أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - الأردن على خط النار بين الضم الزاحف وشرعنة الإقليم














المزيد.....

الأردن على خط النار بين الضم الزاحف وشرعنة الإقليم


ميساء المصري
(Mayssa Almasri)


الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 08:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُقال إنّ السياسة والدين، إذا اجتمعا وكان بينهما سوء استخدام، فذاك طريقٌ مباشر إلى الجنون الجماعي. فكيف إذا استُخدِما معًا كسلاحين في يد متطرّف؟ هذا تمامًا ما تهمس به شوارع تل أبيب، لا ما يُذاع في نشرات الأخبار.... هناك، حيث يهتف الغاضبون في وجه نتنياهو: هل فقدت عقلك؟ أم أنك تجرّ الأمة بأسرها إلى الهاوية بإسم الرب والدولة؟؟!
وما بين العقل والجنون، في لحظة فارقة تتشابك فيها الجغرافيا بالتأريخ، ويتداخل فيها القانون بالدم، تتقدم إسرائيل خطوة أخرى في مشروعها الكولونيالي العميق لتكريس واقع الإحتلال وتحويله إلى سيادة قانونية.
تصويت الكنيست الإسرائيلي لصالح مشروع ضم أجزاء من الضفة الغربية ليس سوى الإعلان الرسمي عن واقع بات مفروضًا منذ سنوات، تم تثبيته ميدانيًا عبر توسع استيطاني ممنهج وتفتيت ديمغرافي وتصفية بطيئة لكل مظاهر الكيان الفلسطيني. ما يحدث اليوم ليس مسألة خلاف حدودي، بل تفكيك متدرج ومقصود للهوية السياسية الفلسطينية، وإعادة توزيع التفكيك على الإقليم، تحديدًا نحو الأردن الذي يجد نفسه، من جديد، في قلب معادلة لم يخترها، لكنها تخترق أمنه وحدوده ومكانته التأريخية.
وهنا يتردد السؤال في دوائر القرار في عمّان، دون إجابة حاسمة: إلى متى يمكن للأردن أن يظل في موقع المراقب المتوتر بينما ترسم إسرائيل خريطة جديدة على أنقاض الضفة، خريطة لا مكان فيها لكيان فلسطيني، بل تضع المملكة أمام خيارات مفصلية يصعب التهرب منها؟؟
قرار الكنيست، رغم أنه غير ملزم قانونيًا، يُفهم داخل المنظومة الصهيونية باعتباره تفويضًا شعبويًا لمشروع الضم الكامل، وتأكيدًا أن مسار التسوية قد انتهى تمامًا، وأن الدولة الفلسطينية باتت حلمًا مترفًا لا أكثر.
أخطر ما في هذا التحول هو أنه لا يأتي كرد فعل عابر على حدث مثل السابع من أكتوبر، بل هو تتويج لتراكم طويل بدأ منذ خطة ألون عام 1967، وتواصل عبر مخططات دروبلس وشارون وسموتريتش ونتنياهو حتى عام 2025، وكلها تشترك في استراتيجيات السيطرة الكاملة، وفرض المعازل، ونقل العبء السكاني والإنساني إلى خارج حدود إسرائيل الكبرى.
وفي هذا السياق، لم تعد الضفة مجرد جغرافيا محتلة، بل منصة لمشروع تطهير سياسي وديمغرافي يجري تحت أنظار العالم، وبقبول ضمني من عواصم عربية وإقليمية وجدت في الصمت طريقًا لتأجيل المواجهة.
ما لا يُقال علنًا للملأ ،هو أن القرار الذي صوّت له 71 نائبًا في الكنيست لم يكن مجرد نصر لحكومة يمينية، بل تعبير عن توافق داخلي إسرائيلي واسع، بما في ذلك داخل تيارات معارضة، على استحالة إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وعلى وجوب الحسم لصالح الضم مهما كان الثمن. الأخطر من ذلك هو التغير في حسابات الداخل الإسرائيلي نفسه، حيث أصبح من المقبول سياسيًا بل مرغوبًا تفكيك السلطة الفلسطينية، أو تركها تنهار ذاتيًا، تمهيدًا لتحميل الأردن عبء (ما بعد السلطة)، سواء عبر سيناريو كونفدرالي مُقنّع، أو عبر إدارة أمنية وإنسانية لما يتبقى من السكان الفلسطينيين في الضفة.
في هذا السياق، تبرز تقارير أمنية مسرّبة تشير إلى محادثات (صامتة) تجريها أطراف إسرائيلية مع أطراف غربية حول احتمالات تفويض الأردن بدور إداري في الضفة في حال انزلاق الوضع إلى فراغ شامل. وهو ما تعتبره عمّان خطًا أحمر، لكنه خط لا يبدو أنه محصن من التآكل.
التهديد لا يقف عند حدود المشروع الصهيوني، بل يتصل مباشرة بالتحولات الإقليمية. بعد اتفاقيات أبراهام التي يصر ترمب على ابرامها، وتراجع الدعم العربي الفلسطيني وتآكل شعب غزة مع تآكل فكرة الحل القائم على الدولتين، باتت إسرائيل أكثر جرأة في فرض أمر واقع جديد. وفي هذا الأمر الواقع، لم تعد القدس مجرد مدينة محتلة، بل جبهة مفتوحة على معركة محاولات إسرائيل تفريغ هذه الرمزية من مضمونها، أو إعادة تعريفها كرمزية ثقافية فقط دون أبعاد سياسية، تُعد تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا للدور الأردني، لا يقل عن تهديد الضم ذاته.
في ضوء هذه المعطيات، تبرز مخاوف داخل المؤسسة السياسية الأردنية من أن الضغط الإسرائيلي يسعى ليس فقط لتفريغ فلسطين من أرضها، بل لتفريغ الأردن من دوره. وإذا ما سقط هذا الدور، فلن يبقى للأردن سوى الدفاع عن نفسه في فضاء إقليمي فوضوي، حيث يتحول من لاعب إلى متلقٍ للأزمات. ومع وجود ما يزيد على ربع مليون مواطن أردني من حملة الرقم الوطني في الضفة، فإن ضمّها دون تنسيق أو تسوية لن يكون مجرد مسألة فلسطينية، بل تعدٍّ مباشر على السيادة الوطنية الأردنية.
ما يدور تحت الطاولة لا يُبشّر بتحول فوري في موقف الأردن، لكن هناك مؤشرات على مراجعة جذرية قيد التشكّل، تشمل خيارات لم تكن مطروحة سابقًا، من بينها تجميد بعض بنود اتفاقية وادي عربة، والتحرك القانوني في محكمة العدل الدولية، وتحالف أوسع مع باريس وبرلين والجزائر والدوحة لفرملة التسرع الإسرائيلي، وربما الأهم من ذلك، الدفع نحو بناء وحدة فلسطينية حقيقية على الأرض، لأن انهيار السلطة بالكامل سيكون كارثة أمنية وإنسانية لا يستطيع الأردن احتواءها منفردًا.
في نهاية المطاف، لا يتعلق الأمر بمستقبل فلسطين فقط، بل بمستقبل الأردن نفسه، فبين الضفة والحدود الشرقية تأريخ واحد، ومصير مشترك. وإن كان الكنيست قد صوّت للضم، فإن على عمان أن تصوّت الآن لمستقبلها فهل تفعل؟ .



