أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - ومضات من حياة زهرة اليابان: الشاعرة أكيكو يوسانو















المزيد.....


ومضات من حياة زهرة اليابان: الشاعرة أكيكو يوسانو


أوزجان يشار
كاتب وباحث وروائي

(Ozjan Yeshar)


الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 21:44
المحور: الادب والفن
    


في قلب التحولات الجذرية التي شهدتها اليابان في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حين كانت البلاد تمزّق جلدها القديم لتولد من جديد على ضوء الحداثة، برزت أكيكو يوسانو كواحدة من أكثر الأصوات النسائية جرأة وابتكارًا، تمسك بالقلم كما تمسك اليابانية بمروحتها الحريرية، بين العاصفة والسكينة. وُلدت في مدينة ساكاي قرب أوساكا في السابع من ديسمبر عام 1878 باسم “هو شو”، وسط عائلة تجارية مزدهرة متخصصة في صناعة الحلويات التقليدية مثل اليوكان، حيث كانت رائحة السكر المحترق تختلط بصلوات الصباح، في بيت يزدان بالانضباط والوفرة، لكنه يخنق الحلم بأنوثةٍ مسجونة خلف الأبواب.
من تلك البيئة المتناقضة بين الحلاوة والقيد، خرجت أكيكو لتصبح صوتًا لا يُشبه إلا ذاته؛ امرأة تبحث عن خلودٍ صادق لا زائف، تكتب لتستنطق ما سُجن في القلب، وتنسج بين الشعر والأنوثة والوطن والعالم ضوءًا يواصل إشعاعه في وجدان اليابان حتى اليوم. لم تكن شاعرةً فقط، بل ولّادةً للصدق، تزرع في اللغة ما يشبه الشجاعة حين تتحول القصيدة إلى اعترافٍ، والاعتراف إلى حرية.



النشأة والقراءة المبكرة: جذور التمرد في ظلال التقاليد

نشأت أكيكو في بيئة تجارية مزدهرة في حي كاينو-تشو بساكاي، حيث كانت عائلتها تتاجر في الحلويات التقليدية. منذ سن 11 عاماً، أُلزمت بإدارة المحاسبة العائلية، مما حد من حريتها الاجتماعية ومنعها من التواصل مع الجنس الآخر. وصفت طفولتها لاحقاً بأنها “مظلمة وغير عادلة”، مليئة بالقيود مثل عدم السماح لها بالخروج دون مرافق أو قفل باب غرفتها ليلاً بحجة الحماية. رغم ذلك، وجدت ملاذاً في مكتبة والدها الغنية، حيث غاصت في الكلاسيكيات اليابانية مثل “مانيوشو”، أقدم مجموعة شعرية، والتي شكلت أساس حسها الشعري. هذه القراءات المبكرة غرست فيها شغفاً بالكلمة، جعلها تتمرد على الدور التقليدي للمرأة المقتصر على المنزل والطاعة.
في سن المراهقة، التحقت بمدرسة الفتيات المحلية، وأكملت تعليمها حتى المرحلة الثانوية تقريباً، لكن العائلة رفضت إكمال دراستها الأكاديمية كما فعل إخوتها الذكور، مما زاد من شعورها بالحرمان. بدأت تكتب قصائد تانكا، الشكل الشعري القصير المكون من 31 مقطعاً، مستخدمة إياه للتعبير عن عواطف مكبوتة وأحلام معلقة. اشتركت في مجلة “ميوجو”، المنبر للشعراء الشباب، حيث اكتشفها تيكان يوسانو، المحرر والشاعر، الذي أصبح مرشداً لها. كان لقاؤهما في ورش شعرية في أوساكا نقطة تحول، إذ شجعها على تطوير صوتها الخاص.

كانت أكيكو يوسانو، اكامن إبنة عائلة تجارية ميسورة، التي بدأت حياتها بقيود اجتماعية صارمة حدّت من حريتها، لكن شغفها بالقراءة من مكتبة والدها غرس فيها حسًّا شعريًا مبكرًا. في المراهقة، حتى انخراطها في مجلة “ميوجو” (النجم الصباحي)، وحتى لقائها بتيكان يوسانو، معلمها وزوجها لاحقًا عام 1901 بعد طلاقه من زوجته الأولى. أنجبت 13 طفلًا (11 نجوا)، واستمرت في الكتابة رغم التحديات العائلية والاجتماعية. توفيت عام 1942، تاركة إرثًا أدبيًا يجمع بين الغزل والسلام والنسوية.

