أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - ورقة الدُّرْز، الجبل الذي ستزرع فيه إسرائيل علمها.














المزيد.....

ورقة الدُّرْز، الجبل الذي ستزرع فيه إسرائيل علمها.


ميساء المصري
(Mayssa Almasri)


الحوار المتمدن-العدد: 8404 - 2025 / 7 / 15 - 23:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الجنوب السوري، حيث لا تزال الجغرافيا شاهدة على عناد التأريخ، تتقاطع مصالح الدول ومشاريع التقسيم والتدويل على سفوح جبل العرب. هناك، حيث إعتاد الناس أن يحموا أنفسهم دون جيش، ويقودوا ثوراتهم دون وصاية، عادت السويداء لتتصدر مشهدًا دمويًا لا يُقرأ فيه سوى سؤال واحد ، لماذا الآن، ولماذا المكون الدُّرْزي تحديدًا؟؟؟
منذ تأسيس الكيان الصهيوني، لم تتعامل إسرائيل مع سوريا كعدو كلاسيكي فحسب، بل كعمق جغرافي سكاني ينبغي تمزيقه من الداخل، عبر تفكيك نسيجه الطائفي المعقّد، وتحويل الأقليات من مكونات وطنية إلى أوراق تفاوض ووظائف سياسية. وكانت الورقة الدرزية دائمًا هدفًا محوريًا في هذا المسعى، أقلية متماسكة، تمتلك إرثًا وطنيًا جامعًا، ولها حضور جغرافي حاسم في الجنوب، وشخصية تأريخية جامعة تمثلت في سلطان باشا الأطرش، الذي لا تزال صورته حاضرة في الوجدان السوري رغم محاولات إهانتها علنًا مؤخرًا، في مشهد صُمّم بعناية لتكسير الرمزية قبل الجغرافيا.
ما نشهده في السويداء ليس حادثًا معزولًا، ولا صراعًا داخليًا فوضويًا، بل حلقة أولى في سلسلة مترابطة من الترتيبات الجيوسياسية، التي تبدأ من الجنوب السوري وقد لا تنتهي إلا عند أبواب دمشق. إذ تتحرك إسرائيل الآن وفق رؤية استراتيجية متكاملة، تم تثبيتها على الأرجح خلال اللقاءات المغلقة التي جمعت نتنياهو وترامب مؤخراً ، حيث تدلل المؤشرات إلى ضوء أخضر أميركي غير معلن لإعادة إنتاج الدور الإسرائيلي الإقليمي التوسعي، لا عبر الإحتلال المباشر، بل عبر الإختراق الناعم وفرض الحماية الطائفية.
الساحة الدرزية ستتحول تدريجيًا إلى قوات محلية تُدفع لحمل السلاح بذريعة الدفاع عن النفس، ثم ترتبط وظيفيًا بإسرائيل، قبل أن تُستخدم كورقة ضغط على دمشق وعلى المحيط العربي والدولي. فإسرائيل لا تسعى لحماية أحد، بل لتفجير الداخل السوري من خلال زرع كيانات طائفية مرتهنة تضمن لها السيطرة على عمقها الحدودي وتمنع عودة الدولة المركزية والتي بدورها اصبحت مبهمة المعنى.
في هذا الإطار، يُعاد تظهير الدروز إعلاميًا كضحايا مهددين بالإبادة، بما يبرر تدخلًا إسرائيليًا حمائيًا بدعوى الروابط القديمة فالجيش الإسرائيلي به عدد لا يستهان منهم، وبذلك يمنح تل أبيب منصة خطابية أخلاقية في الغرب، تعيد شرعنة دورها في سوريا كما فعلت في لبنان الثمانينات.
و ما حدث من قصف إسرائيلي للجنوب السوري، ثم انسحاب سريع لقوات (الشرع/الجولاني)، ليس سوى مقدمة لسيناريو متكامل، دفع السويداء للإنفجار، ثم التلويح بـ (الإنقاذ) ومن قبل من ..(اسرائيل)، وصولاً إلى تفويض دولي ضمني لتشكيل واقع جديد على الأرض.
ان أخطر ما في هذا المشروع ليس التوغل الإسرائيلي الظاهر، بل إعادة تعريف المكون الدرزي بأكمله كمجتمع قابل للتوظيف خارج الهوية الوطنية السورية. من جهات مختلفة و هذا التوصيف يُنتج انقسامًا داخليًا مريرًا، بين من يرون في إسرائيل خلاصًا مؤقتًا، ومن يدركون أنها حفّار قبور الوطن. وإذا نجح هذا الإنقسام، فسيُفتح الطريق أمام مرحلة (دمشق اللّا مركزية)، حيث تُعزل العاصمة سياسيًا وتُحاصر جغرافيًا من الجنوب والشرق والشمال والداخل .
الهدف النهائي ليس فقط السويداء، بل سوريا كدولة وهوية. وما يجري من اجتماعات خلف الأبواب المغلقة سواء في تل أبيب أو واشنطن أو بعض العواصم العربية ، يصب في استراتيجية تفكيك الدولة السورية إلى كانتونات طائفية، تمهيدًا لشرق أوسط جديد لا توازن فيه إلا لإسرائيل. الجنوب هو البداية، لكنه ليس النهاية.
ونقطة الضعف الأهم، معاناة دمشق من معضلة استراتيجية، فهي لن تجتاح السويداء ، مع غياب السيطرة و تبدو عاجزة عن حماية وحدة البلاد. هذا الفراغ يُملأ حاليًا بخطاب ودعوات لتشكيل "جيش توحيدي" درزي، هي الأخرى تُستخدم لإعادة هندسة موقع الطائفة في المشهد السوري، خارج المظلة الوطنية.
إن ما يحدث في جبل العرب اليوم ليس صراعًا حول السلطة، بل معركة مصيرية حول هوية سوريا نفسها هل تبقى وطنًا جامعًا، أم تتحول إلى موزاييك من الهويات المتنازعة، وكل منها يبحث عن حماية من الخارج؟؟ ومن يأمن هذا الخارج ومصالحه .
إسرائيل تعرف تمامًا أن بوابة دمشق لا تُفتح من الجولان، بل من السويداء. ومن يكسر هذا الجبل، يمكنه أن يطوّق العاصمة، لا عسكريًا فقط، بل أخلاقيًا وسياسيًا. لذا، فإن الورقة الدرزية ليست مجرد ملف أقلية، بل أداة اقتحام استراتيجي لنظام إقليمي كامل.
بالمقابل ما دور ايران هنا ، هل يمكن لطهران التدخل في تطورات السويداء عبر أدوات غير مباشرة تُبقي تحركاتها تحت عتبة المواجهة مع إسرائيل؟؟. هل تبدأ هذه الأدوات بتحريك شبكاتها الموالية في محيط السويداء، لإرباك أي تموضع خارجي جديد ومنع تشكُّل كيان منفصل وظيفيًا.؟؟ أم هل تدفع بإتجاه تسليح مجموعات درزية مضادة و موالية للمحور الإيراني تحت شعار (الدفاع الذاتي)، لخلط الأوراق الداخلية ومنع توجّه المكون الدرزي نحو اصطفاف واضح مع إسرائيل؟؟. أم توظّف طهران خطابًا إعلاميًا ودينيًا يُقدّم المشروع الإسرائيلي كتهديد وجودي للأقليات، مما يشرعن تدخلها بإعتباره (ضامنًا للتوازن الأهلي)؟؟. وتحت مظلة هذا الخطاب،هل تُفعل نفوذها في دمشق لدفع النظام نحو مناورات سياسية في الجنوب، دون انزلاق إلى صدام مكشوف.؟؟ وهل يكون (الشرع /الجولاني) هدفًا مبطنًا للتحييد. و يمنح طهران مبررًا إضافيًا لتدخّلها، و محفزًا لتحركها الموزون، في إطار معركة توازن دقيقة تُدار دون صدام مباشر.
وأخيرا في هذه اللحظة، لا عدوّ أكبر من الغفلة، ولا خيانة أعمق من التماهي مع وهم (الإنقاذ الصهيوني). السويداء لا تحتاج للحماية الإسرائيلية ، بل لإستعادة قرارها الوطني. فإما أن يبقى الجبل جبلًا، أو يُختزل إلى منصة لإحتلال جديد، يرفع علمه هذه المرة لا فوق الدبابات، بل في قلوب من فقدوا البوصلة.



