أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - بين الجليل والسويداء: قصة أمّهات لا ينهزمْن














المزيد.....

بين الجليل والسويداء: قصة أمّهات لا ينهزمْن


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 11:27
المحور: الادب والفن
    


. بداية الحكاية


في قرية صغيرة من قرى الجليل، جلست أمّ يوسف عند عتبة بيتها الحجري. الشمس تخرج من بين الغيوم ببطء، كأنها تعبت من النهار. أمامها شجرة زيتون عتيقة، غرسها والدها يوم وُلد يوسف. كانت تمسح بيدها على الجذع وتهمس:

– “ها أنتِ تكبرين معه… إن عاد كبرتك معه، وإن غاب فستكونين أنتِ ابنه الباقي.”



يوسف، ابنها الوحيد، غاب منذ سبع سنوات في السجن. لكنها لم تفقد عادة الانتظار. كل صباح تسكب ماءها على جذور الزيتونة كما لو أنها تسقي ابنها، وتقول للجيران: “الزيتون لا يخون، سيحمل وجهي ووجهه معًا.”



٢. على الجهة الأخرى


وفي بيت حجري على سفح جبل في السويداء، جلست أمّ تيم قرب نافذتها. الليل كان يهبط ببطء، والبرد يزحف إلى العظام. أمامها شمعة صغيرة تشعلها كل مساء، وتضع بجانبها صورة ابنها الذي غاب في الحرب.

قالت للشعلة المرتجفة:

– “إن لم يرجع، فليكن نورك دليله… حتى لو لم يعد، سأبقى أضيء له الطريق.”

أدركت في سرّها أن الشموع لا تحيي الغائبين، لكنها تمنح قلبها عزاءً كي لا ينكسر.



٣. الأطفال شهود الأرض


في الجليل، حفيد أمّ يوسف، طفل صغير بعينين لامعتين، ركض بين كروم العنب يحمل طائرة ورقية صنعها من ورق دفتر قديم. رفعها للسماء وهو يصرخ:

– “يا ريح… خذيني إلى يوسف!”

ارتفعت الطائرة قليلًا، ثم علقت بين أغصان الزيتون. التقطها الطفل وهو يضحك، كأنه تلقى رسالة سرية من عمّه الأسير.



وفي السويداء، جلست ابنة أمّ تيم على صخرة قرب البيت، تمسك بدفتر رسم. خطّت عليه بيتًا كبيرًا بلا جدران، تحيطه أشجار التفاح. سألتها الأم:

– “لمن هذا البيت يا صغيرتي؟”

فأجابت الطفلة بثقة بريئة:

– “لكل من لا بيت له… ولكل من يعود من الغياب.”



٤. اللقاء الذي لم يحدث


لم تلتقِ الأمّان، ولم يسمع الطفلان أحدهما بالآخر. لكن في مكان ما، بين السهل والجبل، على جسر من روح وأمل، التقت الحكايتان.

رأت أمّ يوسف في حلمها امرأة تشعل شمعة وتبكي بصمت. سألتها:

– “منذ متى وأنتِ تنتظرين؟”

فأجابت أمّ تيم:

– “منذ ما يكفي لأفهم أن الانتظار أمومة أخرى.”

مدّت كل واحدة يدها للأخرى، كأن الغياب صار أقل ثِقلاً حين انقسم بين قلبين.



٥. الخاتمة: وصية الأرض


حين يسأل الغريب: “ما الذي يجمع الجليل بالسويداء؟”

لن ترد الخرائط، بل الحكايات.

امرأة تسقي زيتونة باسم ابنها الأسير.

امرأة تشعل شمعة باسم ابنها المفقود.

طفل يركض خلف الريح، وطفلة ترسم بيتًا بلا جدران.



كلهم يكتبون وصية واحدة للعالم:

“لسنا حدودًا ولا أرقامًا. نحن أمهات وأطفال وأرض لا تموت.”



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين… جرح الإنسانية المفتوح وفضيحة القرن
- هايكو
- كنَّ أفضلَ صديقٍ لنفسِك – سفرُ الروحِ في مواجهةِ الصِّعاب
- الموت الأخير
- التأرجح بين الزائلات والأبد قراءة وجدانية في كتاب بسمة الصبا ...
- “الأدب الصادق لا يعرف الشللية”
- قصيدتان وأغنية: شعرية الجرح والبحث عن المعنى قراءة نقدية في ...
- أنا إنسان
- راسة وقراءة أدبية الكتاب : لاهوت الحب ، رحلة القلب إلى الله ...
- حين صرخت العيون
- معركة الإنسان مع نفسه قبل أن تكون مع الآخرين
- حين تتحول المذكرات إلى مرآة إنسانية كونية قراءة في «نظرة إلى ...
- قراءة أدبية لكتاب (بين الخطوة والنجمة) للكاتبة رانية فؤاد مر ...
- الكتابة كقدرٍ يبتلع صاحبه: قراءة في نص “بسمة الصباح”
- الطيبة بلا عقل نار تلتهم صاحبها
- من الانطباع إلى التحليل: رحلة سامية عرموش مع السينما كأداة ل ...
- ✦ الصراع… جرح البشرية الأزلي وإمكانية الخلاص
- قراءة أدبية في قصيدة -رسائل إلى غَيْدي- بقلم الناقد والدكتور ...
- عندما أموت
- دراسة في رواية -الانفجار- – للكاتبة الفلسطينية رانية مرجية ب ...


المزيد.....




- الرياض تقرأ.. والسعودية تكتب المستقبل (فيديو)
- أسطورة الشطرنج بوبي فيشر.. البيدق الأميركي الذي هزم السوفيات ...
- القضاء الأمريكي يحكم على مغني الراب -ديدي- بالسجن أربع سنوات ...
- محمد صلاح الحربي: -محتاج لحظة سلام- بين الفصحى واللهجة
- سياسات ترامب تلقي بظلالها على جوائز نوبل مع مخاوف على الحرية ...
- مئات المتاحف والمؤسسات الثقافية بهولندا وبلجيكا تعلن مقاطعة ...
- ساحة الاحتفالات تحتضن حفلاً فنياً وطنياً بمشاركة نجوم الغناء ...
- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- لا أسكن هذا العالم


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - بين الجليل والسويداء: قصة أمّهات لا ينهزمْن