أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي جاسم ياسين - هل القرآن كتاب الله أم كتاب إساءة إلى الله؟




هل القرآن كتاب الله أم كتاب إساءة إلى الله؟


علي جاسم ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 8473 - 2025 / 9 / 22 - 23:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تنويه مهم: هذه المقالة ليست دفاعا عن أي إله، بل قراءة نقدية من خلال منطق المسلم الذي يؤمن بعدل الله. فإذا كان الله عادلا وكاملا، فكيف يُقبل أن تُنسب إليه نصوص في القرآن والحديث تنتقص من المرأة أو تشرعن استعباد البشر؟ إن نقد هذه النصوص هو في جوهره دفاع عن صورة الله العادل الذي يعتقد به المسلم، لا إساءة له.
كل مسلم يؤمن أن الله عادل ورحيم ومنزَّه عن الظلم. لكن حين نفتح القرآن والحديث ونقرأ ما فيهما عن المرأة، نجد أنفسنا أمام إشكالية: نصوص تجعل المرأة نصف إنسان في الميراث والشهادة، وتبيح ضربها، وتضعها في مرتبة الحيوان في بعض الأحاديث، وتصفها بـ”ناقصة عقل ودين” في نهج البلاغة.
فكيف يُعقل أن ننسب هذا إلى الله العادل الرحيم؟ وهل الدفاع عن هذه النصوص دفاع عن الله، أم إساءة مباشرة إليه؟
ضرب المرأة بأمر صريح
في سورة النساء (34): “واضربوهنّ”.
النص مباشر، يعطي الرجل سلطة العنف ضد زوجته. هل الله الذي نزه نفسه عن الظلم يمكن أن يأمر بضرب امرأة؟ أم أن هذا حكم بشري من عصر أبوي قديم، نُسب زورا إلى الله؟
نصف عقل ونصف ميراث
• في البقرة (282): شهادة امرأتين = شهادة رجل.
• في النساء (11): للذكر مثل حظ الأنثيين.
هنا المرأة ليست كاملة العقل ولا كاملة القيمة الاقتصادية. إذا كان الله هو مصدر هذا النص، فمعناه أنه خلق المرأة ناقصة منذ البداية. لكن الله عادل وكامل، إذن الخلل ليس في الله بل في النصوص.
المرأة كجارية وملك يمين
• المؤمنون (6): “إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم”.
• النساء (24): “والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم”.
تشريع صريح لاستعباد النساء في الحروب. اغتصاب مقنن تحت مسمى “ملك يمين”. الله منزه عن مثل هذه القوانين التي تشرعن العبودية.
الرق: الجريمة التي لم يحرّمها القرآن
من أبشع ما يمكن أن يُسجّل على القرآن أنه لم يحرّم الرق، بل أقرّه ونظّمه.
تكررت عبارة “ما ملكت أيمانكم” أكثر من عشر مرات، لتمنح غطاءً شرعيا لاستعباد النساء والأطفال، واستخدامهم كسلع تُباع وتُشترى، وكجواري يُغتصبن بلا عقد زواج. لم يأتِ أي نص قرآني يعلن بوضوح أن الرق جريمة أو أنه لا يليق بالكرامة الإنسانية.
نتيجة هذا الصمت، ظل الرق قائما في العالم الإسلامي قرونا طويلة: أسواق العبيد في بغداد والقاهرة ودمشق وإسطنبول ظلّت تبيع البشر كما تباع البهائم. ملايين الأفارقة جُلبوا مقيدين بالسلاسل إلى الحواضر الإسلامية، حيث بيعوا كخدم وحرّاس وجواري، واستُعملوا في الزراعة والقصور. لو كان القرآن كتابا سماويا منزَّها، لكان حرّم الرق بصرامة منذ البداية، بدل أن يُخلّده بعبارات فضفاضة مثل “ما ملكت أيمانكم”.
بل إن بقاء الرق قرونا في العالم الإسلامي دليل على أن النص القرآني لم يكن قوة تحررية، بل كان قوة محافظة، كرّست استعباد البشر، وشرعنت امتهان كرامتهم. ولو لم تتطور القوانين الوضعية الحديثة والعلمانية، التي حرّمت العبودية بقرارات أممية ودساتير وطنية، لبقي العبيد حتى اليوم يُباعون في الأسواق، كما بقي الحال في بعض مناطق الخليج حتى منتصف القرن العشرين.
الإنسان الحرّ، بوعيه، كان أكثر شجاعة من النصوص الدينية في مواجهة الرق. الأدب والثورات الشعبية أنتجت صورًا مدهشة للتمرّد على العبودية:
• ثورة الزنج في البصرة (القرن التاسع): مئات الآلاف من العبيد السود الذين جُلبوا من أفريقيا للعمل الشاق في الملح، في ظروف صعبة، ثاروا على سادتهم. هذه الثورة لم يُلهمها القرآن، بل كانت صرخة إنسانية ضد الظلم المشرعن دينيا.
• ثورة سبارتاكوس في روما (القرن الأول قبل الميلاد): العبد التراقي الذي قاد ثورة عظيمة ضد الإمبراطورية الرومانية، دفاعا عن حرية العبيد. ألهمت هذه الثورة الأدب والمسرح والسينما لتصبح رمزا عالميا للتحرر.
• الأدب الإنساني الحديث: من رواية كوخ العم توم لهارييت بيتشر ستاو التي أيقظت الضمير الأمريكي ضد عبودية السود، إلى روايات فيكتور هوغو وتولستوي التي صوّرت كرامة الإنسان، وقف الأدب موقفا أكثر إنصافا من النصوص الدينية.
في المقابل، القرآن لم يحرّم الرق، بل جعل تحرير العبيد مجرد “كفارة” لبعض الذنوب، أي أن الرق لم يكن جريمة أصلا، بل وضعا طبيعيا.
نجاسة المرأة في النصوص
النساء (43): “أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء”.
وضع المرأة في السياق نفسه مع قضاء الحاجة! هذا لا يمكن أن يكون كلام الله، بل عقلية ترى في المرأة جسدًا نجسًا.
من صحيح مسلم: المرأة كالحمار والكلب
في صحيح مسلم عن عائشة:
ذُكر عندها ما يقطع الصلاة: الكلب والحمار والمرأة.
هنا تُساوى المرأة والحمار والكلب الأسود في أنها تقطع علاقة الإنسان بالله أثناء الصلاة. أليس هذا احتقارا صريحا؟ أي عقل سليم يصدق أن الله ينزل دينا يضع المرأة في نفس مرتبة الحيوان؟
ملاحظة ساخرة: والأكثر إثارة للإزعاج، أن الحديث يميز الكلب الأسود عن باقي الكلاب، وكأن كل الكلاب الأخرى أفضل حالًا من المرأة، باستثناء الكلب الأسود الذي يُصنَّف في نفس مرتبة المرأة! هذا يعكس عبثية النصوص وسخرية الواقع الذي صنعته ألفاظ البعض من الدين على حساب كرامة الإنسان.


