أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - العراق: من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة؟














المزيد.....

العراق: من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة؟


ميساء المصري
(Mayssa Almasri)


الحوار المتمدن-العدد: 8398 - 2025 / 7 / 9 - 00:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشرق الأوسط الآن ، لا يعيش أزمة لحظية بل يمر بعملية إعادة تكوين شاملة. النظام الإقليمي السابق، الذي تأسس على توازنات الحرب الباردة، وصفقات النفط، والهويات القومية المؤطرة، يتفكك أمام مشهد مركّب من الصراعات المزمنة، والإنهيارات الإقتصادية، وتداخل الميليشياوي بالرسمي، والمركزي بالهامشي. ووسط هذا المشهد المعقّد، لا تُطرح الأسئلة بصوت عالٍ، بل تُناقش همسًا في غرف القرار السرية: من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة؟ من سيبني صيغة الإقليم القادمة؟ ومن سيُعاد تشكيله من الخارج؟.
في هذا السياق، يقف العراق بوصفه النموذج الأكثر تعبيرًا عن المعضلة الإقليمية. فمنذ الغزو الأمريكي عام 2003، والعراق يتحرك في منطقة ضبابية بين الدولة والفشل، بين السيادة والإحتلال السياسي، بين السلطة المركزية ومراكز القوى المتناثرة. ومع كل محاولة لبناء مشروع وطني جامع، تظهر خطوط الشقاق، الطائفية السياسية، المحاصصة الحزبية، الولاءات العابرة للحدود، وانتشار السلاح.
لكن ما تغيّر في السنوات الأخيرة ليس حجم الأزمة بل طبيعتها. العراق لم يعد مجرد ساحة لصراع النفوذ، بل بات اختبارًا لقدرة الإقليم على إنتاج نموذج ما بعد التفكك. ووسط انحسار النفوذ الأمريكي المباشر، وتبدل أولويات إيران، وتصاعد الدور التركي في الشمال، وانشغال الخليج بإعادة هيكلة اقتصاده وأمنه، بات العراق القلب المشلول في خريطة تتغير، لا يتحرك بذاته، ولا يُترك بالكامل.
في غرف القرار الإقليمية والدولية، يُتداول العراق بثلاث صيغ لا رابعة لها،أولها استمرار اللاحسم والمعنى عراق هش، لكنه لا ينهار، يبقى قابلًا للإدارة لكن غير مؤهل للحكم. هذا النموذج يسمح لكل طرف خارجي بإبقاء جزء من نفوذه دون صدام مباشر مع الدولة المركزية، لكنه يُنتج فراغًا قاتلًا في الداخل ويؤجل الإنفجار المقبل.
ثانيا التقسيم الناعم المقنّع وهو ما بدأ يتحقق فعليًا، حيث تُدار كل محافظة أو منطقة بحسب المكوّن أو الفصيل أو الحزب، بينما تتحول بغداد إلى (عاصمة شكلية) تُوزّع الموازنات لكنها لا تملك السيطرة. في هذا السيناريو، تُشرعن الفوضى وتُطبع اللاشرعية، ويُدفن المشروع الوطني العراقي تدريجيًا.
ثم أخيرا التحوّل المنضبط تحت ضغط خارجي وهو سيناريو مشروط بتوافق دولي غير متوفر حاليًا، يتم فيه تحييد السلاح، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس تكنوقراطية، وضبط مسار الإنتخابات والسلطة التنفيذية. قد يبدو هذا النموذج مثاليًا، لكنه أيضًا مطلب شعبي يتجدد كلما فشلت الدولة في توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة.
لكن العراق ليس وحده، بل ضمن مشهد إقليمي أوسع تتغير فيه موازين التأثير. القوى الإقليمية تعيد ترتيب أوراقها بهدوء محسوب. السعودية تفرض نفسها كمركز استقرار نفطي وتحالف استراتيجي ضد الإسلام السياسي. الإمارات تبني قوتها على الإقتصاد والتكنولوجيا، وتناور في الملفات الصعبة. تركيا تعود كلاعب جيوسياسي فاعل شمالًا، خاصة في سنجار وكركوك. أما إيران، ورغم تثبيت أذرعها، تواجه تصدعات داخلية وضغوطًا متراكمة من الخارج. والولايات المتحدة تنسحب تكتيكيًا، لكنها تحتفظ بنفوذ عبر (الوكلاء)لا عبر الجيوش.
وسط كل هذا، يبدو العراق ليس مجرد طرف بل ميدانًا مركزيًا. من يملك بغداد، يملك بوابة الجوار الخليجي، وشبكة الحدود مع سوريا، وعمق التأثير في شرق الأردن وشمال السعودية. لذلك فإن كل لاعب إقليمي يحاول التواجد فيه لا بهدف الحل، بل لضمان موقع على طاولة ما بعد التسوية الكبرى التي لم تأتِ بعد.
مفاتيح المرحلة القادمة في الإقليم، تبدأ من بغداد. فإذا ظل العراق بلا عقد اجتماعي حقيقي، وبلا سيادة ومراكز النفوذ، فإن المفتاح سيبقى في يد الخارج، وستُعاد كتابة الخريطة فوق رأس الدولة، لا من داخلها.
في المقابل، إن نشأت لحظة عراقية قادرة على إعادة بناء الدولة على أساس المواطنة، وتحجيم السلاح، وإعادة دمج الدولة في الإقليم لا كملحق بل كمحور، فقد يتحول من قلب مشلول إلى عقل منتج، ويستعيد موقعه كمفتاح لا كأداة.
والخلاصة هنا إن مفاتيح المرحلة المقبلة لن تكون بيد الأقوى عسكريًا فقط، بل بيد من يستطيع صياغة مشروع إقليمي متماسك، يتعامل بمرونة مع اللحظة، ويستثمر في الفراغات دون أن يُبتلع فيها. من يملك خريطة تحالفات متشابكة دون عداءات عبثية، ومن يربط الأمن بالاقتصاد، والتأثير الناعم بالقوة الصلبة، هو من سيكتب العنوان القادم للشرق الأوسط.
أما الدول التي تنظر إلى المستقبل بعدسة الماضي، والتي تسعى إلى تثبيت جدرانها دون فهم متغيرات المحيط، فمصيرها أن تُدار من الخارج، حتى لو احتفظت بشكل السيادة من الداخل.
الشرق الأوسط يعيد تعريف نفسه، ومفاتيح المرحلة ليست معلّقة في الهواء، بل تُنتزع على الأرض، بخطة، وتحالف، وقرار. السؤال الآن: من يجرؤ على حملها؟....من ؟؟؟



