أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي جاسم ياسين - الفلاسفة ورجال الدين في صراع العقل والسلطة عبر التاريخ














المزيد.....

الفلاسفة ورجال الدين في صراع العقل والسلطة عبر التاريخ


علي جاسم ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 09:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ بدايات التاريخ، كان هناك صراع واضح بين سلطة رجال الدين من جهة وسلطة الفلاسفة والمفكرين من جهة أخرى. لم يسبق أن قتل فيلسوف رجل دين بسبب أفكاره، لكن التاريخ مليء بحوادث قتل أو سجن أو نفي لفلاسفة على يد رجال الدين، لأنهم كانوا يرون في الفكر الحر تهديدا لعقائدهم أو لمكانتهم الاجتماعية.
في اليونان القديمة، حُكم على سقراط بالموت بتهمة إنكار آلهة المدينة، رغم أن كل ما فعله هو تعليم الشباب كيف يفكرون ويشكّون. في أوروبا، أُحرق جيوردانو برونو حيّا لأنه قال إن الكون لا نهائي، بينما وُضع غاليليو غاليلي تحت الإقامة الجبرية لأنه أثبت أن الأرض تدور حول الشمس. في العصور الوسطى، كانت محاكم التفتيش في إسبانيا وإيطاليا تحرق الناس بتهمة الهرطقة لمجرد أنهم اختلفوا مع الكنيسة أو حاولوا التفكير بطريقة مستقلة.
في العالم الإسلامي أيضا ظهرت أمثلة كثيرة. ابن المقفع قُتل بعد اتهامه بالزندقة، وابن رشد نُفي وأُحرقت كتبه في الأندلس تحت ضغط الفقهاء. الحلاج صُلب بسبب أقواله الصوفية، والسهروردي أُعدم لأنه قدّم فلسفة تمزج بين العقل والتصوف. كل هؤلاء لم يحملوا سيفا، وإنما حملوا فكرا أزعج رجال الدين.
في الهند، تعرض مفكرون بوذيون وهندوس للاضطهاد من رجال دين منافسين، وتم تدمير معابد ومدارس فلسفية لأن رجال الدين أرادوا فرض معتقداتهم على الجميع. في الصين، عانى بعض المفكرين الكونفوشيوسيين والداويين من اضطهاد رجال الدين الرسميين وتحالفاتهم مع السلطة، وأُحرقت كتبهم في فترات مختلفة.
في أوروبا الحديثة، برز دينيس ديدرو كأحد رموز التنوير، وهو الذي قال: “لم يسبق لفيلسوف أن قتل رجل دين، ولكن رجال الدين قتلوا الكثير من الفلاسفة"٩، وهو ما يعكس بوضوح الصراع بين الفكر الحر وسلطة الدين. كتب ديدرو مع زملائه الموسوعة التي أرادت نشر المعرفة الحرة، الأمر الذي أغضب الكنيسة وأدى إلى سجن بعضهم وملاحقتهم. هذا يظهر كيف أن رجال الدين غالبا ما اضطهدوا المفكرين والفلاسفة بسبب أفكارهم، بينما لم يحدث العكس.
وفي روسيا القيصرية، اضطهدت الكنيسة الأرثوذكسية المعارضين من المفكرين واعتبرتهم كفارا. وفي أمريكا الشمالية، شهدت محاكمات السحرة في مدينة سالم بولاية ماساتشوستس مقتل رجال ونساء أبرياء بتهم ملفقة من رجال دين متشددين، وكانت المحاكمات مثالا صارخا على تأثير الخوف والخرافة في اضطهاد الأبرياء.
حتى في القرن العشرين والواحد والعشرين لم ينته هذا النمط. المفكرون الذين انتقدوا رجال الدين في إيران وباكستان وبعض بلدان الغرب تعرضوا للاغتيال أو السجن أو النفي. أمثلة مثل فرج فودة في مصر، الذي قُتل بسبب كتاباته، أو سلمان رشدي الذي عاش عقودا مهددا بالقتل بسبب روايته، تؤكد أن عقلية القمع لم تتغير كثيرا.
التاريخ كله يظهر أن الفلاسفة والمفكرين كانوا يسعون إلى السؤال والبحث، بينما كان رجال الدين يخشون زعزعة سلطتهم. لم يحدث أن قتل فيلسوف رجل دين بسبب إيمانه، لكن رجال الدين في كل مكان وزمان قتلوا وعذبوا واضطهدوا الكثير من الفلاسفة والمفكرين بسبب أسئلتهم، وكشفوا بذلك قسوة أخلاقهم وضعف حجتهم.



#علي_جاسم_ياسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحم الخنزير والغيرة المفقودة
- أفلاطون عزيز… لكن الحقيقة أعز
- هل القرآن كتاب الله أم كتاب إساءة إلى الله؟
- نصب الحرية: من جواد سليم إلى شباب تشرين
- قمل وذباب على قمة السلطة
- عندما تثقف امرأة… تسقط كل الأعراف!
- حضارة نفتخر بها… بعد أن كفّرنا أصحابها
- الآخرة مؤجلة… والعقار نقدا
- لماذا يختلف كلام الله في القرآن في الأهمية؟ تأمل نقدي
- سرديات بلا ضمير… وأتباع بلا تفكير
- وصايا النهرين في زمن اللصوص
- سفر أيوب: ملحمة المعاناة والبحث مدخل تاريخي وفلسفي
- رمزية الفقر والسلطة في قصيدة بهاء جمعة “المعطف”
- فتوى لإعادة تدوير الفساد والخراب
- التفكير المستمر.. طريقنا إلى الحقيقة
- التاريخ يعيد خطأه: الانحياز إلى الأشخاص
- العقل تحت الإقامة الجبرية منذ القرن الرابع الهجري
- نوجد أولًا… ثم نختار من نكون
- الإنسان يولد غير مكتمل


المزيد.....




- القس منذر إسحق: سياسات الفصل العنصري الإسرائيلية وراء تهجير ...
- فرنسا: النيابة تطلب السجن لثلاث نساء بتهمة الانتماء إلى تنظي ...
- ستارمر: ادعاء ترمب بأن لندن قد تطبق الشريعة الإسلامية -هراء- ...
- مصر توجه رسالة لكيان-إسرائيل- عبر لجنة يهودية أمريكية
- مستعمرون يعتدون على عائلة شمال سلفيت
- إيكونوميست: الروهينغا المسلمون الأكثر تعرضا للاضطهاد في العا ...
- 50 باحثاً من 20 دولة يناقشون إعمار غزة في ضوء التجارب الإسلا ...
- من هرمز إلى بيت لحم.. جائزة -آغا خان- تحتفي بعمارة استثنائية ...
- العمال ومدوّنة الأحوال الشخصية الطائفية
- ستارمر في انتقاد نادر لترامب بعد ادعائه بشأن -لندن والشريعة- ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي جاسم ياسين - الفلاسفة ورجال الدين في صراع العقل والسلطة عبر التاريخ