أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - عملية الكرامة اليوم تفجر المرحلة الثانية من مخطط (الحارس الجديد)














المزيد.....

عملية الكرامة اليوم تفجر المرحلة الثانية من مخطط (الحارس الجديد)


ميساء المصري
(Mayssa Almasri)


الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 02:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عصر 18 أيلول/سبتمبر 2025 انزلقت الجغرافيا السياسية بين الأردن والضفة الغربية إلى منحنى خطير لم يكن متوقعًا بهذا الشكل المفاجئ عملية مسلّحة استهدفت إسرائيليين عند معبر اللنبي أسفرت عن مقتل اثنين وجرح آخرين لتتحول فورًا إلى أكثر من مجرد حدث أمني إذ سرعان ما وظفتها إسرائيل كمحفّز لإطلاق المرحلة الثانية من مشروع "الحارس الجديد" وهي مرحلة لم يكن يجري الحديث عنها صراحة لكنها كانت قيد الإعداد بصمت منذ نهاية الحرب على غزة 2024 المشروع الذي بدأ في جنين كتكتيك أمني لإحتواء العمليات المسلحة ،تحوّل الآن إلى استراتيجية سيادية لإعادة ترسيم حدود السيطرة الإسرائيلية بشكل فعلي وليس قانوني بما يشمل كامل الشريط الحدودي الشرقي وامتداد الأغوار.



لكن ما الذي يجعل من هذه العملية الصغيرة بهذا التأثير الكبير؟ الإجابة تبدأ من فهم موقع معبر الكرامة نفسه فهو ليس مجرد ممر حدودي بل نقطة سيادية ثلاثية تتقاطع فيها صلاحيات الأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل وعلى مدار عقود كان هذا المعبر ورقة حساسة في معادلة التوازنات غير المُعلنة بين عمان وتل أبيب من جهة وبين رام الله وتل أبيب من جهة أخرى ولذلك فإن أي حادث فيه لا يُقرأ أمنيًا فقط بل سياسيًا وسياديًا ووجوديًا بالمعنى الكامل للكلمة.

بعد العملية أعلنت إسرائيل إغلاق المعبر من طرفها فقط وهو إجراء يبدو تقنيًا لكنه في الواقع إعلان عن السيطرة الأحادية على نقطة حساسة تقع فعليًا بين ثلاث جهات وهو ما يُعد أول تطبيق عملي لمبدأ "إعادة تعريف السيطرة الأمنية" الذي يمثل جوهر مشروع "الحارس الجديد" فما هو هذا المشروع تحديدًا؟

انه انتقال من عقيدة "الردع السلبي" إلى "الاحتواء الهجومي" عبر دمج التقنيات الحديثة مع وحدات النخبة والانتقال من سياسة الرد إلى سياسة التمركز والسيطرة وتوسيع ما يسمى "الحيّز الأمني النشط" ليشمل مناطق لم تكن مشمولة سابقًا بالمراقبة المباشرة وهذا ما نشهده الآن بوضوح في أريحا والتي تم تحويطها حالا بعد العملية حيث دخلت دائرة المراقبة الميدانية بشكل مكشوف لأول مرة منذ توقيع اتفاق أوسلو.

تذكروا جيدا ما يحدث الآن في تخوم أريحا لا يقل خطورة عما حدث في جنين أو نابلس خلال السنوات الماضية إذ بات واضحًا أن إسرائيل قررت استغلال هجوم المعبر اليوم كغطاء سياسي لتوسيع حضورها الميداني عبر أدوات عسكرية استخباراتية وأمنية مرنة لا تقوم على احتلال مباشر بل على تموضع تكتيكي دائم يفرض أمرًا واقعًا جديدًا يمكن تسميته بـ "الضم الأمني الزاحف" في منطقة أغوار فلسطين وهو ضم لا تعلنه تل أبيب قانونيًا كي لا تثير العاصفة السياسية الدولية بل تنفذه عبر خطوات محسوبة ممنهجة تحت عنوان "تعزيز الحماية الأمنية".

ومع تمركز وحدات إسرائيلية قرب أريحا بذريعة حماية المعبر بدأت المعادلة الأمنية في الأغوار تتحول بشكل ملموس، إذ تشير المعلومات المتقاطعة إلى انتشار وحدات مثل "دوفدوفان" و"إيتان" و"8200" بالإضافة إلى طائرات استطلاع مسيرة تعمل بشكل مستمر على مراقبة الطرق المؤدية للمعبر والبوابة الشرقية لأريحا وهو ما يعني عمليًا أن أريحا باتت مكشوفة أمنيًا وخاضعة لرقابة إسرائيلية لحظية في مشهد يعيد إلى الأذهان السيناريوهات التي عاشتها جنين من قبل لكن بأدوات أكثر خفاءً وفاعلية إذن لنستوعب حجم العملية ثم عملية الالهاء بضرب لبنان .

ستضغط تل ابيب الآن لفرض تنسيق أمني أوسع تحت ذريعة منع عمليات مشابهة مستقبلاً وستطلب بشكل غير مباشر إدخال التكنولوجيا الإسرائيلية إلى منظومة مراقبة الحدود وهو أمر خطير تعتبره إسرائيل ضرورة أمنية بحكم "الواقع الجديد".