هذه البدايات، رغم القيود الاجتماعية، مهدت لظهور شاعرة غيرت وجه الأدب الياباني، محولة الشعر من تسلية إلى أداة للتحرر الشخصي والاجتماعي. يمكن مقارنتها بنسويات غربيات مثل فيرجينيا وولف، التي ناضلت ضد القيود على الكتابة النسائية، لكن أكيكو أضافت بعداً يابانياً متجذراً في التراث.



أعمالها الرئيسية

أصدرت أكثر من 20 مجموعة شعرية، أبرزها “ميداريغامي” (الشعر المتشابك) عام 1901، الذي يضم 399 قصيدة تانكا جريئة عن الرغبة والجسد. تلتها “كويغورومو” (رداء الحب) و”مايهيمه” (الراقصة)، وديوان “يومي نو هانا” (زهور الحلم) عام 1906. ترجمت “حكاية غنجي” و”إيغا مونوغاتاري” إلى اليابانية الحديثة. وفي ميدان السلام، كتبت “يا أخي، لا تمت” عام 1904. وفي أواخر حياتها، ساهمت في “شين مانيوشو”، تجميع لـ26,783 قصيدة. وكتبت أيضًا أحد عشر كتابًا نثريًا ومقالات نسوية رائدة.



أهم العوائق التي واجهتها في مجتمعها

في مجتمع ياباني محافظ يقيد المرأة بالطاعة والمنزل، واجهت أكيكو انتقادات لاذعة لجرأتها في مناقشة الجسد والرغبة، مما أدى إلى اتهامها بفساد الأخلاق و”الفحشاء”. اتهمت بالخيانة لمعارضتها الحرب، وتعرضت للعزلة والتهديدات بسبب دعوتها للاستقلال النسائي. رغم ذلك، حولت هذه العوائق إلى إلهام، محوّلة الشعر إلى أداة تحرر لا مجرد زينة لغوية.



النشأة والقراءة المبكرة: جذور التمرد في ظلال التقاليد

وُلدت أكيكو في قلب ساكاي، في بيتٍ تفوح منه رائحة السكر والعسل، حيث كانت عائلتها تصنع الحلويات التقليدية وتبيعها للتجار والعابرين. كانت المدينة غنية بالحركة، لكن الطفلة الصغيرة عاشت داخل أسوارٍ مغلقة لا يدخلها الضوء إلا لمامًا. منذ أن بلغت الحادية عشرة، وُضعت بين دفاتر الحساب وأرقام التجارة، لا بين دفاتر الطفولة وأحلامها. حُرمت من اللعب ومن لقاء الأصدقاء، ومن النظر إلى العالم إلا من خلف النوافذ. في الليل، كانت الأبواب تُقفل عليها بحجة الحماية، لكن القفل كان بالنسبة لها رمزًا للمنع والخوف والظلم. كتبت لاحقًا: “كانت طفولتي مظلمة وغير عادلة، كأنها صندوقٌ من الخشب المدهون بالواجبات.”

غير أن في البيت نفسه، وراء جدران الانضباط الصارم، كانت هناك نافذةٌ أخرى تُطل على الحرية: مكتبة والدها. هناك، وجدت ملاذها ومهربها، وغاصت في دواوين القدماء، في مانيوشو، ذلك السفر الشعري العتيق الذي جمع أصوات اليابان الأولى. تلك القصائد القديمة همست لها بلغةٍ جديدة، بلغة القلب والجرأة، فأيقظت فيها شغفًا بالكلمة لم تعرفه من قبل، وولّدت تمرّدًا داخليًا على القيود التي كبّلت أنوثتها وعقلها.

في مراهقتها التحقت بمدرسةٍ للفتيات، وأكملت تعليمها حتى المراحل الثانوية، لكنها اصطدمت مجددًا بجدار العائلة التي منعت عنها التعليم الجامعي المخصص لإخوتها الذكور. شعرت بأن العلم يُورّث في بيتها كالميراث، لكنه لا يُمنح إلا للذكور. عندها بدأت تكتب شعر التانكا، قصائد قصيرة تشبه أنفاسًا محبوسة تُفتح فجأة على الفضاء، تُعبّر فيها عن أحلامٍ معلّقة وعواطف محرومة.

