أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - إحذروا ، شرارة الحرب ، من خطط مبرمجة إلى حريق إقليمي .














المزيد.....

إحذروا ، شرارة الحرب ، من خطط مبرمجة إلى حريق إقليمي .


ميساء المصري
(Mayssa Almasri)


الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 15:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دعونا نتفق من البداية، لا مجال للإنخداع ببريق المصطلحات. حين ينهلون من مصطلحات «الحلول المؤقتة» و«مبادرات السلام» علينا أن نتذكّر أن الذئب في لباس دبلوماسي لا يبتسم بإختياره، إنما يخفي أنيابه استعدادًا للإنقضاض. هذه العبارات الناعمة ليست سوى واجهات سياسية تُستخدم لتمهيد مساحات نفوذ مؤقتة تُفضي إلى انقضاض استراتيجي على الشعوب وإراداتها.
وعندما يلتقي السلاح بالخدعة السياسية تتحول الخطط المبرمجة إلى حريق يصعب إطفاؤه، عبر موجات انتقام عبر الوكلاء، وتعطيل للملاحة والطاقة والمياه، وتورط قوى كبرى قادره على تحويل صراع محلي إلى نزاع عالمي يعيد رسم خرائط النفوذ بالقوة لا بالتوافق.
المنطقة تقف اليوم على حافة انفجار رهيب، من شرقها وغربها، ثمة تلازم مقلق بين تحريك الآلات العسكرية والاستخباراتية لتوجيه ضربة افتتاحية واستثمار خرائط سياسية زائفة، تتجسّد أخيراً في ما يُسوَّق له كخطة «غزة» على الطريقة الأميركية. هذه الخطة، التي تُقدَّم كحل دبلوماسي، ليست بريئةـ إنها غطاء لتثبيت نفوذ محدَّد وإحداث تبدلات ديموغرافية وسياسية تخدم مشروعًا إقليميًا أعرض من مجرد «ترتيب» أو «سلام». وفي الجهة المقابلة ، هنالك الضربة العسكرية المحتملة ضد إيران والتي ليست مجرّد عملية عسكرية ذات هدف تقني بتعطيل القدرات بل محاولة لإعادة هندسة التوازنات الإقليمية، تفكيك شبكات نفوذ، وخلق فراغ سياسي يمكن ملؤه ببدائل محسوبة بدقة .
قرار توجيه ضربة شاملة لإيران لم يولد من فراغ، بل هو نتيجة تقاطع حسابات أمنية إقليمية مع مخاوف غربية وإسرائيلية من استمرار برنامج نووي يُنظر إليه كعامل تهديد دائم. لكنّ المبررات المعلنة لا تكشف الصورة كاملة، فإستهداف البنية العسكرية والنووية هو فقط رأس الهرم في مشروع أوسع يتضمن أدوات غير تقليدية( حرب سيبرانية ، عمليات سرية لإستهداف قيادات، ودعم جهات داخلية وخارجية تُسهِم في توليد الفوضى السياسية والاجتماعية). هذا المزيج يقلل من التكلفة السياسية والعملياتية على المدى القصير لكنه يضاعف المخاطر الاستراتيجية في المنطقة وفقا لخططهم.
التجربة العملية تؤكد أن الضغط الجوي وحده لا يكفي لتفكيك برنامج معقد أو لنسف بنى تحميه. لذلك ستكون هنالك ضربات جوية مفاجئة على إيران تهدف الى إضعاف البنى التحتية الحيوية عبر إيقاف خدمات، تعطيل اقتصاد، وإحداث احتقان شعبي يُستغل لزرع شقاق داخل النخبة الأمنية والسياسية وفقا لما يسمى ب سياسة التفكيك المبرمج.
ومؤكد هنا أن رد طهران لن يكتفي برد فعل تقليدي، فهي تمتلك أدوات ردع متعددة الأوجه، بداية من تعطيل الممرات البحرية الحيوية في مضيق هرمز وبحر العرب والبحر الأحمر، و ضرب مصالح مباشرة لإسرائيل أو عبر وكلائها، وحرب سيبرانية قد تصيب بنيات تحتية حيوية لدول غربية وعربية متعاونة. كما أن شبكات الوكلاء في العراق ولبنان وسوريا واليمن قد تتحول فوراً إلى جبهات تصعيد، مما يزيد احتمال انتقال الصراع إلى مواجهة إقليمية متعددة الجبهات لا يتوقع نهايتها خاصة مع المنحى اليمني الأخير .
وأعتقد أن دور القوى الكبرى سيكون محوريًا وحاسمًا في تحديد مآلات الأزمة. واشنطن ربما توفّر غطاءً استخبارياً وتقنيًا وإمدادياً لإسرائيل، لكن أي تذبذب أميركي نتيجة حسابات داخلية أو انشغالات جيوسياسية سيزيد من تكلفة المواجهة ويعطي فرصة لروسيا والصين للتدخل عبر أدوات سياسية واقتصادية أو عبر تحريك أوراق النفوذ. طبعا كل منهما لن يقف متفرجًا أمام تهديد مصالحه الاستراتيجية، فالدعم قد يتخذ أشكالاً غير مباشرة عقوبات مضادة، أو تعطيل سلاسل إمداد، أو مسارات دبلوماسية تعوق أي تسوية أحادية الجانب.
و الخطر الجوهري ، يكمن في فقدان القدرة على ضبط مسار التصعيد. الرهان على فوضى متحكَّم بها هو رهان محفوف بالخطأ، فالتاريخ يعلمنا أن تفكيك مؤسسات دولة صلبة قد يفضي إلى فراغ يُستغَل من قِبل فاعلين متطرفين ويولّد نزاعات أهلية مزمنة، وتهديدًا للإستقرار الإقليمي والعالمي. وأن شراء «نصر تكتيكي» بثمن انهيار استقرار طويل الأمد هو معادلة خاسرة.
و أمام هذا الواقع قد يكون هنالك ثلاثة سيناريوهات خطيرة يجب أن نضعها أمام الأعين، الأول ، نجاح محدود، إلحاق أضرار بالقدرات الإيرانية قصيرة الأجل لكن مع بقاء الدولة قادرة على المقاومة عبر وكلائها، الثاني،فوضى جزئية، و انهيار بنيوي وملء الفراغ بقوى محلية وميليشيات ما يؤدي لسنوات من الاضطراب، الثالث ،تصعيد واسع خطير واشتباكات تمتد لتشمل مصالح روسية أو صينية أو هجمات تضرب حلفاء أساسيين فتدفع الصراع إلى مدار جيوسياسي أوسع.
وبناءا على ذلك نجد إذا كان الهدف تقليص تهديد نووي فهو مشروع يحتاج إلى أدوات متوازنة (وهي غير موجودة) ، لكن إذا كان الهدف تغيير نظام عبر ضربة عسكرية وحملة تفكيك فسيكون الثمن إنسانيًا وسياسيًا واقتصاديًا باهظًا وربما يفوق أي فائدة تكتيكية. و الإصرار على خيار عسكري قاسي سيحوّل المنطقة إلى ساحة احتدام طويل يعيد كتابة الخرائط ليس بالإتفاق بل بنار لن تبرد سريعًا.
المنطقة تتصارع على مفترق طريقٍ حارق، ليست معركة حدودية بل اشتباك سياساتٍ تحاول أن تُشعلها إسرائيل وأمريكا، و تمتد من إيران إلى سوريا ولبنان وغزة والعراق واليمن وغيرها. المخطط المبيَّت يحمل طابعاً بنيوياً،وإعادة تركيب نفوذٍ على رماد الإستقرار. النتيجة المحتملة ليست فقط دمار مادي بل احتراق جيوسياسي يفتح أبواباً لفوضى إقليمية لا يقف عند حدود دولة. من يظن أنه يشتعل موضعياً سيكتشف سريعاً أن النار لا تميّز أحدا وستُلتهم خريطة الأمن، وتكتب حقبة جديدة بدماء واختلالاتٍ قد تطول الأجيال. احذروا......