#ميساء_المصري (هاشتاغ)       Mayssa_Almasri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأردن بين فخ إسرائيلي ناعم وحدود مفتوحة على الخطر
- ورقة الدُّرْز، الجبل الذي ستزرع فيه إسرائيل علمها.
- الفلسطيني في دول الشرق الأوسط… اللاجئ الذي خُطف مرتين
- العراق: من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة؟
- التطبيع أولًا... والفاتورة إيرانية المصدر
- هدنة غزة بين مراوغة ترامب وسقوط نتنياهو
- العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟
- رقعة شطرنج الشرق الأوسط: من يسقط أولاً؟
- من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟
- نحو لحظة شمشون: هل تتهيأ إسرائيل لسيناريو السقوط الكبير؟
- الأردن و تحديات الهوية السياسية في زمن المال والقوة
- التهجير الناعم.. والإقليم المباح
- الكيان الصهيوني والسعودية ..صفقات سلاح ولوبي وديناميكية إقلي ...
- الكابوس الاسرائيلي : العدد
- عهر سياسي ليس أكثر
- تطبيع ملزم بأموال عربية ..
- الأردن : الفساد و إشكالية رجل الدولة ورجل السياسة والإقتصاد.
- جاسوس نتنياهو ... من مجرم الرصاص المصبوب الى دسائس أمنية شخص ...
- كتاب بولتون ..إحذروا أحجية الجهل العالمي
- خطة الضم ...الأردن وفلسطين ..والتدرج الزمني لنتنياهو ...


المزيد.....




- ترامب يُحذر تايلاند وكمبوديا من وقف التعامل التجاري معهما.. ...
- تأخرت رحلتك؟ إليك استراتيجيات ذكية للاستفادة من وقتك في المط ...
- -مبيد حشري-.. النيابة المصرية تحل لغز وفاة 6 أشقاء ووالدهم ف ...
- إسرائيل تسمح بدخول مساعدات لأول مرة منذ أشهر، مع -تعليق تكتي ...
- كمين جديد لحماس في خان يونس.. مقتل 3 جنود في صفوف الجيش الإس ...
- أمل جديد لمرضى السكري.. الخلايا الجذعية تقلب موازين العلاج
- لماذا أعلنت إسرائيل فجأة -تعليقا تكتيكيا- لعملياتها العسكرية ...
- خمس خطوات لتجنب نزلات البرد الصيفية المزعجة
- العدو الذي يتحدث لغتك.. خطة إسرائيل الجديدة لاختراق المجتمعا ...
- قصص مجوّعي غزة.. شريف أبو معوض


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - الأردن على خط النار بين الضم الزاحف وشرعنة الإقليم