أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟















المزيد.....

العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟


ميساء المصري
(Mayssa Almasri)


الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 02:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في زمن ما، قال أهل العمامة، بكل وضوح لا يحتمل التأويل: "لا يوجد سوى حل واحد ممكن لحالة الإضطراب في الشرق الأوسط، وهو إبادة وتدمير الدولة الصهيونية."وفي الجانب الآخر من المعادلة، قال أهل الكيباه عبّر أب الصهيونية القومية فلاديمير جابوتنسكي عن رؤية صارمة لا تقل عنفانية وتحدانية : "يجب أن تستمر الإستعمارية الصهيونية... ولكن فقط تحت حماية قوة لا تعتمد على السكان الأصليين — وبجدار حديدي."
إذن ما كان في الماضي يُقرأ كإحتمالات بعيدة أو سيناريوهات محتملة، بات اليوم منطقًا حتميًا، يدفعه إيقاع متسارع من الأحداث على الأرض، وحركات سرية فوق الطاولة وتحتها، حيث تُصاغ الخطط وتُرسم المعارك.كل شيء يشير إلى أننا على أعتاب فصل أخير أشد خطورة وتعقيدًا من أي لحظة شهدها الشرق الأوسط منذ الحرب الباردة.
هنا، في قلب هذا الصراع الذي يتجاوز القنابل والتكتيكات، يبدو أن الزمن لم يعد يقيس الصراع بين طهران وتل أبيب وواشنطن بوحدات التخصيب النووي أو اليورانيوم، بل أصبح يُقاس بوحدات التفكك البنيوي، والتعرية الأيديولوجية، والتراشق الرمزي الحاد بين "الكيباه أو القلنوسة" الصهيونية والعمامة الشيعية.
لم يعد هدف واشنطن وتل أبيب مجرد منع إيران من بلوغ القنبلة النووية، بل بات الطموح أعمق: إعادة صياغة النظام الإيراني ذاته، فكريًا وسياسيًا ومؤسساتيًا. وهو طموح يتطلب تفكيك الأنسجة العميقة التي تربط الأيديولوجيا بالبنية الأمنية والدينية، وهو ما نراه في تكتيكات "التجريف الأيديولوجي" المتبعة مؤخرًا. الإستراتيجية الجديدة لا تُضرب فيها المفاعلات بقدر ما تُستهدف العقول التي صنعتها، ولا تُقصف فيها الجغرافيا فحسب، بل هي صراع على الرموز، العمامة تُسقط قبل أن يُحاصر اليورانيوم، والحرس الثوري يُفكك قبل أن تُدمر أجهزة الطرد المركزي. وبين الأحداث، تبرز الكيباه كقائد لا يُقهَر، ورفيقها الكوبوي المتوحش الذي يرسم خطوط النار والقانون بلا هوادة. هنا، على هذه الخشبة، تُكتب فصول الشرق الأوسط الأخيرة، من غرفة التطبيع القادم حيث الموسيقى لا تهدأ، والدراما تتصاعد حتى اللحظة الحاسمة.
الضربات الأخيرة بين إيران والكيان، لم تكن نوبات انفعالية، بل جسورًا لحرق المراحل. تُذكّرنا هذه العمليات بتلك الإستراتيجية التي اتبعتها إسرائيل مع منظمة التحرير في الثمانينيات، تجفيف المنابع، تفكيك الحواضن، ثم توجيه ضربة قاصمة تضعف الفكرة قبل أن تسقط التنظيم. الفارق الوحيد أن العدو اليوم هو دولة لها امتداد إمبراطوري عقائدي، لا تنظيمًا سياسيًا. وهذا ما يجعل المعركة ضد إيران أكثر تعقيدًا وعمقًا.
و بدأ يتبلور شعور بأن السلطة في ايران تُعاد هندستها من الداخل بتوافق ضمني أو ربما ابتزازي بين تيارات النظام العميق وبعض الدوائر الخارجية. تمهيدا لمرحلة انتقالية غير مُعلنة. مرحلة فيها الثقة مهزوزة، والشارع الإيراني على صفيح يغلي ،فهل العمامة لم تعد تملك قداسة العهد الأول.؟؟