#ميساء_المصري (هاشتاغ)       Mayssa_Almasri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسطيني في دول الشرق الأوسط… اللاجئ الذي خُطف مرتين
- العراق: من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة؟
- التطبيع أولًا... والفاتورة إيرانية المصدر
- هدنة غزة بين مراوغة ترامب وسقوط نتنياهو
- العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟
- رقعة شطرنج الشرق الأوسط: من يسقط أولاً؟
- من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟
- نحو لحظة شمشون: هل تتهيأ إسرائيل لسيناريو السقوط الكبير؟
- الأردن و تحديات الهوية السياسية في زمن المال والقوة
- التهجير الناعم.. والإقليم المباح
- الكيان الصهيوني والسعودية ..صفقات سلاح ولوبي وديناميكية إقلي ...
- الكابوس الاسرائيلي : العدد
- عهر سياسي ليس أكثر
- تطبيع ملزم بأموال عربية ..
- الأردن : الفساد و إشكالية رجل الدولة ورجل السياسة والإقتصاد.
- جاسوس نتنياهو ... من مجرم الرصاص المصبوب الى دسائس أمنية شخص ...
- كتاب بولتون ..إحذروا أحجية الجهل العالمي
- خطة الضم ...الأردن وفلسطين ..والتدرج الزمني لنتنياهو ...
- الأردن ..ما بعد صدمة كورونا
- ماذا لو أصيب ترامب بالكورونا ؟؟؟


المزيد.....




- فيديو مزعوم لـ-تدمير موقع أثري في سوريا-.. هذه حقيقته
- صورة مستشفى فرنسي تظهر في تدشين مشروع بالجزائر وتثير موجةَ س ...
- ثلاثة أسئلة محورية بعد تسريب بيانات أفغانية أشعل عملية إجلاء ...
- إسرائيل تقصف دمشق والمنصات تنتفض غضبا مطالبة بوحدة الصف
- نيجيريا تكرّم الرئيس السابق بخاري بدفن رسمي وحداد وطني
- لحظات مخزية.. أمنستي: قرار الاتحاد الأوروبي بشأن إسرائيل -خي ...
- بعد انسحاب الحريديم من الحكومة.. نتنياهو يخسر الأغلبية ولا ي ...
- هيئة الغذاء والدواء الأميركية تحذر.. ميزة قياس ضغط الدم في - ...
- احتجاز إيران ناقلة نفط مُهرب في خليج عُمان يثير تفاعلا على ا ...
- حملة إعلانات تدعو الإسرائيليين إلى عدم التجسس لحساب إيران


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - ورقة الدُّرْز، الجبل الذي ستزرع فيه إسرائيل علمها.