-من الريح-، رواية جديدة للكاتبة الاسبانية سراي بلانكو/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 00:18
المحور: الادب والفن
    

"من الريح"، رواية جديدة للكاتبة الاسبانية سراي بلانكو/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري

يتناول العمل شخصية مهشيد، وهي شخصية مستوحاة من الشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد (1934-1967)()، رمز النسوية في بلدها.

… تتأمل مهشيد العالم من نافذة: طهران تتمدد كسراب فوق الأرض العتيقة، بينما تُثير الريح وعدًا بحياة مختلفة. من تلك النظرة الحميمة، ينبثق صوتٌ يُسائل الجمال والكتابة والأمومة والحب والرغبة، ولكنه أيضًا يُسائل الظلم والخضوع وثقل الأوامر. مستوحاةً من شخصية فروغ فرخزاد، إحدى أبرز أصوات الشعر الإيراني في القرن العشرين، تتتبع "من الريح" مسار شابة، بين شقوق المنزل الأبوي وأصداء مجتمعٍ في طور التحوّل، تجرؤ على الحلم بالحرية. ينبع تمردها من الدهشة والكلمات، ويصبح شكلًا من أشكال المقاومة ضد بيئة خانقة، تُراقب وتُعاقب. سردٌ واضح، مليء بالرمزية، عن الحاجة إلى تسمية العالم من ارتعاشه نفسه: ليس لتجميله، بل للاستمرار فيه، وفهم شقوقه، وإيجاد سبيلٍ للوجود بينها.

الكاتبة سراي بلانكو كاتبةٌ مؤثرة. ومثيرةٌ للاهتمام للغاية: ألّفت رواياتٍ قصيرةً مثل "الصورة" (2021)()، ومجموعاتٍ قصصيةً مثل "همس السلمندر" (1981)()، بالإضافة إلى مجموعةٍ شعريةٍ موصى بها للغاية بعنوان "فلسطين المُعجب بها" (2024)() صدرت عن دار نشر كانتارابيا ودار ياباليا. هذا العمل، الذي كُتب خلال الأسابيع الأولى من إبادة غزة الجماعية، يستحقُّ مراجعةً بحدِّ ذاته.

أما بعد:
في رواية "من الريح"، تُعطي سراي بلانكو صوتًا لشخصيةٍ بديلةٍ للشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد، تُدعى مهشيد. تُعبّر عن نفسها طوال الرواية بضمير المتكلم، في فصولٍ قصيرةٍ تُكثّف تأملاتها في حياتها، وإبداعها الشعري، والجوانب السياسية لإيران، حيث عاش. تتخلل قصائد فروغ فرخزاد بين بعض الفصول، ويظهر صوته في بداية العمل ونهايته، مُميّزًا بصفحاتٍ مطبوعةٍ باللون الأسود. بحروف بيضاء.

تنسجم رواية مهشيد مع صوت فروغ الشعري؛ لذا، فهي رواية غنائية، تتميز باستخدام دقيق للغة واهتمام خاص وحساسية تجاه الجمال، يتحقق من خلال مصادر أسلوبية مختلفة، مستخدمةً صورًا تتكرر في قصائد مهشيد ولغتها، مثل النوافذ والطيور والليل والشعر والكتب والحب - باختصار، تلك الرموز التي يمكن اعتبارها عالمية، والتي تعبّر عن الحرية الشخصية والإبداعية، وتمنح العمل ككل (نصوص فروغ فروجزاد ورواية سراي بلانكو) تماسكًا موضوعيًا رائعًا، حيث يندمج الصوتان ويثريان بعضهما البعض، مستخدمين الميتافيزيقيا والتناص. وهكذا، في العقد الروائي الذي ينشأ أثناء القراءة، من الممكن أن نأخذ صوت مهشيد بدلًا من صوت فروغ والعكس صحيح، وهذا في حد ذاته انتصار لسراي بلانكو، على الرغم من تحذيرها لنا منه في ملاحظة المؤلفة التي تختتم العمل. وعلى الرغم من أنه من الواضح أن هذا... إنها خيال، والحقيقة أنها غير حقيقية، بل هي مُثبتة ببراعة، ومن الرائع أن الوهم الأدبي لفروغ مهشيد محفوظ طوال القراءة بفضل اختيار القصائد وأسلوب السرد.