نشرت قصائدها الأولى في مجلة ميوجو، منبر الجيل الجديد في الشعر الياباني، وهناك قرأها تيكان يوسانو — الشاعر والمحرر الطموح — فوجد في كلماتها نغمةً لم يسمعها من قبل. كتب إليها، ثم التقيا، وكان لقاؤهما بداية فصلٍ جديدٍ في حياتها الأدبية والإنسانية. شجّعها على أن تكتب بصوتها لا بصوت المدرسة القديمة، وأن تجعل من الشعر مرآةً للروح لا قيدًا للقافية. أصبح مرشدها، ثم حبيبها، ثم شريكها في الحياة والفكر.

تزوجا رغم اعتراض العائلة، وشيّدَا بيتًا يشبه قصيدة مفتوحة على الحياة. أنجبا أحد عشر طفلًا، وكان البيت عامرًا بالأصوات الصغيرة وبالكتب والمخطوطات والنقاشات حول الحرية والمرأة والفن. كانت أكيكو تكتب بين مهود الأطفال، وتغزل من الفوضى اليومية موسيقى للروح. ومع مرور السنوات، لم تعد تلك الفتاة التي تُغلق عليها الأبواب ليلًا؛ صارت هي من تفتح أبواب الأدب الياباني لعصرٍ جديدٍ من الصراحة والجمال.

لقد حولت أكيكو الشعر من ترفٍ لغوي إلى فعل مقاومة ناعم، ومن وسيلة ترفيه إلى صرخة وعي. كانت كلماتها تمشي على خيطٍ بين الحياء والجرأة، بين الإخلاص للتقاليد والرغبة في الانعتاق منها. وهكذا، وُلدت في ظلال التقاليد شاعرةٌ حملت في قلبها بذرة التمرد، فأنبتت منها ربيعًا جديدًا للأدب الياباني.



التحول الأدبي: “ميوجو” وظهور الصوت الجريء

في مطلع القرن العشرين، كانت اليابان تعيش مخاض التغيير بين إرثٍ إمبراطوري صارم ورياح التنوير التي تهب من الغرب، وفي تلك اللحظة الدقيقة انبثق صوت أكيكو من بين صفحات مجلة ميوجو، المجلة الأدبية التي جمعت بين الأصالة والتجديد، وأصبحت منبرًا لجيلٍ جديدٍ من الحالمين بالكلمة.

عام 1900، انضمت أكيكو إلى جمعية الشعراء الجدد (شينشيشا) التي أسسها تيكان يوسانو، وكان الانضمام بمثابة ولادة ثانيةٍ لها، إذ تحررت هناك من الإيقاع الموروث إلى إيقاع الروح. في 15 أغسطس 1901، نشرت ديوانها الأول ميداريغامي (الشعر المتشابك)، المؤلَّف من 399 قصيدة تانكا، فكان أشبه بانفجارٍ لغويٍّ هزّ الذوق الأدبي الياباني من جذوره.

اختارت أكيكو العنوان كرمزٍ للفوضى الجميلة في داخل المرأة، لتعلن أن “الاضطراب” ليس ضعفًا بل حياة، وأن الشعراء الحقيقيين هم أولئك الذين يمجّدون العاصفة بدل أن يخافوها. كان شعرها مشدودًا بين الشغف والفكر، بين الجسد والروح، وكانت تكتب بصدقٍ إنسانيٍّ لم يعرفه الأدب النسائي من قبل.

قالت في إحدى قصائدها التي صارت أيقونة للتمرد الأنثوي:

“شَعري الأسود ألفُ خيطٍ في اضطراب،
كما تضطرب أفكاري، تتشابكُ ثم تتفرّق.”

وفي أخرى تخاطب الحبيب بجرأةٍ لم يألفها الأدب الياباني المحافظ:

“أما تشعرُ بالوحشة، وأنتَ تُبشّرُ بالطريق،
وأنتَ لم تلمس يومًا سخونةَ دمي
تحت هذا الجسد الطريّ؟”

كانت تلك الأبيات أشبه بمرآةٍ مكسورة تعكس الحقيقة من زوايا متناقضة؛ فيها الرغبة والحلم، الطفولة والنضج، الطهر واللهب. لكنها كانت أيضًا إعلانًا صريحًا بأن المرأة كائنٌ يشعر ويشتهي ويعبّر، لا تمثالٌ من الخزف تُعلّق عليه الفضائل.

