبر شركة بالانتير، خصوصًا منذ لقاء ولي العهد محمد بن سلمان مع المؤسس المشارك لشركة بالانتير بيتر ثيل ( نيسان/ابريل 2018) بشأن برنامج "رؤية 2030" وواجهته مدينة "نيوم" الذي أطلقه محمد بن سلمان منذ سنة 2016، بمشاركة شركات صهيونية وفق موقع صحيفة "جيروزاليم بوست" بتاريخ العاشر من شباط/فبراير 2025 التي أشارت إلى "تَطَوُّر العلاقة بين السعودية (والكيان الصهيوني)، واحتمال زيادة الاستثمارات الغربية والإسرائيلية في السعودية، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا والذّكاء الإصطناعي والأمن السيبراني والطاقة المتجددة والسياحة (...) للمساهمة في إنجاز مشروع رؤية 2030 المتعثر والذي يواجه تحديات مالية، مع ارتفاع التكاليف والتأخيرات التي أعادت النظر في جدوى المشروع"، كما أشارت الصحيفة الصهيونية إلى "التعاون السعودي ( الصّهيوني) منذ سنوات خلف الكواليس، وخصوصًا منذ كانون الثاني/يناير 2020، عندما سُمح للإسرائيليين قانونيًا، ولأول مرة، بالسفر إلى السعودية لأسباب دينية أو مهنية، قبل أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتن ياهو سرًا مع محمد بن سلمان في نيوم، برفقة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ورئيس الموساد يوسي كوهين، خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2020"، ثم تطورت العلاقات الثنائية السعودية الصهيونية بعد فتح المجال الجوي السعودي أمام طائرات العدو الصهيوني ( تموز/يوليو 2022 ) وأجرت قناة "العربية" ( كان الأجدى تسميتها العبْرِيّة) السعودية مقابلة مع نتن ياهو ( كانون الأول/ديسمبر 2022)، وتم تصوير عشرات الصهاينة ( قِيل إنهم من رواد الأعمال والتقنيين) السعودية والأماكن المقدّسة لدى المُسلمين، لتوقيع اتفاقيات في القطاعين المدني والعسكري، فضلا عن العديد من الأدلّة الثابتة عن تطور العلاقات قبل التطبيع الرسمي الذي عرقله العدوان الصهيوني على فلسطينيِّي غزة منذ تشرين الأول/اكتوبر 2023، غير إن التطبيع مستمر في الكواليس، حيث ضخت بعض الصناديق السعودية ( مثل صندوق الإستثمارات العامة ) أموالا في الشركات الصهيونية، كجزء من عمليات الإستثمارات المتبادلة منذ سنة 2021، بمشاركة جاريد كوشنر مستشار دونالد ترامب السابق وصهره، الذي استثمر مع السعوديين في شركات تعمل في مجلات النقل والإمداد لقوات الاحتلال الصهيوني، وكذلك شركات الخدمات المالية والتأمين وإدارة الأصول، وفق موقع صحيفة "ميدل إيست آي" المُقربة من المخابرات البريطانية، وصنّفت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قاعدة بيانات جميع هذه الشركات "المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان السورية المحتلة..." كما أظْهَر تحقيق ميدل إيست آي إن السعودية والإمارات وقَطَر استثمرت في شركات الإحتلال ( من ضمنها شركات تصنيع الأسلحة، مثل البيت سيستمز)، من خلال شركة جاريد كوشنر الاستثمارية، في حين يواجه الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية المحتلة الإبادة واعتداءات المستوطنين، وعلى سبيل المثال عقدت مؤسسة مبادرة الاستثمار المستقبلي، وهي مؤسسة مالية سعودية، قمة في ميامي برعاية صندوق الاستثمارات العامة السعودي، خلال شهر شباط/فبراير 2024، بمشاركة حوالي ألفف شخص، وفي مقدّمتهم أليكس كارب، الرئيس التنفيذي لشركة بالانتير تكنولوجيز ومؤسسها بيتر ثيل الذي ألقى الخطاب الرئيسي، ونذكر بما ورد في الفقرات السابقة إن شركة بالانتير تزود الجيش الصهيوني ببرنامج آلي للمراقبة، وذكرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، في تقريرها عن اقتصاديات الإبادة الجماعية في غزة بعض جوانب تواطؤ هذه الشركة (التي استفادت منذ تأسيسها