أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل الثورة اختيار حقاً؟














المزيد.....

هل الثورة اختيار حقاً؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8372 - 2025 / 6 / 13 - 16:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الآونة الأخيرة، بينما لا يزال غبار ثورات الربيع العربي لم ينقشع بعد عن سماء المنطقة، بدأ يتردد رأي مفاده أن "الثورات لا تُغني الشعوب في شيء، بل تكاد تُهلكها"؛ وأن "الطريق الأسلم إلى الاستقرار والنمو والإعمار يمر لا محالة عبر الإصلاح الهادئ والمتدرج". مثل هذا الرأي، في اعتقادي، خاطئ في أوله مثلما في آخره. لأنه يتصور كلا الحدثين، الثورة والإصلاح، كفعلين بشريين تماماً مرهونين على توفر الإرادة الكافية حتى ينشأ هذا الفعل أو ذاك، ولا يأخذ في الحسبان ظروف موضوعية تمارس عملها بمعزل عن، وضغوطاتها على، هذه الإرادات البشرية، ما يجعل هذه الأخيرة بحد ذاتها صنيعة لهذه الظروف الموضوعية أكثر من صانعة لها. إن الثورة ليست صنيعة إرادات بشرية بقدر ما هي تعبير عن حالة انفعالية ناجمة عن أوضاع مادية تملكت من هذه الإرادات إلى الحد الذي يستحيل تهدئتها إلا بتفريغ شحنة الغضب المتراكمة فيما يشبه الانفجار البركاني . غير صحيح أن شعب يستيقظ يوماً ويقول "هيا نفعل ثورة" ضد حكومتنا الظالمة لكي نتخلص من ظلمها ويعم العدل والرخاء؛ ولا أن حكومة تجتمع يوماً وتقرر "هيا نُجري إصلاحاً" في هيئتنا ينتقص من مراكزنا ومصالحنا القانونية كأفراد ندير دفة الحكم لكي نزيد ونوسع، على حسابنا بهذا الشكل، من رقعة الخير والصالح العام. لا هذا التصور ولا ذاك حدث أو يحدث أو ممكن الحدوث فعلياً، ببساطة لكونه تصور خاطئ لمجريات الأحداث الشخصية والموضوعية معاً، أو هو مجرد وهم يخلط الشخصي بالموضوعي ليُنتج في النهاية مجرد أضغاث أحلام يقظة لا تُسمن ولا تُغني من جوع، لا تستطيع أن تمنع ثورة ولا أن تُجري إصلاحاً.

ما هي الثورة؟
الثورة فعل يقوم به بشر ضد بشر آخرين مثلهم. من هذه الزاوية، الثورة فعل بشري بامتياز. ما مضمون هذا الفعل البشري؟ الانتقام. وما الذي يدفع بشر إلى الانتقام من بشر آخرين؟ اليأس. معنى ذلك أن الثورة هي فعل بشري ضد بشر آخرين بدافع من اليأس وبغرض الانتقام من هؤلاء بالذات الذين يحملونهم- صواباً أو خطئاً- السبب في يأسهم. وحين تستوفى شروط الانتقام بدافع اليأس، ساعتها يفقد البشر رشدهم وقدرة السيطرة على أنفسهم وضبط انفعالاتهم، وينفجرون في بركان ثائر لا ينجو من حممه الحارقة أحد، ولا حتى الثائرون أنفسهم. في الثورة، يتحول البشر إلى قنابل تُفجر نفسها عن عمد، ومع سبق الإصرار والترصد، في أعدائهم المزعومين، الذين يحملونهم المسؤولية عن اليأس الذي أشعل بداخلهم نار الانتقام.

ما هو اليأس؟
اليأس ضد طبيعة البشر، الذين بطبعهم يبقون متشبثين بالأمل حتى الرمق الأخير. اليأس، مثل المرض، عارض مهدد للحياة يلقى مقاومة شرسة حتى من الجسد البشري، دون الحاجة لإرادة أو وعي من الشخص المريض. في حالة المرض، يبقى الإنسان متشبثاً بأمل التعافي إلى آخر نَفس، بشرط وحيد هو أن يبقى هذا الأمل معلقاً بشيء يقيني مُحصناً من الشك. الإيمان هو الشماعة التي يتعلق بها الأمل. سواء وضع المريض أمله في الشفاء لدى دجال، مشعوذ، شيخ مبروك، طبيب موثوق، أو حتى في إله قادر على شفائه بمعجزة دون أخذ بالأسباب، سيبقى متشبثاً بالحياة حتى النفس الأخير طالما بقي إيمانه بأي من هؤلاء صامدا. لكنه، حين يفقد هذا الايمان، سيبدأ اليأس يغزوه ويتملك منه إلى حد قد يضع المريض عنده نهاية لمعاناته عبر التفكير في، أو الإقدام على، الانتحار أو التماس القتل الرحيم أو الامتناع عن زيارة الشيخ أو الطبيب أو الدعاء إلى الله بتعجيل المنية لا الشفاء العاجل. طالما وجد الإيمان، مهما كان ضئيلاً، سيبقى هناك أمل معلق به؛ وطالما وجد الأمل، مهما كان ضئيلاً، لن يعرف اليأس أبداً السبيل إلى عزيمة الإنسان. هذا عن الجسم البدني. دعونا ننتقل بالحديث الآن إلى الجسم السياسي.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)
- الضمير بين الوعي والدين (3)
- الضمير بين الوعي والدين (2)
- الضمير بين الوعي والدين (1)
- هل ضاعت غزة حقاً؟
- بين العقيدة والسلطة، أزمة الدين
- بين الوحي والعقل، المأزق الديني
- ليس طمعاً في نعيم الجَنَّة ولا خوفاً من جَحيم النار
- كيف أزاح الشيطان الإله من مُلْكه - أحمد الشرع
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (6)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (5)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (4)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (3)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (2)
- في مآلات المشروع العربي الناصري
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا
- حاسبوا أنفسكم مع بشار
- هل تُبالي حكومة حماس بحياة الفلسطينيين؟
- السيد صاحب مفتاح مطبخ الفرح
- ما ضير الديمقراطية لو انتخب المعاتيه معتوهاً منهم؟


المزيد.....




- مصر.. أغنية جزائرية يستشهد بها علاء مبارك ويعلق مثيرا تفاعلا ...
- كوخ إسكتلندي -سرّي- من الحرب العالمية الثانية يُعرض للبيع.. ...
- شاهد لحظة سقوط صاروخ قرب منشأة عسكرية إسرائيلية رئيسية في تل ...
- تقرير: فكرة ترامب حول فتح حسابات مصرفية استثمارية للأطفال لي ...
- مراسلتنا: موجة جديدة من الهجمات الآن تنطلق من إسرائيل باتجاه ...
- هل تغيّر الضربة الإسرائيلية لإيران معادلة الحرب في غزة؟
- ما هي الصواريخ البالستية وفرط الصوتية؟
- إسرائيل تحشد قواتها في الشمال على الحدود مع سوريا ولبنان
- الجيش الإيراني: إطلاقنا الصاروخي القادم سيكون بنحو ألفي صارو ...
- طيران -الشرق الأوسط- اللبنانية تعلق الرحلات من وإلى بيروت


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل الثورة اختيار حقاً؟