انهالت الانتقادات من المحافظين، وعلى رأسهم الناقد نوبوتسونا ساساكي الذي اتهمها بـ“إفساد الأخلاق العامة” وبتدنيس نقاء الشعر الياباني. غير أن أكيكو لم تكن تبحث عن الصدمة بقدر ما كانت تبحث عن الصدق. كانت تؤمن أن الشعر الحقيقي لا يُكتب من وراء الحجاب، بل من وراء القلب، وأن الروح لا تُطهَّر إلا بالاعتراف الكامل بإنسانيتها.

حقق الديوان نجاحًا غير مسبوق، فبيعت منه آلاف النسخ خلال أسابيع، وذاع اسمها في كل بيتٍ يابانيٍّ يقرأ. صار صوتها شارةَ تحوّلٍ في الوعي الجمعي، وباتت قصائدها تمهّد الطريق لجيلٍ من النساء اللواتي حملن القلم دفاعًا عن الذات، لا تقليدًا للرجل بل استعادةً لإنسانية الأنثى.

لم يكن ميداريغامي كتاب شعرٍ فحسب؛ كان مرآةً لحلمٍ طويلٍ تأخر ظهوره، وإعلانًا عن ولادة جديدة للأنثى اليابانية التي خرجت من عباءة الطاعة إلى فضاء الرغبة والاختيار. وبذلك تحوّل الديوان إلى علامةٍ فارقة في التاريخ الأدبي الحديث، وصار اسمه يُذكر بوصفه لحظةً تجرّأت فيها الكلمة على كسر صمت القرون.

———

أكيكو والمعرفة: من الأمومة إلى الإصلاح الفكري

بعد العاصفة التي أثارها ميداريغامي، هدأت البحيرة قليلًا، لكن في أعماقها ظل التيار يجري أعمق وأصفى. تحوّلت أكيكو من صوتٍ شعريٍ متمرد إلى عقلٍ يسعى للمعرفة والتغيير، ومن شاعرةٍ تكتب عن الجسد إلى إنسانةٍ تبحث عن روح المجتمع. كانت تعلم أن الحرية الحقيقية لا تكتمل إلا بالعلم، وأن تحرير المرأة يبدأ من وعيها، لا من شعارها.

في منزلها الذي كان يضجّ بالحياة، بين ضحكات الأطفال وأكوام الكتب والمخطوطات، كانت أكيكو تكتب دروسها وتعدّ مقالاتها عن التعليم والأخلاق وحقوق النساء. أنجبت أحد عشر طفلًا، ومع ذلك لم تتوقف يومًا عن الكتابة أو التعليم أو الخطابة، كأنها أرادت أن تقول للعالم إن الأمومة ليست نقيض الإبداع، بل رحمُهُ الأول. كانت تُرضع طفلها بيد، وتكتب باليد الأخرى، وتعلّم الجميع أن الجمال لا يتجزأ بين البيت والعالم، بين الحبر والحياة.

رأت أكيكو أن التعليم هو البوابة الكبرى للتحرر، فطالبت بفتح المدارس أمام الفتيات، وبمناهج تُنمّي الفكر لا الطاعة. كتبت في مقالاتها أن “المرأة التي لا تتعلم، تبقى أسيرة حنانها فقط، لا حريتها.” وبفضل مكانتها الأدبية وصوتها المؤثر في الصحافة، تحولت من شاعرة مثيرة للجدل إلى مصلِحة اجتماعية تُناقش الوزراء والأساتذة وتشارك في المؤتمرات النسوية.

في عام 1912، سافرت إلى الصين ضمن بعثة ثقافية، وهناك ألقت محاضرات عن النهضة اليابانية وأهمية التعليم في بناء الأمم. رحّب بها المثقفون الصينيون كرمزٍ جديدٍ لليابان الإنسانية لا الإمبراطورية. كانت ترتدي الكيمونو التقليدي، لكنها تتحدث بلغةٍ عالمية تتجاوز الحدود، فجمعت في حضورها بين الطابع الياباني الأصيل والانفتاح الفكري العصري.

ثم واصلت رحلاتها إلى أوروبا، حيث زارت فرنسا وإنجلترا، وتأملت وضع المرأة الغربية بين الحرية والعزلة. رأت أن الحرية بلا جذور تتحول إلى ضجيج، وأن التقاليد بلا روح تتحول إلى قبر، فكتبت: “على المرأة أن تجمع بين الأصالة والوعي، أن تمشي بخطواتٍ من ضوءٍ في طريقٍ من طين.”