السلطة الفلسطينية بدورها في موقف لا تُحسد عليه إذ تجد نفسها تدريجيًا خارج المعادلة فيما يتعلق بأريحا ومعبر الكرامة فالوحدات الإسرائيلية باتت تتحرك في محيط المدينة دون تنسيق حقيقي مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي أصبحت نظريًا مسؤولة لكنها عمليًا عاجزة عن الفعل أو المنع وهو ما يكرس تحول أريحا إلى منطقة رمادية لا تخضع لأي سيادة فعلية فلسطينية بينما تتحول تدريجيًا إلى ممر أمن إسرائيلي ضمن ما يسمى "الحزام الشرقي".

هذا الحزام الذي يبدأ من بيسان شمالًا ويصل إلى البحر الميت جنوبًا و كان دومًا هدفًا استراتيجيًا للقيادة العسكرية الإسرائيلية وتعتبره القيادة السياسية بمثابة خط الدفاع الأول في حال اندلاع صراع إقليمي ولذلك فإن إسرائيل ستستغل الآن أي حادث حدودي لتبرير عسكرة هذا الحزام وتفعيله ميدانيًا والسيطرة أعمق بعد أن ظل لعقود مجرد مفهوم نظري واليوم مع حادثة اللنبي سيبدأ هذا الحزام ليتحول إلى واقع عبر وحدات تكتيكية متمركزة وأبراج مراقبة قيد التثبيت واتفاقات أمنية جديدة تُبنى في الخفاء ومستوطنات يتم العمل على انشاءها.

أبعد من ذلك هناك ما هو أخطر إذ تشير بعض المؤشرات إلى نية إسرائيل اقتراح نظام "إدارة أمنية مزدوجة" لمعبر الكرامة وهذا في حال حدوثه سيكون تغييرًا جذريًا في وضعية المعبر الذي ظل لسنوات رمزًا للدور الأردني في الضفة ومحورًا أساسيًا في العلاقات الفلسطينية–الأردنية .

والنتيجة أن معبرًا كان يُفترض أن يكون بوابة عبور للفلسطينيين سيتحول اليوم إلى رأس حربة في مشروع توسع أمني إستيطاني إسرائيلي يتقدم بخطى ثابتة نحو إعادة هندسة الضفة من شرقها دون ضم قانوني بل عبر سيطرة عملية مدروسة تصنع على الأرض وقائع لا يمكن التراجع عنها لاحقًا.

وفي ظل الصمت الدولي المعتاد تحت ذريعة "مكافحة الإرهاب" والضغط الأميركي المستمر لفرض الاستقرار ولو على حساب القانون الدولي فإن ما يجري في تخوم أريحا ليس مجرد تحرك تكتيكي بل هو نقطة تحوّل هيكلية في التوازن الأمني والسياسي في الضفة وهي المرحلة الثانية من "الحارس الجديد" التي ستعرف لاحقًا بأنها بداية تغيير قواعد اللعبة كلها في الشرق الاوسط.



#ميساء_المصري (هاشتاغ)       Mayssa_Almasri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قلب الدوحة… تُعلِنها إسرائيل : الشرق الأوسط ساحة نار وسيا ...
- إحذروا : داعش بثوب جديد لتنفيذ صفقة القرن 2
- الأردن .. يا أصحاب القرار لا مناطق رمادية بعد اليوم
- فخ الغاز والدم نحو فيتنام الشرق الأوسط وعزل مصر الكامل
- الأردن على خط النار بين الضم الزاحف وشرعنة الإقليم
- الأردن بين فخ إسرائيلي ناعم وحدود مفتوحة على الخطر
- ورقة الدُّرْز، الجبل الذي ستزرع فيه إسرائيل علمها.
- الفلسطيني في دول الشرق الأوسط… اللاجئ الذي خُطف مرتين
- العراق: من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة؟
- التطبيع أولًا... والفاتورة إيرانية المصدر
- هدنة غزة بين مراوغة ترامب وسقوط نتنياهو
- العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟
- رقعة شطرنج الشرق الأوسط: من يسقط أولاً؟
- من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟
- نحو لحظة شمشون: هل تتهيأ إسرائيل لسيناريو السقوط الكبير؟
- الأردن و تحديات الهوية السياسية في زمن المال والقوة
- التهجير الناعم.. والإقليم المباح
- الكيان الصهيوني والسعودية ..صفقات سلاح ولوبي وديناميكية إقلي ...
- الكابوس الاسرائيلي : العدد
- عهر سياسي ليس أكثر


المزيد.....




- حادث غريب يفضح سائقًا ويورطه مع الشرطة.. والصدمة مما وجدوه ف ...
- برج جديد في دبي بكلفة 1.6 مليار دولار يجسد الطموح العقاري نح ...
- هل تتحدث أثناء نومك ولا تعرف ما الأسباب؟
- بعد وقف برنامج جيمي كيميل.. ترامب يقول إن شبكات البث تخاطر ب ...
- هيندل يؤسس حزب -الاحتياط- في إسرائيل: خدمة إلزامية ولجنة تحق ...
- المتظاهرون يتجمعون في القدس مطالبين بإنهاء الهجوم على غزة
- المتظاهرون يتجمعون خارج استوديو جيمي كيميل بعد تعليق العرض
- توقيف مشتبه به في هجوم باريس 1982.. وماكرون يشيد بتعاون السل ...
- برلين تجدد عزمها -إصلاح- دولة الرفاه وسط صعود المعارضة الشعب ...
- ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطينية هو -أفضل طريقة لعزل حماس-


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - عملية الكرامة اليوم تفجر المرحلة الثانية من مخطط (الحارس الجديد)