من نهج البلاغة: ناقصات العقل والدين

قال: الخليفة الرابع علي بن أبي طالب في نهج البلاغة إن “النساء ناقصات العقل والدين”.
ويقول، أيضا "فاتقوا شرار النساء و كونوا من خيارهن علي حذر،لاتطيعوهن في المعروف حتي لا يطمعن في ..."هذا القول، يعكس نفس النظرة: المرأة كائن ناقص. فإذا كان هذا خطاب قادة الدين، فكيف نصدق أن الدين كله منزه عن الذكورية؟
النتيجة الحتمية
إما أن نقبل هذه النصوص، فنكون قد أسأنا لله، ونسبنا إليه الظلم والاحتقار.
أو ننزّه الله، ونقول: هذه نصوص بشرية من عصر أبوي قديم، جُمعت ونُسبت إلى الله، لكنها لا تمثل الله العادل الرحيم.
الخلاصة
هذه المقالة لا تكتب دفاعا عن أي إله، بل لتذكير المسلم بالتناقض الذي يحمله إيمانه: إذا كان الله عادلا وكاملا كما يعتقد، فلا يمكن أن يكون مشرّع ضرب النساء، ولا مبيح استعبادهن كجواري، ولا واضعا لهن في منزلة الحيوان، ولا صامتا عن أشنع جرائم التاريخ وهي العبودية.
أما النصوص التي تنتقص من المرأة وتشرعن استعباد البشر، فهي نصوص بشرية.
وبالتالي، فإن نقد القرآن والحديث في هذه المواضع ليس إساءة إلى الله، بل فضح للنصوص التي تسيء إلى صورته في وعي المؤمن.
وأخيرا، أيها المسلم: إن تنزيه الإله والدفاع عن عدله ورحمته أهم لإيمانك من أي تقديس للقرآن، حتى لو احتوى على نصوص تُسيء صراحة إلى المرأة وكرامة الإنسان.



#علي_جاسم_ياسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصب الحرية: من جواد سليم إلى شباب تشرين
- قمل وذباب على قمة السلطة
- عندما تثقف امرأة… تسقط كل الأعراف!
- حضارة نفتخر بها… بعد أن كفّرنا أصحابها
- الآخرة مؤجلة… والعقار نقدا
- لماذا يختلف كلام الله في القرآن في الأهمية؟ تأمل نقدي
- سرديات بلا ضمير… وأتباع بلا تفكير
- وصايا النهرين في زمن اللصوص
- سفر أيوب: ملحمة المعاناة والبحث مدخل تاريخي وفلسفي
- رمزية الفقر والسلطة في قصيدة بهاء جمعة “المعطف”
- فتوى لإعادة تدوير الفساد والخراب
- التفكير المستمر.. طريقنا إلى الحقيقة
- التاريخ يعيد خطأه: الانحياز إلى الأشخاص
- العقل تحت الإقامة الجبرية منذ القرن الرابع الهجري
- نوجد أولًا… ثم نختار من نكون
- الإنسان يولد غير مكتمل


المزيد.....




- إسرائيل تغلق المسجد الإبراهيمي أمام الفلسطينيين بحجة أعياد ي ...
- إعلام عبري: ترمب سيعرض الثلاثاء على قادة دول عربية وإسلامية ...
- الرئيس الايراني يلتقي قائد الثورة الاسلامية قبل توجهه إلى ني ...
- الهباش بالمنتدى الإسلامي العالمي: دولة فلسطين سوف تتحرر رغم ...
- نجاح للاحزاب الخضراء في انتخابات الكنيسة السويدية
- 400 متطرف إسرائيلي يقتحمون المسجد الأقصى ويؤدون طقوسا تلمودي ...
- مبادرة ألمانية تطالب الكنيسة الكاثوليكية بوقف قانون التقادم ...
- 298 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- جيش الاحتلال يلغي إجازات الأعياد اليهودية ويعزز كافة الجبهات ...
- إعلام إسرائيلي: خسرنا الجميع حتى اليهود وثمن الحرب لم يعد مح ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي جاسم ياسين - هل القرآن كتاب الله أم كتاب إساءة إلى الله؟