أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - كيف حوّلت حماس خطة ترامب إلى مأزق سياسي














المزيد.....

كيف حوّلت حماس خطة ترامب إلى مأزق سياسي


ميساء المصري
(Mayssa Almasri)


الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 14:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الخارج، بدت «خطة ترامب للسلام في غزة» وكأنها صفقة متكاملة، وقف لإطلاق النار، تبادل رهائن، برنامج لإعادة الإعمار، وحكم تكنوقراطي يضفي طابع الحياد على إدارة القطاع. لكنها في جوهرها، ليست سوى إعادة إنتاج لمعادلة الهيمنة، مغلفة بعبارات السلام والاستقرار. و ما يُروّج له كحل، هو في حقيقته إعادة هندسة سياسية وأمنية واجتماعية لغزة، هدفها ليس إنهاء الاحتلال بل تدجينه، ونزع الطابع المقاوم عن القطاع، وتفكيك ما تبقى منه.
الخطة، التي كُشف عنها وسط استعراض إعلامي بين ترامب ونتنياهو، لم تكن سوى سلسلة من البنود الفضفاضة، والتعهدات المؤجلة، والمواعيد المفتوحة على فراغ. تبدأ بـ"سلام" مشروط، وتنتهي بـ"وصاية" فعلية، تمر عبر مسارات مرنة تتيح لإسرائيل تعطيل أي مرحلة من التنفيذ بذريعة "التهديد الأمني" أو "عدم التزام الفلسطينيين".
أخطر ما في الخطة لا يكمن في بنودها المكتوبة، بل في المساحات البيضاء المتروكة عمداً. لا جدول زمني ملزم لانسحاب الاحتلال. لا آلية رقابة دولية تُجبر إسرائيل على الالتزام. بل على العكس، الشروط التي تعوم في الخطة تُعيد إنتاج سياسة التعطيل نفسها التي اتُبعت في أوسلو.
وربما تكون أكثر مظاهر الخلل وضوحاً هو تغييب الفلسطينيين أنفسهم عن صياغة الخطة. لم يُستشر أي طرف فلسطيني فعلي. تُقدَّم الخطة كحل لمشكلة ما يسمونه"التطرف الفلسطيني"، لا كمدخل لتفكيك الاحتلال. بل وتذهب الى أخطر من ذلك، حين تُشترط إعادة السلطة إلى غزة بتخليها عن ملاحقة إسرائيل في المحاكم الدولية، وكأن الشرط الأساسي للسلام هو إسقاط الحق القانوني والوطني.
ولعلّ تصريح نتنياهو يُلخص النوايا، لا دولة فلسطينية، لا انسحاب كامل، لا تنازل عن أي شبر دون ضمانات أمن إسرائيل أولاً.
حماس، بقبولها المبدئي لمسار التفاوض، فتحت باباً واسعاً لإسرائيل لتعليب المطالب، نزع سلاح كامل، إقامة مناطق عازلة، وانسحاب مشروط بمزاج المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
ما النتيجة؟ عملية سياسية بدون أفق حقيقي، تشبه مركبة تتحرك في صحراء بلا خرائط، تقودها جهة واحدة، تل أبيب.
في البداية، رحبت بعض العواصم العربية بالخطة، على أمل أن تفتح ثغرة في جدار الجمود. لكن مع ظهور تعديلات إسرائيلية أُقحمت في اللحظة الأخيرة دون تنسيق مسبق، بدأت ملامح الصدمة. مصر، التي كانت تراهن على دور محوري في ضبط الترتيبات الأمنية، وُضعت على الهامش. السعودية وقطر أعلنتا رفضهما المشاركة في أية قوة حفظ سلام لا ترتكز على سيادة فلسطينية فعلية. أما الأوروبيون، فلم يخفوا قلقهم من غياب آلية تنفيذ حقيقية وشفافة.
أصبح واضحًا للجميع، هذه ليست صفقة لإنهاء الاحتلال، بل لإعادة إنتاج السيطرة الإسرائيلية تحت غطاء دولي ناعم.
في الشكل، تُدار غزة وفق لجنة تكنوقراطية فلسطينية تُعنى بالشؤون اليومية. لكن في العمق، تُوضع تحت وصاية مجلس "السلام"، بقيادة ترامب وتوني بلير، وهو الكيان الذي يملك القرار في ملفات الأمن، الإعمار، والاقتصاد. هذا المجلس لا يخضع لمساءلة فلسطينية، بل يُفوض بصلاحيات واسعة تتجاوز حدود الإدارة إلى التعيين، والموازنة، والتشريع.
بعبارة أوضح، غزة ستتحول إلى إقليم ذي إدارة دولية بواجهة فلسطينية شكلية، ونظام انتداب بريطاني مقنع بثوب تكنوقراطي.
الخطة تتحدث عن "تفكيك البنية التحتية للإرهاب"، وهو تعبير فضفاض يُستخدم كمدخل لتجريد المقاومة الفلسطينية كل المقاومة، لا حماس وحدها من أدواتها العسكرية. لكن الأخطر، أن هذا النزع ليس متبوعاً بضمانات سيادية، أو خطوات سياسية مقابلة. لا وعد بدولة، ولا أفق لتقرير المصير، ولا تعهد بإيقاف الاستيطان أو رفع الحصار.
و الدرس من أوسلو هنا حاضر بقوة، تفكيك أوراق المقاومة مقابل وعود لم تُنفذ. النتيجة؟ سلطة شكلية، واحتلال مستمر، واستيطان متسارع. فهل يُراد لغزة أن تعيش النسخة الثانية من هذا الفخ؟
لأنها لا تُعالج جوهر الصراع، الاحتلال، والحصار، ومصادرة الحق الفلسطيني.
و تفشل لأنها تُقايض الحقوق بالتهدئة، وتطلب نزع أدوات المقاومة دون مقابل حقيقي.
تفشل لأنها تدار من الخارج، دون أي تمثيل فلسطيني حقيقي، ولا اعتراف بإرادة الشعب.
تفشل لأنها تتجاهل القانون الدولي، وتُسقط قرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية بشأن الوضع القانوني في غزة والضفة.
خطة ترامب، في جوهرها، ليست مشروع سلام، بل محاولة لتبريد الصراع وتثبيت واقع الاحتلال تحت غطاء من التكنوقراطية والمساعدات. هي مشروع إدارة مؤقتة لصراع دائم، لا حلّ له. محاولة لتغيير وظيفة غزة من مركز مقاومة إلى منطقة "مضبوطة"، خاضعة للرقابة والوصاية.
وإن كانت المقاومة قد أبدت مرونة في القبول بالتهدئة، فهي لم تُسلم بخيارات الإملاء. وإن كانت غزة راغبة في الخروج من الحصار، فهي لن ترضى بوصاية بديلة عن الحرية. أو تقبل أن تكون شاهد زور على فشل جديد... أكثر عمقاً وخطورة من أوسلو.
أما الأخطر فهو أن تحويل الخطة إلى مأزق لم ينهِ الخطر، بل حول الصراع إلى لحظةٍ مفتوحة، إما تصفيةٍ تاريخية تبدأ من غزة وتمتد، أو انتصار مقاوم يعيد رسم الشروط. في كلتا الحالتين، نحن أمام مفترق وجودي، إقرارٌ رسمي بحقوقٍ مسلوبة، أو فتح بابٍ لإعادة تأكيد أن القضية ليست نزاعًا تقنياً بل صراع بقاء سياسي وثقافي وحقوقي.
خلاصة المشهد قاسية، حيث تُرسم خطوط المواجهة القادمة بين من يريدون إلغاء الحقّ ومن يرفضون أن يُؤرشف ذاكرته..أم أن العالم سيقبل بأرشفة حقٍّ كان له أسمه منذ قرن..........................