#ميساء_المصري (هاشتاغ)       Mayssa_Almasri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطبيع أولًا... والفاتورة إيرانية المصدر
- هدنة غزة بين مراوغة ترامب وسقوط نتنياهو
- العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟
- رقعة شطرنج الشرق الأوسط: من يسقط أولاً؟
- من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟
- نحو لحظة شمشون: هل تتهيأ إسرائيل لسيناريو السقوط الكبير؟
- الأردن و تحديات الهوية السياسية في زمن المال والقوة
- التهجير الناعم.. والإقليم المباح
- الكيان الصهيوني والسعودية ..صفقات سلاح ولوبي وديناميكية إقلي ...
- الكابوس الاسرائيلي : العدد
- عهر سياسي ليس أكثر
- تطبيع ملزم بأموال عربية ..
- الأردن : الفساد و إشكالية رجل الدولة ورجل السياسة والإقتصاد.
- جاسوس نتنياهو ... من مجرم الرصاص المصبوب الى دسائس أمنية شخص ...
- كتاب بولتون ..إحذروا أحجية الجهل العالمي
- خطة الضم ...الأردن وفلسطين ..والتدرج الزمني لنتنياهو ...
- الأردن ..ما بعد صدمة كورونا
- ماذا لو أصيب ترامب بالكورونا ؟؟؟
- حرب أسعار,صراع ديوك,غطس في النفط , وحرق دول..فمن الخاسر الأك ...
- لغز قروض البنك الدولي ....ولعبة الحكام بالشعوب


المزيد.....




- مصادر لـCNN: وزير دفاع أمريكا لم يُبلغ البيت الأبيض بتعليقه ...
- ارتفاع عدد المفقودين إلى 161 والضحايا إلى 109 في فيضانات تكس ...
- طهران: لم نطلب إجراء محادثات مع واشنطن
- شهادات بوسنية: مجزرة سربرنيتسا تتكرر بعد 30 عاما في غزة
- بريطانيا تهدد إسرائيل بـ-إجراءات إضافية- إذا استمرت حرب غزة ...
- إسرائيل تعلن استهداف قيادي -بارز- من حماس في لبنان
- إسرائيل تعترف لأول مرة: ضربات إيران أصابت مواقع عسكرية
- لقاء ثانٍ مرتقب بين ترامب ونتنياهو في واشنطن
- وزير الاتصالات المصري يكشف ملابسات حريق سنترال رمسيس
- قطر: -سنحتاج إلى وقت- للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - العراق: من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة؟