عادت إلى اليابان أكثر نضجًا وعمقًا، وأسست مدرسة لتعليم النساء والفتيات، وجعلت بيتها ملتقىً للأدباء والطلاب والناشطات. كانت تؤمن بأن الإصلاح لا يبدأ من البرلمان ولا من الشارع، بل من الأم التي تزرع في أطفالها فكرة العدالة والمعرفة. ومن بين تلاميذها خرجت نساءٌ كثيرات سيحملن الشعلة بعدها، ويمضين على الطريق الذي مهدته بشعرها ومواقفها.

وفي سنواتها الأخيرة، راحت تكتب عن السلام وعن الإنسان، ووقفت ضد الحرب في الثلاثينيات، حين صمت كثيرون خوفًا أو مسايرة. كانت تقول: “الشاعر الذي يخاف، يفقد حقه في الغناء.” وهكذا بقيت أكيكو يوسانو حتى آخر أيامها تجسيدًا نادرًا للمرأة التي لم تنكسر تحت ثقل الواجبات، بل جعلت من كل قيدٍ سلّمًا إلى وعي أعلى.

لقد وُلدت في بيتٍ يقفل عليها الأبواب، لكنها رحلت عن العالم وقد فتحت نوافذ الأدب والفكر أمام أجيالٍ من النساء والرجال على السواء. وما زال اسمها حتى اليوم يهمس في الذاكرة اليابانية: أن الحرية لا تُورَّث، بل تُكتَب.



قصيدة السلام: “يا أخي، لا تمت” – صرخة ضد الجنون

مع اندلاع الحرب الروسية-اليابانية عام 1904، أرسل الجيش شقيق أكيكو الأصغر إلى حصار بورت آرثر. فكتبت قصيدتها الشهيرة “يا أخي، لا تمت”، التي قالت فيها:

“يا أخي، لا تمت… هل علّمك أبوانا حملَ السيف أم حملَ قلبِهما؟ أيُّ حصنٍ يُعادِلُ دمعةَ أمّ؟”
انتقدت فيها مبدأ الموت في سبيل الإمبراطور، معتبرةً أن التضحية العمياء ليست بطولة بل مأساة. كانت القصيدة تحديًا علنيًا للفكر العسكري الياباني، فأثارت موجة غضبٍ عارمة، واتهمت بالخيانة، لكن صوتها بقي رمزًا للأم التي تكتب باسم الحياة لا الوطن وحده.



التعدد الأدبي والنشاط الثقافي: بين الأمومة والخلود

لم تكن أكيكو يوسانو شاعرة فحسب، بل كانت كونًا أدبيًا متعدّد الأبعاد، يفيض بالشعر والنثر والترجمة والتعليم والفكر. كانت كالنهر الذي لا يعرف التوقف، يغيّر مجراه دون أن يفقد صفاءه. بعد أن شقّت طريقها في الشعر، وسّعت دائرة عطائها لتغدو واحدة من أبرز مثقفات اليابان في عصرها، امرأةً لم تكتفِ بأن تغنّي للحياة، بل أرادت أن تُعلّمها أيضًا.

في عام 1921، أسست مع زوجها تيكان مدرسة “بونكا غاكوين” (معهد الثقافة)، وهي واحدة من أوائل المؤسسات التعليمية الحديثة التي فتحت أبوابها أمام النساء. لم تكن المدرسة مشروعًا أكاديميًا فقط، بل كانت ثورة هادئة على مفهوم التعليم ذاته، إذ رأت أكيكو أن “المعرفة لا تُلقَّن، بل تُوقَظ”، وأن كل إنسان يحمل داخله بذرةَ ثقافةٍ تنتظر الضوء لتزهر. كانت تجلس بين الطالبات كأمٍّ وأستاذة، تعلمهن الأدب واللغة، وتغرس فيهن الثقة بأن القلم لا يُمنح، بل يُنتزع بالوعي والجهد.

ولم تتوقف عند التعليم، بل امتدت إلى الصحافة والنقد والمقالة. كتبت في مجلة “سيتو” (الجورب الأزرق) النسوية، حيث رفعت صوتها دفاعًا عن الاستقلال المالي والفكري للمرأة، ورفضت كل دعمٍ حكوميٍّ مشروط يكمّم الإبداع أو يقيّده. كانت ترى أن “اليد التي تمتد بالمنحة، قد تمتد بعدها بالتحكم”، لذلك آثرت الحرية على الراحة، والكرامة على الرعاية.

