علي جاسم ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 18:36
المحور:
الادب والفن
قصيدة "اجتماع طارئ للحشرات" للشاعر اليمني الكبير عبد الله البردوني تُعد من أبرز الأعمال التي تحمل رسالة اجتماعية وسياسية واضحة. فهي لا تتناول مشاعر شخصية أو الطبيعة، بل تعكس الواقع السياسي والاجتماعي بطريقة رمزية مميزة، تجعل القارئ يتوقف عند ما يحدث في المجتمعات العربية من صراعات ومؤتمرات سياسية بلا نتائج فعلية.
يستخدم البردوني في هذه القصيدة الرمز بمهارة، حيث يصوّر الزعماء والحكام على هيئة حشرات تتنازع وتتصارع فيما بينها. هذه الصورة الرمزية تجعل القارئ يرى ضعف القادة وانشغالهم بالخلافات، بينما تُهمل القضايا الكبرى التي تمس الشعوب. الحشرات هنا تمثل زعامات مزيفة لا تخدم الأمة، وهي لا تمتلك القدرة أو النية لحل المشكلات الحقيقية. هذا التصوير الساخر يجعل النص أكثر قوة ويعكس نقدا لاذعا للسياسات الشكلية والوعود الفارغة التي تتكرر في الاجتماعات والمؤتمرات.
كما تكشف القصيدة عن القيود الاجتماعية والسياسية، مثل منع الفكر والرأي، واعتماد السلطات على الاجتماعات الشكلية بدل اتخاذ القرارات الفعلية التي تخدم المواطن. يبرز البردوني براعة كبيرة في المزج بين السخرية والجدية، حيث يجعل القارئ يضحك على هذه الخلافات لكنه يدرك في الوقت نفسه حجم المشكلة التي يعيشها المجتمع.
تكتسب القصيدة أهميتها لأنها دعوة للتفكير والمساءلة، وتذكر القارئ بأن الكلام وحده لا يكفي، وأن غياب الفعل يؤدي إلى استمرار المشكلات والأزمات. كما تعكس براعة الشاعر في استخدام الشعر كأداة نقد اجتماعي وسياسي، فهو ينجح في إيصال الرسالة بطريقة أدبية جذابة، تجعل النص مفهوما وقريبا من عقل القارئ العادي، وليس فقط من القراء المتخصصين.
في النهاية، "اجتماع طارئ للحشرات" ليست مجرد نص شعري، بل رسالة تحذيرية وفكرية، تحث على الانتباه لما يحدث في المجتمعات، وتشجع على التفكير في مستقبل الشعوب عندما تتغلب المصالح الشخصية على المصلحة العامة،كما تترك القارئ مع سؤال مهم: هل ستظل الاجتماعات السياسية مجرد كلمات على الورق، أم أن هناك أمل في تغيير حقيقي؟
#علي_جاسم_ياسين (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