أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل يستطيع الإنسان أن يحيا بلا دين؟














المزيد.....

هل يستطيع الإنسان أن يحيا بلا دين؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 15:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بالتأكيد يستطيع الإنسان أن يحيا بلا دين. لكن، عندئذٍ، وإذا ساوينا بين الدين وبين المُعتقد مهما كان، ستكون حياة الإنسان مماثلة لحياة الحيوانات. يتشارك الإنسان مع الحيوان في كل شيء تقريباً عدا شيئاً واحداً يميز الإنسان عن كل الكائنات الحية- الخيال. هذه الملكة الفريدة تمكنه من تكوين معتقدات، قد تكون جميعها محض خيال وتفتقر إلى الأدلة والبراهين التي قد نشأت على أساسها العلوم التجريبية. رغم ذلك، في تقييم الإنسان، تبقى هذه المعتقدات الخيالية الظنية الخاطئة غالباً تتبوأ مكانة أعلى وأسمى وأكثر أهمية في حياة الإنسان حتى من الحقائق اليقينية المؤيدة بالدليل العلمي. هذا الخيال قد منح الإنسان القدرة على السفر لأبعد من عالمه الطبيعي الضيق إلى حياة وهمية افتراضية في عالم ما وراء الطبيعة الأرحب. الحيوان لا يقدر على مثل هذه القفزة الميتافيزيقية. لكن بفضل ملكة الخيال، الإنسان يقدر. الإنسان وحده هو القادر على أن يُواسي ويُمني النفس بحياة أفضل وأكثر عدلاً تعوضه عن بؤس وشقاء حياته الأرضية، حتى لو بعد حين وفي عالم آخر. الحيوان لا يستطيع أن يهرب من حياته التعيسة بهذا الشكل، إذا كان يستطيع أن يُدرك هذه التعاسة من الأصل. لهذا كان الإنسان منذ الأزل، علاوة على غرائزه الطبيعية، صاحب أسطورة ودين، وهما منشأتين من نسج الخيال المحض. بينما بقي الحيوان دائماً وأبداً أسيراً لغرائزه الطبيعية فقط.

إذا سأل شخص: لماذا نأكل؟ سيجب العلم بالأدلة والبراهين القطعية: نحن نأكل لأن جسم الإنسان يشكل منظومة عضوية واحدة حتى تعمل في انسجام وتبقى على قيد الحياة تحتاج إلى طاقة مثل الوقود الأحفوري الذي يُغذي ماكيناتنا المصطنعة ويبقيها تعمل. الطعام الذي نأكله يستقر في الجهاز الهضمي حيث يتحول إلى عصارة مغذية ثم تتضافر بقية الأجهزة في تقاسمه واستهلاكه حتى تؤدي وظائفها الحيوية. حين تنفد هذه الطاقة، يشعر الإنسان بالجوع لكي يأكل ثانية وتعاد الكرة من جديد. ولأن حاجة الإنسان إلى الغذاء هي حقيقة مؤكدة، إذا لم ينصاع لها سيلقى حتفه ويموت جوعاً بلا أدنى شك.

من جهة أخرى، إذا أضاف نفس هذا الشخص: وما فائدة أن نأكل لكي نتفادى الموت، ثم نأكل مجدداً لكي نتفادى الموت مجدداً عبر طريق شاق وطويل لا لشيء سوى لكي نصطدم بالموت لا مفر في نهاية الطريق وحينها لا يقدر على أن ينجينا منه كل ما قد أكلناه ولا حتى كل أكل الأرض المتبقي. إذا كان الغرض من الغذاء أن يبقينا على قيد الحياة، لكن هذه الحياة ستنتهي حتماً ولابد عند نقطة ما، فما الجدوى أصلاً من الغذاء ومن الحياة إذا كانا محدودين ومنتهيين بهذا الشكل. هل ثمة قوة علياً تتلذذ بتعذيبنا، حين تذيقنا حلاوة الطعام والحياة ثم سرعان ما تخطفهما من بين أيدينا؟! لماذا جعلتنا أصلاً نشعر بحلاوة النعمة إذا كانت ستحرمنا منها في النهاية؟! ألا تكون حياة الحيوان المجرد من هذه المشاعر أفضل وأرحم من حياة البشر؟!

أمام مثل هذه الأسئلة القيمية، لاذ العلم التجريبي بالصمت المطبق. هي لا تأتي في نطاق اختصاصه لكونها غير متاحة للمشاهدة والتجربة، وبالتالي ليس لها وجود ولا حقيقة من الأصل في عالمه، العالم الطبيعي. من هذا الصمت المطبق من جانب العلوم الطبيعية وحاجة الإنسان المُلحة إلى إجابة، أي إجابة تُريحه وتُطمئنه ولو كذباً، انفتح الباب واسعاً أمام دخول الأساطير والأديان في حياة الإنسان.

الإنسان ليس مثل الحيوان يحيا بالطعام فقط. بجوار الطعام، يحتاج الإنسان إلى مُعتقد (دين) يُضفي على طعامه وحياته معاني وقيم خاصة حتى لو كانت من نسج خياله وغير حقيقية بالمرة. بفضل هذه القيم، تجاوز الإنسان حدود عالمه الطبيعي وصنع لنفسه حضارة قد عجزت حتى آلهته المزعومة عن الإتيان بمثلها.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الله ذَكَر؟
- نظرة دينية لكن بالمقلوب
- هل صحيح أن المسلمين يقدسون محمداً أكثر من تقديسهم لله؟
- هل صحيح أن القرآن كلام الله؟
- هل صحيح أن ليس في الإسلام كهنوت؟
- هل تُنجب المسلمة من هندوسي؟
- دعوة التوحيد
- بين الوطنية واللصوصية- أزمة دولة ناصر
- لماذا فشلت الجمهوريات الثورية ونجحت الممالك الرجعية؟
- خيبة الأمل في 23 يوليو
- المصريون بين طرحةً ناصر وحجاب المُرشد
- شكوى إلى الله ضد إسرائيل
- في الدولة جنة الإنسان على الأرض، أو هكذا ينبغي
- ما هي حقيقة الدولة؟
- هل كانت 30 يونيو ثورة؟
- هل كانت 25 يناير ثورة؟
- الثورة بين الحقيقة والمجاز
- هل كانت 23 يوليو ثورة؟
- هل مصر دولة ديمقراطية؟
- الساداتيىة وتهافت الأنظمة الثورية


المزيد.....




- دراسة: يهود ألمانيا يشعرون بالعزلة والرفض منذ هجوم 7 أكتوبر ...
- دونالد ترامب يتعهد بـ -إيقاظ الروح القتالية- أمام الجنرالات ...
- بتمويل كويتي.. رئيس كينيا يفتتح رسميا -جامعة الأمة- الإسلامي ...
- -معادية للمسيحيين-.. ماسك يهاجم -رابطة مكافحة التشهير- اليهو ...
- خطة ترامب.. مطالب عربية وإسلامية بإغاثة غزة واعتماد حل الدول ...
- سلفيت: إحياء ذكرى رفع علم فلسطين بالأمم المتحدة
- حماس: دعوات اقتحام الأقصى في -عيد العُرش- اليهودي إمعان بالح ...
- الاحتلال يهدم ثلاثة منازل مأهولة في بروقين غرب سلفيت
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى و
- الشرطة الصربية توقف متورطين بأعمال تخريب مساجد ومواقع يهودية ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل يستطيع الإنسان أن يحيا بلا دين؟