في كتاباتها النثرية، جمعت بين رهافة الشاعرة وعمق المفكرة؛ تحدّثت عن الجمال والعدالة، وعن معنى أن تكون امرأة في عالمٍ لا يزال يتعلم معنى الإنصاف. قارنت بين الشرق والغرب بروحٍ منفتحة، لا بروح المقلِّد أو الرافض، بل بعينٍ تبحث عن التوازن بين العلم والوجدان، بين الحرية والهوية. ورغم انفتاحها على الحداثة، ظلت مخلصة لتراثها الياباني، لذلك جاءت لغتها مزيجًا من العذوبة الكلاسيكية والجرأة الحديثة، كما لو أن أزهار الكرز تتفتح على ورقٍ من النار.

كانت أكيكو تجمع في شخصها بين الأدوار المتناقضة التي ظنّها المجتمع متباعدة: الأم والمعلمة، الزوجة والمبدعة، الكاتبة الثائرة والمرأة الرقيقة. كانت أمًّا لأحد عشر طفلًا، ومع ذلك لم تترك القلم ولا المنبر ولا الفكر. كانت تؤمن أن الأدب ليس ترفًا، بل وسيلة لتغيير الواقع وإعادة بناء الإنسان من الداخل.

وفي سنواتها الأخيرة، ومع اشتداد النزعات العسكرية في اليابان، ظلت صوتًا أخلاقيًا جريئًا، تدعو للسلام وتنتقد الحرب من موقع الشاعرة التي ترى في القتل نقيضًا للجمال. كتبت تقول:

“حين يعلو صوت البنادق، يخفت الشعر،
وحين يخفت الشعر، تخفت إنسانيتنا.”

رحلت أكيكو عام 1942، بعد حياةٍ حافلةٍ بالشعر والتعليم والكفاح، تاركةً وراءها أكثر من عشرين ديوانًا شعريًا ومئات المقالات والدروس، لكن إرثها لم يكن في الكتب وحدها، بل في النفوس التي أيقظتها. فقد علّمت نساء اليابان أن الحرية لا تُمنح من الخارج، بل تُزرع في الداخل، وأن الجمال لا يكون نقيًا إلا حين يكون صادقًا.

إنها المرأة التي بدأت حياتها خلف الأبواب المغلقة، وانتهت وقد فتحت للآخرين نوافذ لا تُغلق. ظلّت أكيكو يوسانو رمزًا للشجاعة الفكرية والأنوثة المبدعة، وصوتًا لا يزال يرنّ في الذاكرة اليابانية كترنيمةٍ من ضوءٍ وشجاعة، تُذكّرنا أن الكلمة — حين تُكتَب بصدقٍ وحبٍّ — قادرة على تغيير مصير أمةٍ بأكملها.



لغة الشوق والجسد

في شعرها، يتجلى الجسد كأداة معرفةٍ لا كغوايةٍ سطحية، وكأنها تكتب لتبرهن أن الرغبة يمكن أن تكون طريقًا إلى الصفاء. في “ميداريغامي”، تقول:

“شَعري الأسود ألف خيطٍ في اضطراب، كما تضطرب أفكاري، تتشابكُ ثم تتفرّق.”
ثم تهمس في قصيدة أخرى:
“ما لمستَ يومًا هذا الجسد الطريّ، ولا هذا الدمّ الدافق…”
وفي لحظة وجعٍ عاطفي كتبت:
“أنا مريضة اليوم، مريضة في جسدي… عيون مفتوحة على مصراعيها، صامتة.”
وفي “يا أخي، لا تمت”، ترتفع نبرتها لتصبح إنذارًا إنسانيًا شاملًا، إذ تقول:
“يا أخي، لا تمت… ما قيمة النصر إذا سقط الحبّ؟ وما جدوى الإمبراطور إذا خسرنا قلب الأم؟”
وفي ديوان “من الصيف إلى الخريف”، كتبت عن السفر والتحول:
“على سكّةٍ تمتد بين فصلين، أضع يدي على نافذةٍ باردة، فأشعر أن وطني يمشي معي لا خلفي.”
بهذه المقاطع، جعلت أكيكو الشعر مرآةً للإنسان في ضعفه وشجاعته، في شهوته وحلمه، دون أن تتنازل عن نقاء اللغة ولا عن صدق التجربة.



