أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟














المزيد.....

من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟


ميساء المصري
(Mayssa Almasri)


الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 02:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بداية هذا المقال موجّه فقط للواعين سياسيًا، ولمن يدرك حجم ما بلغته الشعوب من إهتراء نضالي، وتفتت جمعي، وتقاعس عن اللحظة، وغيابٍ عن واجب التأريخ.
لنعترف أنه في كل لحظة اضطراب تهزّ الشرق الأوسط، وكل زلزال استراتيجي يعيد رسم خرائط السلطة والنفوذ، ينبثق سؤال صارخ لا يريد أحد أن يسمعه بصوت عالٍ: هل تخون الشعوب؟
حين اشتعل أطفال غزة تحت القصف، و تُركت بغداد تتآكل ، وذُبحت سوريا أمام عيون الملايين، وغرقت ليبيا في الفوضى، وينحر الجميع اليمن ، ومصر تُدار بالولاءات، وعلماء إيران يُستهدفون في وضح النهار، هل كان صمت الجماهير خيانة؟؟ وحين تفشّت العنصرية، واستوطنت الطائفية، وتمأسست الكراهية، رغم الدم المسفوك والخراب المستعر، هل كان ذلك سقوطًا ذاتيًا… أم انهيارًا مبرمجًا جرى هندسته بدقة عبر العقود؟ أم تم إستغلال الشعوب وما يزال .
من السهل أن نلوم الشعوب. لكن الحقيقة، المُرّة والمسكوت عنها، أن ما يبدو خيانة في ظاهره قد لا يكون إلا انعكاسًا لإنهيار أعمق: شعوبٌ أُرهقت وخُذلت، ثم خذلت نفسها. خُنقت من الأعلى، وتفسّخت من الداخل، حتى تحوّلت إلى جماهير مشلولة، مشتتة، غارقة في الإنكفاء والتوجس، بينما العالم من حولها يعاد تشكيله.
المعادلات تتغيّر على نحو متسارع حتى نكاد لا نستوعب ما يدور، والإقليم يدخل مرحلة إعادة تصنيع جيوسياسي غير معلنة، لكن محسوبة بدقة. كل ما يحدث في إيران، وسوريا، وغزة، ولبنان،والعراق و..غيرها ليس سوى فصول مترابطة من مشروع أكبر، يُدار بحرفية ويُنفذ على مراحل. في هذا السياق، يصبح الصمت الشعبي المديد مادة قابلة للتأويل: هل هو خنوع؟ أم دفاع غريزي عن الحد الأدنى من البقاء، في زمن صارت فيه المجازفة تمردًا، والإعتراض انتحارًا؟
المعادلة معقدة. الشعوب التي واجهت الإحتلال، والتجويع، والإنقلابات، والإستبداد، والفتن، ليست بريئة تمامًا، لكنها ليست مذنبة بالمطلق. لقد عاشت داخل أنظمة تُقصي وتمنع وتطارد، في ظل إعلام يتقن التخدير، واقتصاد يُفقِر، وخطاب ديني يُشطر ويقسّم، و"نخبة" تُشترى وتُستبدل كلما لزم الأمر. وسط هذا كله، تتآكل الإرادة، ويتراجع الوعي، ويصبح الصمت آلية دفاع أكثر من كونه موقفًا سياسيًا.
الجانب الأكثر إيلامًا ليس فقط هذا التراجع، بل كيف تحوّل التفتت الداخلي إلى قاعدة صلبة قائمة. لم تعد الطائفية والعنصرية والإنقسام المذهبي مجرد انحرافات إجتماعية، بل أصبحت أدوات للحكم، وآليات لتفريغ المجتمع من مشروعه الوطني. لم تُعالَج هذه الأورام، بل جرى تغذيتها وتمكينها، إلى أن صارت كل محاولة لبناء توافق أو وحدة تشبه العمل في حقل ألغام.
في موازاة ذلك، ازدهرت ثقافة الإنكفاء، وتم تجريم السياسة كفعل جماعي، وتم إحتقار الآراء، وتجويف النقابات، وتهميش الجامعات، وتجريم النقد، وتحويل الإعلام إلى أداة ترفيه وتطبيل وتسطيح. وهكذا، أصبح المواطن متفرجًا لا شريكًا، وغرق في معركة يومية من أجل البقاء وسط تضخم، وفقر، وتضاؤل فرص، في بيئة يُلاحق فيها الصوت قبل الفعل.
لكن، هل يعني ذلك أن الشعوب انتهت؟
إننا في أسوأ لحظات الإنهيار بالمعنى الفعلي للشعوب وباتت المقارنة بيننا وبين الشعوب الأخرى عالميا لا تفيد، نعم هناك ومضات تنبض في الهامش. ومضات لا تنتظم في حركة، تكسر السكون، وتؤكد أن النار لم تنطفئ تحت الرماد. لا تزال هناك شرائح تحلم بلحظة حق واستعادة، بشرط أن يكون هناك مشروع حقيقي، يتجاوز الفُرقة، ويعيد الإعتبار ، ويطرح رؤية واضحة، لا شعارات تعبوية فارغة.
هذا المشروع لا يمكن أن ينبثق من نخبة منفصلة، أو من دول تبيع الأمن مقابل الصمت. بل يجب أن يكون نتاج إعادة بناء الثقة بين الشعوب وقياداتها – قبل ان تترك الصهيوأمريكية ما لا يمكن الوثوق به. مشروع يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع، يقوم على الشراكة لا السيطرة، على المشاركة لا الوصاية.
ولا يمكن أن ننسى دور النخبة الفكرية والسياسية، التي إما مرتهنة أو منسحبة و مكتفية بالنقد الموسمي أو التغريد في عوالم منفصلة. هذه النخب مسؤولة عن إعادة تأطير الخطاب، وبث الوعي السياسي، وطرح رؤى استراتيجية قابلة للتحقق، لا مثالية حالمة ولا انفعالية غاضبة .تمارس نرجسيتها على الشعوب.
بإختصار، الحديث عن الشعوب في هذا المفصل التأريخي الذي نمر به ليس ترفًا أخلاقيًا، بل ضرورة استراتيجية ضرورية جدا. فالمعركة المقبلة لا تُحسم بالجيوش وحدها، بل بوعي الشعوب وصحوتها. السكوت ليس خيانة بالضرورة، لكنه قد يتحول إلى ذلك، إن ظل مطبقًا في لحظات المصير.وتصبح العدوى أشد فتكا.
السؤال اليوم ليس فقط: هل تخون الشعوب؟
بل هل سيتاح لها أن تعود لاعبًا في مسرح الأحداث؟ أم أن اللعبة صُمّمت لتجري من دونها، وعلى حسابها؟