في المقابل، إسرائيل تمضي في استراتيجية "عض الأصابع" و"الضربات الإستنزافية"، حيث تُراكم الأوجاع دون إشعال فتيل الإنفجار الشامل الذي سيأتي . حيث تذكّرنا هذه المنهجية بتكتيك الإنهاك المستمر، عبر الضرب في الأطراف وانتظار لحظة التصدع من الداخل. وهي ذات اللعبة التي تلعبها إيران ما يحول المشهد إلى ما يشبه "الشطرنج الشبكي"، حيث كل حركة تؤثر على خمس رقع في آنٍ واحد.
لكن الإستنزاف له سقف، والحسابات الإستراتيجية تفرض لحظة قطف للثمار. واشنطن، المنقسمة داخليًا بين تيار يريد احتواء النظام وتيار يسعى إلى تفكيكه بالكامل، تراقب الوقت بقلق انتخابي.(درمبف) وهو الإسم الحقيقي لترمب بحاجة إلى نصر خارجي يعيد ترتيب أوراقه أمام خصومه ، فيما إسرائيل تشعر أن "النافذة الذهبية" تضيق، برنامج إيران النووي بلغ اللحظة الحرجة، ووكلاء إيران منهكون، والإقتصاد الإيراني على شفير الإنهيار.
ومع ذلك، فإن إسقاط النظام الإيراني ليس مهمة بسيطة، ولا مضمونة. فالجهاز الأمني متعدد الطبقات، والولاءات متداخلة، والهوية الإيرانية مركبة بأعراق وأديان وأيديولوجيات تجعل فكرة الثورة الداخلية أقرب إلى الإنفجار المجتمعي منها إلى التغيير السلمي. البلوش، الأكراد،اليهود، العرب، الأحواز، وحتى فئات شبابية مستاءة داخل المركز الفارسي، كلها تمثل براكين تحت السطح، لكن دون قيادة موحدة أو مشروع جامع أو إرادة.
أما رهان الخارج الصهيوامريكي على بديل "نظيف" مثل نجل الشاه، فيبدو ساذجًا فـ"الفيل في الغرفة" ليس غائبًا فقط، بل غير مرئي أساسًا ضمن خريطة القوة الواقعية. الرهان الحقيقي، إذًا، ليس على شخص، بل على بنية جديدة، نظام جديد، ينهض من رماد القديم. لكن هذا الحلم الغربي يصطدم بواقع أنّ إيران لا تتغير بسهولة، بل تتحول على جمرات بطيئة يعاد إشعالها، وغالبًا ما تتكيف أكثر مما تنهار.
ومع ذلك، لا بد أن نقرأ اللحظة كما هي، نحن لا نعيش صراعًا على تخصيب اليورانيوم، بل حربًا على تعريف الهوية السياسية للإقليم. ""الكيباه" التل أبيبية ، و"العمامة" الطهرانية ليستا مجرد غطاءين للرأس، بل تاجان على رأسيي مشروعين متصارعين، كلٌّ منهما يسعى لرسم خرائط النفوذ. هما عنوانان لصراع تديره الرموز، تلك التي تملأ فضاء الشرق الأوسط، من الطربوش إلى الشماغ والغترة ،فهل يتم تبديلهم الى الكيباه في انفجار ما .
ومتى تسقط الرموز فإن الشرق الأوسط لن يبقى كما هو. سيكون ذلك لحظة انعطاف تأريخية، أشد وقعًا من سقوط بغداد عام 2003، أو ذوبان الإتحاد السوفيتي في 1991..
إنه صراع لا يملك رفاهية الإستراحة، تتصاعد فيه الوتيرة مع كل هدنة ، وكل إغتيال، وكل صفقة سرية. وكأن الشرق الأوسط بأكمله يقف على حافة البيكار، يُعاد رسمه لا بالحبر،بل بنصل المسيرات، وأصابع مرتجفة على أزرار تُعيد رسم العالم من غرف مظلمة. لم تعد الخرائط مجرد خطوط، بل جبهات، ولم تعد الرموز لباسًا، بل حدودًا تقاتل من أجل البقاء.
المشهد الأخير، إذًا، لن يكون قصفًا مفاجئًا، بل ذروة عملية تراكمية، قضم من الداخل، قضم من الخارج، تشظي تدريجي، ثم لحظة إنهيار تظهر للعالم كأنها كانت مفاجئة، لكنها كانت تُطبخ منذ سنين. قد يكون هذا الفصل داميًا، مدفوعًا بإبتسامات مخادعة تحت غطاء إعادة إعمار. لكن المؤكد أن نهايته لن تُكتب على ورق، بل ستُحفر في الجغرافيا والذاكرة.
الخاتمة ليست نهاية، بل إنذار، الشرق الأوسط مقبل على هزة جذرية، ومن لا يتحصن سيجرفه الطوفان. وبين تل أبيب وطهران، لا يُقاس الوقت بالساعة، بل بالضربة المقبلة.