التحولات الوطنية والتوازن بين الوطن والضمير

في الثلاثينيات، كانت اليابان تغلي تحت رايات القومية والعسكرة، وتتهيأ لمرحلةٍ مظلمة من تاريخها. وفي هذا الزمن القلق، وجدت أكيكو نفسها في مفترقٍ دقيق بين الشاعرة والمواطنة، بين ضمير الفنان ونبض الوطن. لم تكن يومًا بعيدةً عن قضايا بلادها، لكنها لم تكن أيضًا أداة في يد أحد. كتبت قصائد تميل إلى الولاء الوطني، لا انصياعًا، بل تعبيرًا عن خوفها العميق على اليابان من أن تفقد روحها وسط ضجيج السيوف.

كانت تدرك أن الحب الأعمى للوطن قد يتحول إلى خنجرٍ يطعن الضمير، لذلك سعت إلى الموازنة بين الفخر والانتباه، بين واجب الانتماء وواجب التحذير. دعمت بعض المواقف الرسمية في ظاهرها، لكنها كانت تزرع بين السطور نداءً خفيًا للإنسان، كمن يضع شمعةً صغيرة في قلب العاصفة.

في تلك الفترة العاصفة، أصدرت عملها الضخم “شين مانيوشو” (المجموعة الشعرية الجديدة) بين عامي 1937 و1939، وهو جهدٌ هائل جمع فيه أكثر من ستةٍ وعشرين ألف قصيدة من التراث الياباني القديم. لم يكن المشروع مجرد دراسة أو توثيق، بل كان محاولة بطولية لحفظ الذاكرة الشعرية لليابان في وجه زمنٍ يتآكل فيه الجمال تحت سنّ الحرب. كانت تشعر أن القصيدة القديمة هي الروح التي يمكن أن تحمي الأمة من التحول إلى آلة، وأن من يحفظ الشعر، يحفظ الإنسان.

ومع أن كثيرين فسّروا مشروعها على أنه تعبير عن نزعة وطنية رسمية، فإن المتأمل في مقدمتها ومراسلاتها يدرك أنها كانت تنقذ اليابان من داخلها، لا تُمجّدها من خارجها. لقد أرادت أن تُعيد إلى الأمة وجهها الإنساني وسط جنون الانتصارات، وأن تقول للجنود والقادة والقراء جميعًا: إن وطنًا بلا شعرٍ كجسدٍ بلا قلب.

ظلّت أكيكو حتى أيامها الأخيرة تنظر إلى الأدب بوصفه ضمير الأمة، لا خادمها. كتبت في إحدى رسائلها:

“قد أُحب وطني كما تحب الأم أبناءها،
لكنني إن رأيتهم يقتتلون،
فلن أصفق للدم، بل سأبكي من أجلهم جميعًا.”

وبين ضوضاء الحرب وصمت المكتبات، اختارت أكيكو الصمت المضيء — صمتَ التأمل والكتابة — تكتب لتُبقي في ذاكرة اليابان ما هو أرقى من النصر: إنسانيتها. وهكذا ظل قلمها شاهدًا على التوازن النادر بين الوطن والضمير، بين الانتماء والحرية، بين الصوت الذي يُحب والألم الذي يُحذر.



إرثٌ متواصل: من النسيان إلى الإشعاع

رحلت أكيكو يوسانو في التاسع والعشرين من مايو عام 1942، لكن رحيلها لم يكن خفوتًا، بل تحوّلًا إلى نورٍ آخر. لم تمت كشاعرةٍ عادية، بل كموسيقى خالدة لا تعرف الفناء. في زمنٍ كانت فيه اليابان تنزف، بقي اسمها مثل زهرة كرزٍ تقاوم العاصفة، وكصوتٍ يهمس للأمة بأن الحياة أسمى من الحرب، وأن الشعر يستطيع أن يكون ضميرًا حين يخون الضمير الجميع.

وبعد أن سكتت المدافع، عاد صوتها يعلو من بين الرماد. أعيد إدراج قصيدتها الشهيرة “يا أخي، لا تمت” في المناهج المدرسية، لا كأثرٍ أدبيٍّ فحسب، بل كنشيدٍ للسلام ودرسٍ في الإنسانية. كانت القصيدة تصلي من أجل الحياة، لا من أجل النصر، ومن أجل الإنسان، لا من أجل الراية. صار الأطفال يتلونها كما تُتلى الصلوات، كأنها وعدٌ جديد بأن اليابان ستقوم، لا بالسيوف، بل بالكلمات.