#ميساء_المصري (هاشتاغ)       Mayssa_Almasri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طبول حرب في سيناء .. هل تندلع ؟
- عملية الكرامة اليوم تفجر المرحلة الثانية من مخطط (الحارس الج ...
- من قلب الدوحة… تُعلِنها إسرائيل : الشرق الأوسط ساحة نار وسيا ...
- إحذروا : داعش بثوب جديد لتنفيذ صفقة القرن 2
- الأردن .. يا أصحاب القرار لا مناطق رمادية بعد اليوم
- فخ الغاز والدم نحو فيتنام الشرق الأوسط وعزل مصر الكامل
- الأردن على خط النار بين الضم الزاحف وشرعنة الإقليم
- الأردن بين فخ إسرائيلي ناعم وحدود مفتوحة على الخطر
- ورقة الدُّرْز، الجبل الذي ستزرع فيه إسرائيل علمها.
- الفلسطيني في دول الشرق الأوسط… اللاجئ الذي خُطف مرتين
- العراق: من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة؟
- التطبيع أولًا... والفاتورة إيرانية المصدر
- هدنة غزة بين مراوغة ترامب وسقوط نتنياهو
- العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟
- رقعة شطرنج الشرق الأوسط: من يسقط أولاً؟
- من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟
- نحو لحظة شمشون: هل تتهيأ إسرائيل لسيناريو السقوط الكبير؟
- الأردن و تحديات الهوية السياسية في زمن المال والقوة
- التهجير الناعم.. والإقليم المباح
- الكيان الصهيوني والسعودية ..صفقات سلاح ولوبي وديناميكية إقلي ...


المزيد.....




- ترامب بـ-اجتماع الجنرالات-: -من لا يعجبه كلامي ليغادر وسيفقد ...
- مصر تقترب من تصدير 3 آلاف ميغاوات كهرباء إلى أوروبا.. ومسؤول ...
- حالة التأهب القصوى في إيبيزا وفورمينتيرا حيث تتسبب الفيضانات ...
- -لا أعتقد أن هناك دولة فلسطينية-.. بولتون: اتفاق السلام الذي ...
- العثور على سفير جنوب أفريقيا في باريس ميتا عقب -رسالة مقلقة- ...
- صحف أميركية تكشف أسرار لقاء هيغسيث السري بجنرالات الحرب
- -غصن الزيتون-.. أغنية جديدة لعايدة الأيوبي عن صمود غزة
- إثيوبيا: سد النهضة خفف من حدة فيضانات السودان
- الدكتور محمد غالي: الذكاء الاصطناعي بريء من ضعف تمثيل العرب ...
- غارديان: حرب دارفور وحشية غذتها قوى خارجية


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - إحذروا ، شرارة الحرب ، من خطط مبرمجة إلى حريق إقليمي .