#ميساء_المصري (هاشتاغ)       Mayssa_Almasri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقعة شطرنج الشرق الأوسط: من يسقط أولاً؟
- من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟
- نحو لحظة شمشون: هل تتهيأ إسرائيل لسيناريو السقوط الكبير؟
- الأردن و تحديات الهوية السياسية في زمن المال والقوة
- التهجير الناعم.. والإقليم المباح
- الكيان الصهيوني والسعودية ..صفقات سلاح ولوبي وديناميكية إقلي ...
- الكابوس الاسرائيلي : العدد
- عهر سياسي ليس أكثر
- تطبيع ملزم بأموال عربية ..
- الأردن : الفساد و إشكالية رجل الدولة ورجل السياسة والإقتصاد.
- جاسوس نتنياهو ... من مجرم الرصاص المصبوب الى دسائس أمنية شخص ...
- كتاب بولتون ..إحذروا أحجية الجهل العالمي
- خطة الضم ...الأردن وفلسطين ..والتدرج الزمني لنتنياهو ...
- الأردن ..ما بعد صدمة كورونا
- ماذا لو أصيب ترامب بالكورونا ؟؟؟
- حرب أسعار,صراع ديوك,غطس في النفط , وحرق دول..فمن الخاسر الأك ...
- لغز قروض البنك الدولي ....ولعبة الحكام بالشعوب
- وزراء الخارجية العرب مغيبون.. و شعوب متهمة بمعاداة السامية.. ...
- من البتراء حتى مكة ... سنوات التيه العربي والبيع على المكشوف ...
- الأردن : أسلحة صامتة ..لحرب هادئة .


المزيد.....




- واشنطن بوست: الاستخبارات اخترقت اتصالات بين مسؤولين إيرانيين ...
- مخاوف دولية حول مصير السجناء الأجانب.. إيران تعترف بمقتل 71 ...
- القضاء التركي على موعد مع قرار حاسم: هل يطيح بزعيم المعارضة؟ ...
- نتنياهو: -النصر- على إيران يوفر -فرصا- للإفراج عن الرهائن في ...
- من أجل سوسيولوجيا معادية للصهوينة
- مستشار كوفي أنان: إدارة ترامب تفكك الحكومة الفدرالية وتقوض ا ...
- رئيس صربيا يرفض الرضوخ لمظاهرات المعارضة
- غسان سلامة: الشعوب العربية تخاذلت عن نصرة غزة
- التحقيق بتحطم الطائرة الهندية يطرح جميع الفرضيات
- تسريب جديد يقلل من أضرار البرنامج النووي الإيراني


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