علي جاسم ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 18:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في عام 2003، بعد سقوط العراق بيد الاحتلال الأمريكي، شهدت النجف مشهدا صادما للوعي الوطني، حين هتف أتباع السيستاني أمام جنود الاحتلال بشعار: “إمام علي No، ستي Yes”. لم يكن الأمر موقفا فرديا، بل تعبيرا جماعيا عن قبول أتباع السيستاني دخول الاحتلال إلى المدينة، مع شرط واحد هو عدم الاقتراب من قبر الإمام علي.
هذا الهتاف يكشف تناقضا فجا: حرمة القبر محفوظة، بينما حياة الناس والسيادة الوطنية تُترك عرضة للانتهاك. أي منطق يسمح بحماية الحجر وترك المدينة للسيطرة الأجنبية؟
المشكلة لم تكن في هتاف الشارع فحسب، بل في موقف المرجعية نفسه. السيستاني لم يتخذ موقفا رافضا للاحتلال، بل حافظ على سياسة الصمت والقبول الضمني، وهو ما انعكس مباشرةً على أتباعه. هذا الصمت استمر فيما بعد ليغطي فساد الطبقة السياسية الشيعية التي استولت على مؤسسات العراق ونهبت ثرواته.
الحقيقة واضحة وموثقة في كتاب عام قضيته في العراق، لبول بريمر، الحاكم المدني الأمريكي في العراق، حيث اعترف بتبادله أكثر من أربعين رسالة مع السيستاني خلال فترة الاحتلال، ولم ينفِ المرجع ذلك. كما جاء في كتاب جولة في دهاليز مظلمة لآية الله محمد حسن الكشميري، أخ مرتضى الكشميري، إشارات إلى رسائل شكر من الرئيس الأمريكي جورج بوش للسيستاني، تؤكد طبيعة العلاقة بين المرجعية والاحتلال. هذه المعطيات تثبت أن التعاون كان قائما بشكل مباشر، ولم يكن مجرد صمت أو موقف وسطي.
من منظور إسلامي، ما جرى لا ينسجم مع مبادئ الشريعة. فالقرآن يقول: “وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا”. تسهيل سيطرة المحتل على البلاد يعد خرقا صريحا لهذا المبدأ، وهو تناقض فج مع أسس العقيدة السياسية الإسلامية.
الأمر الأكثر إيلاما أن هذا الموقف لم يُعترف به كخطأ أبدا، بل أصبح نموذجا متكررا: مرجعية صامتة تمنح غطاءً، وجمهور يطيع بلا مساءلة، وسلطة فاسدة تنهب وتفسد تحت هذا الغطاء. هتاف “إمام علي No، ستي Yes” لم يكن حادثة عابرة، بل علامة على انكسار وطني وأخلاقي مستمر حتى اليوم. سيُذكر التاريخ أن جمهور السيستاني لم يواجه الاحتلال بصرامة، بل ساهم في تمريره، ثم ساهم بعد ذلك في تمكين الفاسدين الذين استولوا على العراق.
#علي_جاسم_ياسين (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