فيما يتعلق ببنية العمل، يدور سرد حياة مهشيد حول ثلاثة منازل: منزل والديها، حيث تلتقي بإيشان؛ والمنزل الذي تعيش فيه معه وابنهما؛ والمنزل الذي تُنفى منه عائلتها ومجتمعها. عليها أن تتخلى عن المكانين الأولين في حياتها: منزل والديها بسبب التزامها بالزواج من إيشان؛ ومنزل العائلة وابنها دلشاد، بسبب الرغبة التي أثارتها نظرة أحمد والفضيحة التي سببها نشر قصائده، حيث تكون صريحة بشأن علاقتها بأحمد. يطلقها زوجها، ووفقًا للقانون الإيراني، تفقد مهشيد حضانة ابنها وتضطر للعيش بمفردها، منبوذة من عائلتها ومجتمعها. حتى أحمد لا يريد التقرب منها. في مثواها الأخير، الشقة التي... تعيش بعد الفضيحة، وتعيد بناء ذاتها، بالأساس من خلال الأدب والشعر والرسم. ويكمن السر في هذا المعنى في التعبير عن الذات الذي ترسمه مهشيد، والذي يتطلب مصاحبة الكلمات لإكمال معناه ودلالته.

خلاصة: في هذا الصدد، تعكس الرواية إرادة مهشيد في العيش وفقًا لمشاعرها وقناعاتها، في مواجهة الرقابة الاجتماعية والأسرية والفنية في مجتمع تتلاشى فيه الحريات تدريجيًا، وتُسنّ التشريعات بما يخدم مصالح الرجال ويخضع النساء. تتمرد مهشيد، بوعي أو بغير وعي، على هذا الوضع باستمرار بكلمات لا ينبغي لها أن تقولها (والتي تكتبها) أو بمشاعر لا ينبغي لها أن تشعر بها (والتي تفعلها). ينتقل هذا الضغط الممارس عليها أيضًا إلى مثقفين أو قادة سياسيين آخرين، في سياق السرد، مع الإطاحة بمصدق، والجشع الاستعماري الغربي، واختفاء المثقفين والشعراء والكتاب في ظل نظام الشاه السياسي؛ وتراجع سلسلة من الحريات التي تتمرد عليها شعر مهشيد فروغ باستمرار. في هذا حقيقةٌ مؤكدة: إن الاضطهاد والرقابة ورفض الحريات الحميمة (من تُحب وكيف) هي جوهر النقاش السياسي، وتنتهي إلى تمثيل اتجاه اجتماعي، أي من الحميم إلى العام، ومن العام إلى الخاص، كما لو كانت استعارة رائعة من قصيدة مارتن نيمولر. لهذا السبب، من الضروري التحدث علنًا عندما يتعرض أي حق فردي أو اجتماعي للتهديد، سواء لأسباب تتعلق بالجنس أو الأيديولوجية السياسية أو التوجه الجنسي. مثل مهشيد، يجب أن نجرؤ على العيش والشعور والتجاوز، رغم الأعراف والضغوط الاجتماعية. ما هو على المحك هو الحرية الحقيقية، وليس الحرية التي تُستخدم لكسب المال.
-----
الكاتبة في سطور: الكاتبة الإسبانية ساراي بلانكو هيرنانديز (-1984)()، مورسيا. جنوب شرق إسبانيا.
من مؤلفتها:
- روايات قصيرة ("الصورة"، الصادرة من مجلة كوادرانتا، 2021)()، و
- مجموعة قصص قصيرة (همس السلمندرا، الصادرة من مجلة استراتيجية، 2015)()،
- وقصائد. بدأت دراستها في فقه اللغة الإسبانية، واكتشفت الأدب الإيراني بالصدفة، ومن خلاله أيضًا شعر دول الشرق الأوسط الأخرى.
تعاونت مؤخرًا مع مجلة "إيديا أرابيا"، وهي مجلة تتناول العالم العربي والإسلامي المعاصر، حيث قدمت
- مجموعتها الشعرية "فلسطين المُعجبة” (عن إصدارات كانت أرابيا ويابليا، 2024)(). من خلال كتابة روايتها "الطائر"()، ترى الأدب، أكثر من أي وقت مضى، وسيلةً لفهم وربط عوالم متشابهة.
-----
للمزيد من المعلومات. الإطلاع:
النوع: رواية
الطبعة: الأولى
الناشر: تكسالابارتا
الرقم الدولي: 978-84-10246-62-1
تاريخ النشر: 10 سبتمبر 2025
عدد الصفحات: 284
الغلاف: ورقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيــو ـ 10/09/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل