علي جاسم ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 23:21
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قال أرسطو: "أفلاطون عزيز على قلبي؟ ولكن الحقيقة أعز أكثر على قلبي". وهي مقولة كثيراً ما تُروى بصياغة مختصرة أبلغ: "أفلاطون عزيز على قلبي، لكن الحقيقة أعز". وفي كلا الصيغتن يطل علينا المعنى نفسه: أن الولاء للعقل والصدق أسمى من عاطفة الانتماء للمعلم والصديق.
ولو تأملنا العقل العربي في ضوء هذه المقولة، لوجدنا أن الأولويات كثيراً ما انعكست. فبدلاً من أن تكون الحقيقة المعيار الأعلى، غلبت العصبيات والولاءات التقليدية ـ قبلية كانت أو مذهبية أو حزبية ـ فصار الانتماء أثقل من البرهان، وصار الدفاع عن الجماعة أهم من الدفاع عن الصدق.
ما يميز موقف أرسطو أنه أدرك أن مخالفة المعلم لا تنتقص من قيمته، بل ترفع من شأن الحقيقة. أما في ثقافتنا، فمجرد الاعتراض على الرمز أو الشيخ أو الموروث يُقابل بالريبة والاتهام، وكأن التفكير الحر خيانة، وكأن العقل مطالب بأن يردد لا بأن يبدع.
فلماذا نقدم الانتماء على الحقيقة؟ ربما بدافع الخوف من العزلة، أو لأننا توهّمنا أن الجماعة لا تخطئ، أو لأن الولاء أيسر من النقد. والنتيجة واحدة: تهميش الفكر، وتعطيل إمكان النهوض.
إن ما نحتاجه اليوم هو لحظة صراحة على طريقة أرسطو: أن نقول للرمز الكبير، وللشيخ المهيب، وللموروث الثقيل: “أنت عزيز، لكن الحقيقة أعز.” عندها فقط يستعيد العقل حريته، وتتحرر المعرفة، ويصبح الانتماء نفسه أصدق وأعمق لأنه قائم على وعي لا على تقليد.
#علي_جاسم_ياسين (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