سنة 2003 من استثمارات شركة تابعة لوكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية) في عمليات التجويع والإغتيال والإبادة الجماعية وفي الدّعم العلني والصريح للإحتلال، وأكّد أليكس كارب ( المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لبالانتير) يوم العشرين من نيسان/ابريل 2025، في منتدى هيل آند فالي دعمه لعمليات القتل والإبادة، مُعلنًا: " إن معظم القتلى إرهابيون، وهذا صحيح ومؤكّد "، ومع ذلك يحافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على علاقات وثيقة بشركة بالانتير وشراكة استراتيجية من خلال شركة التركي القابضة، بداية من كانون الثاني/يناير 2025، ولهذه المؤسسة المالية السعودية تاريخ طويل وحافل بالتطبيع والإستثمار في شركات بيتر ثيل – من بينها بالانتير - وجيفري إبستين ( المجرم الجنسي والمتعامل مع الإستخبارات الصهيونية) وفي شركة الاستثمار الأمريكية بلاكستون، التي زادت حصصها في شركات التكنولوجيا الصّهيونة وقدّمت بلاكستون ( بعد السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023) دعما ماليا بقيمة سبعة ملايين دولارا بعنوان "مُساعدات لإسرائيل" ولها مكتب في تل أبيب منذ نيسان/ أبريل 2021، واستثمرت السعودية في شركة ماجيك ليب الأمريكية التي تمول شركات صهيونية تعمل على تطوير تقنيات الواقع المعزز لاستخدامها في أغراض عسكرية، كما تشارك في غدارة بعض الشركات الصهيونية للأمن السيبيراني والتقنيات العسكرية التي يستخدمها الجيش الصهيوني...
تعمل بعض الشركات الصهيونية مباشرة في السعودية، ومن ضمنها "مركز البحث والتطوير الصناعي الثنائي الإسرائيلي الأمريكي" ( BIRD )، الذي يمول التقنيات التي طورتها شركات أمريكية وصهيونية، وصندوق البحث والتطوير الزراعي الإسرائيلي الأمريكي ( ( BARD الذي يقدم قروضًا للشركات الأمريكية العاملة في السعودية وشركة Eco Wave Power للطاقة المتجددة وشركة CyberArk، وهي "منصة أمن إسرائيلية تتعاون مع شركة Spire Solutions الإماراتية للأمن السيبراني في السعودية بالشراكة مع شركة XM Cyber الصهيونية التي شارك في تأسيسها ( تامير باردو) الرئيس السابق للموساد... وما هذه سوى أمثلة، من عشرات الأمثلة الأخرى، لأن أنشطة محمد بن سلمان والمُقربين منه مثل ياسر الرميان، تتجاوز مجرد التطبيع، عبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي، على مدى السنوات الخمس الماضية، لتصبح تمويلا للإحتلال ولعمليات الإبادة الجماعية، بواسطة أموال النفط التي تم إنفاقها كذلك بهدف تخريب البلدان العربية، بدل إنفاق عائدات النفط للقضاء على الفقر في السعودية – خصوصًا في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط - أو في البلدان العربية، لكن العمالة مُتأصّلة في عيال سعود منذ تأسيس الدّولة التي سُمِّيت باسم جدّهم الذي كتب بخطّ رديء سنة 1915، قبل وعد بلفور بسنتَيْن:
"أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن السعود أقر وأعترف ألف مرة للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى: لا مانع عندي من أن أعطي فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم كما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتى تصبح الساعة"، لذا فإن صهاينة مكّة والمدينة الحاليين مشوا على خطى أبائهم وأجدادهم و"قال حُكماء العرب: "من شابه أباه فما ظَلَمَ".
وردت المعلومات عن الشركات الأمريكية والصهيونية والسعودية بموقع (Arab Digest ) بتاريخ الثامن من آب/أغسطس 2025 بعنوان "الشريك السّرّي لرؤية 2030: كيف تُموّل المملكة العربية السّعودية التكنولوجيا والجيش الإسرائيلي بتكَتُّم"
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