#ميساء_المصري (هاشتاغ)       Mayssa_Almasri#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو لحظة شمشون: هل تتهيأ إسرائيل لسيناريو السقوط الكبير؟
- الأردن و تحديات الهوية السياسية في زمن المال والقوة
- التهجير الناعم.. والإقليم المباح
- الكيان الصهيوني والسعودية ..صفقات سلاح ولوبي وديناميكية إقلي ...
- الكابوس الاسرائيلي : العدد
- عهر سياسي ليس أكثر
- تطبيع ملزم بأموال عربية ..
- الأردن : الفساد و إشكالية رجل الدولة ورجل السياسة والإقتصاد.
- جاسوس نتنياهو ... من مجرم الرصاص المصبوب الى دسائس أمنية شخص ...
- كتاب بولتون ..إحذروا أحجية الجهل العالمي
- خطة الضم ...الأردن وفلسطين ..والتدرج الزمني لنتنياهو ...
- الأردن ..ما بعد صدمة كورونا
- ماذا لو أصيب ترامب بالكورونا ؟؟؟
- حرب أسعار,صراع ديوك,غطس في النفط , وحرق دول..فمن الخاسر الأك ...
- لغز قروض البنك الدولي ....ولعبة الحكام بالشعوب
- وزراء الخارجية العرب مغيبون.. و شعوب متهمة بمعاداة السامية.. ...
- من البتراء حتى مكة ... سنوات التيه العربي والبيع على المكشوف ...
- الأردن : أسلحة صامتة ..لحرب هادئة .
- الأردن .. وما خفي إعلانه من صفقة القرن .
- صفقة القرن ..فخ للأردن .. وبالون إختبار بحجم الشرق الأوسط .


المزيد.....




- هل الضربة قاضية؟.. ماذا نعلم عن وضع جوهرة أهداف إسرائيل بضرب ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا للإيرانيين بالفارسية (صورة)
- -وادي إيزار-.. لماذا تجتذب ميونيخ الشركات الناشئة؟
- ردا على احتجاز سفينة -مادلين-.. ماليزيا تعلن تحضير -أسطول ال ...
- حوالي 2000 سائح روسيا -عالقون- في الإمارات  
- -مهر-: حريق مستودع -شهران- للنفط جنوب طهران بات تحت السيطرة ...
- لبنان والأردن يفتحان الأجواء والعراق وسوريا يغلقان
- محللان: إسرائيل تبحث عن الصورة وإيران تحاول ترسيخ معادلة جدي ...
- قاض أميركي يرفض الإفراج عن محمود خليل
- إسرائيل تدعو الإيرانيين لإخلاء منازلهم قرب المفاعلات النووية ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