#ميساء_المصري (هاشتاغ)       Mayssa_Almasri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحذروا ، شرارة الحرب ، من خطط مبرمجة إلى حريق إقليمي .
- طبول حرب في سيناء .. هل تندلع ؟
- عملية الكرامة اليوم تفجر المرحلة الثانية من مخطط (الحارس الج ...
- من قلب الدوحة… تُعلِنها إسرائيل : الشرق الأوسط ساحة نار وسيا ...
- إحذروا : داعش بثوب جديد لتنفيذ صفقة القرن 2
- الأردن .. يا أصحاب القرار لا مناطق رمادية بعد اليوم
- فخ الغاز والدم نحو فيتنام الشرق الأوسط وعزل مصر الكامل
- الأردن على خط النار بين الضم الزاحف وشرعنة الإقليم
- الأردن بين فخ إسرائيلي ناعم وحدود مفتوحة على الخطر
- ورقة الدُّرْز، الجبل الذي ستزرع فيه إسرائيل علمها.
- الفلسطيني في دول الشرق الأوسط… اللاجئ الذي خُطف مرتين
- العراق: من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة؟
- التطبيع أولًا... والفاتورة إيرانية المصدر
- هدنة غزة بين مراوغة ترامب وسقوط نتنياهو
- العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟
- رقعة شطرنج الشرق الأوسط: من يسقط أولاً؟
- من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟
- نحو لحظة شمشون: هل تتهيأ إسرائيل لسيناريو السقوط الكبير؟
- الأردن و تحديات الهوية السياسية في زمن المال والقوة
- التهجير الناعم.. والإقليم المباح


المزيد.....




- ظهور خليل الحية كبير مفاوضي حماس في فيديو لأول مرة منذ محاول ...
- -أنت دائمًا سلبي-.. مكالمة -غاضبة- بين ترامب ونتنياهو عقب رد ...
- من هو كوشيب الذي أدانته محكمة الجنايات الدولية؟
- هل باتت سياسة ترامب تعكس مواجهة مفتوحة مع معسكر الديمقراطيين ...
- رغم التحديثات الأخيرة.. أخطار -روبلوكس- مازالت تثير قلق البا ...
- ترامب يلوّح بتسريح للموظفين إن فشلت المفاوضات مع الديمقراطيي ...
- -مقابر جماعية- سياسة ممنهجة لإخفاء الأدلة على الجرائم الإٍسر ...
- موقع أميركي: هل ينجح التعاون بين أميركا وتركيا في أفريقيا؟
- أرقام صادمة.. 90% من قطاع غزة مدمر بعد عامين من الحرب
- حصريًا لـCNN.. شاهد ما قاله ترامب حول مصير حماس إذا تمسكت با ...


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - كيف حوّلت حماس خطة ترامب إلى مأزق سياسي