وفي سبعينيات القرن العشرين، حين بدأ جيلٌ جديد من النساء يبحث عن جذور صوتهن، عادت أكيكو من بين الكتب كأنها لم تغب يومًا. اكتشفتها الحركات النسوية اليابانية رمزًا للتحرر والتعبير الصادق عن الذات، فصارت صورتها تُرفع في الجامعات، وتُدرَّس أعمالها في أروقة العالم كأنها سفرٌ في توازن الأنثى بين الحلم والعقل، بين الجسد والوطن، بين الرغبة والكرامة.

لقد تجاوز إرثها حدود الأدب الياباني إلى الفضاء الإنساني الرحب. ففي قصائدها يرى القارئ أن الأنوثة ليست ضعفًا، بل وعيًا، وأن الشعر ليس ترفًا، بل خلاصًا. لم تكن أكيكو تصنع الجمال لتتغنّى به، بل لتُطهّر به العالم من القسوة. كانت تعرف أن الجمال، في جوهره، فعل مقاومة ناعم، وأن القصيدة قد تنقذ روحًا كما تنقذ الأم طفلها من النار.

وهكذا، بقيت زهرة اليابان، لا في حدائق الذاكرة وحدها، بل في نبضها الحيّ، رمزًا للأنثى التي وحّدت بين الكلمة والحياة. كتبت لتُحبّ، وأحبّت لتكتب، فصارت قصائدها مثل نهرٍ لا يجفّ، يشقّ طريقه من الماضي إلى الغد. وعندما يُذكر اسمها اليوم، لا يُقال إنها رحلت، بل إنها تُزهر في كل جيلٍ يقرأ، وفي كل قلبٍ يفهم أن الكلمة يمكن أن تهزم الموت.



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)       Ozjan_Yeshar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضاتٌ من حياة “جحا التركي” عزيز نيسين: أيقونة الأدب التركي ...
- الذئب الذي صار إنسانًا… والإنسان الذي صار ذئبًا
- أدوات وآليات التأثير بين الفن والسلطة: كيف نصنع أثرًا يبني و ...
- الكلام مهارة والإصغاء فن: بين الفهم والرد
- الفيل القابع في الحفرة بين الأزرق والأحمر
- التهذيب مرآة الحضارة عبر ثقافات الأمم.
- ومضات من فن الرسام البحريني علي الموسوي
- قواعد التوفيق الخمسة عشر: طريقك نحو التميز والتفوق
- ومضات من حياة وأدب إدوارد مورغان فورستر
- مهارة التفاوض: سلوك يومي في الحياة لا ساحة معركة حتمية
- سور الصين العظيم: عندما سقط الجدار من الداخل
- التركي الذي ركب صاروخاً ليتحدث مع المسيح عيسى عليه السلام
- كيف أتصالح مع الجانب المظلم داخلي وأحب ذاتي بصدق؟
- النور الخفي يشع في روح الإنسان… لكن البعض لا يرى سوى العتمة
- حكاية الثعلب الماكر والمزرعة الواسعة
- الذكاء العاطفي وإدارة الأولويات: عندما تقود المشاعر قراراتنا
- غياب الفهم المتبادل: سجن للروح أم حرية في ظل التواصل الإنسان ...
- تركيا الحديثة بين الحقائق والمزايدات: كمال أتاتورك وعصمت إين ...
- توحش الحليف وغدر الصديق: كيف خانت الولايات المتحدة قطر مرتين
- التوقعات التي تحمي النوايا الطيبة من الصدمات


المزيد.....




- هل يقترب أدونيس أخيرا من جائزة نوبل؟
- النزوح في الأدب الغزّي.. صرخة إنسانية في زمن الإبادة
- النزوح في الأدب الغزّي.. صرخة إنسانية في زمن الإبادة
- منتدى الفحيص يحتفي بأم كلثوم في أمسية أرواح في المدينة بمناس ...
- الطاهر بن عاشور ومشروع النظام الاجتماعي في الإسلام
- سينما الجائحة.. كيف عكست الأفلام تجربة كورونا على الشاشة؟
- فتح مقبرة أمنحتب الثالث إحدى أكبر مقابر وادي الملوك أمام الز ...
- الفنان فضل شاكر يُسلم نفسه للسلطات اللبنانية بعد 13 عاما من ...
- ابنة أوروك: قراءة أسلوبية في قصيدة جواد غلوم
- الطيب بوعزة مناقشا فلسفة التاريخ: هل يمكن استخراج معنى كلي م ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - ومضات من حياة زهرة اليابان: الشاعرة أكيكو يوسانو