عبد المجيد إسماعيل الشهاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8447 - 2025 / 8 / 27 - 16:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
واجهت دعوة محمد لتوحيد الآلهة العربية في إله واحد معارضة ومقاومة شرسة من معاصريه، حتى من أفراد عائلته وأبناء عمومته من قبيلته نفسه، قريش. إزاء هذا الرفض القاطع، فشلت دعوة التوحيد السلمية وأُجبر محمد على الهجرة إلى يثرب نجاةً بحياته. في هذا الوطن الجديد، عمل محمد على تعزيز رسالته الدينية اللينة بوسائل وأدوات السياسة الخشنة. ثم عاد على رأس جيش صقلته تجارب قطع الطريق والكر والفر ضد الفرسان القرشيين وقوافلهم التجارية ليفتح موطنه ومسقط رأسه، مكة. كانت تلك هي البداية الحقيقية لما سوف تصبح فيما بعد أمة إسلامية عظيمة قُدر لها أن تعيش وتزدهر عدة قرون قبل أن يواريها تراب الزمن في مقبرة الإمبراطوريات العظمى التي لم تنقطع عن توارث بعضها البعض عبر المعمورة على امتداد الأمكنة والأزمنة المختلفة.
لماذا أراد محمد توحيد آلهة العرب في إله واحد؟ هل كان يريد توحيد القبائل العربية المتناحرة والمتقاتلة فيما بينها سياسياً داخل دولة/أمة قوية ومتحدة تأتمر بأمر زعيم سياسي واحد؟ هل كان يمكن لمثل هذه الوحدة السياسية المبتغاة أن تتحقق قبل تحقيق الوحدة الدينية أولاً؟ هل يمكن الاستنتاج من ذلك أن محمد كان يسعى من وراء دعوة التوحيد الدينية إلى غاية سياسية أكبر قوامها توحيد قبائل العرب في دولة/أمة واحدة؟ هل كان هدفه في الأساس سياسياً- توحيد القبائل العربية المتقاتلة في دولة/أمة واحدة تخضع لحاكم واحد وتعبد رباً واحداً؟ إذا كان، تصبح هذه الدولة الأممية هي الغاية والرسالة الدينية مجرد وسيلة لبلوغها. أياً ما يكون، الحاصل هو أن توحيد القبائل العربية المتناحرة ما كان أن يتحقق أبداً من دون توحيد أربابها في رب عظيم واحد. وقد تحقق توحيد القبائل والأرباب العربية معاً بالتزامن وفي الوقت نفسه. ويبقى أن الدعوة الدينية وحدها قد فشلت ولم تكلل بالنجاح إلا بعدما خبرت فنون السياسة وتمرست على حمل واستعمال السلاح. في الحقيقة، لم تبدأ الأمة الإسلامية مسيرتها من لحظة نزول الوحي على محمد في غار حراء، لكن من لحظة فتح محمد لقريته ومسقط رأسه، مكة، بقوة جيشه المنتصر.
#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